أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - التلاوة العلنية للقرآن مساس صارخ بكرامة الآخرين















المزيد.....

التلاوة العلنية للقرآن مساس صارخ بكرامة الآخرين


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2757 - 2009 / 9 / 2 - 19:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اعتدنا في كل بلاد المسلمين أن نسمع التلاوة العلنية للقرآن، فأنت تصعد التاكسي، وتسمع تلاوة للقرآن، وتمر في الشارع، فتسمع من مكبرات الصوت للمساجد تلاوة للقرآن، وتذهب لتعزي أهل ميت، فتسمع تلاوة القرآن. هنا قد يقول قائل، وماذا يزعجك في كل ذلك، فإن لم يعجبك سماع القرآن، فاذهب إلى البلدان التي لا تسمع فيها تلاوة القرآن، ولا الأذان، ولا مجالس التعزية، لاسيما إنك بكل تأكيد متأثر بثقافة دول الكفر تلك. أقول القضية ليست قضية ارتياح أو عدم ارتياح نفسي لسماع القرآن، أو التواشيح، أو صلاة التراويح، أو مجالس البكاء، بل إني أريد هنا تناول الأمر بمقدار ما يتعلق بالحقوق العامة التي يجب أن يتمتع بها الإنسان، بقطع النظر عن عقيدته. فنحن نعلم أن نسبة عالية من سكان البلدان الإسلامية هم ليسوا من أتباع القرآن، إما لأنهم ينتمون إلى الديانات الأخرى، وإما إلى الأكثرية المرتدة الخائفة من المسلمين، وبالتالي فهؤلاء لا يؤمنون بأن القرآن كتاب الله، كما يعتقد المسلمون المقتنعون بإسلامهم، مع إننا نقول بوجوب احترام عقائد الناس مهما كانت، هذا الاحترام الذي يلزمنا باحترام من يحب الاستماع إلى القرآن، أو إلى باسم الكربلائي، أو إلى نانسي عجرم، أو مايكل جكسون، أو أم كلثوم، أو فيروز، أو أحمد الوائلي. فالقضية هي ألا تفرض عقيدتك وتفرض ذوقك ومزاجك على الآخرين، فتجعل سماع قرآنك قسريا، شاء الآخرون أم أبوا، وتستغل حياءهم وأدبهم، أو خوفهم من سيف التكفير، أو التسقيط الاجتماعي، من حيث أنك تلوح لهم بسيف القرآن، وسيف الدين، وسيف المقدس. ولكن حتى هذا الإسماع القسري قد لا يكون خرقا كبيرا لحقوق ومشاعر وأحاسيس وأمزجة وقناعات الآخرين، نعم هو خرق بلا أدنى شك، لكنه قد لا يمثل ذلك الخرق الكبير الذي يستوجب إثارة عواصف الغبار من حوله. إنما أتكلم عن الشتائم التي يكيلها القرآن للآخرين، وكيف يجبر القرآنيون الآخرين من أتباع القناعات المغايرة على سماع الشتائم الموجهة إليهم بكل خضوع وصغار وخنوع وذل، لكون القرآن كتابا إلهيا مقدسا، ولو حسب عقيدة المعتقدين بذلك. سيسأل بعض غلاة القرآنيين عن موارد الشتم التي أدعيها. وهنا سأورد بعض الأمثلة، مما يزخر به القرآن الكريم جدا بتوزيع الشتائم على من لا يؤمن به.



