المغرب في الإعلام الخارجي

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

الحوار المتمدن-العدد: 2757 - 2009 / 9 / 2 - 00:18
المحور: الصحافة والاعلام
    

حظيت بلادناالمغرب باهتمام خاص في الأسبوع الأخير من طرف الإعلام الخارجي، وقد وقفت أكثر من جهة على بعض جوانب قضية الصحراء والإنفاق المغربي على شركات اللوبيات وغياب بلادنا من مجال التنسيق الأمني والعسكري على الصعيد المغاربي.


قضية الصحراء

خصصت بعض المنابر الجزائرية على امتداد الأسابيع الأخيرة فضاءات لتناول قضية الصحراء وأطروحة الحكم الذاتي كحل لهذا الملف الذي عمر طويلا وألقى بظلاله على مختلف التطورات التي عرفتها منطقة المغرب العربي.
وفي هذا الصدد قارنت بعض المقالات والدراسات العربية الموقف الأمريكي من قضية الصحراء بين عهدي "بوش" و"أوباما"، وتتبعت تحركات فرنسا - حسب أحد المصادر الجزائرية ـ باعتبار أن الملك الراحل الحسن الثاني ترك هذه القضية (أي الصحراء) أمانة في عنق باريس.
ولمواجهة موجة الدعم الدولي الذي حظي به اقتراح الحكم الذاتي كحل للنزاع، عمل أكثر من منبر جزائري على الترويج مؤخرا لتخريجة غريبة مفادها: إن إدارة "باراك أوباما" كرست القطيعة مع ممارسات إدارة سلفه "جورج بوش". فبتبنّيه تسوية قضية الصحراء على أساس منحها "الاستقلال"، يعني أن "أوباما" فهم عمق القضايا الإفريقية في مجملها [..] فحدود معظم الدول الإفريقية هي حدود موروثة عن الاستعمار، والكثير من بلدانها ترفض هذه الحدود وتطالب بالدولة العرقية، وليس دولة الحدود المنصوص عليها في المواثيق الدولية المتعارف عليها حاليا، وبالتالي، في حالة ما إذا قبلت الهيئات أو دول أمريكا منطق الحكم الذاتي، فإن هذا يعني فتح السبل أمام باقي الدول الإفريقية غير المقتنعة بحدودها الحالية للمطالبة بأجزاء تابعة لبلدان أخرى حسب الحدود الموروثة عن الفترة الاستعمارية. وفي هذا الإطار من الممكن أن تبرز مطالبة أهالي تندوف بالحكم الذاتي، وقد يحدث مثل هذا في مناطق غيرها بدول أخرى مما قد يؤدي إلى تناسل أزمات وصراعات جديدة في القارة السمراء وهي في غنى عنها.
فحسب العديد من المعلقين الدوليين، لم تنجح هذه "التخريجة" الغريبة في كبح موجة الدعم والتأييد، التي ما زال يحصدها الموقف المغربي بخصوص حل نزاع الصحراء.
كما ذهبت بعض المنابر العربية إلى الاهتمام بمجموعة من الدراسات الدولية التي عنت بقضية الصحراء، سيما الدراسة التي نشرها موقع "بروبوبليكا" الأمريكي، ومما جاء فيه، أن المغرب احتل المرتبة السادسة في مجال الإنفاق على شركات اللوبيات.
ومن الأخبار الغريبة التي روجت لها بعض منابر الجيران، أن البحرية الجزائرية أضحت قوتها تهدد الأمن في غرب حوض الأبيض المتوسط إلى درجة أصبحت إسرائيل والدول الأوروبية الغربية تعيش قلقا ملحوظا.
ويقارن المتتبعون للشؤون المغاربية هذا النبأ بخبر حصول بعض الجماعات المتطرفة في شمال إفريقيا، المنتمية لتنظيم القاعدة على بعض الأسلحة الكيماوية، لكن استعمالها ما زال مستعصيا عليها.

