أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عناد ابو وندي - الديمقراطية والمجتمع المدني















المزيد.....

الديمقراطية والمجتمع المدني


عناد ابو وندي

الحوار المتمدن-العدد: 2762 - 2009 / 9 / 7 - 14:21
المحور: المجتمع المدني
    


لقد تمت عملية الانتقال للديمقراطية من خلال نماذج أربعة رئيسية:النموذج الأول هو التطور التلقائي الذي تتداخل فيه عوامل عديدة للتحول الاجتماعي وعملية التطور هذه ارتقائية وتستجيب بدرجات وطفرات متتالية – وان لم تكن بدون نكسات – لنحو القاعدة الاجتماعية والسياسية المدعمة والراغبة في نموذج الحكم الديمقراطي.
والأخر المهم هنا هو أن الديمقراطية حل علمي- سلمي وعقلاني لمعضلات التوازن والصراع الاجتماعي والسياسي.
اما النموذج الثاني فهو انبثاق الثورة الديمقراطية في وجه الطغيان والاستبداد. وان ولادة هذا النموذج في كنف الثورة الفرنسية أشاع اعتقادا غير صحيح بان الديمقراطية لا تولد بغير ثورة وان كان بالطبع هذا الشكل أكثر جذرية، غير ان العنف المتضمن في هذا الشكل قد يفضي الى مسار غير مأمون وغير مضمون وربما يكون حافلا بالنكسات والمحن مثلما حدث في الثورة الفرنسية نفسها.
اما النموذج الثالث للانتقال فقد تم من خلال انتصار سياسي للحركة الدستورية الديمقراطية حيث هناك حالات يرغم فيها الاستبداد على الاقتراب من الساحة لا بفضل ثورة او قوة مادية ضاغطة وإنما ببساطة بفضل عجز شامل للأنظمة الاستبدادية عن إيجاد قاعدة مدنية واجتماعية لها، وإفلاسها الروحي والمعنوي وانتقال مزاج الناس وتفضيلاتهم الشكل الديمقراطي للحكم وتنامي ضغط أخلاقي وثقافي لا يقاوم لدعم ضرورة أعطاء الصراع السياسي شكلا أكثر إنسانية وترسيخ الضمانات القانونية للحريات الأساسية.
وهناك نموذج رابع للانتقال تم عبر حروب دموية أشاع فيها المنتصر تلقائيا او بالقوة نموذجه الديمقراطي ولو شكليا وقد تم ذلك في أعقاب الحرب العالمية الثانية عند وضع الأمريكان دستور ديمقراطي لليابان.
ان معظم الناس يفضلون النموذج الثالث وهو الانتصار السياسي للحركة الدستورية الديمقراطية ويعبر عنه بما يسمى نظرية المجتمع المدني وهنا فان النمو الأخلاقي والمؤسساتي والثقافي للمجتمع كي تعبر عنه المنظمات غير الحكومية يمكن ان يفضي الى انتصار معنوي للنموذج الديمقراطي.
لقد كثر استعمال تعبير المجتمع المدني في الاونة الأخيرة خصوصا في وطننا العربي، وتعرضت كثير من الأبحاث المرتبطة بقضايا التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي لمفهوم المجتمع المدني بشكل او بآخر الذي يواجه صعوبات منها ضعف التأصيل النظري لمفهوم المجتمع المدني
رغم تناول قضايا الديمقراطية وطبيعة الدولة، ودور الأحزاب، رغم ذلك لم يحدث تأصيل نظري رصين للمفهوم من حيث تعريفة وضبطه وتحديد متغيراته وشروط ظهور المجتمع المدني وتطوره.
كما واجهه الاختلاف في تكيف طبيعة مفهوم المجتمع المدني فالبعض يستخدم المفهوم وما يرتبط به من مؤسسات اجتماعية خاصة كمقابل للدولة وما يرتبط بها من مؤسسات اجتماعية عامة.
وأثبتت التجارب أن المجتمع المدني يحد من تسلط الدولة، ويحمي الإفراد والجماعات من تعسفها . اذ ان مؤسسات المجتمع المدني تسمح للإفراد بتنظيم نشاطاتهم باستقلالية عن جهاز الدولة.
أذن فان المفهوم يستخدم ضد النظم السلطوية التي تقوم على اساس محو المجتمع المدني بمؤسساته الفاعلة كالاحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية وإخضاعها مباشرة للسلطة السياسية والقضاء على استقلال المؤسسات الثقافية، ومحو دولة القانون وتأسيس الدولة البوليسية.
والبعض الأخر يستخدمه كمقابل للدين بحيث يجب فصل الدين عن الدولة أي إعلان مبادئ العلمنة الكاملة كأحد المدخلات لبناء المجتمع المدني.
وهناك من يستعمل المدني مقابل العسكري ويتمثل ذلك في إقامة التمييز بين النظم المدنية والنظم العسكرية.
ويعرف المجتمع المدني على انه" جملة من المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال عن سلطة الدولة لتحقيق أغراض متعددة منها المشاركة في صنع القرار على المستوى الوطني والقومي ، ومنها أغراض نقابية كالدفاع عن المصالح الاقتصادية لأعضاء النقابة (نقابات العمال) إضافة الى أغراض مهنية كما هو الحال في النقابات للارتقاء بمستوى المهنة والدفاع عن مصالح أعضائها ، ومنها اغراض ثقافية كما في اتحادات الكتاب والمثقفين والجمعيات الثقافية والإعلامية التي تهدف الى نشر الوعي الثقافي،ومنها إغراض اجتماعية للإسهام في العمل الاجتماعي لتحقيق التنمية وبالتالي يمكن القول بان الأمثلة البارزة لمؤسسات المجتمع المدني هي : الاحزاب السياسية ، النقابات العمالية ، النقابات المهنية ، والجمعيات الاجتماعية والثقافية .