إذا علمنا أن مصطلح «الذين آمنوا» في القرآن يعني المسلمين خاصة، أي «الذين آمنوا [بالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن وحيا إلهيا]»، ومن هنا فإن مصطلح «الذين كفروا»، أو «الكافرين»، أو «الكفار» يعني جميع غير المسلمين، أي «الذين كفروا [- أي لم يؤمنوا - بالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن وحيا إلهيا]». لننظر الآن كم زخر القرآن بالشتائم واللعنات على «الذين كفروا» به، وعندها سنفهم كم يجب على غير المسلم، أو المسلم (المرتد خفية وخيفة)، سماع هذه الشتائم ضده، وكم عليه أن يصبر، ويحترم القرآن بكل ما فيه، أو أن يحترم شتائم القرآن له، ولعناته عليه. لو شتمني أي إنسان، أمن المعقول أني سأقول له: إني أحترمك، وأحترم كل ما يصدر منك، وبالتالي أحترم شتمك إياي، لأن شتمك إياي تمثل وجهة نظر علي احترامها، وأحترم كرهك لي، وأحترم لعناتك عليّ، وأحترم ظلمك لي، وقمعك إياي، وتعسفك بي. لو فعلت ذلك مع شاتمي ومهيني وظالمي، سيقول الناس كم ذليل أنت، وكم هي رخيصة كرامة نفسك وعزتها عندك.



والآن دعونا نقوم بجولة في النصوص القرآنية، التي تعدّ انتهاكا لكرامات الآخرين وعقائدهم ومشاعرهم، أو ما سميته بشتم غير المسلم، بل والمسلم الشاكّ، والمسلم غير الملتزم.



«إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها، أولئك هم شر البرية». هنا ينعت كل غير المسلمين «الذين كفروا»، سواء كانوا من «المشركين»، أو من «أهل الكتاب»، أي مسيحيين أو يهودا، أو أتباع أي دين، أو كانوا مؤمنين لا دينيين، ناهيك عن الملحدين، كل هؤلاء ينعتون بأنهم «شر البرية»، أي أسوأ وأخبث خلق الله أجمعين، ثم يتوعدهم الإله القرآني بمصيرهم الخالد: «في نار جهنم خالدين فيها». أقول إذا كنت معنيا بمن ذكرهم هذا النص، فلماذا علي أن أقبل بسماع هذه الشتائم المشحونة بغضا وكراهة وعداوة. نعم لو كان المسلمون يقرأون قرآنهم لوحدهم في بيوتهم أو مساجدهم، أو ضمن دوائرهم الخاصة، فلهم أن يستمتعوا بشتمنا نحن غير المنتمين إلى دينهم، ولكنهم يسمعوننا هذه الشتائم ليل نهار عبر الفضائيات والإذاعات ومكبرات المساجد وفي مجالس التأبين. تصور يتوفى شخص ما، فأذهب لأقوم بواجبي الاجتماعي والأخلاقي بتعزية وموساة ذويه، فيسمعونني شتما وسبابا ولعنا عبر قرآنهم. هل هذا يا ترى من الأدب والأخلاق واللياقات الاجتماعية؟

وهذا نص آخر: «ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون، من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فألائك هم الخاسرون، ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها، ألائك كالأنعام بل هم أضل ألائك هم الغافلون». تصور بعيدا عن كل عبارات ثقافة كراهة الآخر المغاير في العقيدة، يذهب قرآنهم إلى مستوى متدن في الشتم، بحيث يصف غير المؤمنين به بالأنعام والبهائم والحيوانات. لماذ يجب على الآخرين قبول تلقي هذه الإهانات؟

«إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون، ختم الله على قلوبهم وسمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم». لماذا، ألمجرد أنه لم يقتنع بالإسلام؟ حتى لو كان الإسلام دين الله حقا، فما ذنب من لم يوصله عقله إلى الاقتناع بصحة ذلك، حتى لو كان ذلك لقصور في ذهنيته؟

أما وصف الآخر المغاير بالقرد والخنزير والكلب، فانظر إلى هذه النصوص: «ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين»، «قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، ألائك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل»، «فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين». هذه النصوص تصف اليهود بالقردة والخنازير. هل يقبل المسلمون أن ينعتهم الآخرون بأقل من هذا بكثير؟ حتما سيرعدون ويزبدون ويتهسترورن إلى أبعد الحدود.

