أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبدالوهاب حميد رشيد - الفساد في الإمبراطورية















المزيد.....

الفساد في الإمبراطورية


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2763 - 2009 / 9 / 8 - 15:46
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


توقع نائب وزير الدفاع (الأمريكي) Paul Wolfowitz العام 2003 بإمكانية تغطية الحرب من خلال عائدات النفط العراقي، بل وحتى دفع تكاليف إعادة الاعمار. لكن حرب العراق، في الواقع، كلّفت الولايات المتحدة أكثر من 900 بليون دولار، بما في ذلك مبلغاً يتجاوز 145 بليون دولار تحملته الخزينة الأمريكية والخزينة العراقية لإعادة البناء والمقاولات المحلية لدعم القوات الأمريكية. ست سنوات من إعادة الاعمار، عبّرت عن الفشل المريع. لم تكتمل المشاريع في معظمها أو أُنجزت بمواصفات رديئة تم التخلي عنها. الكهرباء والماء بقيت دون مستواها لما قبل الاحتلال. وهكذا فحتى أولئك ممن ينظرون إلى الجانب "المشرق" من الاحتلال يعترفون بأن ما لا يقل عن 13 بليون دولار ذهبت هباءً نتيجة الاحتيال، السرقة، والفساد. بينما الأغلبية يرون أن هذا الفقد المالي يمكن أن يصل إلى ما لا يقل عن 145 بليون دولار إذا ما تم حساب جانبي الإنفاق الأمريكي والعراقي في هذا المجال.
كما أن الولايات المتحدة توشك على إيقاف التعاطي مع مسألة إعادة الاعمار في العراق التي تحملت لغايته ودون نتيجة مثمرة أكبر تلكفة لمشروعات إعادة اعمار بلد ما في التاريخ. يُريد اوباما أن يفعل الشيء نفسه بالنسبة لـ أفغانستان، ولكن على نحو أفضل وأكبر! وقبل أن يتورط عميقاً جداً، عليه أن يستمع إلى المرجع اللا حزبي- مكتب المحاسبات العامة Government Accountability Office (GAO) الذي أخذ يقرع ناقوس الخطر بسبب مخاوف من أن البيت الأبيض لا تُشارك المكتب في خطط إعادة البناء، ويرى (المكتب) أن العجز ببلايين الدولارات هو حصيلة إصابة المشاريع بالفساد والشلل والتوقف. وهنا يلاحظ مراجعي الحسابات الحكوميون أن أكثر من خمسة بلايين دولار من أموال إعادة الاعمار قد اختفت من الحسابات في أفغانستان.
يُراهن اوباما على أن الفساد المتفشي في العراق يمكن تجنبها (في أفغانستان) بطريقة أو بأُخرى. لكن هذا رهان خطير، لأن الفساد يتجسّد في "صعوبة عودة المارد genie الدخول في القمقم"، ولأن الرشوة في أفغانستان، كمثل العراق، صارت ملازمة bedfellow للحكومة (حكومة الاحتلال). وقد أخذ هذا الفساد، وعلى نحو مأساوي، الانتشار بين المحتلين.. ((الفساد بكافة أشكاله وعلى أوسع نطاقه يُغطي أصلاً الأجهزة الرسمية الإمبريالية، بخاصة الإمبراطوية الأمريكية الناقلة لعدوى الفساد))..
عندما أدار الضباط الأمريكان وزارة دفاع حكومة الاحتلال في بغداد خلال الفترة 2004-2005، فقد أختفت ميزانية سنة كاملة بمبلغ 1.3 بليون دولار على "تعاقدات" وُقعتْ في بولندا وباكستان لأغراض تجهيزات عسكرية لم تُرسل ولم يتم تسليمها أبداًُ. وكما عبّر Frank Rich عن ذلك في نيويورك تايمز وبدهاء astutely "صار الفساد في العراق محور البعثة mission (الاحتلال)، بل ربما شكّل العامل الأساس لفشل كامل برنامج إعادة الاعمار. وهذه هي الكارثة calamity التي أُلقي اللوم فيها على عدم كفاية التخطيط والمستوى المرتفع للعنف."
لم تفتقر الولايات المتحدة أبداً للأثرياء/ تجار الحروب war profiteers للمساهمة.. وبتحريض من رسميين يفتقدون شرف الأمانة، لكن الحرب في العراق تصاعدت إلى مستويات جديدة من الفساد. ففي بيئة توفرت فيها كثرة من بلايين الدولارات غير الخاضعة للمساءلة unaccountable ، مكدسة في منصات عائمة دون رقابة فعلية، ربما لم يكن بالإمكان تجنب الفساد. الجهود المبذولة للتغلب على الغش والتبذير waste أصبحت في نهاية المطاف، وكما عبّر عنها أحدهم تُجسّد "الحرب الثانية" في هذا البلد المنكود unhappy land. دفع الفساد المنتشر في العراق (بفعل الاحتلال) بدوره الأمريكان الوقوع في شركه، مما يدل على أن الحرب تولد "رد فعل سلبي" blowback، تنشر أضرارها على مستوى مؤسسات المنتصر والمهزوم على حد سواء.
أنفقت الولايات المتحدة 145 بليون دولار على مشاريع إعادة الاعمار والدعم العسكري في العراق. المبالغ هذه التي عانت من التبذير/ الفساد، تساوي ضعف ما تم إنفاقه على إعادة بناء اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، رغم أن آثار التدمير كانت أكبر بكثير والبلد كان أكثر سكاناً.
أقدم كل من ضابط الجيش الميجور Gloria Davis وضابط سلاح الجو Charles Riechers على الانتحاراحتجاجاً على ممارسات الغش والرشاوى في مجال التعاقدات، في حين بعث الكولونيل Ted Westhusing، قبل انتحاره، برسالة إلى الجنرال David Petraeus ختمها بقوله: "لا يمكنني دعم بعثة تقود إلى الفساد وانتهاك حقوق الإنسان، وتضم كذابين." ويرى البعض أن ويستهوسنغ قد اغتيل لأنه كان على وشك كشف هذه الفضائح.
