أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد البابلي - بغض الجنس البشري ( كوكب الذباب ) .. توليستوي يقدم الأدلة















المزيد.....

بغض الجنس البشري ( كوكب الذباب ) .. توليستوي يقدم الأدلة


عماد البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 2753 - 2009 / 8 / 29 - 07:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(( إنه لا يوجد منطق في أن نخلق المرض لكي نتعالج منه، أو أن نـسقط في البئر لكي نناضل للخروج منها .. وليست حياة الإنسان في كلِّ أساليبها ومـستوياتها سوى سـقوط في البئر ثم محاولـــة الخروج منها ))
عبدالله القصيمي

القصيمي كان بارعا في وصف العبث البشري ، العبث الذي يبدو كأزمة كونية أصابت هذا الجنس منذ خلقه أو منذ تطوره من قرد ما على أحد الأشجار .. توليستوي في هذه الكقالة سيثبت لنا كيف أن حتى القردة ترانا كأسراب ذباب خائف يطير هنا وهناك دون هدف .. في علم الاجتماع الحيوي هناك مصطلح أود التكلم به في هذه المقال الآن ، المصطلح هو Misanthropic ( الكاره للجنس البشري )
هذه الكلمة مأخوذة من اللغة اليونانية، وهي مركبة من البادئة mis بمعنى سيء وخطأ والجذر anthropos بمعني الإنسان أو الجنس البشري ، يعني وفق القاموس الأميركي للعلوم الاجتماعية ( مبغض البشر ) ، هذه الصفة البشرية ليست محصورة بفرد غير سوي من الناحية النفسية لكنها تشمل أفراد أسوياء جدا لحد التفوق ويكون البغض البشري بدافع الشعور بالعزلة والاغتراب !! وغالبا ما تصاحبها الكوميديا والعبارات المبهمة أثر نزعات روحية خاصة والانغلاق نحو عالم داخلي كمهرب من كومة الحماقات التي تملأ كوكب الأرض .. بغض الجنس البشري غالبا ما تكون تلك الصفة تستهدف الجنس البشري ككيان واحد لا بغض فئة معينة دون أخرى وبالتالي اعتبارها أذا كانت موجهة نحو فرد أو مجموعة أفراد عقدة نفسية أو لاحقة لاضطراب نفسي واضح المعالم .. أنا بصفة شخصية أحمل هذه الصفة !!! مع الكثير ممن قرأت لهم كانوا يحملون نفس الصفة تقريبا وربما أكثر !! كرهي للجنس البشري جاء من ملاحظات شخصية أدونها في عقلي الباطن كرؤى ، فالبشر ليسوا إلا كومة من عار علقت على جبين هذا الكوكب !! الإبادة الجماعية ، تجارة الجنس ، بيع الأطفال ، الاستغلال ، المجاعة ، الحروب وغيرها مظاهر كانت تصيبني بالأرق اليومي ، الأرق اليومي كان من يوميات يسوع ومن يوميات النبي محمد في أول أيامه وسبينزوا وفان كوخ وغيرهم الكثير من نجوم البشرية الذي حولوا الأرق لشيء رائع .. وهنا أود أن أركز على أديب العالم وأديب روسيا الأكبر ( توليستوي ) الذي كان واضحا في كتاباته على الرغم من نزعة الإنسانية التي تترافق مع أفكاره .. نختار هنا مقتطف من مؤلف قصير لهذا الأديب العظيم أسمه ( الكائنات المدهشة ) ونرى بوضوح هذه النزعة في مؤلفه هذا ..