أما تكفير المسيحيين واليهود وإهانتهم فكثيرة جدا في القرآن الكريم في توزيع الشتائم، منها: «لقد كفر الذين قآلوا إن الله هو المسيح ابن مريم»، «لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة»، وغيرهما.

أما المنافقون، أو هكذا يحلو للقرآن أن ينعتهم، فهم كل المسلمين بالولادة، الذين ينتابهم الشك بإلهية الإسلام، أو يحسمون أمرهم في رفض الإسلام دينا، ولكنهم لا يجرؤون على الإفصاح بعقيدتهم، فيضمرون الكفر بالإسلام، ويظهرون رغما عنهم الإيمان به، تقية، وليس نفاقا، ولهؤلاء سهمهم الأوفى في شتم ولعن القرآن لهم؛ نذكر بعض الأمثلة لذلك: «بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما، الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، أيبتغون عندهم العزة، فإن العزة لله جميعا»، «وقد نزل عليكم في الكتاب، أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره؛ إنكم إذا مثلهم، إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا»، «إن المنافقين يخادعون الله، وهو خادعهم، وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، يراؤون الناس، ولا يذكرون الله إلا قليلا، مذبذبين بين ذلك، لا إلى هـؤلاء ولا إلى هـؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا»، «إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، ولن تجد لهم نصيرا»، «وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها، هي حسبهم، ولعنهم الله، ولهم عذاب مقيم»، «يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين، واغلظ عليهم، ومأواهم جهنم، وبئس المصير»، «ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات، ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات، وكان الله غفورا رحيما».

وهناك مصطلح قرآني آخر هو الفسق، والفاسقون قد يكونون مسلمين، ولكنهم مسلمون غير ملتزمين، أي عصاة بمعيار الإسلام، فالقرآن مليء بشتم ولعن الفاسقين وتوعدهم بالعذاب، أستغني عن سرد تلك النصوص، وغيرها تجاه كل المغايرين في الاعتقاد أو الالتزام.



ما أوردت لا يمثل إلا غيضا من فيض. أما إذا جاء الرادّون علي بآيات أخرى، تعطي معنى آخر للكفر، أو تبين أن هذه النصوص غير موجهة للجميع، بل لقسم محدود من الكفار والمنافقين والمرتدين والمسيحيين واليهود وغيرهم، ممن سيتبين أنهم يستحقون كل ذلك، ولو افترضنا أن هذا الجواب كان مقنعا، فأقول إن الذي يسمع الشتائم موجهة إليه، لا يسعه أن يقرأ القرآن كله، ليستخرج منه معنى آخر غير الذي فهمه من سماعه تلك الآيات البينات في حقدها عليه. ثم إني أعرف كل الإجابات، صدقوني، وقد فسرت القرآن، وحاضرت فيه لعشرات السنين، حتى اكتشفت الحقيقة، من خلال القراءة العميقة والمتدبرة والعلمية لعقود من عمري، وبإمكاني أن أورد تلك الآيات والنصوص، ولكن الذي يثبت عدم إلهية القرآن - كما تبين لي وللكثيرين غيري جليا وبفهم محكم غير متشابه، وبدرجة تتاخم القطع واليقين - هي أكثر بكثير من نصوص التفسير الآخر والتبرير والاعتذار.



01/09/2009



#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين تنزيه الله وتنزيه الدين
- خاطرة ستبقى تحوم حولي الشبهات
- تسبيحة من وحي عقيدة التنزيه
- عقيدة التنزيه ومراتب التنزيه في الأديان
- شكر واعتذار وملاحظات للقراء الأعزاء
- النبوة الخاصة والعامة بين الإمكان والوجوب والامتناع
- الأنبياء بين الدعوة إليه والادعاء عليه سبحانه
- بطاقتي الشخصية كإلهي لاديني
- مخالفة الأحكام الشرعية طاعة لله يثاب عليها مرتكبها


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - التلاوة العلنية للقرآن مساس صارخ بكرامة الآخرين