أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بهجت عباس - حدث في بغداد ...حدث في لندن














المزيد.....

حدث في بغداد ...حدث في لندن


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2752 - 2009 / 8 / 28 - 07:28
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في مقاله الحزين الغاضب ، وله الحق كله ، المنشور في صوت العراق في 26 آب تحت عنوان (قذرون و أنذال هؤلاء العراقيين الجدد ..) يذكر الأستاذ مهدي قاسم:
"أفاد أحد المصابين في تفجيرات يوم الأربعاء لإحدى الفضائيات بأنه أضطر أن يدفع خمسة وعشرين ألف دينارا للمسعفين كرشوة لتوصيله إلى المستشفى بسيارة الإسعاف ، غير إن الأمر لم ينته عند هذا الحد ، إذ وجد نفسه مضطربا أن يدفع في المستشفى أيضا مبلغا من المال بغية الاهتمام به و إسعافه .."
حدث هذا في أرض الأنبياء والشمس والقمر. أما ما حدث في بلاد الكفر والضباب والمطر ، فيختلف تماماً . وما سأذكره الآن قد يقول بعض من يقرأها إنها حادثة فردية! هي ليس كذلك بل إنها حدثت وتحدث كثيراً ، كما أعتقد ، وهذه تجربتي الشخصية أسردها دون رتوش . ذلك في رحلتي الأخيرة إلى لندن ، سكنت في شرقها وفي منطقة تدعى كناري وارف تقع على نهر التايمس . كنت أخرج لرياضة المشي بعد كل وجبة طعام بساعة لحرق السكر ولجعله بمستوى طبيعي في الدم ، لأني لا أستعمل أي دواء لمرض السكر الذي ابتليت به ، فحافظت على هذا المستوى خلال التسع سنوات المنصرمة. وعندما أذهب خارج كندا أمارس هذه الرياضة طبعاً . هذه المرة ، في لندن وفي شرقها كان لي عادة طريقان للمشي ، أحدهما على كورنيش نهر التايمس الذي لا يسلكه إلا بعض هواة المشي والهرولة ، وهم قلة ، إلى نهايته التي تتطلب أربعين دقيقة وهي حدود مدينة كرينيتش Greenwich الشهيرة بساعاتها وتوقيت بريطانيا عليها ، والتي تصلها خلال نفق طويل تحت التايمس . والطريق الثاني هو مانجستر رود الموازي للكورنيش والتي تسير علية الباصات العامة والسيارات والمارة . يربط بين هذين الطريقين شوارع فرعية. حدث هذا قبل خمسة أسابيع تماماً ، عندما خرجت من الشقة ذلك الوقت وكان مساءً أردت أن أسلك شارع مانجستر رود ، ولكنَّ (هاجساً) فيّ أوحى لي أن أسير في الكورنيش مدة عشر دقائق وبعدها ، عند وصولي المطعم الهندي ، الذي يقع في ركن شارع فرعي ، أسلك ذلك الشارع الفرعيّ إلى مانجستر رود وأكمل السير فيه. عندما وصلت هذا الركن قلت في نفسي : دعني أواصل السير في الكورنيش خمس دقائق أخرى قبل أن أحوّل اتجاه مسيرتي . إنه القدر! توجد في الغيب أشياء لا يستطيع العقل تفسيرها . لماذا غيّرت فكري وأردت مواصلة السير في الكورنيش بضعة أمتار لأعثر بصخرة ناتئة وأسقط على وجهي سقوطاً لا رحمة فيه حيث تفجر الدم من جبهتي ! ولكن القدر كان من جانبي أيضاً ، حيث كان في أحد أركان الكورنيش أربعة فتيان تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والثامنة عشرة يتحادثون فيما بينهم ، ولما رأوني سقطت أتوا إليّ مسرعين ، ساعدني أحدهم على النهوض وسألني Are you OK? ، أجبته أنا بخير ولكني أنزف ، فأسرع آخر إلى المطعم وأتي بمناشف ورقية وضعتها على جرحي فامتلأت دماً فأتى بأخرى . اتصل واحد منهم بالإسعاف وآخر ساعدني للاتصال بزوجتي وابنتي اللتين أتيتا مسرعتين . وصل الإسعاف الأولي paramedic في مدة 15 دقيقة تقريباً بمضمديْن اثنين . فحصا الجرح وضمداه ، وفحصا السكر وضغط الدم والعينين والإذنين وغير ذلك وأخذا يتحدثان معي بلطف ودماثة أخلاق وكان الشبان الأربعة حاضرين وبعض الناس المارَّة إلى أن أتت سيارة الإسعاف بسائق ومضمد أخذاني وزوجتي وابنتي في السيارة إلى المستشفى التي وصلناها خلال ازدحام لندن الرهيب . وخلال فترة السياقة كان المضمد يتحدث إليّ ، ولما عرف أني من العراق ، قال إن حضارتكم (العراقية) أقدم من حضارتنا (البريطانية) ، فكتمت ابتسامة سخرية وأنا أتذكّر الفوضى والفرهود الذي لم يُسبق له مثيل . في المستشفى فحصني الطبيب وأخبرني أنه سيتصل بالجراح المختص ليأتي ويعالج الجرح. بعد ساعة أتى الجراح ، وكان طبيباً شاباً لطيفاً عالج الجرح وخيّطه ستة خيوط وقال لي بأنْ آتي إليه بعد أربعة أيام للفحص. ولما أخبرته بأني عائد إلى كندا بعد ثلاثة أيام ، قال لا مشكلة في ذلك إذ أن طبيبك هناك سيزيل الخيوط بعد أسبوع. أعطاني مرهماً وتقريراً إلى الطبيب الكندي وودعني بابتسامة . كم دفعت من مبالغ لقاء هذه الخدمات الجليلة ؟ لا شيء !! كنت زائراً ، ولم أكن مقيماً في بريطانيا وليس لي ضمان صحي أو تأمين من أيّ شركة ، ولكنهم لا يأخذون أيّ مبلغ من أي شخص يزورهم ويصاب نتيجة حادث طارئ . هو القانون المبنيّ على احترام الإنسان ، وهذا لا يعني القول إنَّ الخدمات الصحيّة للمواطنين العاديين في بريطانيا هي جيدة وبمستوى عال ، بل فيها تصدّع وتدهور ، إلاّ إذا كان للمواطن تأمين صحي غالٍ. والفتيان الأربعة النبلاء ، الذين ساعدوني من كل قلوبهم ، وحاولوا بكل الطرق أنْ يخففوا عني الآلام ، هل أستطيع أنْ أكرههم لأنهم إنكليز أو نصارى أو يهود أو لادينيون ؟ وهل أحترم ذلك الخسيس الحقير الذي ذكره الأستاذ مهدي قاسم في مقاله والذي طلب 25 ألف دينار ليسعف أخاه في الدين والوطن ، إنْ كان ثمة أخوّة ، وينقله إلى المستشفى ، وإن لم يدفع ، فسيتركه يعاني من الألم قبل أن يموت ، وهو يعلم أنه ضحية تفجير إرهابي مجرم ؟ هل أحترمه أو أحبّه أو أفضّله على أجنبيّ يقدّم مساعدة خالصة من صميم قلبه لإنقاذ شخص ليس من بلده أو عرقه أو دينه دون ثمن ، لمجرَّد أنه عراقي و مسلم ؟
يقول المتنبي
وكلّ امرئ يولي الجميل مُحَبّبٌ **وكل مكان يُنبتُ




