أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مهدي النجار - الخواء البدوي في خيمة القذافي














المزيد.....

الخواء البدوي في خيمة القذافي


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2761 - 2009 / 9 / 6 - 09:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


قبل ستة قرون (في العام 1377 ) اطلق ابن خلدون صرخته الخائفة، القلقة: "إن الحضارة هي نهاية العمران وخروجه الى الفساد ونهاية الشر والبُعد عن الخير" ووفقاً لذاك القلق والخوف شدَّ القائد العربي معمر القذافي رحاله متوجساً من تفشي ظاهرة الحضارة وسعى لنصب خيمته وسط مدنها الغربية العملاقة ( في نيوجرسي وقبلها في باريس ومستقبلاً في روما ) محذراً الملأ بأن الحضارة هي نهاية العمران (الاجتماع) وكانت تلك الخيمة مثل جرس إنذار مبكر لإيقاف زحف شرور المدنية وإرجاع العالم القهقرى الى صفاء البداوة وبساطة حياتها، ولكن هل سيصغي الناس الى نداء القائد بعد ان ذاقوا حلاوة التحضر وتنعموا بأنوار التمدن ؟! الجواب يأتي وفقاً لاستدراك ابن خلدون الذي ورد في مقدمته: " التمدن غاية للبدوي يجري اليها / والحضري لا يتشوف الى احوال البادية ".
حقيقة الأمر لم تكن خيمة القائد القذافي سوى الرمز الوهمي للخيمة البدوية الاصليه فكما تناقلت وكالات الانباء فإن كلفتها بلغت 280 الف دولار وتضم في جوفها ما طاب ولذة من متاع و اكل وشراب، تضم كل وسائل الخدمات والترفيه واجنحة الراحة والاستجمام والضيافة والاجتماعات السياسية وغير السياسية وربما احجار الدومينو واوراق البوكر ومن المؤسف ان الوكالات ذكرت ايضاً ان الخيمة لم تكن مصنوعة بأيدٍ بدوية إنما صممها واشرف على صناعتها مهندس ينتمي الى طائفة الهنود السيخ وإن قماشها وحبالها واعمدتها واوتادها مستوردة من مناشأ غربية ذات صلة بالامبريالية العالمية. اذن ماذا تبقى من " البداوة " العربية ليراهن عليه السيد العقيد ؟ بالتأكيد يريد ان يوصل من خلال خيمته رسالة الى عالم الغرب الحضاري مفادها نحن الارقى ونحن الافضل فتعالوا الى خيمتنا لنريكم سفالة انظمة الاستبداد السلالية البدوية التي اكلت اكباد شعوبها بحيث جعلت نصفها تعيش على القمامة، تعالوا لنريكم الاستبداد الديني المتشدد كيف يغذي عقول العامة بالكراهية والضغينة ويكفر مشايخه بعضهم البعض ويدفع الشبيبة الى اليأس والإتكال والانتحار، هل يراهن السيد العقيد على أسوأ وأفجع الارقام والنسب المئوية التي بلغها العالم العربي والاسلامي في مجالات التنمية والفقر والامية والمرض والفساد المالي والاداري وانتهاكات حقوق الانسان واضطهاد النساء...سيهزأ اهل الحضارة من هذا التبجح والتباهي والزعم بالمركزية والتفوق لانه مجرد هراء ومجرد جعجعة بلا طحين.
صحيح ان الحضارة المعاصرة او الحداثة ( كما في مفاهيمنا المعاصرة ) فيها جوانب مظلمة وقاسية وشريرة تستهدف إذلال الشعوب ونهب ثرواتهم والاستعلاء عليهم ولكن من ناحية ثانية فيها جوانب مشرقة ورحيمة وخيرة، فاضافة الى تطور العلوم االحديثة والتكنولوجيا أرست الحداثة مبادئ انسانية جديدة لم تكن معروفة للبشرية في عصورها السالفة، اسست مبادئ دول الحق والقانون وهي مبادئ تختلف جذرياً عن مبادئ دول الاستبداد وانظمة الحكم الوراثية كذلك شرعت الحداثة مبادئ حقوق الانسان والتسامح وقبول الآخر واشاعت روح المواطنة والمواطن الحر، اصبحت الحداثة ظاهرة تاريخية حتمية وكونية ليس بوسع أحد ان يرفضها او يتجنبها او يتغاضى عنها إلا اولئك الذين يعيشون في ظلمة الكهوف فمن يريد ان يعيش تحت الشمس لابد له ان يفهم الحداثة ويندرج في مضمارها الواسع وإلا اصابه التضعضع والانقراض، وإذا ارادت الشعوب العربية والاسلامية ان تندرج في مضمار الحداثة ولا تدع الاشرار ان يستحوذوا عليها فيلزمها ان تشارك بصناعتها لا ان ترمي بخرقها البالية وخيمها الخرقاء وسط الحداثة كشئ فاقد المعنى والصلاحية، على هذه الشعوب ان تجتهد وتكدح ليل نهار لتتعلم وتستوعب فلسفة الفعل الخلاق وتفكر بمنطق العلم المعاصر، منطق الاستقصاء والادلة والبراهين، لا تظل متكئة تحت خيام التفوق والشموخ تشتم الآخر وتلعنه وتشيطنه كمن اخذته العِزة بالإثم.





#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يندرج المسلمون في الحداثة ؟
- علماء الجهالة في المجتمعات الاسلامية
- ما هكذا تورد ياشيخ الإبل ؟! مصرف الزوية اعلى نماذج الفساد ال ...
- معنى التسامح في الاسلام
- ما معنى التنوير
- الظلاميون يقرعون الطبول
- نقد ثقافة الجماهير اسلامية
- اليوبيل الذهبي لاتحاد الادباء والكتاب في العراق
- التعليم في المجتمعات الاسلامية..الاستاذ اولاً
- انتبهوا: السيد مانديلا يطرق الابواب
- الشيطان في المعنى الاسلامي
- خيانة العقل في الإعجاز العلمي: كروية الأرض نموذجاً
- كيف يقرأ المسلمون احوالهم
- الثواب والعقاب في الخطاب الاسلامي
- محنة النساء في الذهنية التقليدية
- انصر اخاك ظالماً او مظلوماً: البشير نموذجاً
- مفهوم العلم بين الاسلام والحداثة
- عصا البشير وضربات الجزاء
- في الاعجاز العلمي...من يضحك على من؟!
- قراءة جديدة في الامام علي


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة طعنه وما دار بذهنه وسط ...
- مصر.. سجال علاء مبارك ومصطفى بكري حول الاستيلاء على 75 طن ذه ...
- ابنة صدام حسين تنشر فيديو من زيارة لوالدها بذكرى -انتصار- ال ...
- -وول ستريت جورنال-: الأمريكيون يرمون نحو 68 مليون دولار في ا ...
- الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة
- محكمة تونسية تصدر حكمها على صحفي بارز (صورة)
- -بوليتيكو-: كبار ضباط الجيش الأوكراني يعتقدون أن الجبهة قد ت ...
- متطور وخفيف الوزن.. هواوي تكشف عن أحد أفضل الحواسب (فيديو)
- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية -لا يعرف- من يقصف محطة زا ...
- أردوغان يحاول استعادة صورة المدافع عن الفلسطينيين


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مهدي النجار - الخواء البدوي في خيمة القذافي