كائنات مُدهِشة
((( توجد في الدنيا كائنات تعتاش على نتاج الأرض لكنها، لكي تعتاش بأصعب السُّبُل الممكنة، قامت بتقسيم الأرض بطريقة، بحيث تستطيع الانتفاع منها فقط الكائنات التي لا تعمل فيها، أما التي تعمل فلا يمكنها الانتفاع منها، وتعاني وتموت، جيلاً بعد جيل، بسبب عدم قدرتها على الاعتياش من الأرض. وعدا عن ذلك، تنتخب هذه الكائنات أشخاصاً من عائلة واحدة، أو من بضع عائلات، وتتخلّى عن إرادتها وعقلها مقابل خضوعٍ عبوديٍّ لكلِّ ما يرغب هؤلاء المنتَخَبين ممارسته عليها. أما المنتخبون فيكونون الأشرّ والأغبى بين الجميع، لكنّ الكائنات، المنتخِبة والخانعة، تثني عليهم بشتى الطرق.
هذه الكائنات تتكلّم لغاتٍ مختلفةً، غير مفهومة لبعضها بعضاً، لكنها، بدلاً من محاولة التخلّص من سبب الخلافات والخصومات هذا، تضاعف تقسيم نفسها، بغضّ النظر عن اختلاف ألسنتها، إلى اتِّحاداتٍ مختلفةٍ تسمّى دولاً، وبسبب هذه الاتِّحادات تقتل آلافاً مؤلَّفةً من مثيلاتها، وتغزو بعضها بعضاً. ولكي تستطيع أن تغزو وتقتل بعضها بعضاً أكثر، ترتدي هذه الكائنات ملابسَ موحَّدة خاصّة، موشّاة غالباً، وتبتكر وسائل لقتل بعضها بعضاً، وتُدرِّب الكثير من الكائنات المجنَّدة على أفضل طرق القتل.
لكنها، فضلاً عن أنها تعمل كل هذه القباحات والحماقات وتعاني من جرّائها، وتعلم أنها تعاني بالتحديد من جرّاء هذه القباحات والحماقات، فهي لا تواصل القيام بها فحسب بل تختار من بينها أناساً لابتداع الأفكار التي ينتج بموجبها أنّ هذه القباحات والحماقات كلها لا بدّ من القيام بها، وأنّ من المستحيل عدم القيام بها. هذه الأفكار كلها، الأكثر إبهاماً وغير المفهومة لأحد، تُسمّى لديهم علوماً. وكلّ مُبرِّرات القبح والحماقة هذه، والبدع الفكرية المختلفة وغير اللازمة لشيء، تعدُّ الأمر الأكثر أهميـةً، ويتمّ تعليم هذه البـدع الفكريـة لجميع الأطفـال، والأهل كلهم والفتيان أنفسهم يُجلّون دراسة هذه العلوم إجلالاً عظيماً.
تتناسل هذه الكائنات عن طريق سلوكٍ قذرٍ مقرفٍ قبيحٍ، بحيث أنها ذاتها تخجل من هذا السلوك، ولا تمارسه أمام الآخرين بل تمارسه دائماً في الخفاء. وتكون نتيجة هذا السلوك ولادة كائنات جديدة تشبهها، ولا تكون هذه الولادة مؤلمة فحسب للكائنات التي تخرج من رحمها الكائنات الجديدة العاجزة في بداية حياتها، بل تكون بالغة الصعوبة بالنسبة للكائنات التي تنجبها. عدا عن أنّ التناسل المستمر لهذه الكائنات يُهدِّد بويلات الجوع للجميع، حيث إنّ تكاثرها يسير أسرع مما يستطيع الناس تحضيره من الطعام للجميع. هذه الكائنات تعلم هذا كله، وتتحدث عنه، ورغم ذلك لا تمارس هذا السلوك المقرف، الذي يؤذي مصلحتها وصحتها ويناقض الاعتبارات العامة، كلما استطاعت إليه سبيلاً فحسب، بل وتمجّده بشتى الطرق؛ فبعض الكائنات تمتدحه بكلماتٍ مبهمة غير مترابطة، يسمّى الشعر، وبعضها لا تمتدحه فقط بل وتبارك هذا السلوك الرذيل باسم الله.
لن أتحدث عن ملايين الحماقات والقباحات التي تقوم بها هذه الكائنات. إنها تُسمِّم أنفسها بالسمّ معتبرةً إياه رفاهية؛ حيث تتجمّع في أكثر الأماكن سمّيةً، وقد سممتها هي، بأعدادٍ كبيرة في مساحاتٍ هائلةٍ غير مأهولةٍ من الأرض، وتبني في مكانٍ واحدٍ منازلَ من ثلاثين طابقاً، أو أنها لا تهتم بكيفية تنقّلها جميعها بصورةٍ أفضل، بل تهتمّ فقط بكيفية سفر وطيران البعض منها بأسرع ما يمكن؛ أو تختار الكلمات بحيث تكون نهاياتها متماثلة، وتُركِّبها معاً، وتفتتن بهذا الاستخدام للكلمات بعد ذلك، مسمّيةً إياها "أشعاراً"، أو تختار كلماتٍ أخرى دون قافية لكنها كذلك غبية وغير مفهومة وتسميها "قوانينَ"، وبسبب هذه الكلمات تُعذِّب وتسجن وتقتل بعضها بعضاً بشتى السبل بموجب تلك القوانين: لا يمكن إحصاء كل شيء.
أما الأكثر إثارةً للدهشة فهو أنّ هذه الكائنات ليست فقط لا ترعوي، ولا تستخدم عقولها لكي تفهم ما هو أحمق وقبيح، بل على العكس، تستخدم عقولها لكي تبرِّر حماقاتها وقباحاتها. فضلاً عن أنها لا تريد رؤية الحماقات والقباحات التي تُعذِّبها، ولا تسمح لأحد من بينها أن يشير إلى أنها لا يجب أن تفعل ما تفعله، وإلى كيف يمكن ويجب القيام بشيء آخر، وألا تتعذَّب على هذا النحو. إذ يكفي ظهور كائن كهذا، يستخدم عقله، بينها حتى تشعر بالغضب والاستياء والخوف، فتقوم بشتم وضرب هذا الكائن أينما وكيفما كان، أو تقوم بتعليقه على المشنقة أو صلبه أو حرقه أو إطلاق النار عليه. والأكثر غرابةً هو أنها عندما تشنق أو تقتل هذا الكائن العاقل بين عديمي العقل، ولا يعود يزعجها، تبدأ شيئاً فشيئاً بنسيان ما قاله هذا الكائن العاقل، وتبدأ بابتداع ما بدا أنّ هذا الكائن العاقل قد قاله، مع أنه لم يقله قط.
هذه الكائنات المدهشة؛ هذه الكائنات تدعى البشر. )))

