رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2756 - 2009 / 9 / 1 - 12:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يستخدم الكثير من الكتاب والمفكرين والساسة مصطلح ((الأسلام السياسي ))
فهل هو حقيقة واقعة ؟ أم خرافة ووهم وكذبة كبيرة صدقها الناس لشيوع إستخدامها ؟
في كتاب حوار الحضارات لمؤلفه عطية الويشي يقول في ص 210 مايلي :
{هتلر هو أول من إستخدم هذا المصطلح خلال لقائه بأمين الحسيني ,مفتي فلسطين آنذاك ,قائلاً له, أنا لا أخشى اليهود ولا الشيوعية ولكن أخشى الأسلام السياسي ..}
الواقع على الأرض يشير بوضوح الى صعوبة الفصل بين شقي الأسلام ,
( العقائدي والسياسي ) , فالأمر متداخل بينهما الى درجة يغدو معها من العبث التمييز بين النصوص الدينية وفعل الحركات الأصولية المنتشرة على الساحة والتي تسعى الى السلطة بأي وسيلة , حتى لو كانت التحالف مع الشيطان نفسه .
وما أراه شخصيا من محاولة البعض ,الذين أسميهم ب (أصحاب الأعراف ) , هو محاولة الفصل بين الأسلام كنص وعقيدة ودين... وبين سلوك الجماعات الأرهابية بمختلف أنواعها , ماهو إلا تذاكي من جانبهم مكشوف للجميع ,
بل إن أول المعارضين لذلك التفريق بين الأثنين , هم مشايخ الأسلام نفسه وعلماؤه إن صحت التسمية , وحتى مَنْ يسمون منهم بالمتفتحين .
فهذا د.محمد عمارة ,يقول في كتابه {الاسلام السياسي والتعددية السياسية من منظور إسلامي}ص5 : أني لاأستريح كثيراً لهذا المصطلح رغم شيوع إستخدامه وصدور الكثير من الكتابات حوله }.
بينما يقول القرضاوي في مقدمة الفصل الثالث من كتابه ,الدين والسياسة مايلي :
{ومن التعبيرات التي يُشنِّع بها العلمانيون والحداثيون: تعبير الأسلام السياسي , وهي عبارة دخيلة على مجتمعنا الإسلامي بلا ريب، ويعنون به الإسلام الذي يُعنى بشؤون الأمة الإسلامية وعلاقاتها في الداخل والخارج، والعمل على تحريرها من كل سلطان أجنبي يتحكَّم في رقابها، ويُوجِّه أمورها المادية والأدبية كما يريد، ثم العمل كذلك على تحريرها من رواسب الاستعمار الغربي الثقافية والاجتماعية والتشريعية، لتعود من جديد إلى تحكيم شرع الله تعالى في مختلف جوانب حياتها ..}
ومن مقال د. أحمد صبحي منصور /سؤال واحد أخيرللشيخ القرضاوي: ألا تخجل من نفسك وشيبتك ؟الذي مازال منشوراً في الحوار المتمدن , يفهم القاريء ,بأن القرضاوي يكفر حتى القرآنيين ...فما هو الحال مع العلمانيين مثلا ؟
وفي الحلقة الأخيرة لبرنامج في الصميم من البي بي سي , سأل مقدم البرنامج د.حسن معوض ,
ضيفه الشيخ راشد الغنوشي { زعيم حركة النهضة التونسية المحظورة ,وهو يرتدي البدلة الغربية ومحسوب على رأس المتفتحين من المشايخ }, عن الأسلام السياسي وعلمانية حكام الخليج والضجة الحالية حول التشيع في المغرب العربي عموما ودور إيران فيها ,...فظل الرجل يتناقض في أجوبته ,بحيث صدرت عنه عدة أقوال تفضحه كليا
كقوله : لماذا ينشرون التشيع في البلاد السنية ؟ فالمسلمين يشكلون خمس العالم فقط , فلماذا لايذهبون الى باقي العالم المشرك لنشر دعوتهم .ومن هذا الرد يفهم المتابع ,بأنه يرفض نشر طائفة إسلامية أخرى , فما الحال إذن مع غير المسلمين ؟
ولن أطيل الأقتباس من كلام المشايخ عن رأيهم في المصطلح المذكور ,لكني سأوجه السؤال التالي لمن يدعي العكس ..