الإنفاق المغربي على اللوبيات العالمية

تقدم المغرب على السعودية في الإنفاق على شركات اللوبيات العاملة في مجال التأثير على أعضاء الكونغرس الأمريكي فيما بين 2007 و2008، وتجاوز الإنفاق الجزائري في هذا المضمار بثمانية أضعاف.
وأكد معدو دراسة موقع "بروبوبليكا" في تقرير تفصيلي خصّ المغرب، أن الرباط استهدفت في إنفاقها التأثير على الرأي العام الرسمي الأمريكي والعالمي وإزاء قضية الصحراء وفق ما تدعو إليه الأطروحة المغربية بخصوص نهج لحل النزاع، وذلك من خلال جلب دعم أعضاء الكونغرس وربط اتصالات بين مسؤولين مغاربة وأمريكيين وصلت 305 اتصالا في اتجاه دعم مقترح الحكم الذاتي بقيمة تفوق 3.4 ملايين دولار (ما يناهز 34 مليون درهم).
وقد اعتمدت هذه الدراسة على تحليل وثائق وزارة العدل الأمريكية الخاصة بالتقارير المرفوعة إليها من طرف شركات اللوبيات العاملة لمصلحة دول أجنبية، وقد خلصت الدراسة إلى أن من نتائج الاستفادة من خدمات التأثير على دواليب الحكم في واشنطن، تلك الرسالة الموقعة من طرف 173 عضوا من الكونغرس الأمريكي لدعم المشروع المغربي لحل نزاع الصحراء، والرسالة التي وقعها 229 عضوا في أبريل الأخير والموجهة إلى الرئيس "باراك أوباما"، إضافة إلى رسالة الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش"، المؤيدة للمقترح المغربي.
وحسب موقع:"Maghreb Politics Reviews"، تعمّد التقرير المذكور أعلاه عدم الإشارة إلى المؤسسات ذات التأثير المباشر على أعضاء الكونغرس الأمريكي، سيما غير المسجلة كشركات لوبيات، لأنها لا تتوفر على حق تقديم تقارير بهذا الخصوص لوزارة العدل الأمريكي، ومن هذه الشركات مؤسسة منتدى الدفاع "Institution du Forum de la Défense" التي عملت على تنظيم 66 زيارة لأعضاء وعملاء الكونغرس الأمريكي إلى الجزائر وتندوف فيما بين 2000 و2009.
ويشير الموقع كذلك إلى أن المغرب حصل، ابتداءا من 1975 (تاريخ انطلاق نزاع الصحراء) على خُمس (5/1) المساعدات الأمريكية المرصودة لإفريقيا، مع أكثر من مليار دولار (10 ملايير درهم) كمساعدات عسكرية. وفي سنة 2002 فاز المغرب بما نسبته 72 بالمائة من مجموع المساعدات الأمريكية المخصصة للمغرب والجزائر وتونس.

غياب المغرب من دائرة التنسيق الأمني المغاربي

في تعليق الخبير الفرنسي "إيف دوبوا" حول غياب المغرب عن اجتماعات الأمن والتنسيق لدول الساحل وتخليه المقصود عن اجتماعات التنسيق في منطقة المغرب العربي، صرّح أن الجزائر أضحت تتبوأ موقعا رائدا في مجال مكافحة الإرهاب، مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تتعاطى معها بوصفها الحليف الرئيسي في المنطقة على حساب المغرب. لذا يقول الخبير الفرنسي، تحاشى المغرب اللقاءات التنسيقية الهادفة إلى تتبع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وتغيّب عن كل الاجتماعات الأمنية السابقة في هذا المضمار.
ويرى المراقبون أن غياب القيادات العسكرية الأمنية المغربية عن جميع الاجتماعات واللقاءات الأمنية التنسيقية بين دول منطقة المغرب العربي، يرجع إلى أن الجزائر تعتبر أمر محاربة الجماعات السلفية المتطرفة يعنيها بدرجة أكبر مقارنة مع بلدان الجوار، والهدف الأساسي الذي يسعى قصر المرادية لتحقيقه ينحصر في توجيه ضربات قاسية تقصم ظهر تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي بلا رجعة، باعتبار أن بداية نشاطه انطلقت من تراب الجزائر وتوسعت إلى دول المنطقة مما دفع إلى تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
ومن المعلوم أنه بعد تفجيرات 11 شتنبر 2001، كانت واشنطن قد سارعت إلى اتخاذ الجزائر كشريك كبير في الحرب على الإرهاب. وحسب الخبير الفرنسي، "إيف دوبوا"، "رفع هذا التحول من منزلة الجزائر في نظر الأمريكيين على حساب حلفاء إقليميين آخرين، وأن الجزائر تعاطت مع الولايات المتحدة الأمريكية منذئذ، بوصفها الشريك الأكبر في الحرب الأمريكية على الإرهاب".
وقد كشفت مصادر أمنية أن قوات الجيش الجزائري على أهبة القيام بعمليات عسكرية مشتركة مع دول الساحل لمواجهة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، بتعزيز من السلاح الجوي قصد ملاحقة العناصر الإرهابية وبمشاركة قبائل الطوارق، وذلك للعمل على طرد "الإرهابيين" من المنطقة.
ففي الوقت الذي ركزت بعض الجهات على غياب المغرب من التنسيق الأمني على الصعيد المغاربي، كشف مراقبون أمنيون عن تواجد كثيف لعناصر من المخابرات المغربية بالصحراء على الحدود الموريتانية بعد حصولها على معلومات تفيد توجه عناصر من تنظيم إمارة الصحراء إلى الحدود الجزائرية المغربية والموريتانية المغربية.
في حين وافقت أركان الجيوش الخمسة وهي الجزائر، ليبيا، مالي، النيجر وموريتانيا، على السماح بالمطاردة الساخنة للجماعات الإرهابية العابرة للحدود من خلال السماح لقواتها النظامية، بمواصلة مطاردة الإرهابيين إلى خارج الحدود بعد إبلاغ الدولة المعنية، علما أن المغرب لم يشارك في الاجتماع التنسيقي الذي أقر بهذا الإجراء.


