أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الفلاحي - بواكير الفجر














المزيد.....

بواكير الفجر


فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 2768 - 2009 / 9 / 13 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


لفحتني برودةً قارسةً ، إتخذتُ من جسمي القرفصاء ،أخبطُ بيدي يميناً وشمالاً باحثةً عن شرشفي ، كنت التحف بهِ نصفي الأسفل..فلم اجدهُ ، يبدو إنهُ سقطَ ارضاً..حاولتُ التغافلَ عن فكرةِ الغطاء . وأوهمت نفسي بقليل من الأحلام الندية ،لأتغلب على الرجفة السارية في أوصالي .. تكورت أكثر طلباً للدفء، محاولةً العودة لاغفاءتي بحلم لذيذ ،كنت بطلته وفارقني في أولِ لفحةِ برد .
غادرني النوم ،قمتُ محتضنةً ليداي صوبَ النافذة المشرعة للبحر ،والمتوسد لموجاته ، مددتُ يداي لغلق رتاجها الخشبي.. إستوقفني بعضاً من ظل لرجل يسارع بالوقوف أمام نافذتي ..أنه هو زائري.. تبادلنا النظرات.. سرحتُ بعيداً ، أفقت من ذهولي، وهممت بغلق الرتاج ، إستدار للبحر يرتب عدتهِ....مازال سحر اللحظة ينتشيني .. أسرعت بخطاي صوب المخزن لأأخذ عدتي، والنزول للشاطيء ليس فقط من أجل إنتظار شروق الشمس بل لأراه عن قرب .

حاولت جاهدةً إيجاد بعض من إحتياجاتي الضرورية ، فلم أعثر على أغلبها ، يبدو إن أيديهن قد طالتها ، وحسبوا إني في إغفاءة طويلة بسبب الجهد الذي قمت به في ليلتها من إعدادات لزواج إحداهن ،ولن أصحو لغاية عودتهن ، لكن لم يكن في حسبانهن ، إن الريح قد سامرتني ونقلت لي عطره ،لتمنحني دعوة الأستلقاء على شاطيء الاحلام..

نزلت مسرعةً بقبعة كبيرة تغطي أغلب وجهي ونظارة سوداء أخفي بها لغبي ..وأعتمر شالاً زهريّ اللون يتناسق مع لبسي ، لأتجنب اللفحات الباردة ،عانقت قدماي شاطيء البحر بشوق ،مبتعدة عن مَدِه ِ قليلاً ، إفترشت الرمال ومعي جردل من الأفكار الساخنة والمترقبة .. وقصيدة يتيمة لم أكملها بعد ، وورقي وقلمي ، للأفهمه إني هنا من أجل تدوين ورسم شروق الشمس ..


بضع أمتار تفصلنا ،إتخذ من إحتضانه لساقيه ركيزة لذقنه ، شاخصاً بنظره للأفق البعيد.
لااعرف بماذا يفكر..؟ حركة غير محسوبة مني ، إلتفت إليهِ ،حين مَدَ عنقهُ صوبي مستنشقا لنسمات الهواء المختلطة بعطري النافذ ... إرتسمت إبتسامة الجيوكاندا على ملامحي .. إعتبرها جوازاً لمروره .. جاء وبرفقته قدح كبير أظنه من القهوة ..
أردف قائلا : هو لكِ، قدح من القهوة الكورسيكية لتشعري بالدفء ..( ليس بمقدوري رفضها إنها كورسيكية وكما أُحب فواصل حديثه معي )
- وسأجالسك لننتظر الشروق .. جلس مفترشاً لرملي وأختلط عطرانا .. أشاحت بواكير الفجر عن خدها الناعس بخيوطٍ أرسلتها الواحد تلو الاخر من أشعة الشمس الغافية .. راسمة شحوب لونها على صفحة خدي ..
- رفع قبعتي ونظارتي ، قائلا: لأنظر كيف سيرسم إنبلاج الفجر خيوطه على وجهك .. أزاح بعض من الخصلات المتدلية ، زاد حدة بريق عيني ووهجها بحمرة الخيط الأخير من الشمس ...

سألته هل تأتي كل يوم ؟
- نعم أرقب نزولك وما تفعليه على الشاطيء .. وبعد كل هرم تنحتيه من الرمل وتأبطك لحاجياتك ..أجلس مكانك ... لأتنفسك وأقبل ندى يديك على الهرم .. وأضع بعض من أفكاري راسماً باباً وفي أعلاها نوافذ مقفلة .. لأوهم نفسي بانه بيتنا .. وأستنشق ما تبقى من أريج عطرك
- ضحكت ..
- أول مرة أسمع ضحكتك
- إضحكِ مرة أخرى وبصوت أعلى ، دعيها تغتال الفجر وتحاصر الشمس لتخرج من غيلان نومها .. لتمنحك الدفء
- شعرتُ بحنو ظلهِ
- ليسورني بمعطفه
- مرتبكة هممت بالوقوف تناثرت أوراقي ، نسيت إني أحتضنها .. بدأ يلملم أشلائي المتناثرة.. فكري ورحيله عني بسعادة غامرة .. قلبي وإرتجافات عروقه ..قصيدتي اليتيمة التي حاول أن يطويها بعيداً عن ناظري ليدسها في بنطاله ..
- هل ترسمين أم تكتبين الشروق ؟
- أرسمه بحرفي (إلتحفنا بالشمس .. وسرى الدفء في أوصالي .. بدأت أفرد ساقي .. لأستعدل في جلوسي )
- وأنت؟
- أرسم..
- كم لوحة لك؟ ..
- الكثير
- ما عناوينها ؟
- أنتِ
- ضاحكة ..وكيف؟
- أنتِ والبحر ، أنتِ والنخيل ، أنتِ والقبعة، انتِ وقلبي الذي لايستكين .. أتعبني حبكِ ...
- دعينا نرسم أحلامنا .. رأيت لهفتك بالنزول على الشاطيء .. مدى إرتباككِ.. نزولكِ السريع دون أن تكثري من لبسك .. خوفاً أن لاتلحقي بي ..دعينا نرسم بيتا لنا ، ليس هنا على الرمل ،بل في قلبينا ..ناقراً بأنامله على صدري
- لكن ... ؟
- لاتدعي الأخرون يرسمون حياتك .. لأنك سوف تجهدين ولا تعرفي كيف ترضيهم ..
- مشيراً لقلبي .. دعيه يتنفسني ، سأسمع عصف نبضاته
- دعيني ألمسه ليهدأ .
- إمتهنا الصمت..وعشنا خيالات من ترف الحب
- وأفقنا على جلبة للعديد ممن جاء ليحظى بدفء الشمس
- وقفت لألملم ما تبقى لي من أفكاري الساخنة التي تسربلت من جردلي وأصابت عقلينا ، تأبطت قبعتي وأودعته معطفه ... إستنشقه بعمق .. غارقاًً وجهه فيه .
- اليوم أنتِ برفقتي سالتحف بهِ ليلاً
_________________



#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)       Fatima_Alfalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إرتجاع
- سآتيك ...
- إجتماع
- قراءة نقدية في المجموعة القصصية حرائق قلب - للاديب الجزائري ...
- طهر
- أمضي
- غياب
- سفر
- هواكا
- تباركني الجراحات
- أماني
- يمارسني الصَحْوّ
- الصَحْوّ
- بين نفسي ونفسي
- ذات حلم
- إختناقات
- إشاعة
- وجهة نظر
- فقاعة
- نخلة خانها الأهل


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الفلاحي - بواكير الفجر