أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - كيف يقرأ هؤلاء؟














المزيد.....

كيف يقرأ هؤلاء؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2753 - 2009 / 8 / 29 - 07:26
المحور: المجتمع المدني
    


سؤالٌ يراودُني كلما طالعتُ بعضَ تعليقاتٍ عجائبية حول مقالاتي ومقالات الزملاء. يعلو وجهي الاندهاشُ حينًا، والابتسامُ أحيانًا، ثم الحَزَنُ. تتكلمُ في مقالك عن الآية الكريمة "والفتنةُ أشدُّ من القتل"، من حيث أن لها تفسيرًا شعبيًّا مغلوطًا، لكنه المستقرُّ في بعض الأذهان، فتقول: "لم تُفهمنا المعلمةُ وقتَها أن "الفتنةَ" لا تعنى "الوشاية بالآخر"، بل الشِّركَ بالله وإفشاءَ الفتنة في الأرض." فيخرج عليكَ أحدهم، مُتخفيًّا وراء اسم زائف هو " ممممممش"(!)، ويردُّ بكلٍّ صَلفٍ وثِقة وسؤدد وغطرسة قائلاً: "الفتنة فى الآية يقصد بها الكفر او الشرك وليس الوشاية فرجاء التحقق قبل الاسقاط على اللآيات وعمل مقالاتكاملة." هذا نص تعليقه، وتعمَّدتُ نقلَه حَرفيًّا لتكتشفوا معي كيف أن حرصَه على الهجوم ألهاه عن أمرين: أولا إكمال قراءة المقال؛ ليعرفَ أنني سبقتُه في طرح التفسير الصحيح للآية، ثم ألهاه عن تدقيق تعليقه لغويًّا فخرجَ هكذا ركيكًا مليئًا بأخطاء الإملاء، طبعًا سأفترضُ أن الخطأ من العجلة وليس عن جهل بالعربية! وفي نهاية التعليق لن ينسى أن يسُبَّني لأنني لا أضعُ الحجابَ، ذاهبًا إلى أن عدم وضعي الحجاب وراء عدم فهمي الآية! انظروا كمَّ الأخطاء المركبة التي ارتكبها في حقِّ نفسه وحقِّ الإسلام والوجود والصدق واللغة وحقّي؛ فكان مثالاً نموذجًا لظلم الإنسان لأخيه الإنسان. ما كان أسهل أن يقرأ المقال جيدًا ببساطة ليتجنب إيقاع نفسه في كل تلك السقطات.
لا يختلف هذا عن آخر ممن يتخفون وراء اسم مستعار، كعادة مَن يودون اقتناص الآخر غدرًا من وراء قناع شأن اللصوص. هذا الآخرُ وهبَ عمرَه لمهاجمتي وسُبابي لسبب في نفسه! أكتبُ عن عدم جواز قطع الأشجار، فيتهمني، عبرَ لغة ضحلة زاخرة بأخطاء النحو والصرف والإملاء، بالعِمالة لصالح الغرب! أكتبُ عن حكومة سويسرا التي تقترع آراء المواطنين في كلِّ صغيرة وكبيرة تخص البلاد، راجيةً أن تنهج حكومتُنا هذا النهج، فيتهمني بالعلمانية (كأنها تهمة)! أكتبُ عن حقوق المرأة فيرميني بالإلحاد! وفي مقالي السابق قلتُ نصًّا: "شاهدتُ شيخًا بلِحيةٍ يفتحُ نافذةَ سيارته، ليلقىَ في الطريق الدائريّ كيسَ قمامة/ ..../ وكأن النظافةَ ليست من الإيمان! وكأن الإيمانَ هو إطلاقُ اللحية وتحجيبُ البنات، ثم إفسادٌ في الأرض!" فيرميني صاحبُنا "المتنمِّرُ" بمهاجمة الحجاب واللحية والورع والتقوى! كيف لم يفطن إلى أنني إنما أضنُّ على اللحية أن تُخطئ، حيث ينبغي لها أن تكسو وجهَ رجل يعرفُ ما الفضيلة، فيكون قدوةً حسنة لغيره من الناس؟! وإنني بذلك أكثر منه حرصًا على الإسلام، الذي جعل من نفسه مدافعًا عنه دون أن يوكّله أحد لتلك المهمة؟