قناة "نسمة تي في" تقلق الجيران

حظيت تصريحات رئيس الوزراء الإيطالي، "سيلفيو برلسكوني"، بقناة "نسمة تي في" الفضائية باهتمام مجموعة من المنابر المغاربية. ومما أثار غضب الإعلام الجزائري، إشادة القناة بالحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء والتركيز على الفنانين الجزائريين المؤيدين للموقف المغربي وإظهارهم حاملين العلم الوطني المغربي أو ملتفين به.
ومن تصريحات "سيلفيو برلسكوني":"هناك عدة مجالات لا تريد التلفزيونات الرسمية في المغرب والجزائر وتونس ومختلف دول المغرب العربي، التطرق إليها. وقناة "نسمة تي في" بإمكانها المساعدة على إعطاء دفعة قوية للرفاه والحريات والديمقراطية في المغرب ودول المنطقة".
علما أن هذه القناة الفضائية غالبا ما لا تحشر أنفها في نقاش القضايا السياسية والملفات الساخنة والحساسة، إذ عادة ما اكتفت إلى حد الآن بالحوارات الفنية والعامة، خصوصا وأن بعض الجهات بالمنطقة تؤاخذ على قناة "نسمة تي في" والمسؤولين عليها، ومن ورائهم رئيس الوزراء الإيطالي، مساندتها غير المشروطة بالدول الموالية لإيطاليا ولأطروحاتها، وبالتالي بعدها عن التزام مبدأ الحياد في جملة من القضايا التي تهم منطقة المغرب العربي.
وفي هذا الصدد أقامت بعض المنابر الإعلامية الجزائرية الدنيا ولم تقعدها بخصوص خرائط المغرب التي تبثها القناة والتي تؤكد أن الصحراء جزء لا يتجزأ من المملكة المغربية.
ومن المعلوم أن "برلسكوني" يملك إمبراطورية "ميديا سات" و"ميديا سات بريميوم" الإعلامية الإيطالية، وقد اغتنم فرصة تواجده في استوديو قناة "نسمة تي في" ليهاجم مهربي المهاجرين غير الشرعيين نحو السواحل الجنوبية لأوروبا، حيث وصف شبكات تهريب الأشخاص بأنها تنظيمات إجرامية تتاجر بآمال البؤساء وتطلعاتهم إلى مستقبل أفضل.
وفي حوزة "سيلفيو برلسكوني" 25 بالمائة من رأسمال قناة "نسمة تي في" التونسية المنشأ، والتي قيل إنها أحدثت لـ "إعطاء دفعة قوية للحريات والديمقراطية في منطقة المغرب العربي".

#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات