|
الزوجة الصماء
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 2751 - 2009 / 8 / 27 - 08:43
المحور:
الادب والفن
حيرتني زوجتي .. سمعها بات ثقيلا .. لم تعد تفهمني ، وتثرثر كلمات لا معنى لها. أقول لها ان كلامك غير معقول .. ما تقولينه ليس صحيحا . ولكنها تعيد نفس الجمل بصوت مرتفع ظنا منها أن رفع صوتها سيجعلني أقتنع أخيرا بما تقوله . وللأسف عصبيتها تزداد حتى بات الحديث معها مستحيلا. راقبتها أثناء عملها المنزلي . بالتأكيد لديها مشكلة عويصة.. أتحدث اليها ولا تسمعني ، هل يكون السبب مشكلة في سمعها ، ام ترفض الحديث معي ؟ قلت لها اننا يجب ان نذهب الى طبيب مختص لفحص سمعها. غضبت مني وثرثرت كلاما لا رابط بين جمله . فهمت منه ومن اشاراتها انها تتهمني بأني اريد أن أجعلها مريضة بالقوة ، وأني انا مريض في رأسي .. وقد عافت نفسها من تصرفاتي. سامحها الله . صرت أقل من الكلام معها حتى لا اربكها .. ولكنها كلما مرت بي تثرثر بدون صوت ، أنظر اليها وأقول : " سامحك الله " وهذا يغضبها لسبب لا أدريه . ومرة لم أعد أصبر . قلت : - اذا كان لديك شيء ضدي قوليه لأسمعه . فانفجرت بالضحك . - لم أقل شيئا مضحا ؟ - .... - قولي بصوت مرتفع وواضح لأسمعك جيدا . - .... فأعطتني ظهرها مفضلة الصمت . شاورت أولادي حول حالة أمهم .. فضحكوا بشدة . سألت : " ما الداعي للضحك ؟" ابني الصغير كان أوقحهم. قال بصوت قوي جدا مقربا فمه من أذني: - المشكلة لديك يا أبي . - كدت تطرشني . لا تفعل هذا مرة أخرى . قال الابن البكر : - سنذهب لزيارة الطبيب .. سأحجز لك دورا عنده . - احجز لأمك هي التي لا تسمع . - حسنا .. أمي ترفض .. سنشاور الطبيب عن طريقة لعلاجها . انت ستشرح له المشكلة . - فكرة جيدة في اليوم الموعود جاء ابني لمرافقتي . عبثا حاولت اقناع زوجتي لمرافقتنا ، الححت ، فصرخت باذني : - الله يساعدني عليك . - انت حرة .. نريد ان نساعدك ولا تريدين ان تساعدي نفسك . خرجت من المنزل مع ابني البكر الذي لم يتوقف عن الضحك ، ربما بسبب عناد امه ورفضها العلاج . استقبلنا الطبيب مبتسما . شرح له ابني مشكلة أمه . ولكنه قرر فحصي . لا أعرف كيف سيساعد فحص الزوج في علاج الزوجة؟ أدخلني غرفة زجاج مغلقة ، بعد ان أفهمني ابني بأن أرفع اصبعي كلما سمعت صوتا . وهذا ما فعلته . عندما انتهى فحصي سألت الطبيب : - كيف سيساعد هذا الفحص زوجتي ؟ ضحك وقال بصوت واضح : - سيساعدنا على تحديد المشكلة .. ولكن انت أيضا لديك مشكلة في السمع . - ربما .. ولكن المشكلة الصعبة لدى زوجتي.. نادرا ما تسمعني !! نظر الطبيب مبتسما الى ابني ، وشاوره قليلا ، ثم قال لي بصوت واضح : - انت ستساعدنا على علاج زوجتك ، بما انها ترفض المجيء للفحص ، سنوكلك باجراء فحص لها. - حسنا ... كيف أفعل ذلك ؟ - عندما تكون منشغلة قف خلفها على بعد ستة أمتار . واسألها:" ماذا تفعلين ؟" . ثم اقترب لمسافة اربعة أمتار واسأل نفس السؤال .. واذا لم تسمعك اقترب لمسافة متر واسألها نفس السؤال وانتبه لا تغير قوة صوتك في الثلاث مرات .. ولنرَ النتيجة .. - فكرة جيدة .. في اليوم التالي كانت تحضر صينية بطاطا بالدجاج ، ومشغولة باعداد الفطائر لأن أحفادنا سيحضرون للغداء عندنا. وقفت على بعد ستة أمتار وسألتها: - ماذا تفعلين ؟ لم تسمعني. اقتربت لمسافة أربعة أمتار وسألتها : - ماذا تفعلين ؟ لم تسمعني. اقتربت لمسافة متر وراء ظهرها ، وسألتها: - ماذا تفعلين ؟ التفتت الي غاضبة جدا . يكاد الشرر يطير من عينيها ، وصرخت بوجهي بقوة : - للمرة الثالثة أقول لك صينية بطاطا بالدجاج . انسحبت بهدوء.. غدا سأخبر الطبيب بنتيجة الفحص !!
نبيل عودة – كاتب، ناقد واعلامي – الناصرة
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدرس الأول في الفلسفة
-
الجنرال يعلون ، نتنياهو بلا رتوش
-
بطل من هذا الزمان
-
من أجل قبلة...!
-
قصة : 2 + 2 = 5
-
دهر كامل في ستة أشهر!!
-
قصة : أرملة ... على الشاطئ
-
أرملة ... على الشاطئ
-
من يريد استعادة زوج مثل هذا ؟
-
كيف صار الديك استا ؟!
-
هل يقود التعنت الاسرائيلي الى فرض حل دولي ؟!
-
رئيس البلدية عام 48- يوسف الفاهوم-انقذ الناصرة من التشريد وا
...
-
الديك الفصيح لم يعد يصيح
-
حقائب الأمل... رواية يورام كاتس نص صحفي لا يرقى إلى مستوى ال
...
-
وقاحة عنصرية ...!!
-
يهودية وهابية في إسرائيل!!
-
الحاوي صار مجرد بيبي!!
-
جرأة متأخرة...ولكنها ضرورية!!
-
لم يخلق الديوك للصياح فجرا فقط !!
-
ليبرمان يريد المزيد من التشويه لتاريخ فلسطين وشعبها
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|