أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب بن افرات - دولة فلسطينية خلال عامين؟















المزيد.....

دولة فلسطينية خلال عامين؟


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 2765 - 2009 / 9 / 10 - 22:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


في صباح يوم الثلاثاء 25 آب عقد رئيس الحكومة الفلسطيني، سلام فياض، مؤتمرا صحافيا عرض فيه برنامجه لاقامة الدولة الفلسطينية خلال عامين. في وثيقة مطوّلة استعرض فياض الخطط العامة لاقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة في حدود ال1967، مع التركيز على التغييرات الداخلية المطلوبة في البنية التحتية التشريعية الاقتصادية والاجتماعية للدولة العتيدة. من غير الواضح ما الذي يدفع فياض لعرض برنامجه، خاصة في ظل الجمود الذي يخيم على العلاقات بين حكومة نتانياهو والسلطة الفلسطينية منذ نحو نصف عام. يبدو ان رئيس الحكومة الفلسطيني يسعى لتعزيز موقعه السياسي مستغلا رؤية اوباما بشأن اقامة دولة فلسطينية حتى نهاية ولايته.

يبدو غريبا ان يأتي هذا الطرح السياسي من فياض الذي لا يتمتع بأدنى دعم شعبي او حزبي، ويعتمد بالاساس على ابو مازن. فياض هو رجل الامريكان في المناطق الفلسطينية والمؤتمن على مصالحهم، وهم يشترطون اي دعم للسلطة الفلسطينية بان يقوم هو بادارة الاموال. ويثير هذا الشرط سخط كبار فتح الذين يطمعون بإدارة الميزانية العامة بأنفسهم، وهذا ما جعلهم يعارضون بحدة خطة فياض السياسية ويتهمونه بمصادرة الدولة الفلسطينية منهم، هم الذين كرّسوا سنوات من عمرهم في النضال من اجلها. وما يزيد من سخط الفتحاويين على فياض هو تركيز خطته على موضوع الشفافية، وتلميحه بذلك ان السلطة لم تقم خلال 15 عاما من وجودها باية خطوة جدية باتجاه بناء البنية التحتية لدولة فلسطينية قابلة للحياة.

حركة حماس خرجت هي الاخرى بتصريح ضد فياض، واتهمته بالتخلي عن المبادئ الوطنية وعلى رأسها حق العودة.

وما يزيد من غرابة خطة فياض هو توقيتها. فهي تأتي في ظل مؤتمر فتح، الذي كان دوره هو الخروج بخطة سياسية خاصة بعد انتخاب مؤسساته الجديدة، ولكن فتح لم تطرح اية خطة وتركت الساحة خالية لفياض للقيام بذلك.

انشقاق داخلي عميق

في الصراع على احتكار الدولة تبدو الاطراف الفلسطينية كمن يتصارع على جلد الدب قبل صيده. في الواقع الساحة الفلسطينية الداخلية منشقة على نفسها وتشهد نزاعا اعمق من اي وقت مضى، يجعل حلم الدولة الفلسطينية بعيد المنال. رغم حر آب شهدت الساحة الفلسطينية نشاطا سياسيا مكثفا، وفي مركزه مؤتمر فتح الذي انعقد في بيت لحم.

بعد اكثر من عقدين من الزمن تم تغيير القيادة القديمة بقيادة جديدة. نتائج المؤتمر وكذلك الصراع غير المحلول مع حماس، تدل على ان تصريحات فياض بشأن اقامة دولة مستقلة خلال عامين لا تعدو ان تكون مناورة سياسية.

من الاطلاع على اسماء الشخصيات التي تم انتخابها للجنة المركزية، وهي المؤسسة المقررة في فتح وتشمل 20 عضوا، يتبين ان الشخصيات التي كانت وراء اتفاقات اوسلو السيئة الصيت، هي التي سيطرت على فتح. في مقدمة هؤلاء ابو مازن الذي انتخب باجماع ودون ان يهدد موقعه احد. اما مندوبو الشتات فاختفوا عموما عن اللجنة المركزية الجديدة، وحلت محلهم القيادات المحلية من الضفة والقطاع. بذلك تكون حركة فتح قد أنجزت الانقلاب الذي بدأ مع توقيع اتفاقات اوسلو، وأدى الى تهميش الشتات الفلسطيني المقيم في الاردن، سورية ولبنان ونقل مركز قوة منظمة التحرير من المخيمات للضفة الغربية وقطاع غزة.

