أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - جواد البشيتي - -ثقافة قضائية- مستمدَّدة من -الأمِّية الديمقراطية-!















المزيد.....

-ثقافة قضائية- مستمدَّدة من -الأمِّية الديمقراطية-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2767 - 2009 / 9 / 12 - 15:00
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


"ثقافتنا القضائية"، وفي كثير من جوانبها وأبعادها، تَشْهَد على أنَّ مجتمعنا العربي لم يملك بَعْد تلك "الممحاة" التي لا بدَّ له من امتلاكها (واستعمالها) إذا ما أراد حقَّاً إطلاق حملة واسعة منظَّمة ناجحة لمحو ما يعانيه من "أُمِّية ديمقراطية"، تتأكَّد وجوداً وضرراً من خلال ما زرعته وغرسته في نفوس رجال الصحافة والإعلام عندنا من رعب في أقلامهم وألسنتهم في مواجهة "القضاء"، نظاماً ومؤسَّسةً ورجالاً، وكأنَّ "الوثنية"، بمعناها المخصوص هذا، ما زالت تحتل حيِّزاً واسعاً من عالمنا الصحافي والإعلامي.

ولقد فَهِمْنا "دولة القانون"، التي هي جزء لا يتجزأ من "الديمقراطية"، فكراً وممارَسةً وواقعاً، بما يقيم الدليل على أن "الأمِّية الديمقراطية" هي التي تستبدُّ بنا، فـ "القضاء"، نظاماً ومؤسَّسةً ورجالاً، هو، بحسب هذا الفهم، يجب أن يكون، وأن يظلَّ، منزَّهاً عن الانتقاد (السلبي) وكأنَّه يملك من القدسية (في زمن عربي وإسلامي لم يُقِمْ وزناً حتى لقدسية المسجد الأقصى) ما يجعل كل انتقاد (سلبي) له يَعْدِل، إنْ لم يَفُقْ، التجديف بالدين.

ولا ريب في أنَّ الفكر الليبرالي ذاته قد أساء كثيراً إلى فَهْمنا الإيجابي (والواقعي والموضوعي) لـ "القضاء"، إذ توفَّر ممثِّلوه على أن ينفثوا في روع العامَّة من الناس وَهْم الفصل بين السلطات الثلاث، وما يتفرَّع منه من أوهام عدَّة، كوَهْم "استقلال القضاء"، وعن "السلطة التنفيذية" على وجه الخصوص؛ مع أنَّ تجربة "الاستقلال القضائي" توفَّرت هي على تعليمنا المضاد لهذا الوهم الكبير، وهو حقيقة أنَّ "القضاء" عندنا لا يملك من "الاستقلال" إلاَّ ما يقلُّ كثيراً عن "استقلال دولنا"، على ضآلته.

إنَّ "دولة القانون" لا يمكن فهمها إلاَّ على أنَّها الدولة التي كلَّما ازدهر فيها "القانون"، وعَظُم سلطانه، عرفت صحافتها وسائر وسائل الإعلام فيها مزيداً من الانتقاد (السلبي) لـ "القضاء"، نظاماً ومؤسَّسة ورجالاً، فـ "الانتقاد الإيجابي"، الذي يشبه قصائد المديح والثناء ليس في منزلة الجوهر والأساس في رسالة "الصحافة الحرَّة".

و"الصحافة الحرَّة" ليست مضطَّرة إلى التزوير والتزييف في معرض انتقادها (السلبي) لـ "القضاء"؛ لأنَّ واقع الحياة القضائية نفسه لا يمكنه أن يكون "إيجابياً خالصاً"، فـ "الإيجابي" منه لا يظهر إلى حيِّز الوجود إلاَّ متَّحِداً اتحاداً لا انفصام فيه مع "السلبي"؛ فهذا هو منطق الحياة القضائية، وكل حياة.

إنَّ الصحافة الحُرَّة "تَكْتَشِف"، ولا تختلق، السلبيات في الحياة القضائية، وتُسلِّط الأضواء عليها، كمثل الطبيب الذي يشخِّص المرض في مريضه ولا يخلقه فيه.

ومن وَهْم "استقلال القضاء" في عالمنا العربي باستثناء الصومال فحسب، يشْتقُّون لنا، أي ضدَّنا، وَهْماً آخر هو وَهْم "الجبروت القضائي"، فهذا القضاء "المستقل" يَظْهَر لنا على أنَّه "القوَّة" التي لا تضاهيها قوَّة في المجتمع والدولة، وكأنَّ أمْرُه ما بين "الكاف" و"النون"!

كلاَّ، إنَّه ليس بهذه "القوَّة الظاهرة" إلاَّ لأنَّ مصالح "السلطة التنفيذية" هي التي أرادت له أن يَظْهَر كذلك؛ وهذا بحدِّ ذاته يكفي دليلاً على أنَّ "استقلال" الجهاز القضائي عن "السلطة التنفيذية" أقرب إلى الوهم منه إلى الحقيقة.

ونحن لو ضربنا صفحاً عن وَهْم الفصل بين السلطات الثلاث، و"استقلال" القضاء، فكيف لنا أن نضرب صفحاً عن "حقيقة الشرعية" في الحياة القضائية، فـ "الشرعية" في عالم السياسة تتأكَّد بـ "الديمقراطية"، أي بالانتخاب الديمقراطي الحر، وتنتفي بانتفائها.