لو كان الأسلام السياسي حقيقة قائمة بذاتها وتختلف عن الأسلام التشريعي , فمن أين يستقي هذا الشق تعليماته ومبادئه وسلوك أفراده ؟
هل من الشيوعية مثلا ؟ أم من البوذية ؟أم الكنفوشوسية ؟ أم الهندوسية ؟ أم ربما الرأسمالية ؟
ألا يأخذ كل تعاليمه وتبريراته لأي سلوك إجرامي بما فيها قطع الرؤوس والايدي والارجل من خلاف , من أحد الثقلين ؟ولشرح كلمة الثقلين يكفي ذكر الحديث النبوي التالي :من مسند أحمد
{إني تارك فيكم الثقلين , كتاب الله وسنتي ( وعند الشيعة وعترتي اهل بيتي ),ما إن تمسكتم به , لن تظلوا من بعدي }..فهل سيأتي الآن مَنْ يُنكر هذا الحديث أيضاً ؟
كونه يعني أن عدم التمسك بالثقلين هو ظلال مبين ؟
أنا أقول أن الأسلام فكر شمولي متسلط لايقبل الرأي الآخر ولا يسمح بأي خروج عن نصوصه
لأن ذلك يعني ضمناً الكفر بمبادئه وتعاليمه ..
هل يستطيع أحد أن يقول عكس ذلك ؟
يعني هل ممكن أن يقول عاقل ..لا أنت تكذب ..الأسلام يسمح بالخروج عن نصوصه ويقبل الرأي الآخر بكل ترحاب .
إن وجد قاريء بمثل تلك العقلية فليترك هذه المقالة المتواضعة وليتجه الى أقرب رجل دين ويسأله بصراحة عن رأيه ,وأتوقع أن يدور الحوار التالي بينهم :
الرجل : دلني يا سيدي على الحقيقة ..هل يقبل الأسلام بالعلمانية أو الآخر ؟
الشيخ : قم لعنك الله ولعن والديك الذين لم يحسنوا تربيتك يا بذر الشيطان ..
كيف تقول كلمة علمانية في المسجد ؟ ألا تعلم أنهم كفرة خالدين في النار؟لماذا تصغي أليهم وتجادلهم ؟ أنك إذن معهم ومنهم ..ألم تسمع الى الآية الكريمة تقول :
{وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا } النساء 140
الرجل : لكن يا شيخنا هؤلاء لا يكفرون , هم يريدوا التعايش مع الأسلام ويطلبون مقابل ذلك أن نقبل بهم كما هم
الشيخ : طبعا هؤلاء المنافقين لايعلنون كفرهم , لكننا نعرفهم من دعواتهم للسفور وحرية المجتمع والمساواة التي ينكروها في الاسلام , قل لي بربك : هل يوجد دين أنصف المرأة مثلما فعل الأسلام ؟ بتعاليمه السمحة في القرآن وبسلوك نبي الرحمة مع نسائه وأهل بيته ؟
الرجل : نعم ياشيخنا العزيز أنت على حق , هؤلاء كفرة يريدون تدمير الدين بدعواهم المغلفة بالسلام لكن باطنها الشر والعذاب ..سأتركهم ولن أعود الى مجلسهم وحوارهم بعد اليوم , كي لا أكون من المنافقين .
الشيخ : ها .. إسمع يارجل .. لاتتعجل في أمرك ..لا تتركهم ..شاغلهم ..حاول أن تقف بوجههم وتعيقهم ..ناقشهم بكتابة نصف القرآن في كل سؤال لك ..ثم قل لهم هذا تناقض وإكتب نصف القرآن الآخر وبذلك تضيع وقتهم وتشتت جهود جند الشيطان..
{يفكر الشيخ مع نفسه أن ذلك سيعيق جهود العلمانيين بتنوير الناس وفضهم عن المشايخ والذي يؤدي الى بوار بضاعتهم } ....
الرجل : لكن يا شيخنا الشريف ,أليس ذلك نفاق والعياذ بالله ؟
الشيخ : ألم تسمع يا جاهل أن الحرب خدعة ؟ هيا إنهض من أمامي فرائحة خلوف فمك أفقدتني صوابي ..
إذهب إليهم وقل لهم : والذي بعث محمد بالحق ..إن هذه العلمانية بدعة ..وكل بدعة ضلالة ..وكل ضلالة في النار
إنتهى الحوار وخرج الرجل ....لاويا عنقهُ ......
