أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سامي المصري - مصر للمصريين .... وأزمة القمامة















المزيد.....

مصر للمصريين .... وأزمة القمامة


سامي المصري

الحوار المتمدن-العدد: 2758 - 2009 / 9 / 3 - 10:25
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


عندما ضاقت الأمور وبدأ الشعب يئن تحت ربقة الاستعمار البريطاني صدرت صرخة مع زفرات الزعيم البطل مصطفى كامل تعلن:
"مصر ... للمصريين"

أنين الشعب اليوم يتزايد مع كل زفرة تستنشق عَبق النفايات العفنة الذي ينبعث من القمامة في كل ركن من شوارع مصر المحروسة، ويمتد بطول البلاد وعرضها حتى شمل شواطئنا الجميلة، فمدينة التاريخ والحضارة الإسكندرية شملها العفن. لا يستطيع أحد أن يتجاهل أو يتناسى ذلك الواقع المرير الذي يضطر أن يتعايش معه 24 ساعة كل يوم إلا إذا كان مصاب بعاهة أفقدته حاسة الشم.

عند إشراقة الفجر، عندما تنشر الشمس ضياها لتعلن بدءً جديدا وأملا جديدا ليوم جديد، يفيق الإنسان في مصر من نومه على غصة في الحلق ومرارة في الفم من شذي روائح القمامة التي يضطر أن يستنشقها طوال الليل. حتى الأحلام السعيدة أصبحت متعذرة المنال، ليس فقط بسبب ضربات الإحباط المتوالية التي يتقبلها المصري طوال النهار، لكن أيضا بسبب روائح العفن التي فرضت علي كل مصري أن يستنشقها طوال الليل. فأبت الحكومة إلا أن تأرِق الشعب في نومه حتى تملأ كل وقته برائحة الفساد الحكومي المتنامي.

الهواء والماء والغذاء، والدواء، في مصر قد فسدوا جميعا بدون حل!!!! ماذا بقي لنا؟!!!! لقد عاشت مصر تحت الاستعمار 2500 سنة، لست أظن أنه في أي يوم من أيامها قد بلغت المحنة إلى ذلك الحد من التراجع اللاأدمي. ولم تبلغ درجة استغلال الأجنبي لمصر ذلك الحد الذي أفسد حتى الهواء.

عشنا وشفنا القمامة محتاجة لخبراء أجانب لجمعها في مصر!!! طول عمر القمامة تجمع بأيادي مصرية بدون مشاكل. لكن في أيامنا السوداء حيث تفاقم الشر وفجر، فكلف شركات إيطالية وأخرى أسبانية وثالثة فرنسية بجمع الزبالة، لتبتز بشكل معلن البقية الباقية من دم الشعب المطحون؟!!! أنا عايز أفهم في حالة الزبالة ماذا يعني اجتذاب رأس المال الأجنبي؟!!! أين هو رأس المال المجتذب؟!! اللهم إلا إذا كنا نستورد الزبالة نفسها واحنا مش عارفين!!!

العملية عملية سرقة علنية لشعب بلغت آلامه حدا لا يطاق، دون حياء، تقوم بها شركات أجنبية بتكليف حكومي، لتسخر نفس الزبالين المصريين القدامى بالجمع وهي تتلقى من كل شقة تسعة جنيهات شهريا تتقاسمها مع الحكومة وممثليها. الشركات الأجنبية تقوم بمهمة مقاولي الأنفار، فحولت زبالين مصر لأنفار، تستغلهم وتبتزهم لكسبها غير المشروع دون رأس مال بضمان وتكليف حكومي مستفز. أين مجلس الشعب وأين السيد فتحي سرور أحد أهم المصادر لجميع الشرور؟!!!

ولقد ساعدت الحكومة الشركات لتحويل الزبالين إلى أنفار وذلك بجريمة ذبح الخنازير التي كانت تأكل الزبالة وتشكل ثروة قومية لمصر. لقد قتلتم الخنازير وقتلتم معها جامعي القمامة واستبحتم ثرواتهم فبددتموها، لتحولوهم لعبيد يعملون بأجور صغيرة في شركات أجنبية. ما هي النتيجة؟!!! قصور شديد في جمع الزبالة، والأمر سيستفحل جدا كلما تراكمت الزبالة أكثر وأكثر دون وسيلة لتصريفها. ذبح الخنازير جريمة قومية بكل المقاييس لا بد أن يأتي اليوم لمحاكمة مرتكبيها. السيد فتحي سرور شريك كبير في محنة ذبح الخنازير، والصحافة العميلة المنافقة، والإعلاميون المنتفعون من تسيس الدين. كل هؤلاء شركاء في الجريمة التي ترتب عليها إفساد الهواء بعد إفساد الماء والغذاء والدواء. كما ترتب على ذلك ارتفاع أسعار اللحوم بشكل غير مسبوق. الحكومة الساهرة علي تعذيب شعبها وابتزاز أموالهم وتدمير آمالهم تحقق أهدافها بكل همة ونشاط. فكل عمل المسئول الحكومي هو خدمة المستعمر الجديد بخطف أرزاق المصريين، وآخر لقمة عيش حتى لو كانت في الزبالة!!!

