أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - المصير العربي بين لغة الأرقام ولغو الكلام















المزيد.....

المصير العربي بين لغة الأرقام ولغو الكلام


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2767 - 2009 / 9 / 12 - 23:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
مستقبل العالم العربي موضوع شائك وغامض بعض الشيء، نتيجة لعدم حرية البحث والاستقصاء. فمعظم الأرقام والحقائق في العالم العربي تقريبية وغير دقيقة في معظم الأحيان. ومن هنا جاءت صعوبة الاستشراف المستقبلي في العالم العربي. بل إن علم المستقبلFuturelogy يكاد يكون مفقوداً لأن مقوماته وأهمها حرية تدفق معلومات البحث والاستقصاء، لا تتوفر في العالم العربي. وهي الحرية التي تعتبر جزءاً من حزمة الحريات العامة، التي يتمنى المواطن العربي أن يتمتع بها كغيره من بني البشر في الغرب عامة، خاصة أن "علم المستقبل" يختص ويبرز "المحتمل"، و"الممكن"، و"المفضل".
-2-
من علماء المستقبل القلائل في العالم العربي العالم المغربي المهدي المنجرة. وهذا العالم لا يقرأ الغيب، ولا يرى المستقبل العربي في الفنجان أو الودَع، ولكنه يجمع الحقائق الحاضرة والماضية والأرقام الصحيحة، ويقدم لنا صورة ممكنة أو محتملة، يمكن أن تتحقق، ويمكن أن لا تتحقق فيما إذا اعترضتها عوامل معيقة.
فلو أردنا – مثالاً لا حصراً - قراءة عوائق الديمقراطية في فكر المهدي المنجرة لوجدناه يقول لنا مثلاً، إن من الحواجز الكبرى، التي تعترض التحوَّل الديمقراطي في البلدان العربية هي الأميّة، باعتبار أن أكثر من نصف العرب ليس لهم وسائل للتعرف على الإشكاليات، والتعبير، وعلى النقد الذاتي. والأميّة – كما تؤكد تقارير الأمم المتحدة للتنمية البشرية منذ عام 2002 وحتى الآن، تصل نسبتها إلى 55 % من عدد السكان العرب. وهي ترتفع أكبر من هذه النسبة بين الإناث، وخاصة في الأرياف والأطراف العربية. وهذه النسبة للأميّة الأبجدية فقط. أما الأميّة الثقافية فلربما تصل إلى 90%. ولعل مؤشرات توزيع الصحف والكتب العربية تدلُّ على ذلك دلالة واضحة.
-3-
وكما أن لا ديمقراطية للأميين، فكذلك لا ديمقراطية للفقراء.
يبدو أن الفقر العالمي ليس كالفقر في العالم العربي. فقد قال تقرير التنمية البشرية لعام 2009 إن شعوب العالم العربي، من أكثر شعوب الأرض فقراً، حيث متوسط دخل الفرد السنوي لا يزيد على ألف دولار لنسبة تزيد على 70% من سكان العالم العربي. وتقول مجلة "الإيكونوميست" في أحد أعدادها الأخيرة، إن في العالم العربي بعض الحكومات الغنية، ولكن غالبية شعوبها فقيرة. ويبدو أن الفقر العربي خلال العشرين عاماً القادمة سوف يزداد، في ظل الإنفجارات المتتالية للقنبلة السكانية، وفي ظل شحُّ المياه المخيف الذي سيتعرض له العالم العربي في السنوات القادمة. وهذا التفاوت بين عدد السكان العرب الهائل ونقص الموارد الطبيعية، سوف يقود العالم العربي إلى مصير مظلم وطريق مسدود ما لم يستيقظ العرب من نومهم العميق الذي هم فيه الآن. وتتوقع مجلة "الإيكونوميست"، أن يتضاعف عدد سكان العالم العربي عام 2035 . وهذا ما يؤكد عليه أيضاً عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة، الذي يعتبر أن لا مستقبل ديمقراطياً للعرب بدون رفع مستوى المعيشة لهذه الشعوب. وهذا ما قاله أيضاً أحد مديري صندوق النقد الدولي، من أن نبتة الديمقراطية لا تنمو إلا بين أفراد يزيد دخلهم على عشرة آلاف دولار سنوياً.
-4-
عندما يتحدث علماء المستقبليات عن المستقبل العربي، يتعرضون دائماً إلى حجم البطالة المذهل ونسبتها العالية. وهي أعلى نسبة في العالم تقريباً كما قال تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة لعام 2009. وتبلغ نسبة البطالة في العالم العربي من 20%-25%. ولكن هذه النسبة تقريبية ومتواضعة جداً. والواقع أن لا إحصائيات دقيقة في العالم العربي، كما هو الحال في الغرب عامة. ويلفت نظرنا كينيث بولاك أحد الأخصائيين في "مركز بروكينغز" للدراسات والأبحاث، وأستاذ الشؤون الإستراتيجية في جامعة جورج تاون، إلى أننا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار حجم الموظفين الإداريين في الدول العربية؛ أي حجم الحكومات المتضخم. ويشير بولاك إلى أن حجم الحكومة المصرية مثلاً ، بلغ سبعة ملايين موظف. بينما يمكن لهذه الحكومة أن تدير البلاد بعدد أقل من هذا بكثير. وهذه الأعداد التي لا لزوم لها، تُضاف إلى نسبة البطالة، وهي نوع من "البطالة المُقنَّعة".
-5-
تظل القضية الفلسطينية قضية العرب الكبرى . وبرأي كثير من المحللين والكتّاب العرب، أن هذه القضية ساهمت مساهمة كبرى في إيقاف أو تباطؤ عجلة التقدم في العالم العربي، بينما كانت ذات فائدة كبرى لإسرائيل، حيث إنها انتهزت شعور اليهود بالتحدي والخوف من العرب، فراحت تبني دولتها، وتتوسع، وتزدهر، وتتقدم. من ناحية أخرى، تظل مشكلة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم حجر الرحى الرئيسي في القضية الفلسطينية. ومعظم العرب ينظر إلى مشكلة حق العودة نظرة رومانسية وشاعرية خالية من الحقائق والأرقام، التي تؤكد تعقيد هذه المشكلة تعقيداً كبيراً، بعد أن مرَّ عليها أكثر من ستين عاماً، وتضاعف حجمها عشرات المرات، وعُرضت بشأنها حلول كثيرة رفضها جميعها العرب، وما زالوا يرفضون، لأنهم لا يعيشون في مخيمات الشتات القذرة والحقيرة منذ ما يزيد على ستين عاماً. والأكثر غرابة واستهجاناً، أن هذه الحلول لم يُستفتى عليها الفلسطينيون في الشتات – أصحاب الشأن - ليقولوا فيها كلمتهم. وكان القرار للزعامات والقيادات العربية فقط التي لا تعرف أين هذه المخيمات الحقيرة والقذرة، ولا أين أبوابها. وتريد الإبقاء عليها أطول مدة ممكنة للمتاجرة السياسية بها.
-6-
فباستثناء مشكلة توفير الأرض والمساحة وفرص العمل والكثافة الكبيرة للسكان الناتجة عن تحقيق عودة ما يزيد على خمسة ملايين فلسطيني يعيشون الآن في الشتات ، فإن المشكلة الكبرى الآن، هي توفير المال اللازم لحل هذه المشكلة. يقول الكاتب الإسرائيلي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بن غوريون، تسفي بارئيل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جريدة "هآرتس" (10/8/2009) إن إسرائيل عندما انسحبت من غزة، وأجْلَت سبعة آلاف من المستوطنين، دفعت تكلفةً لهذا القرار 10 مليارات شيكل (3.7 مليارات دولار). وأمريكا هي التي دفعت هذه المليارات وغيرها لإسرائيل، مقابل انسحابها من سيناء وغزة. وهي الآن غير قادرة على دفع المبلغ المطلوب لحل حق العودة الذي تزيد تكلفته على خمسين مليار دولار في تقدير بعض الخبراء، بعد أن استُنزفت الخزينة الأمريكية في أفغانستان والعراق.
ذلك هو المصير العربي في لغة الأرقام، وليس في لغو الكلام.
والأمل كل الأمل، أن لا يكون ذلك المصير التعيس، الذي قال عنه بعض الخبراء.