فحص اضافي لاسماء الشخصيات المنتخبة يشير الى ان محمد دحلان، جبريل الرجوب، توفيق الطيراوي وحسين الشيخ، قادة الاجهزة الامنية في المناطق المحتلة، قد عادوا للحياة كما العنقاء. ان هؤلاء هم قادة الجهاز الذي أسسه الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، الجهاز الذي يعتمد على الفوضى الامنية، الفساد السياسي والاقتصادي، وعلى التعاون الكامل مع الجنرال الامريكي دايتون والتنسيق الوثيق مع المخابرات الاسرائيلية.

القادة الميدانيون الذين سيطروا على فتح، هم انفسهم الذين خلقوا في المناطق المحتلة واقعا عصيبا ادى في نهاية المطاف الى فوز حماس في الانتخابات الاخيرة والى الحرب الاهلية التي شقت المناطق الفلسطينية الى ضفة وقطاع. مؤتمر فتح لم يحاسب هؤلاء على الفشل في الانتخابات، لا على ما سبقها من اتفاقات ولا على ما تبعها من استحقاقات. بالعكس، منح المؤتمر الشرعية الكاملة للسياسة التي تتبعها السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها. الوحيد الذي خرج عن هذه القاعدة كان فاروق القدومي، "وزير خارجية" منظمة التحرير، الذي اتهم ابو مازن ودحلان بالتخطيط لقتل عرفات اثناء لقائهما باريئل شارون بعد اندلاع الانتفاضة الثانية.

لا غرابة اذن في ان تكون المحادثات بين فتح وحماس بوساطة مصرية في القاهرة قد دخلت الى جمود عميق. فمؤتمر فتح كان مثابة اعلان حرب على حماس، ذلك ان نفس الاشخاص الذين فعلوا كل ما بوسعهم لاسقاط حكومة اسماعيل هنية تحولوا اليوم الى اصحاب القول الفصل في فتح. حماس التي ادركت اتجاه الامور رفضت السماح لاعضاء فتح المقيمين في غزة بالخروج من القطاع للمشاركة في المؤتمر. جاء هذا في حين سمحت اسرائيل بدخول مندوبي فتح من مخيمات اللاجئين في سورية ولبنان.

والملاحظ ايضا انه لم يتم انتخاب اية شخصية يمكن ان تعتبر همزة وصل بين كلا المعسكرين المتناحرين. بل تم انتخاب الشخصيات التي تسعى الى اسقاط نظام حماس في غزة وتدعم (بشكل غير علني) الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض على غزة على امل ان يؤدي الى سقوط حكومة هنية. وقد يرى البعض في انتخاب مروان البرغوثي المعتقل في اسرائيل اشارة الى تغيير نوعي داخل فتح، غير ان هذا لا يغير الصورة العامة للامور وموجزها ان مؤتمر فتح هو عمليا تسليم بالامر الواقع واعتراف بانه غير قابل للحل.

واذا كانت حركة فتح قد كرّست نظام الفساد والفوضى الامنية وسياسة التبعية لاسرائيل وامريكا، فلا يعني هذا ان حركة حماس تحمل البشائر للشعب الفلسطيني. حماس تواصل سياستها التي تهدف لازالة الحصار تدريجيا عن القطاع لتعزيز سلطتها هناك، انها عمليا تكتفي بغزة امارة اسلامية لممارسة نفوذها. لهذا الغرض تؤجل مشروع المقاومة، وتحافظ على الهدنة مع اسرائيل وتعمل بدأب من اجل الوصول الى تسوية في قضية الجندي جلعاد شليط.

من جهة اخرى، وعلى صعيد الوضع الداخلي، زادت حماس في إحكام قبضتها على مواطني القطاع. الامر الاخير الذي أصدرته بإلزام الفتيات ارتداء الجلباب كشرط لقبولهن للمدارس هو اشارة واضحة ان حماس تسعى لفرض انظمة الشريعة بشكل تدريجي. قوانين الفصل بين النساء والرجال تبث اجواء من الخوف والظلامية، تمكّن النظام من التدخل في حياة الافراد والتحكم بنهج حياتهم.

