أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان الاسمر - حوار مع صديقي الفدائي















المزيد.....

حوار مع صديقي الفدائي


عدنان الاسمر

الحوار المتمدن-العدد: 2760 - 2009 / 9 / 5 - 14:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وأخيرا , أتيحت الفرصة لأحد أصدقائي من أبناء مخيم البقعة , أن يقوم بزيارة الضفة الغربية المحتلة , وعندما علمت بعودته سالما محملا بروائح الوطن السليب، ذهبت مسرعا للسلام عليه وتهنئته بالعودة سالما غانما , وكنت اشعر قبل وصولي إلى بيته بأنه قد فاز بميزة كبرى يستحق أن يحسد , فزيارة رام الله والقدس والخليل وطمون وجنين مكسب كبير لا يعوض , وبعد السلام عليه وبسرعة فائقة ,أغرقته بسيل من الأسئلة أجاب عليها بصوت مرتفع حماسي وكان من ابرز نتائج الحوار ما يلي :
صديقي الفدائي بعد الزيارة نادم على مسألتين : الأولى خمس عشرة سنة أمضاها في السجن , والثانية انتخابه لشخص تمكن من الفوز بعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح إلا أنه اكتشف بعد فوزه أنه لا يستحق صوته , وهذا الاستنتاج المؤلم جاء نتيجة ما شاهده من مظاهر الفساد والبذخ والترف الذي ينعم به مسئولو السلطة , وهم قادة العمل الفدائي سابقا , فإن كنت مسئولاً على رأس عملك لا تدفع ضريبة الانتماء الوطني المخلص , فهذا يعني تمتعك بثروة هائلة ومنزلاً لا يرى مثله في الأفلام وسيارات حرس ومرافقين وموازنات وامتيازات أخرى كثيرة ,أما أن تكون أسيرا أو شهيدا فأسرتك تطبق عليها اللوائح المالية بصرامة وهذا يعني رواتب رمزية تدفع بدون انتظام , وما يصاحب ذلك من فقر وبؤس وعذاب وألم واضطهاد من ذوي القربة وذوي الاحتلال الإسرائيلي , وأما أسر الشهداء فهي تعاني من البؤس والفقر وعدم الاهتمام والإهمال مضاعفاً أكثر ومتواصلاً طوال العمر يرافقه حسرة الألم والندم على فقدان الأب أو الأخ شهيدا من اجل المشروع الوطني الفلسطيني , وكأن ضريبة الدم المعاقبة لا المكافأة , أما ضريبة الانتهازية والوصولية فهي الجوائز المجزية والمكافآت الثمينة والامتيازات الباهرة .
أما النظام العام ومهام الأجهزة الإدارية فهناك ميل للفوضى والارتجال وأحيانا الزعرنة والبلطجة , مما يجعل الناس يجرون مقارنة دائمة مع الإدارة الأردنية , فقد عرف الناس الإدارة الحكومية الأردنية تتميز بالانضباط والنظام واحترام المسئول للمواطن والتقيد بالأنظمة والتعليمات.
وإذا تصادف سيرك على احد الشوارع في الضفة الغربية مع مرور احد المسئولين في السلطة فسيواجهك غضب من الله حيث موكب طويل وسيارات الونش تسبق الموكب لاقتلاع السيارات عن جانب الطريق ورميها بعيدا , بل أن صديقي قال لي يا رجل هنا جلالة الملك , والأمراء , والوزراء , يقفون على الإشارة الضوئية ويحترمون المواطن أما هناك فلا احد يعرف إشارة ضوئية أو صوتية .
والمؤلم أن الشرطة هناك لا تعرف التعامل باللطف أو احترام المواطن وقد لاحظ صديقي أن جميع أفراد الشرطة يشبهون بعضهم كأنهم إخوة وطولهم جميعا 175سم وما أسرع ما يخفون وجوههم بالأقنعة , فهم من الجيل الذي ولد بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى ولم ينخرطوا يوما في العمل الفدائي أو النشاط السياسي الوطني , كما لاحظ صديقي سوء أحوال الناس المعيشية لدرجة انه تنبأ بان انتفاضة الشعب الفلسطيني القادم ستكون ضد هذه السلطة الجاثمة على صدر شعبنا وليس ضد الاحتلال الإسرائيلي , كما لاحظ صديقي