لم تكن مواقع الخنازير تشكل أي خطر من أنفلونزا الخنازير كما زعموا كذبا، لكن الخطر في التعامل الجديد مع القمامة باستخدام شركات أجنبية، لا تقوم بأي عمل سوى الابتزاز، الذي هو أساس المشكلة. ولما فشلت تلك المحاولة الأولي لتدمير موارد الرزق لأكثر من مليون مصري باستبداله بالمستعمر الأجنبي، وجدت الحكومة الفرصة في أنفلونزا الخنازير لتدمير رأس المال القومي، ولخطف آخر لقمة عيش موجودة بالزبالة من فم المواطن المصري لتعطيها للأجنبي. أليس ذلك هو نفس ما حدث ويحدث في قطاع المباني حتى أن البنَّاء المصري العملاق، الذي بني كل الدول العربية صار موظفا وعاملا عند صاحب الأموال الخواجة والسعودي!!! إن الأمر يحتاج لمحكمة شعب جديدة لتحكم على المتآمرين والخونة الذين يختطفون موارد الرزق من المصري ليتقاسموه مع أجنبي، أسجل هذا العار لأضعه أمام التاريخ الذي سيكتب الكثير عن معاناة الإنسان المصري في ذلك العصر.

يا ناس حرام عليكم مصر الجميلة بهدلتوها، ثم يقف المسئولين الحكوميين بلا خجل ليعرضوا منجزاتهم العظيمة التي لم يأتي بمثلها الأوائل. أي منجزات تتكلمون عنها مع كل ذلك العجز الرهيب المتنامي في الميزانية؟!!! ما معنى التنمية وثمارها التي تحدثونا عنها والشعب يئن تحت الفاقة والفقر المتزايد بما لم يسمع عنه في كل تاريخ مصر؟!!! إنما التنمية وقياساتها هي في ثرواتكم وثروات الشريك الأجنبي الذي هو المستعمر الجديد!!!!

التعاون الحكومي مع الشركات الأجنبية لابتزاز مصر قد حقق المحنة الكبرى، فساد الهواء وفساد الماء وفساد الغذاء، وفساد الدواء، مما نشر الأمراض الخطيرة، السرطان والفشل الكلوي وفيروس س الذي بلغت مرضاه في مصر ثمانية ملايين، إلى جانب أنفلونزا الطيور والخنازير والتيفود!!! عظمة على عظمة يا مصر.

هل الحل هو إن يعود عبد الناصر ليؤمم شركات الزبالة؟!!!

ما أحوجنا اليوم لصوت مصطفى كامل يهدر دويه بيننا ليقول "مصر للمصريين" لقد رفع شعاره في أوائل القرن العشريين، وحول هذا الشعار التف وائتلف كل المصريين، فقام سعد زغلول بثورته العملاقة التي نجحت بتلاحم قوى الشعب كله، فاختلطت دماء المصريين بجميع أديانهم وأطيافهم عبر عشرات السنين لهدف واحد هو تحرير الأرض من الأجنبي. ولم يتحقق التخلص من الاستعمار إلا في عام 1956 عند جلاء القوات البريطانية عن مصر بيد عبد الناصر، الذي حققه الشعب بالدم والمعاناة والاستشهاد. كانت تجربة الاستعمار كافية ليعتمد الشعب علي نفسه وقدراته، فشيد السد العالي وشيد الصناعات الكبرى واختفت البطالة وتألق الإنسان المصري عالميا فكان محترما في كل مكان على الأرض أينما يذهب بالرغم من كل الحروب مع إسرائيل وكل الدعاية المسممة. الإنسان المصري الحر كان مزهوا بإنجازاته الحضارية في جيلنا فرحا بوطنيته سعيدا بانتمائه.