الرئيس السابق لسلطة الائتلاف المؤقتة CPA لمراقبة وحدة تحكم منطقة جنوب وسط العراق Robert Stein جسّد واحدة من أُولى المحاكمات الناجمة عن الفساد. قام شتاين بتحويل 8.6 مليون دولار من خلال رجل الأعمال في كاليفورنيا Philip Bloom. اعترف بلوم بأنه دفع أكثر من 2 مليون دولار رشاوى للرسميين الأمريكان، بضمنهم أربعة في الجيش برتبة كولونيل Curtis Whiteford, Bruce Hopfengardner, Debra Harrison, and Michael Wheeler . بينما حصل ضابط الجيش الميجور John ugn Cockerham على عشرة ملايين دولار رشاوى عندما كان في الكويت، وتسلم سلفه الميجور James Momon 5.8 مليون دولار. ضباط الجيش الأمريكان التالية اسماؤهم: Army Major Christopher Murray, Army Lt. Col. Levonda Selph, Army Major John Rivard, Captain Michael Dung Nguyen, and Captain Bryant Williams تم الحكم عليهم جميعاً بالسجن لتسلمهم رشاوى. وفي محافظة الانبار- العراق، كشف رسميون عراقيون بأن الضباط الأمريكان كانوا يطلبون بشكل متواصل 15% من كافة أرصدة اعادة الاعمار.
وحتى أن أحد المبلغين whistleblower عن المخالفات والفساد ربما لقى مصرعه اغتيالاً بسبب الفساد. ذهب رجل الأعمال الأمريكي Dale Stoffel إلى السلطات الأمريكية في بغداد وقدم شكواه، متضمنة أن ضباطاً في الجيش الأمريكي يتلقون رشاوى في علب البيتزا المحشورة بمئات السندات الدولارية في مكاتب التعاقد لإخفاء conceal المقبوضات. كان هذا الأسلوب شائعاً في جميع أنحاء المنطقة الخضراء. تعرض ستوفل للتهديد بالقتل، وتم اغتياله فعلاً في ديسمبر/ ك1 العام 2004. اثنان من ضباط الجيش الأمريكي هما Colonel Anthony Bell and Air Force Lieutenant Colonel Ronald Hirtle، تم الإبلاغ عنهما من قبل سوفتل قبل اغتياله، وهما رهن التحقيق.
والمزعج، بصفة خاصة، هو النمو المتزايد للأدلّة بتورط واسع الانتشار للفساد بين كبار ضباط الجيش وموظفي الخدمة المدنية الأمريكان، وبدفع وإغراء من تجار الحروب الأمريكان أصحاب العقود- هذه العقود التي تتطلب القليل من العمل أو عدمه. وبصرف النظر عن ضباط الجيش وسلاح الطيران ممن كانت نهاية عدد منهم في السجن، توحي تقارير من الكويت بأن ما لا يقل عن ستة عشر من الجنرالات والأميرالات الأمريكان هم قيد التحقيق من قبل وزارة العدل، المفتش العام لإعادة إعمار العراق Sigir، ووزارة الدفاع. نفّذت إدارة Sigir وحدها 300 تحقيق وأكثر من 250 مراجعة حسابات. بينما أفادت مصادر حكومية أن 154 من التحقيقات الجنائية criminal investigations لا زالت مفتوحة.
إن الفرضية (رأي اوباما) التي تقول أن أفغانستان ستكون على نحو ما مختلفة عن العراق، ربما ستنتهي الحصيلة، في الواقع، إلى الأسوأ. لقد توفرت للعراق، في تاريخه الحديث، حكومة فعالة functioning governments، في حين لم تكن هذه المزية متوفرة في أفغانستان. كذلك كانت للعراق بنية تحتية لائقة decent من الطرق وتقاليد تقديم الخدمات العامة، وهي لم تتواجد في أفغانستان. ما لا تشترك فيه أفغانستان مع العراق، أيضاً، هو تفشي الفساد على جميع المستويات وفي كافة الأوقات. إن جملة 32 بليون دولار أُهدرتْ أصلاً على مشاريع اعادة الاعمار في أفغانستان، واضعاً المانحين المحتملين في موقف متوتر nervous بشأن تقديم المزيد من المنح. بينما بيّنَ الأوربيون أصلاً وبوضوح أنهم يبغون الخروج في أول فرصة سانحة.
ومع تضاؤل الوجود الأمريكي في العراق واقترابه من نهايته، هناك دروس يتوجب تعلمها. الاحتلال العسكري تقود، لا محالة، إلى نشر الفساد. العديد من ضباط الجيش الأمريكي ممن شاركوا في إدارة البلايين من الدولارات الموجهة لإعادة الاعمار سقطوا تحت الإغراء temptation. قد تكون أفغانستان مختلفة تماماً، ولكن لا يوجد سبب لافتراض هذا الأمر هو القضية بذاتها. في الواقع، ففي بيئة قاسية يستشري فيها أصلاً المخالفات والفساد، من المحتمل أن تكون الحصيلة أسوأ. إذا لم يفتْ الوقت بعد لوقف هذه المسيرة الماحقة juggernaut، ربما يكون من الحكمة لإدارة اوباما أن تخطو إلى الوراء وتنظر فيما تفعل. إن مهمة إعادة بناء الوطن العراقي انتهت إلى أن تجثو على ركبتيها، على الأقل جزئياً، من خلال الفساد الذي انتشر بين الرسميين الحكوميين الأمريكان (والعراقيين) الحريصون على سرقة المال العام السهل، وبشكل ينذر بالخطر. ومن المرجح أن تتكرر التجرية في أفغانستان. فهل هناك استحقاق مبرر لتكرار دعم حرب لا معنى لها، وهي بالتأكيد تتجه نحو الضياع؟.. الجواب، بدون تردد، كلا..
مممممممممممممممممممممممـ
The Corruption of Empire,By Philip Giraldi, Campain For Liberty,Published 08/31/09.