الارتباط الوظيفي الوثيق لمهام السلطة مع سلطات الاحتلال حيث استقبلتهم على الجسر مجندة إسرائيلية قدمت لهم القهوة السادة ومجندة أخرى أوصلتهم إلى الباص المخصص لنقلهم إلى رام الله مما دفعني أن أكد له أن تجربة السلطة الفلسطينية هي نموذج غريب وفريد في تاريخ حركات التحرر الوطني ونضال الشعوب من اجل استقلالها فإما سلطة وطنية مستقلة سيدة وإما سلطات احتلال مسيطرة تتحكم في كل شيء , ولا يمكن لأي عاقل أن يفهم سلطة وطنية في ظل الاحتلال فهذا موضوع غير قابل للتبرير أو التمرير .
وعبر لي صديقي عن غضبه الشديد وانه تمنى الموت في لحظة نهره احد أفراد جهاز الأمن في مركز الحدود الأردني أثناء عودته وأنهى حديثه بجملة خبرية حيث قال : أؤكد لك أنني سأنتظر ثلاث أشهر كفرصة لتصويب الأوضاع وإلا سأعلن بعدها من أعلى مكان أني أحلت نفسي على التقاعد وسألزم بيتي وكفى .
وهذا الموقف الذي جاء متناقضاً ومحبطاً لما كنت أتوقعه واهما مما دفعني للانتقال بالحديث لمحتوى أخر للخروج من الأجواء الجنائزية وقررت أن أتحدث مع صديقي الفدائي عن القرار الوطني المستقل والكيانية القطرية والهوية الوطنية وخاصة مستقبل العلاقة الأردنية الفلسطينية , حيث استعرضت مبادئ الجيوستراتيجيه وعلم السياسة فقلت له : أن الأردن تصنف دولة حاجزة لأنها تقع بين مراكز إقليمية فاعلة ويمكن تصنيفها نسبيا بأنها أيضا دولة حبيسة نتيجة عدم امتلاك الدولة شواطئ بحرية طويلة , وتاريخ العلاقات الدولية يشير إلى أن البحث عن المجال الحيوي الجيوستراتيجي كان سببا في حروب كونية كثيرة فمثلا ضم ألمانيا لإقليم السار وإقليم السودت والكرودور البولوني ومدينة دانتزغ والصراع الألماني الفرنسي حول الالزاس واللورن كانت أسبابا حاسمة للحرب العالمية الثانية التي أحرقت أوروبا وتسببت في مقتل وجرح الملايين .
فالعلاقة الأردنية الفلسطيني الوثيقة ذات صيغ وحدوية توفر شروطا موضوعية للمجال الحيوي المتبادل دون المس بخصوصية الشعبين الشقيقين وخاصة أن الهوية الفلسطينية أو الهوية الأردنية هي مصطلح مجازي لان الهوية وحسب نظرية السيادة التي وضعها المفكر جان بودان إما أن يكون مصدرها الأمة أو الشعب , وقد شرح ذلك ارنست رينان في نظرية إرادة العيش المشترك للأمة الفرنسية , وستالين الذي اهتم بالمسألة القومية حيث اعتبر أسلوب الإنتاج المشترك السائد وعلاقات الإنتاج المرتبطة به هي أساس هوية الأمة, وفردريك ليست ومفكرين آخرين ألمان اعتبروا أن اللغة والعرق هي أساس الهوية القومية إلا أن هناك إجماعا أن الهوية ترتبط بالقومية واللغة وليس بالقطرية إلا في حالة واحدة عندما تتطابق الأمة مع القومية والقطرية ضمن حدود سياسية واحدة ،ومن ثم بالتاريخ المشترك والمصالح المشتركة والبناء النفسي المشترك واللغة مع ملاحظة أن هناك فرقا بين اللغة كمصطلحات ومفاهيم تكونت تاريخيا وبين الكلام باعتباره دلالات صوتية تعبر عن المفاهيم والمصطلحات اللغوية، فالعديد من شعوب أمريكا اللاتينية يتحدثون الاسبانية إلا أنهم ليسوا أسبان , والهنود يتحدثون الانجليزية إلا أنهم ليسوا انجليز , وأما الهوية القطرية يمكن بروزها عندما تتطابق حدود الدولة السياسية مع حدودها القومية ففي هذه الحالة تصبح الهوية القطرية ذاتها الهوية القومية كاليابان وفرنسا واليونان وألمانيا ،أما إذا وجد في الدولة قوميات متعددة مثل كندا ، الهند , الاتحاد السوفيتي سابقا , باكستان , بلجيكا , الولايات المتحدة الأمريكية فإن النظام السياسي يهتم بتكريس الهوية الوطنية للأمة وليست الهوية القومية لان الدول تسعى لتعزيز وحدتها الوطنية وتعظيم عناصر قوتها ومحاربة الفرقة والانقسام والقضاء على عوامل الضعف المختلفة وذلك بهدف تحول الدولة من دولة محلية أو هامشية إلى دولة إقليمية فاعلة .