#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا سيكون المستقبل العربي مظلماً وقاسياً؟
- معاني ودلالات عودة الإرهاب للعراق
- مَنْ الذي لا يريد السلام : سوريا أم إسرائيل؟
- العربي.. ذلك الإنسان المعذَّب أبداً!
- نواقيس.. نواقيس.. ولا من مجيب!
- دعوة القومية العربية بين الأصالة والتغريب
- هل أخطأنا في دعمنا للعراق الجديد؟!
- إيران من الثورة الخمينية إلى الثورة النجادية
- إيران.. الثورة تريد خبزاً
- الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي أمام تحديات السلام
- لماذا رحَّبت وفرحت إسرائيل بنجاح نجاد ؟
- هل أصبحت أمريكا الدولة الإسلامية الخامسة والأربعين؟
- ما حال الإسلام لو لم تظهر السلفية الجهادية؟
- فلسطين بين فكي الأصولية الإسلامية واليهودية
- هؤلاء القراصنة: نظرة مغايرة
- قمة العشرين.. هل هي نظام عالمي جديد؟
- تركيا: نافذة أوباما على العالم الإسلامي
- التحالف الإيراني – الإسرائيلي الخفي
- قطوف الديمقراطية العراقية الدانية
- الدولة العربية الحديثة وحاجتها الماسة إلى الدين


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - المصير العربي بين لغة الأرقام ولغو الكلام