أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - الاخوان يتسلقون العملية السلمية















المزيد.....

الاخوان يتسلقون العملية السلمية


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2755 - 2009 / 8 / 31 - 12:56
المحور: القضية الفلسطينية
    


للخطاب العامر بالشعارات ، الخالي من المضامين ، الباحث دوما عن عكازات يتحايل بها على كساحه ، لتضليل البسطاء ، بحثا عن شعبية رخيصة ، مسوغات بقائه ،وسطوته على اصحابه .

فهو التعبير الصارخ عن ثقافة الاغواء السياسي ، والاتهامات الزائفة ، وتوظيف غياب المعلومة في تضليل العامة، والبعيد عن الاسس المنطقية للقراءة ،والمعفي من الحساب رغم سذاجته .

ولانه الخطاب الذي تنتجه ظواهر فقدت دورها ، لجمهور يبحث عن رؤية ناضجة ، تفسر احداثا مصيرية ، تتداخل العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة فيها ، يستحق بجدارة وصف خطاب الازمات ، دون ان يعني ذلك باي حال من الاحوال خلوه من العلل المتوارثة و المستعصية ، والمعيقة لتطوره .

فهناك فوارق كبيرة بين رؤية السياسي الذي يخوض المعارك الصعبة المحفوفة بالمخاطر ـ كما هو حال رموز الاعتدال العربي في المرحلة الراهنة ـ واللارؤية التي يتبناها المراهنون على معادلات متلاشية لا وجود لها الا في خيالات بعيدة عن الواقع.

ابرز هذه الفوارق بعد " بضم الباء "المسؤولية الذي تنطوي عليه الرؤية الاولى مع غياب البدائل التي اجتهد ما كان يوصف بمعسكر " الممانعة " في تقديمها قبل انكفائه ووقوفه على الرصيف مستثمرا مجريات المواجهة التي تخوضها قوى الاعتدال ونتائجها المحتملة بانتهازية مفرطة .


فالمواجهة السياسية التي تجري على الارض لتكريس وقائع جديدة وتجنب كوارث محتملة لها مفردات غير موجودة في قواميس اصحاب الصوت العالي الذين اعتادوا التعيش على الازمات .

والكلام غير المسؤول يبقى كلاما تائها ، فاقدا لاية وجهة ، قابلا للتوجيه في مختلف الاتجاهات ، الا الوجهة التي تنسجم مع السياقات التي جاء فيها .


ففي المعنى المجازي تمتلك اللغة الشعارية لمهاجمي رموز الاعتدال العربي ما يكفي لحل القضية الفلسطينية والقاء اليهود في المياه المحيطة بخارطة فلسطين التاريخية .

وعلى ارض الواقع ، سرعان ما تنقلب الى قوة ذاتية مدمرة ، بتقديمها مسوغات يستطيع اليمين الاسرائيلي التقاطها بسهولة ، واستثمارها حججا تبرر خطابه المأزوم .

القوة المجازية للخطاب تكمن في عمقه الاسطوري ، وانتمائه الى اوهام تعشش في العقل العربي بتجلياته القومية والاسلامية والاقليمية الضيقة ، ولا تجلب لاصحابها الا الهزائم .

فهي الامتداد التلقائي لسذاجة عبارات من نوع " تجوع يا سمك " التي سخفها الاسلام السياسي في ستينيات القرن الماضي رغم انها كانت جزء من مشروع مواجهة ويحاول اعادة انتاجها بصورة اكثر بدائية.

التقرير السياسي اللقيط الذي بحثه المكتب السياسي لجماعة الاخوان المسلمين يعد واحدا من تنويعات هذا الخطاب .

فالدلالات التي تنطوي عليها مصطلحات من نوع " الانخراط " في " المشروع " الاميركي ـ الصهيوني لا وجود لها الا في الوعي الغائب لواضعي التقرير .

وبوقفة عابرة امام هذه الدلالات تتضح قدرة المطالبين بدور في التصدي لـ "المشروع" على القراءة والتحليل والخروج بنتائج ذات قيمة .

فـ " الانخراط " مصطلح يعني الشراكة ذات الطابع الديناميكي في المشروع المشار اليه وهو عملية السلام المنشودة لحل القضية الفلسطينية .

والشراكة ليست جديدة على الاردن ، الذي كرس دورا سياسيا في الاحداث العربية والاقليمية منذ نشوئه ، ولا يمكن ان يغيب عن قضايا ، ذات صلة مباشرة ببقائه وامنه واستقراره .

