أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - الخبر السيء ( قصة )















المزيد.....

الخبر السيء ( قصة )


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 2756 - 2009 / 9 / 1 - 08:52
المحور: الادب والفن
    


بعد ان نجح موسى باخراج شعبه من مصر ، وشق البحر بضربة عصا ، انطلق يدب في الصحراء ساحبا وراءه 600 الف عائلة كنت تعاني من العبودية في مصر الفرعونية ، أي ما يقارب ، أو يزيد ... عن ثلاثة ملايين شخص يدبون في صحراء ممتدة طولا وعرضا ، ولا يمكن تمييز اتجاه محدد بما كان يملكه الانسان في ذلك الوقت ، ويبدو ان الله كان غاضبا على شعبه أيضا ، الذي أنقذه من فرعون والعبودية في مصر ، الا انه فسق وابتعد عن تعاليم أبيه ، فتركه يتيه أربعين عاما عقابا على انحرافه ... وقد أفشل الله موسى وكبار القوم في معرفة الطريق ، وغرق الشعب في الرمال المتحركة ، يذهب في اتجاهات عدة ، ويعيد الكرة ليجد نفسه يدور في حلقة مفرغة . ، وبدأ التذمر والشكوى وتحميل موسى المسئولية عن العذاب الذي تجاوز عذاب العبودية في مصر الفرعونية .
كانوا يلومون موسى على اخراجهم من عبودية فرعون الى الضياع في رمال سيناء الحارقة، بلا مياه وبلا طعام وبلا مشاغل تنتج الملابس ومزارع تنبت القمح والخضار ومراعي تنج الحليب واللحوم والأجبان ..
ومع ذلك الرب لم يكن غافلا عن شدة عقابه ، ولكن طرق الرب غير مدركة للبشر ، وكما نقول في مثلنا الشعبي ، يضرب بيد ، ويلقى باليد الأخرى ، فأرسل في ساعات الشدة المن والسلوى ، وأرشد موسى لآبار المياه .ولكن لأمر عظيم غير مدرك للبشر ، لم يتسرع في ارشاده لطريق الخروج من سيناء الى الأرض الموعودة .. كانت له حكمته ، وخططه ، فاستمر الضياع في الصحراء جيلا وراء جيل ...حتى صار الرضع رجالا لا يعرفون من ارض الله الواسعة الا رمال الصحراء ..
وبمحاذاة جبل سيناء ، وبعد دعاء وابتهال من موسى وكبار القوم ، ابرقت السماء ، وضوء عظيم جعل القوم يغلقون عيونهم اتقاء لقوة اشعاعه ،وأوحى الرب لموسى أن يصعد الى قمة جبل سيناء ، ليسهل الحديث معه بدون ضجيج التائهين والغاضبين وقادة الأحزاب التي بدأت تنتظم وتضع المطالب وتنظم التمردات وتضاعف الصعوبات أمام موسى الذي اوكلت له القيادة من السماء ،اذ لا يمكن التداول في القضايا الحارقة عن أوضاع التائهين في الصحراء امامهم مباشرة ، فالحديث عن اصلاح حالهم قبل الدخول الى ارض الميعاد يحتاج الى خلوة ، والا .. لا أرض ولا ما يحزنون ، يظلون في سيناء طعاما للرمال. فلبى موسى الدعوة وصعد متكئا على عصاه لمقابلة الرب..
وعلى قمة الجبل لم يتأخر الرب.. ولم يعط لموسى حتى فرصة للراحة والتقاط انفاسه ، بادره فورا بمجموعة من القيود التي لا بد ان يفرضها على شعبه اذا اراد هذا الشعب ان يحافظ على مكانته عند الرب. كان جل الحديث عن اجراءات ربانية لا تقبل النقاش .. وقد أعطي موسى نسخة تشمل الاجراءات والقيود التي يجب اتباعها ،عندما بدأ موسى يقرأ تفاصيل الإجراءات والقيود ،اهتز جسده بشدة وانهار على الأرض ، وفورا تحرك الاسعاف الرباني في عملية انعاش سريعة ، لتحسين وضعه ليواصل مهمته .
قال موسى:
- المغفرة ثم المغفرة ..أنا أعرف شعبي – شعبك ، وخبرتهم في الضياع الذي القيته علينا.. كان عقابا لن يمحى من الذاكرة.. سنحفظه إلى أبد الآبدين ،ونجعل له اسبوعا من كل سنة ، لا نقرب الخمائر من مأكلنا ، ولكن رجائي أن تخفف عنهم لتسهل لي قيادتهم في هذه الظروف غير الإنسانية من الضياع الطويل ، فأنت القدير في كل حين على فرض عقابك وإعطاء صفحك .. أما هذه القيود التي تقترحها فهي أصعب من الضياع في سيناء..وانا أقترح ، بإصرار لمصلحة الجميع ، تخفيضها وتسميتها وصايا، على ان لا تتعدى الخمسة وصايا ، ليتصرف شعبك حسب نصوصها. ولكن لا بد من تقليل القيود...إن كثرتها مدعاة للتمرد والعقوق ، ونحن ننشد الإصلاح والتقويم ..
- الرب أصر في البداية ان تكون التقييدات أكثر شدة وأوسع نطاقا ، هذه هي طرق الرب التي لا يدركها البشر ، ولم يعترض على اقتراح تسميتها وصايا. ولكن خمسة أقل من القليل . موسى كرر رجاءه الحار مستجديا الله ان تخفض القيود ، لأن كثرتها يجعلها عديمة الفائدة ، وصعبة على الحفظ ، وتغري بالتمرد والابتعاد والعقوق ... وبالتالي سيخسر الله شعبه .. وارفق موسى رجائة بنوبة بكاء اهتز لها جسده .. فاستعد الاسعاف لجولة انعاش جديدة .. ولكن مشيئة الله كانت ان يجعل موسى يواصل القيادة حتى ابواب كنعان.
- ككانت المفاوضات صعبة جدا واستغرقت اليوم بكاملة ولم يكن من وسطاء لتليين موقف احد الجانبين .ولكن خبرة موسى العظيمة في التفاوض مع فرعون نفعته في هذا المأزق ..وقد أصر موسى بشكل جعل الملاك المناوب يتساءل كيف اختار الرب موسى موفدا لشعبه ، وهو يتجرأ على مناقشة الرب والاصرار على موقفة ؟ ولكن الرب أخرسه برمشة عين رهيبة .. فالتزم الصمت النهائي . .
- وبعد ان كاد النهار يمضي وموسى لا يكف عن الإصرار والتوسل والبكاء ، وتسوء حالته .. ثم تتحسن ،وقد اضطر الإسعاف السماوي للتدخل مرتين ، وهكذا استمر رجاء موسى وإصراره حتى استجاب الرب لطلباته مشترطا عليه إن تكون فترة تجريبية ، وأن الوصايا لن تكون أقل من عشرة وصايا لا مساومة حولها .
- وونزلت حكمته بأن يستجيب لنبي شعبه ليرفع مقامه ومنزلته بين شعبه ... وهكذا نزل موسى من الجبل وهو يحتضن لوحين من الحجر عرفا فيما بعد باسم الوصايا العشر .
- ككانت الجماهير محتشدة تنتظر على أحر من الجمر لتسمع ما انجزه لها موسى . بل وبدأت بعض المراهنات بين بعض الحشود . واختلفت الأسباط قبل ان تسمع نتائج الاتفاق..كان قادة شعب الله بأحزابهم وفرقهم المختلفة يلغطون وكلهم متخوفون من ان يقيد الله شعبهم بما لا طاقة لهم به .. فما اعتادوه ، خاصة في ضياعهم الطويل في الصحراء ، ليس من السهل تغييره ،.. وما اعوج في سيرتهم لن يصلح الا بجيل قادم اذا وصلوا الأرض الموعودة .
- ككان موسى ينزل على مهله ، بطيء الحركة نظرا لجيله ووعورة الطريق الجبلية ، وارهاقه الواضح من المفاوضات الصعبة ، وما اعتراه من انهيار جسدي كاد يودي بحياته عدة مرات ، لولا الاسعاف الرباني السريع ومشيئة الله في علاه ، وأيضا من حمله الثقيل ، اذ كان يحتضن الألواح الحجرية الثقيله ، ويرفض ان يعطيها لأحد كي يحملها ويريحه من ثقلها.
عندما وصل الى حيث يحتشد شعبه ، اعتلى تلة رملية صغيرة ، وقال بلا مقدمات :
- يا ابناء الله ، مباركون انتم باسم الرب الى يوم القيامة .. بعد مفاوضات طويلة توصلت الى أفضل ما يمكن من أجلكم . لم يكن الوصول الى اتفاق سهلا.. ولذلك أقول لكم اني جئتكم بخبرين ، اولهما خبر جيد والثاني خبر سيء. اما الخبر الجيد فهو اني استطعت ان ألغي الكثير من القيود ، وأن أنزل الوصايا من عشرات كثيرة إلى عشر وصايا فقط ...اما الخبر السيء ..
وهنا صمت موسى وأجال نظره بالجمهور شاعرا بتوتره الكبير.. ثم قال :
- الخبر السيء هو ان وصايا الرب ما زالت تشمل منع الفسق .

نبيل عودة- كاتب وناقد واعلامي – الناصرة





#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمباتيا
- الزوجة الصماء
- الدرس الأول في الفلسفة
- الجنرال يعلون ، نتنياهو بلا رتوش
- بطل من هذا الزمان
- من أجل قبلة...!
- قصة : 2 + 2 = 5
- دهر كامل في ستة أشهر!!
- قصة : أرملة ... على الشاطئ
- أرملة ... على الشاطئ
- من يريد استعادة زوج مثل هذا ؟
- كيف صار الديك استا ؟!
- هل يقود التعنت الاسرائيلي الى فرض حل دولي ؟!
- رئيس البلدية عام 48- يوسف الفاهوم-انقذ الناصرة من التشريد وا ...
- الديك الفصيح لم يعد يصيح
- حقائب الأمل... رواية يورام كاتس نص صحفي لا يرقى إلى مستوى ال ...
- وقاحة عنصرية ...!!
- يهودية وهابية في إسرائيل!!
- الحاوي صار مجرد بيبي!!
- جرأة متأخرة...ولكنها ضرورية!!


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - الخبر السيء ( قصة )