ولو أريد لـ "الشرعية" أن تضرب جذورها عميقاً في تربة الديمقراطية، بمعناها العالمي، لتقرَّر أن يَنْتَخِب الشعب قضاته جنباً إلى جنب مع انتخابه نوابه، فـ "دولة القانون" تظلُّ فكرة طوباوية ما لَمْ يُنْتَخب "الجهاز القضائي" انتخاباً ديمقراطياً حُرَّاً شفَّافاً مباشِراً سرِّياً من الشعب، فـ "القضاء المستقل" حقَّاً إنَّما هو القضاء الذي يؤكِّد استقلاله عن "السلطة التنفيذية"، ولو كانت على هيئة حكومة تمثيلية منتخَبة، من خلال إظهار وتأكيد تبعيته لصندوق الاقتراع.

"دولة القانون" لا تتأكَّد وجوداً إذا ما كان قوامها "برلمان مستقلٌ عن الشعب"، و"حكومة مستقلة عن البرلمان"، و"جهاز قضائي تعيِّنه الحكومة تعييناً"، حتى إذا عُيِّن طفق يتحدَّث، في تفاخر ومباهاة، عن "استقلاله" الذي لا ريب فيه!

"دولة القانون" لا يمكنها أبداً أن تكون دولة الاغتراب القانوني والسياسي، مثلها كمثل العامل الذي يزداد اغتراباً حتى عن نتاج عمله.

"القانون"، قبل أن يخضع له الناس أو المواطنون، ومن أجل أن يخضعوا له، لا بدَّ له أوَّلاً من أن يَخْضَع لهم، أي لمصالح وحاجات وحقوق الغالبية الشعبية ـ الانتخابية، فيأتي منهم، من إرادتهم الحُرَّة، التي لا قانون يعلوها مهما علا، والتي ينبغي لها أن تتغيَّر، في استمرار، بما يعكس التغيير الحتمي في واقع مصالحهم وحاجاتهم وحقوقهم، والتي بتغيُّرها هذا تُشدِّد الحاجة إلى أن يشمل التغيير القانون نفسه، فلا وثنية قانونية في المجتمع الديمقراطي الحر.

و"رجال القضاء" ينبغي لهم أن يُخْلقوا على مثال هذا القانون وصورته وإلاَّ أصبحوا "أوثاناً"، يعيشون في بروج مشيدة، فلا يدركهم أي انتقاد إعلامي (سلبي).

وأحسب أنَّ "ثقافة الشخصية العامة" في مجتمعنا هي التي يجب أن تتغيَّر أوَّلاً، فنحن اعتدنا فَهْم "الشخصية العامة"، كالنائب والوزير والقاضي، على أنَّها الشخصية التي يجب أن تكون بمنأى عن الانتقاد (السلبي) مع أنَّ صاحب "الشخصية العامة" هو الذي ينبغي له أن يكون مستعداً لـ "دفع الثمن"، أي لقبول وتقبُّل كل انتقاد (سلبي) ومهما كان حاداً وعنيفاً؛ وإلاَّ كان كمثل من يريد استحماماً بلا بلل!

إنَّ "الخوف" و"الديمقراطية" لا يجتمعان إلاَّ كاجتماع الماء والنار، فكلَّما ارتفع منسوب الخوف (لدى المجتمع والصحافة من عواقب الانتقاد السلبي للحكومة والجهاز القضائي..) قلَّ وتضاءل منسوب الديمقراطية.

"الخوف الآخر" هو وحده الذي في مناخه تزدهر الديمقراطية، فرجال الدولة والبرلمان والقضاء.. كلَّما خافوا وهابوا الصحافة أكثر ارتفع منسوب الديمقراطية في المجتمع.





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تسع سنوات من حرب -بن بوش بن لادن-!
- -ظاهرة-.. في مؤسَّساتنا!
- خيار -الدولة الواحدة-!
- ليبرمان يقود من الحبشة -حرب المياه- ضدَّ مصر!
- اعْرَف حقوقكَ!
- ثالوث الفساد الاقتصادي البنيوي!
- -دولة الأمر الواقع-.. معنى ومبنى!
- عشاء في -السفارة في العمارة-!
- المقرحي أُفْرِج عنه.. و-الحقيقة- ظلَّت سجينة!
- -الأوتوقراطية التجارية-.. في رمضان!
- جمهوريات -العائلة المقدَّسة-!
- نساؤنا في عهدهن -السيداوي-!
- رمضان على الأبواب.. فَلْتُشْعِلوا نار الغلاء!
- فلسطين لن تكون -إمارة رفح- ولا -إمارة أندورا-!
- الأمير الشهيد الشيخ عبد اللطيف موسى!
- إنَّه قانون شهريار وسايكس وبيكو!
- نماذج نووية جديدة أربعة
- في -الأجندة الخاصة- وأصحابها!
- سنة على موت -هوميروس فلسطين-!
- العبوس.. عربياً!


المزيد.....




- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...
- بيان للولايات المتحدة و17 دولة يطالب حماس بالإفراج عن الأسرى ...
- طرحتها حماس.. مسئول بالإدارة الأمريكية: مبادرة إطلاق الأسرى ...
- نقاش سري في إسرائيل.. مخاوف من اعتقال نتنياهو وغالانت وهاليف ...
- اعتقال رجل ثالث في قضية رشوة كبرى تتعلق بنائب وزير الدفاع ال ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - جواد البشيتي - -ثقافة قضائية- مستمدَّدة من -الأمِّية الديمقراطية-!