بناء على هذا الفهم يمارس صانع القرار الاردني دوره الذي اخذ اشكالا مختلفة على مدى العقود الماضية واستقر منذ ما يزيد على العقدين في التحرك الدؤوب للوصول الى قيام دولة فلسطينية مستقلة .

ولقاءات الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس تصب في دعم موقفه المطالب باعادة الحياة لعملية السلام ، و الرافض لاستئناف المفاوضات قبل وقف الاستيطان وتسليم الحكومة الاسرائيلة بخيار الدولتين ، والقمم التي يعقدها مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وغيره من القادة العرب ، تاتي في سياق تصليب الموقف العربي ، من اجل الحصول على مكاسب سياسية قبل القيام باية خطوات عربية تغري حكومة اليمين الاسرائيلي بخيار السلام ، والاتصالات التي يجريها مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تتركز حول ايصال رسائل واضحة حول مخاطر اضاعة فرص السلام .

الا ان مصطلح " الانخراط " يتجاوز الشراكة بهذا المعنى ، الى شراكة من نوع اخر تتمثل في تنفيذ اجندات الاخرين على حساب اجندة ابناء جلدتنا، سواء كانوا من اللاجئين اوغير اللاجئين .

وعلاوة على سوء النوايا التي ينطوي عليها المصطلح ، وابتعاده عن الملموس من تطورات اوضاع المنطقة ، يتجاهل قسرا المعطيات التي تغذي عملية التحليل اليومي للاحداث ، وتنسجم مع متطلبات المنطق .

فالمصلحة الاردنية تكمن في الدولة الفلسطينية التي يرفضها الجانب الاسرائيلي متمثلا في حكومة اليمين المتطرف .

ومن البديهي ان يعمل الاردن من اجل مصلحته وليس مصالح الاخرين التي تتعارض مع هذه المصلحة الامر الذي يعني ان لا مكان له في المشروع الذي يتحدث عنه التقرير اذا كان هذا المشروع موجودا اصلا .

هلامية مصطلح " المشروع " الامريكي ـ الصهيوني المستخدم في التقرير العتيد لم تبتعد عن عبثية مصطلح الانخراط .

فالمعروف لمبتدئي قراءة دلالات المشهد السياسي ، والذين لم يتجاوزوا ابجديات متابعة التطورات ان هناك تباينا كبيرا بين وجهتي نظر الادارتين الاميركية والاسرائيلية وصل الى حد تلويح سيد البيت الابيض بوقف الالتزامات المالية التي تدفع للجانب الاسرائيلي في حال اصرار حكومة نتنياهو على مواصلة الاستيطان .

والجولات التي يقوم بها المبعوث الاميركي جورج ميتشل في المنطقة تتركز حول اقناع الجانب الاسرائيلي بوقف اعمال الاستيطان ومصادرة الاراضي .

كما جاءت فكرة الخطوات التطبيعية مع اسرائيل التي طرحها الرئيس باراك اوباما لاقناع الجانب الاسرائيلي باتخاذ خطوات تتيح استئناف عملية السلام على اساس اقامة الدولتين في اطار محاولة للتقريب بين الرؤيتين الاميركية والاسرائيلية لعملية السلام .

فهناك موقف اميركي يدفع باتجاه التوصل لاتفاق ، قد ينجح في مسعاه ، وقد يفشل الجانب الاسرائيلي هذا المسعى بتعنته وتهربه مستندا الى ادواته في مؤسسات صناعة القرار الاميركية.

وفي المقابل يضع الموقف الاسرائيلي غير المتجانس في تفاصيله العصي في دواليب المصالح الاميركية في المنطقة التي تقوم على ايجاد تسوية تفضي لقيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل .

الا ان الخيال السياسي لواضعي تقرير جماعة الاخوان المسلمين كان واسعا الى حد جمع الطرفين الاميركي والاسرائيلي في مشروع واحد وعدم الالتفات الى الاصطفافات الداخلية الاسرائيلية وتفاعلات القوى المؤثرة على صناعة القرار في الولايات المتحدة .

وفي سبيل هذا الجمع لا باس من تجاهل الحقائق التي لا تغيب عن رجل الشارع ـ غير الناشط سياسيا ـ الذي يعتمد في متابعاته اليومية على الصحف والاذاعات والفضائيات ولا يمتلك قنوات معلومات خاصة .