لم يدم الأمر طويلا فقد أتى السادات بالانفتاح الذي أعاد فتح الباب للأجنبي المستعمر وبدأ في بيع مصر لتحقيق ثروات شخصية له ولعائلته ومحاسيبه. فظهرت الطبقة الجديدة من أثرياء أغبياء يبتزون مصر. سمعت السادات وهو يقول انه اكتشف أن مصر بلدا زراعيا لا يصلح للصناعة!!! إنه نفس صوت فحيح المستعمر الأجنبي صاحب المصلحة. وتقلص العمل الصناعي علي يد السادات, وسُلِّمت كثير من الصناعات ليد المحتكر من اللصوص مثل صناعة الحديد حيث أفسد لهم مصنع أبو زعبل وحلوان. مصنع أبو زعبل بعد أن دمرته القوات الإسرائيلية أعيد بناءه بمنتهى السرعة واستأنف إنتاجه العظيم والذي كان يغطي السوق المصري من حديد التسليح. لكن بفضل الفساد في عصر السادات أغلق المصنع أبوابه، وبذلك حقق السادات ما لم تحققه إسرائيل في تخريب صناعة الحديد في مصر. ليست صناعة الحديد وحدها هي التي خرِّبت بل لقد وضع الأساس لكل خراب أتى من بعده. الأخطر من كل ذلك أن ذلك التصرف الفاسد أضاع على مصر كل إنجازاتها الحضارية عبر قرن من الزمان حققته بدم الشهداء. فبكل سهولة وبساطة أضاع على الشعب كل جهاده منذ عام 1882 حين غزت القوات البريطانية ميناء الإسكندرية إلى أن تحررت الأرص في عام 1956 مرورا بثورة عرابي وجهاد مصطفى كامل وثورة سعد زغلول وكل جهاد وحروب حتى الجلاء.

ما هي الحالة التي وصلنا إليها نتيجة لتلك الخيانة التي ضيعت علي مصر ثمرات جهاد شعب عبر قرن من الزمان؟!!!!

النتيجة هي أن المواطن المصري يهرب من بلده حيث لا يجد فيها أي شكل من الأمان تحت وطأة الاستعمار البشع والحكم البوليسي الإرهابي مما رخص ثمنه بالخارج. الإنسان المصري صانع الحضارة البناء لكل الدول العربية وصانع شكلها ورونقها الحضاري هو نفسه الذي يُجلد في سجون المستعمر السعودي، دون اهتمام من الدولة!!! المرأة العاملة المصرية تحت نظام الكفيل تذل في السعودية، بينما السعودي الجاهل أصبح سيدا في مصر، ومالكا لمدن كاملة وصاحب شركات ومستثمر يبتز خيرات مصر، يحضر إليها ليمارس كل عهر وفساد، ليس فقط بالاعتداء على النساء بل والرجال أيضا. السعودي الذي كان يعيش في شظف القفار، ويتلقى المعونة السنوية من مصر من خلال المحمل نسي أصله وتاريخه وتناسى من الذي رقاه وحضَّره، فيتفنن في ِإذلال البطل المصري الذي أخذ بيده. والحكومة المصرية هي المسئول الذي رخَّصت الإنسان المصري الغالي والثمين.

يا شعب مصر العظيم إن المأزق الذي تمر به مصر اليوم يحتاج لكل طاقاتنا مجتمعة كي نجتازه بكل القوة والشرف. وكما اجتزنا من مواقف غاية في الصعوبة فجزنا وعبرنا وكتبنا تاريخ التحضر الإنساني من خلال مآسينا. ونجح آباؤنا عبر تاريخ طويل من المعاناة، سجلوا بكل الشرف قيم التحضر وقياساته بأحرف من نور مختلط بالدم، في وسط ظلمة العالم وجهله.

يا شعب مصر أنتم الصيادين المهرة الذين حرروا أنفسهم من يد القراصنة وسط إعجاب العالم كله أنتم قادرين علي تحرير أنفسكم من القرصنة الحكومية التي تبيعكم وتبيع خير مصر للأجنبي.

فلنرفع اليوم نفس الشعار الذي رفعه مصطفى كامل منذ مائة سنة تماما لنقول جميعا
"مصر للمصريين".





#سامي_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية عزازيل بلطجة وهَّابية: (4) هدفها تشويه التاريخ الحضاري ...
- رواية عزازيل بلطجة وهَّابية.. (3) وتشوه أدبي يفتقر للحد الأد ...
- رواية عزازيل بلطجة وهَّابية.. (2) تُسقِط الطبيعة الدموية الع ...
- رواية عزازيل بلطجة وهَّابية.. (1) أهم أهدافها بث روح الكراهي ...
- أوباما والأقباط بين حق السيادة والمواثيق الدولية لحقوق الإنس ...
- الدكتوراه الخامسة في النفاق... وبطريرك
- حرب إبادة الخنازير جريمة قومية
- غيبة العقل القبطي وعودة الأقباط إلى الساحة
- الأنبا شنودة وحافة الكارثة
- أربعون عاما على استشهاد البطل عبد المنعم رياض
- «أقباط المهجر»... 2- والوطنية المصرية
- «أقباط المهجر» 1- ووائل الأبراشي!!!
- خسرت إسرائيل هذه المعركة
- حسنين هيكل يؤيد حماس في قناة الجزيرة
- معبر رفح ومخلب القط
- قطنة بزيت
- الاستعمار - وأخلاق العبيد - والنقاء الوطني -1
- صراع على الساحة القبطية بين الحق والباطل - 2
- صراع على الساحة القبطية بين الحق والباطل
- الفوضى الخلاقة هل تجتاح مصر اليوم للخراب كما اجتاحت العراق؟


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - سامي المصري - مصر للمصريين .... وأزمة القمامة