وهذا ما دفع الكيان الصهيوني الغاصب للبحث عن هوية ضائعة لدولته حيث وجد ذلك في الدين وهذا النموذج لا يوجد شبيه له في العالم (مع ملاحظة خصوصية الفاتيكان ) لان الدين ليس أساسا للهوية القومية إلا أن الكيان الصهيوني لجأ لهذا التكوين الغريب لعدم امتلاكه أي من مقومات الأمة أو الشعب فهو يتكون من مهاجرين لهم أصول قومية ولغات متعددة ومختلفة ، كما لا يمتلكون مشتركات التاريخ والمصلحة والقيم والبناء النفسي،من هنا جاء إعلاء شأن الهوية اليهودية كمكون جامع لمهاجري ومستوطني الكيان الصهيوني
أما نحن العرب وبدون دول العالم ذات الخبرة الاستعمارية فرضت علينا القوى الاستعمارية حدودا سياسية قطرية لا تتطابق مع امتداد الحدود القومية وذلك لتضعف قوة الأمة العربية وتتمكن من نهب الثروات العربية وبسط هيمنتها على مقدرات شعوبنا ، فالدولة القطرية غير قادرة مطلقا بمفردها على تحقيق الأمن الوطني أو التنمية والتقدم الاجتماعي والاقتصادي ، وهذا يعني أن الأمة العربية قبل نشوء الدولة القومية في أوروبا وتفكك الإمبراطورية العثمانية تمثل وجودها في مجال طبيعي واجتماعي وسياسي واحد ، وهذه التجزئة من نتائج القوى الاستعمارية فلا توجد لغة أردنية أو قومية أردنية أو لغة فلسطينية أو قومية فلسطينية فاللغة واحدة والمشتركات كثيرة وراسخة وخاصة التاريخ والمصالح والبناء النفسي، وحتى الدين حيث لعب الدين الإسلامي دورا هاما في توحيد الأمة العربية وبناء وحفظ ثقافتها الإسلامية ، فنحن جميعا في حالة الإصرار على الهوية تكون هويتنا بلاد الشام وهذه أيضا مركب موضوعي لهوية الهلال الخصيب حيث الجغرافية السكانية والجغرافية الطبيعية والمناخ والغطاء النباتي والتركيب الجيولوجي على درجة كبيرة من التشابه والمجانسة والتطابق فعليك يا صديقي أن تدرك أن تفعيل القطرية يتناقض موضوعيا مع مصالح امتنا التاريخية المشروعة، ويخدم قوى الامبريالية والهيمنة في المراكز حيث يساهم في خلق انشقاق أفقي في مجتمعاتنا ويكون في مثابة استنبات الفتن الداخلية، فالمناضل الفلسطيني هو مناضل أردني والمناضل الوطني الأردني هو مناضل وطني فلسطيني فهذه طبيعة التكوين التاريخي للعلاقة الأردنية الفلسطينية والطبيعة لا تتغير دون تغير ماهيتها فلا تقلق من سوء تصرف هنا أو هناك، فالنزعة الإقليمية موجودة في رؤوس بعض النخب التي تدعي الثقافة وهي عبارة عن تساقط ذهني على المجتمع وفق المنهج القياسي الذي لا يأخذ بالاستدلال التاريخي والخصائص النوعية الاجتماعية والتكوينية بعين الاعتبار وأخيرا قالت العرب قديما في حالة عدم الرضا عن موقف ما ( هذا أبعار ظباء ) .



#عدنان_الاسمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خداع المقاطعة
- بدعة في الفكر الشياسي
- دفاعا عن المتمسكين بحق العودة
- النفي غورا نحو النهر
- الوداع الاخير للدائرة وما قبلها
- بعض من العمر في معان
- نقطة التحول ثلاث
- سبعة حزيران يوم الفرح الاكبر في لبنان
- سماحة السيد لا يكذب ابدا
- الاصلاح التنظيمي فلسطينيا
- دفاعا عن القدس والارض


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان الاسمر - حوار مع صديقي الفدائي