|
وجوه في المدن الغريبة
فرات إسبر
الحوار المتمدن-العدد: 838 - 2004 / 5 / 18 - 04:29
المحور:
الادب والفن
نسمات البحر ، صوت القلب، وقع خطى الأحزان في النفس العليلة وأنت تودع من أحببت ، الأشياء ،الذكريات ،الأمطار ، الشخوص التي حفرتها في أخاديد قلبك، وفي أضواء عينيك التي تنطفئ وأنت تغادر مودعاً. ثمة ما يشطرك شطرين ، صوب القلب ،صوب العين، وأنت مشدود باندهاش الحالم ، الغريق ، التائه ، المسافر ، صوب المدن الغريبة ، في خطواتك نار و أنين ، في عينيك إشارات مرور وأمطار، وموت يجلس في محطات انتظار حلمت بها ، وغادرت إليها حاملا قلبك حقيبة سفر مفتوحة على عالم يموت بين يديك وتحييه في الذكرى التي لا تموت ،وأنت ترتبها في حقائب قلبك . وجهك يا أمي يتبعني كما الريح ، يصفر بي ، في غربة وضياع ، يا ابنتي : إلى أين قادك الحب وإلى أي مصير ، صوتك يا أمي في حقيبة القلب المسافر كلما فتحتها ، تنهضين صوت وصورة وقيثارة من حنين ، ترددُ لي ألحانا في طريق طويل، ودمعتك هي المطر الذي لا ينام ينقر شباكي وبابي و يسهر مع قنديل الحنان. وكنا على موعد أنا وأنت ، وتعرفين ، كم أنا في ألم إليك ، وكم بي من نزعات الشوق إلى محيط حضنك العارم بالحنين ، ولكن عليً أنا المسافرة في المدن الغريبة كريح تضرب في كل مكان تائهةً لا تعرف لروحها فسحة المكان . اصفري أيتها الريح الملعونة يا روحي ، يا ضجيج الخلق المسكون بيّ ، عربد كليلٍِ سكرانٍ لم يبق في الحانات أي خمر ، ولم يترك أي جنون . اتبعني أيها الحنين ، يا معتوها ، لا يخون ،ولا ينام ، يسكنُ في حانة البدن ولا يغادرها ، من جحيم إلى جحيم . علينا أن نرتب حياتنا ، كما نرتب الحقائب.في الحقائب ترتب أشيائك ، وذاتك التي لا تعرفها ،في عالم غير معروف ، تجهل فيه الأسماء ، والمعاني ، والوجوه ، الوجوه العابرة ، التي لا تراك، وأنت تتخيل ذاتك شبيهاً بها ، ترى وجه أحبابك ، وجه طرقاتك، وجوه النساء التي أحببت ، ووجوه النساء التي بها حلمت ، ترى فيها ما كنت لا تراه . في المدن الغريبة ، سأنسى هذا الهاجس اللعين ، سأرميه في قبور أجدادي ، وانشر رماده في انهار النسيان . لماذا دائما نعود إلى البيوت ، في كل رحلة ،الرحالة يعودون ، كما العنكبوت يحوك خيوط إسراره من حرير واهي ، هكذا الأوطان بيت عنكبوت ،أيّا بيت العنكبوت اعطني بيتك ’ عندي رغبات كثيرة لا ادري أين أفرشها . الحنين يشتعل ، في الجسد جمرات نارهُ، وصب الهجران زيته ، يوقدها ، في أيام الحنين والشوق ، دفئاً إلى بلاد ، غرقت فيها سفن الحب ، وتمزقت الصواري ، ريح البحر حمقاء لا ترحم ، وعشاقها على ميناء مهجور ، يغزلون الألم في زبد البحر ويلقونهُ بعيداً في مده وجزره ، قد يأخذه ، أو لا يأخذه ، ولكن ثمة موج ُ ، يصارع نفسه ، كما نفسي ،وثمة ريح تعوي كما أنين قلبي ، خسارتي ، ليست في حياتي ، وإنما خسارتي في وجودي ، أضرب أيها الهادر بي ، يا وجعاً لا يرحم ، إلى حيرة لا تنتهي إلى طريق مازال في المبتدأ ، يا سفراً أعيته ُ الحيلةُ ، يا أكثر من دهشةٍ ،وأكثر من أرق ، ويا ضباباً لم يترك للرؤية مكانا .
#فرات_إسبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في دفتر الزمن
-
القداسة المستباحة-نص شعري
-
هي التي أخذت كل شئ- شعر
-
مجرات الحنين
-
أبيض ……أسود
-
مثل الماء لا يمكن كسرها
-
ضمائر
-
في الوجه المقابل حديقة نائمة على الألم
-
شيء ما يشبه البكاء
-
طائر الحواس
-
رسائل لم يستلمها…. أحد
-
الشعر كائن حيًُ ليس له أرض - غربة أخرى- للشاعر محمد جابر الن
...
-
المرأة التي تسكنّني في عباءة من غيم أزرق
-
العابر
-
تشكيل
-
رجل…… وامرأة
-
امرأة الجهات الأربع
-
شرقيات
-
الرقص على أنغام عربية
-
امرأة متصوفة
المزيد.....
-
وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على
...
-
البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل
...
-
الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب
...
-
كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي
...
-
وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
-
-نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال
...
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|