عجبٌ أيُّ عجبٍ! كيف يقرأ هؤلاء؟ وكيف يعون ما يقرأون، إنْ قرأوا؟ هل اللغةُ التي تُكتَبُ بها المقالاتُ عَصيّةٌ هكذا على الفهم؟ هذا ليس شِعرًا مجازيًّا ليُساءُ فهمُه، وليست رياضيات وحساب مثلثات لتحتاجَ عقلاً عِلميًّا يستوعبها، ولا هي هندسة فراغية تتطلبُ خيالاً متوقدًا خصبًا، ولا هي كيمياء تحتاجُ جدولَ مندليف لفكّ شفرتها، ولا لوغاريتمات يلزمُها جداول أدلّة، إن هي إلا كلماتٌ عربية بسيطة واضحة المعنى، خالية من البديع والزخرف اللغويّ، فلماذا، ولصالح مَن تُشوّه ويُساءُ فهمُها، ثم يُرمى كاتبُها بكل ما يُغضِبُ السماءَ من سُباب؟
ويبقى الرِّهان على الواعين من القراء ممن يجيدون القراءةَ والتقاطَ الدلالة والرمز بذكاء وفطنة. لكنْ، وبكلِّ أسف، ليس هؤلاء هدفَ مقالاتنا نحن الكتّاب! فإنْ نكتب عن نظافة البلد مثلاً، ما الجدوى أن يقرأ مقالنَا مثقفٌ هو بالضرورة يحافظ على نظافتها أصلاً، دون حاجة إلى مقال أو توعية؟ الثقافةُ والوعيُ والنظامُ والنظافةُ والذكاءُ وحُسن الإدراك، كلُّها طريقٌ في التفكير ونهجٌ في السلوك، وكلٌّ واحدٌ لا يتجزأ. المثقفُ الحقُّ، لابد يمتلكُ عقلاً راقيًا ونظيفًا، ومن ثم سيحافظُ على جسده ولسانه وفضائه راقيًا ونظيفًا. ومَن يعجزُ عن فهم كلماتٍ بسيطة في مقال، سوف يعجز، بالأحرى، عن إدراك عمق مغزى آية قرآنية تضعُ النظافةَ في صلبِ الإيمان. وبالتالي لن يرى نفسَه غيرَ مؤمن إنْ هو ألقى القمامةَ على الطريق، وعلى الناسِ السُّبابَ.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترويعُ الأطفال، والاسمُ: مُلْتَحٍ
- الحضورُ موتًا،
- المِصَحْيَاتي
- السلطانُ والخُّفُّ الجِلديّ
- يا مباحثَ بلدنا، أحبيِّنا
- أنا أستطيعُ، والناسُ تحبُّني
- الفِتْنةُ ليست دائمًا أشدَّ من القتل!
- للجريدةِ مآربُ أخرى
- لغةٌ -قايلة- للسقوط
- حتى الضفدع!
- أوباما، وغرفةُ الجلوس
- أجملُ قارئ في العالم
- فلتقصّ الشريطَ تلك السيدة!
- مقابر جماعية للمصريين
- ردُّ الأشياءِ إلى أسمائها الأولى
- المواطَنة ودرس الفلسفة
- هذا شابٌ من جيلي
- مصر
- سألتُ الأستاذَ: لمَن نكتب؟
- وأكره اللي يقول: آمين!


المزيد.....




- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...
- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...
- السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا ...
- فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - كيف يقرأ هؤلاء؟