سذاجة الرؤية الاخوانية التي انعكست في الخطاب الذي تنصل منه قادة اجنحة الجماعة سوغت اسقاط احكام مشابهة على مؤتمر حركة فتح السادس الذي عقد في بيت لحم للملمة صفوف الفصيل صاحب الريادة في اطلاق فكرة الوطنية الفلسطينية والكفاح المسلح وتوفير ادبيات الصمود وثقافة المقاومة والذي بقي طوال عمر الثورة الفلسطينية المعاصرة عامودها الفقري وما زال يبتدع اساليب الصمود والمقاومة السلمية .

فالخلاصة التي انتهى اليها التقرير في الجانب المتعلق بمؤتمر الحركة تنحصر في احكام " الكيان الصهيوني " قبضته على " شرعية " القيادة الفلسطينية لمجرد انعدام رضا الاسلام السياسي الفلسطيني عن افرازات المؤتمر .

والواضح ان الذين وضعوا التقرير اعتادوا على الاكتفاء برؤية الشجرة وتجاهل الغابة .

فلم يتوقف اليمين الاسرائيلي المتطرف بعد عن مهاجمة مقررات المؤتمر الذي تمسك بالثوابت السياسية الفلسطينية ومن بينها خيار السلام الى جانب ابقائه على جميع خيارات المقاومة .

الا ان هذا الجانب من تقرير الاخوان لم يخل من خروج حميد عن سياقات منطق الاسلام السياسي المتعلق بالقضية الفلسطينية .

فقد جاء الاعتراف بشرعية القيادة الفلسطينية اقرب ما يكون الى زلة لسان او خطأ في التعبير .

ويلقي الانحياز لرؤية حماس المتعلقة بالوضع الداخلي الفلسطيني قدرا لا باس به من الريبة على مطالبة الاخوان المسلمين باستلام قيادة مشروع مواجهة خطر " المشروع " الاسرائيلي ـ الغربي كما جاء في التقرير .

فالتجربة التي كرستها حماس في غزة لا تلقى ارتياحا لدى الشارع المتعاطف مع الجياع والمحاصرين في القطاع .

وابرز ما يثير الارتياب صعود الحركة الى السلطة عبر الانتخابات ورفضها العودة الى الصناديق للخروج من الازمة الداخلية الفلسطينية الراهنة الامر الذي يدفع العقلاء للتفكير طويلا قبل التسليم بالرغبة الاخوانية .

خطورة المراحل المقبلة على الاردن لا تبرر تسليم زمام المبادرة للاسلام السياسي حتى لو كان الكتلة السياسية الاكثر تنظيما و " الاكبر " على حد ما جاء في التقرير، فالصراع ذو طبيعة تملي تصدر القوى صاحبة المنهج العلمي والمراس السياسي والقادرة على ادارة المواجهة .

ظهور مثل هذا الخطاب الاخواني بهذه الطريقة لا تتحمل مسؤوليته الجماعة وحدها ، فهناك ايضا مسؤولية تقع على عاتق القوى الديمقراطية والوطنية ، التي تركت الساحة فارغة امام الاطروحات الساذجة ، والمثقف العلماني والديمقراطي الذي فقد دوره التنويري وانتهى الى مردد للشعارات الفارغة ، وهو المعني بعقلنة وترشيد التفكير السياسي .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشارف الحسم الفلسطيني
- مفاتيح جديدة لقراءة المرحلة المقبلة
- فتح تستعيد زمام المبادرة
- سلام الخريف !!
- تغريبة القدومي تعري الاعلام العربي
- قلق التسوية
- فوبيا سحب الجنسية
- الارتدادات العربية للمأزق الايراني
- متاهة الوطن البديل
- سباق شرق اوسطي في المتاهة الاميركية !!
- اوباما في دائرة الشك العربي
- معادلات جديدة ... لمرحلة مختلفة
- موسم الهجرة الى واشنطن
- قمة -العوالم- العربية
- مصالحات الوقت الضائع
- بوابة السلام الاقتصادي
- تسونامي الغموض الاميركي
- قبل اطلاق رصاصة الرحمة على خيار الدولتين
- سلام مشوه ... وازمات برسم التصدير
- ايران تخطف القطار الفلسطيني


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - الاخوان يتسلقون العملية السلمية