شيئا فشيئا اخذ يتشكل امامنا كيانين منفصلين في المناطق المحتلة: اولهما علماني وعاصمته رام الله والثاني اسلامي اصولي وعاصمته غزة. ولعل هذا بحد ذاته اكبر خطر على امكانية تحقيق الدولة الفلسطينية، عندما يقبل الفلسطينيون انفسهم بتقسيمها ويحققون بذلك الحلم الاسرائيلي القديم بان تقوم الدولة في غزة فقط، مع ابقاء الضفة تحت السيطرة الاسرائيلية من خلال ضم الكتل الاستيطانية. على ضوء ذلك تبدو خطة فياض لاقامة دولة خلال عامين قراءة غير واقعية وتسجيل موقف في افضل الاحوال.

لا شك ان الطريق المسدود الذي وصلته المفاوضات العقيمة والتنازلات المجانية التي اتبعتها فتح من جهة والمقاومة المتطرفة في غير آوانها التي اتبعتها حماس، والتضارب بين كلا البرنامجين والصراع على السلطة، هي التي ادخلت الشعب الفلسطيني الى الحال الداخلي الخطير، الامر الذي يجعله بأمس الحاجة الى قوى سياسية بديلة تتبنى برنامجا واقعيا يحمي الحقوق الوطنية ويجنّب الشعب المزيد من الضربات.

اسرائيل تستغل الضعف الفلسطيني

الوضع العصيب الذي تشهده الساحة الفلسطينية لا يجب ان يسر اسرائيل. تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي، افيغدور ليبرمان، بان حل النزاع مع الفلسطينيين لن يتم حتى بعد 16 عاما، تبدو للاسف قريبة من الحقيقة. فإذا تبين ان ليبرمان محق وفشل الرئيس اوباما في تحقيق رؤيته بشأن الدولة الفلسطينية، فان السرعة التي يتم بها بناء وتوسيع المستوطنات، سترفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية الى زهاء نصف المليون. ويعني هذا دفن الحلم الفلسطيني باقامة دولة فلسطينية، وتحول الضفة الغربية الى منطقة خاضعة عمليا للسيطرة الاسرائيلية.

غير ان دفن الحلم الفلسطيني يعني في نفس الوقت دفن الدولة اليهودية. اذ ان وضعا كهذا سيجعل من اسرائيل دولة ابارتهايد بالفعل، الامر الذي سيُفقدها حقها في الوجود كدولة "يهودية ديمقراطية" كما تدعي، ويفقدها الشرعية التي تتمتع بها في العالم، ويهدد بان يؤول مصيرها الى مصير نظام الابارتهايد في جنوب افريقيا. محاولة اسرائيل الاستفادة من ضعف الفلسطينيين وادعاء نتانياهو وبراك بعدم وجود شريك للسلام كذريعة للامعان في الاستيطان ومواصلة التحكم بمصير الشعب الفلسطيني، ستجلب الكارثة ليس على الفلسطينيين فحسب، بل على الاسرائيليين انفسهم.

وليس هذا مصدر الكارثة الوحيد الذي يتربص بالاسرائيليين. ففي ظل الجمود على الجبهة الفلسطينية، يبدو ان ما يهم الاسرائيليين هو الوضع الاقتصادي الذي شهد زلزلة في الآونة الاخيرة ومن غير المتوقع خروج الاقتصاد المحلي منها في الفترة المنظورة. ان ما اعتبر نقطة قوة الاسرائيليين، اي الاقتصاد، يمكن ان يتحول الى نقطة ضعف استراتيجية تضع علامة استفهام كبيرة حول مستقبل الدولة وامكانيات صمودها.




#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستوطنات أوّلاً!
- نظام ولاية الفقيه في مأزق تاريخي
- خطاب اوباما في القاهرة - السلام عليكم
- براك ينقذ اليمين
- مراوغات أوباما لن تحلّ الأزمة
- غزّة بعد الحرب - إسرائيل تقول أنا، وحماس تردّ أنا
- نتيجة الانتخابات الداخلية (برايمريز) في حزب الليكود اليمين ي ...
- رأسمالية دون لون
- الزلزال الرأسمالي يهز العالم
- خصخصة السياسة
- ازمة الغذاء والنظام الرأسمالي
- ما بين كوسوفو وفلسطين
- انابوليس: قمة إضاعة الوقت
- الاشتراكية في القرن الحادي والعشرين
- ازمة الائتمان الامريكية تهدد الاقتصاد العالمي
- الفشل الامريكي المتعمد في الحرب على الارهاب
- غزة – المشهد الجزائري
- انقلاب فتحاوي فاشل
- الاول من ايار - حق العمال اولا
- السياسة الامريكية تصحح مسارها


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب بن افرات - دولة فلسطينية خلال عامين؟