Philip M. Giraldi, Ph.D. is the Francis Walsingham Fellow at The American Conservative Defense Alliance (www.ACDAlliance.org) and a former CIA counter-terrorism specialist and military intelligence officer.
Copyright © 2009 Campaign for Liberty.





#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاجئون العراقيون يخشون ترحيلهم من سوريا
- اقتصاد القرن الحادي والعشرين: الآفاق الاقتصادية- الاجتماعية ...
- حقيقة مدينة الأطفال الرضع المشوهين في العراق
- جماعة حقوق الإنسان تنتقد سياسة الإعدامات في العراق
- مذابح المدنيين المسلمين هي دائماً.. -دفاع عن النفس- وليست إر ...
- تجارة المخدرات الأفغانية توفر 50 مليار دولار سنوياً للولايات ...
- الرقابة على إيرادات النفط في العراق
- الكفاح ضد الفقر.. -قصة من غزّة!-
- غسل الأدمغة ضد العرب في وسائل الإعلام الأمريكية
- نظرية النسبية بالعلاقة مع انطباقها على فلسطين
- حركة فتح: بداية جديدة أم نهاية وشيكة!؟
- البنتاغون ل اوباما: إبعث بمزيد من القوات أو إخسر الحرب
- العراق الجديد.. من صيدلانية إلى مدبرة منزل!
- أطنان من مهازل الإمبريالية
- اللاجئون العراقيون يواجهون تحديات حضرية
- أوقفوا القتل في أفغانستان
- تصاعد فرض الحماية في ظل الإمبريالية
- العراق يعاني من نوبة بيئية كارثية
- حول شرعية المقاومة
- اللاجئون العراقيون.. حقوق المرأة ومخاطر العودة..


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبدالوهاب حميد رشيد - الفساد في الإمبراطورية