وينطوي جوهر المجتمع المدني على أربعة عناصر رئيسية هي "الطوعية" التي تميز تكوينات المجتمع المدني عن باقي التكوينات الاجتماعية المفروضة تحت أي اعتبار ويشير العنصر الثاني الى فكرة المؤسسية التي تستغرق مجمل الحياة الحضارية تقريبا والتي تشمل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في حين يتعلق العنصر الثالث بالغاية والدور الذي تقوم به هذه التنظيمات والأهمية الكبرى لاستقلالها عن السلطة السياسية وهيمنة الدولة من حيث هي تنظيمات اجتماعية مستقلة تعمل في سياق وروابط تشير الى علاقات التماسك والتضامن الاجتماعيين .
اخر هذه العناصر يكمن في ضرورة النظر الى مفهوم المجتمع المدني باعتباره من منظومة مفاهيميه مرتبطة به تشتمل على مفاهيم مثل : المواطنة وحقوق الانسان ، المشاركة السياسية الشرعية .......الخ .
لقد انقسم الفكر العربي بين رؤيا ترفض المجتمع المدني بتجربته الغربية وبين رؤية مقابلة تتبنى كل ما هو غربي.
وفي ضوء ما تقدم فانه
ويمكن تحديد ملامح الإطار العام لبناء المجتمع المدني في وطننا العربي من خلال الأخذ بخبرة الغير وخصوصية الذات في مجال بناء المجتمع المدني.
فبناء المجتمع المدني في المجتمع العربي لا يعني النقل الحرفي لخبرة المجتمعات الغربية في هذا المجال او اعادة تكرار التجربة الغربية في التحديث لان هذا غير ممكن وغير مرغوب فيه . وفي هذا الاطار فان عملية بناء المجتمع المدني في وطننا العربي تنصب على محاولات تكريس وتجذير بعض المبادئ العامة مثل تحقيق التوازن بين الدولة والمجتمع والحد من تسليط الدولة وبطشها بالمواطنين وتوفير الضمانات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لاحترام حقوق وحريات المواطنين ، وكل هذا يجب ان يتم في اطار بعض الخصوصيات الثقافية والحضارية والتاريخية التي تميز الوطن العربي وبالتالي فهي التي سوف تميز عملية بناء المجتمع المدني فيه عن الخبرة الغربية في هذا المجال .
وهنا لابد أن نبين على انه لا يمكن الحديث عن بناء مجتمع مدني حقيقي في اطار دولة ضعيفة وهشة وتسلطية وتابعة وفاقدة الشرعية وبالتالي فان عملية بناء المجتمع تتطلب اعادة بناء الدولة بحيث تصبح دولة القانون والمؤسسات (مبدأ فصل السلطات أساسها والناس متساوون في الحقوق والواجبات واستقلال القضاء ) حيث تصبح دولة ملتحمة بمجتمعها لا غريبة عنه، كما ان هناك بعض المشكلات التي تعرقل بناء مجتمع مدني حقيقي ومنها ان التيارات السياسية تتمحور حول نخب ضيقة كما ان العلاقة بين هذه التيارات قوامها الرفض المتبادل وغياب الديمقراطية في داخلها وغيرها ناهيك عن الانشقاقات والصراعات والتي تحد من فاعليتها السياسية وتقلص مصداقيتها لدى الجماهير . ومن هنا فان عملية بناء المجتمع المدني تتطلب أيضا اعادة بناء هذه المؤسسات على أساس تعميق الممارسة الديمقراطية في داخلها .
وأخيرا فان من اهم المهام التي يمكن القيام بها في الآجلين القصير والمتوسط لبناء المجتمع المدني في الوطن العربي :
1_ إزالة مظاهر الاحتقان بين الحكم والمعارضة في أقطار الوطن العربي وذلك بطرح تصورات عملية لحل بعض قضايا الخلاف بين الجانبيين وذلك بتمكين القوى السياسية من التعبير السياسي الرسمي وتشجيع التعددية السياسية وذلك بدعم القوى السياسية والفكرية وجميع مؤسسات المجتمع المدني التي تدافع عن الديمقراطية .
2_ أشراك مؤسسات المجتمع المدني في البحث عن حلول للازمات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها اقطار الوطن العربي ( الحوار الوطني ) .
3_ اعادة النظر في الأطر القانونية والمؤسسية في الأقطار العربية بحيث يتم التخلص من حالات الطوارئ المعمول بها في معظم اقطار الوطن العربي .
ان مثل هذه الإجراءات وغيرها تعتبر خطوات هامة على طريق انجاز المهام والأهداف على طريق النهوض القومي وهي الديمقراطية السياسية ، العدالة الاجتماعية ، الأصالة الحضارية ، التنمية الاقتصادية والاستقلال الوطني .
انتهى





#عناد_ابو_وندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنمية السياسية ودور الاحزاب السياسية
- نشأت العلمانية في الوطن العربي
- لمحة عن حياة النقابي الاردني موسى قويد -أبو يوسف-
- ظاهرة الانقسام السياسي داخل الحزب الواحد
- عصبة التحرر الوطني بفلسطين 1949-1951


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عناد ابو وندي - الديمقراطية والمجتمع المدني