المصادر ..
- الأثنولوجيا الطبية / مقالة مقتطعة من الويب / سميرة أحمد
- توليستوي ، مختارات من كتاباته الفكرية والفلسفية ، ترجمة هفال يوسف
- مقابلة شخصية مع الدكتور الحارث عبد الحميد قبل 4 سنوات



#عماد_البابلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديانة الويكا .. ثم مقاربة رائعة مع فلسفة بن عربي والديانة ال ...
- الثيوقراطية العاجزة .. تقييم لحكومة الكهنة
- حوار مع سيدة تعشق الملائكة !! .. قصائد
- حيوانات وبشر و.. أشباه بشر !! .. رسالة في الأنثروبولجيا
- مفهوم ال Gender .. الهورمونات الأنثوية التي صرخت : لا !!!
- رئيس الملائكة ميخائيل يتحدث ؟؟ .. حكاية مزرعة القطط !!
- فرجينيا وولف .. تفاصيل جنسية وتحليل نفسي
- أوراق حب ل ( غايا ) .. قصائد
- ما لم يذكره سلمان رشدي في روايته .. المقال الأبيض !!!
- ما لم يذكره سلمان رشدي في روايته .. الأيات الرحمانية !!!
- الجنس في الجنة .. رؤية أنجيلية
- زواج سعيد على طريقة ماركس .. ما بعد ذئاب التخمة وعناكب الأني ...
- مختارات ضوئية من ماقاله القصيمي !! شاي الساعة الخامسة الرائع
- البخاري والكليني .. حكايات عن الدمى التي صنعت من القش
- من تقويم العار الشرقي .. حين تبيع أم أبنتها !!
- العلاقة بين أردوغان والثعلب ريكس !!!!
- حابل ونابل المجتمع العربي .. صوفيا المريخ تصبح مربية أجيال ! ...
- ( شيلان ) قصائد لأميرة كردية
- ثرموداينمك ألف ليلة وليلة .. هارون الرشيد يعيش للأبد !!!!
- علي بابا الذي سرق ملحمة كلكامش ..


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد البابلي - بغض الجنس البشري ( كوكب الذباب ) .. توليستوي يقدم الأدلة