وهنا إذا بقي غير مصدق فليبحث بنفسه عن النصوص ويبتديء من القرآن أولا , وسوف أعينه قليلا ببعضها ولو أنه معاند ومتكبر ويقوم بتكذيبي وشتمي سراً وجهراً..
تفضل عزيزي المستمع ..
قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة 29).
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الأنفال 39).
فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (محمد 35).
(ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيماً) [ سورة النساء 104 ]
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}...,آل عمران 85
يستطيع المجادل أن يستشهد ببعض الآيات المعاكسة للمعنى السابق مثل , {لكم دينكم ولي دين } , وغيرها لكن تلك الآيات قد نسخت بأعتراف كل علماء الأمة , وبالتالي فلا يعول عليها ويجب حذفها أصلا من القرآن , لأنه من غير المفهوم بقائها بعد نسخها , ثم أنه لايجوز العمل بنصين متناقضين .
وهذا يشبه أيضاً آلاف الأحاديث النبوية التي يسموها ضعيفة أو مرفوعة أو مقطوعة ..بينما يصرون على إبقائها في الكتب , بل يستخدمونها في الجدال عندما يتطلب الأمر....وهذا ما أسميه بالنفاق الصريح ..
والسؤال المهم الآن هو :
هل يوجد إسلام معتدل ؟ أم مسلمون معتدلون ؟
أعتقد أن الأجابة واضحة للجميع ولا تستدعي مزيداً من الشد والجذب والتنظير !
فالأسلام كدين يفسر من نصوصه.. هو فكر شمولي وتسلطي وليس معتدلاً..
لكن بالمقابل هناك ملايين من المسلمين المنتشرين في العالم ..هم بشر عاديين وأقرب الى الاعتدال منه الى التطرف والتزمت وإنكار الآخر..لكن هؤلاء لايمثلون جوهر الأسلام ..وحتى لو قالوا هم بذلك وطالبوا ليل نهار ,فأئمة الدين ومشايخه لن يقبلوا وسيجادلونهم حسب الآيات والأحاديث ويثبتوا لهم أنهم ليسوا بمسلمين حقيقيين وربما سيكفرونهم ويحلوا دمائهم..
وقد أوردت في مقالة سابقة قائمة بالكبائر التي لاتغتفر وتخرج المسلم من الملة وبعضها تافه جداً
كالنوم على البطن أو تأخير الصلاة دون سبب وجيه ,أو كون الرجل جواظ أو جعظري !!!
فأذن المسلم العادي ممكن تكفيره بسهولة حسب النصوص ..
فكيف بالعلماني الذي ينادي بفصل الدين عن الدولة لتسير الحياة بخط حر واضح دون مشورة ورقابة الدين ورجاله؟
خلاصة القول في ظني : يستحيل تعايش الأسلام كنصوص مع العلمانية , بل حتى مع المسلمين العاديين , لأن مانراه من إضطهاد في المجتمعات الأسلامية هو ليس فقط للآخر المختلف في العقيدة
كالاقباط في مصر , لكن أيضاً للمسلمين أنفسهم خصوصا النساء والاطفال..وإلا ما تفسير جلد صحفية لأرتدائها بنطال جينز ؟ أو تزويج طفلة من شيخ طاعن في السن ؟
الجواب غير المراوغ يقول : إن الأسلام يضطهد أتباعه أيضاً إذا طبقت نصوصه الأصلية..
حتى لو إعتبرنا تزويج القاصرات وإجبار البنات على الزواج بمشيئة الأهل ليس جريمة ,لكن هل يحق للناس والمنظمات رفض ذلك وإدانته ؟ ألن يتهموا بالكفر والفجور حينها ؟
لماذا نناقش كل التفاصيل ؟هل من داعي لذلك ؟
الأسلام يعارض كل تقدم ويتدخل في صغائر الأمور
من دخول الحمام الى رؤية الهلال ..ألم تسمعوا قبل أيام بالفتوى الشهيرة التي تسمح بأفطار لاعبي كرة القدم ؟ حسنا إنها جيدة وعادلة ..لكن ماهو رد الفعل من المشايخ ؟ إسمعوهم لتعرفوا رأي الأسلام الحقيقي...يجمعون بأن تلك الفتوى تهدم الدين الاسلامي , لأن كرة القدم أصلا إختراع كافر , ولتذهب هي وكل متع الحياة الى الجحيم , كي يحق لنا أن نحلم بالنعيم !
رعد الحافظ
1 /9 /2009
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