#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة في جينوم السَّرطان
- النّاسك - للشاعر الألماني يوزيف فون آيْشِنْدُورْف (1788-1857 ...
- عندما كنتُ صبيّاً - للشاعر الألماني هولدرلين
- هل يجب أن يعود الصّباح دوماً ؟ للشاعر الألماني نوفاليس
- نظرة إلى الوراء - كْلِيمَنس فون بْرَنْتانو (1778 - 1842)
- هل للعنف جين ؟
- تقسيم الأرض - للشاعر الألماني فريدريش شيلر (1759 - 1805)
- رحلة حياة - للشاعر الألماني هاينريش هاينه (1797-1856)
- المرثية الثانية - راينر ماريا ريلكه (1875-1926)
- في نزهة - للشاعر الألماني إدوارد موريكه - ترجمة بهجت عباس
- في الغربة - هاينريش هاينه
- هل الليلة كالبارحة أم السّماء كالحة! تجربتي مع الجامعة المست ...
- كيف تفسِّر الجامعة المستنصرية الوثائق والنصوص؟
- أربعة أيام في بغداد
- خميرة تُديم السرطان ولكنّها قد تطيل العمر
- بؤس الكاتب العربي
- مرض القولون الكيسي
- من الأساطير القديمة ما يومئ - للشاعر الألماني هاينريش هاينه
- إلى الخريف - وليم بْلَيْكْ
- تسيلان وهايْدَغَرْ - قصة وقصيدة تودناوْبَرْغ


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بهجت عباس - حدث في بغداد ...حدث في لندن