جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2751 - 2009 / 8 / 27 - 07:59
المحور:
المجتمع المدني
يا حرام الأردنيين شو صاير بيهم , حالتهم بتقطع القلب تقطيع كل ما بسمع خبر أو مشكله عندنا بقول بكره بحلوها عشائرياً قضايا الدهس في الشوارع بحلوها عشائرياً والزوجه إللي بتزعل برجعوها عشائرياً , بس مش حلو إكثير هيك إنكون لازم نتطور إشويه ,صح؟.
يعني لازم إنغير فكرة الناس عنا , في الآونه الأخيره إتبهدلنا إكثير أمام الرأي العام , كل يوم في حادث طخ وإطلاق عيارات نارية وزجاج بالشوارع وقلة نوم وراحه , أي صدقوني صرت أحاف أمشي في الشارع بعد المغرب .
العالم يتطلع للأمام والأردنيون يتطلعون للخلف , والعالم ينظر للسماء والأردنيون ينظرون للأرض, والناس تنظرُ للأعلى والأردنيون لا أدري ما بالهم اليوم ينظرون تحت أقدامهم , المجتمعات المدنية تكبر وتكثر وتتعاظم , والمجتمعات الأردنية تزداد العشائرية والقبلية فيها قوة وتتراجع للخلف, ولا توجد في الأردن مؤسسة مجتمع مدني حاكمة تتخذ القرارات وتنفذها إدارتها , فالمؤسسات موجودة فقط في قوائم التعداد ولكنها في الأصل مغلقة وغير مفتوحة على الإطلاق .
أنا لست حاقداً على الناس ولا أقول كلاما ً غير مسؤول أنا أعي ما أقوله والشهود كثيرون فالأحداث الأخيرة والتي تحصل في الأردن دليل على أننا ما زلنا نعيش وكأننا في اليمن قبل 10 سنوات , أو ما زلنا في القرون الوسطى.
حصلت في الآونه الأخيره عندنا في الأردن أحداث تقشعر لها الأبدان والباحث عن المجتمع المدني ييئس من مجرد ما بعرف فيها , كانت قبل شهرين أو أقل المنطقة التي أعيش فيها هادئة بعدين فجأه وبدون سابق إنذار صار في عندنا إطلاق عيارات نارية أودت بحياة شاب حلو إكثير من خيرة شباب البلد .
القاتل طبعاً كان قريبه للمجني عليه بس هو من عشيرة قبيلة أخرى مجاورة لنا ولنا معهم صلة أرحام ومناسبات متزوجون منا ونحن منهم متزوجون وما في بيناتنا غير كل ود واحترام , وفجأه حصلت المشكله .
بغض النظر عن ذكر المشكله... وأسبابها غير أن الأحداث العشائرية في الأردن تزدادُ يوما بعد يوم في الوقت الذي نتعب ونحن نكتب به عن المجتمع المدني وأسس وجود المجتمع المدني طبعاً أقربائي طالبوا بتطبيق القانون العشائري وصار بدهم عطوه وهي من الأمور المعروفة في القوانين العشائريه (عطوه أمنيه , عطوة حق , عطوة إعتراف,) وبعدين إذا بدهم يصلحوا بيصلحوا بينهم وبين أهل الجاني , وتم دفن المتوفى .
وقام أقربائي بردة فعل مماثلة حيث أطلقوا وابلاً من الرصاص على منزل الجاني دون تحقيق أي إصابات على شانهم كانوا جميعهم قد غادروا منازلهم وبعدين أُحرقت منازل أشقاء الجاني وقامت قوات الأمن العام العام (الدرك) بفرض الأمن والنظام وأعادت الأمور إلى مجاريها وتم تسيير المركبات وفتح الأسواق التجارية , وبعد من شهر قامت جماعة أخرى بإطلاق الرصاص بإتجاه منازل أقرباء الجاني وأجبروهم على العطوة , وشو كانت العطوه حلوه إكثير أخذها ليهم دولة عبد الرءوف الروابده عضو مجلس الأعيان ورئيس حكومه سابق أشرف بنفسه على العطوة عشان كانت الأمور إكثير معقده والعطوه هي إعطاء الأمان من قبل أهل المجني عليه لأهل وأقرباء الجاني شريطة تحقيق مطالبهم ووافقوا الجماعة ومعهم عبد الرءوف الروابده على شروط أقربائي, هذا طبعاً بعد إطلاق ما يقرب من نصف طون من رصاص الذخيرة الحية أستعملت بها كافة أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة مثل (الكلشن كوف) .
ويوم الجمعة الماضي حصلت مشادة كلامية بين شاب أردني من عشيرة (المومنية- مومني-) وجماعة آخرون منن عشيرة (الصماديه- صمادي-) والمشكلة أصلاً حصلت بسبب المجني عليه وهو من المومنية حين ذهب لأخذ ابنه من مطلقته القاطنة في منزل أهلها ورفضت إعطاءه الولد, فمن عادته أن يأخذ ابنه ليعيش معه يوما أو نصف يوم بين أحضانه وهذا مطلب شرعي جداً يجب تحقيقه يتناولان الغداء سوية ومن ثم يعيد الطفل إلى أمه, وفي الوقت الذي رفضت فيه مطلقته إعطاءه الطفل (7 سنوات) نزل إليه أشقاءها وطعنوه عدة طعنات كانت آخرها على الصدر أودت بحياته .
وقام أهل المغدور فيه بحرق أربع منازل متاخمة لأحراش محافظة عجلون وقام أهل الجناة وهم من الصمادية بردة فعل مماثلة , وتبادل القوم الحرائق , وأحرق أكثر من 50 منزل في أعمال عنف عشائرية لم يشهد الأردن مثلها منذ أكثر من 70 عام على الأرجح.
وأُحرقت محطات الوقود وأشجار الزيتون والكروم وباصات النقل والمحلات التجارية وبلغت المأساة تقريباً 100 ضعف على تفجيرات عمان في فندق حياة عمان وغيره من الفنادق .
ما يحصل في الأردن قد نسيه المجتمع الأردني منذ 50 عاما ولكن وزارة الداخلية وضباط الداخلية يؤيدون القوانين العشائرية رغم أنها غير معمول فيها منذ 20 عام على أقل تقدير , هذا طبعاً في المحاكم الرسمية ولكن في الحياة العامة معمولٌ فيها بشكل كبير جداً وملحوظ وتقدم وزارة الداخلية الأردنية كل الدعم والتأييد لشيوخ العشائر وللوجهاء وتستبعد المثقفين وغير المعترفين بالنظام العشائري , الأردن كحكومة يؤيد العشائرية نظراً لكرهه للأحزاب السياسية فالعشيرة والقبيلة هي بدل الحزب , والمواطن في أزماته النفسية والعاطفية والاقتصادية يلجأ إلى أقرباءه ليبقى على اتصال معهم وأثناء الانتخابات البلدية والقروية يلجأ المواطن لقبيلته وعشيرته بدل الأحزاب السياسية أو مؤسسات المجتمع المدنية .
وأنا أقطن في منطقة مسجل بها بشكل رسمي أكثر من عشرين مؤسسة مجتمع مدنية خَدَمية وجمعيات لا يوجد منها على أرض الواقع إلا مؤسسة واحدة أو إثنتين في منطقة تبلغ فيها عدد المساجد أكثر من عدد المدارس الحكومية وغير الحكومية , وهذه مصيبة كبيرة , حيث لا يوجد نادي ثقافي مفعل , ولدينا نادي ثقافي واحد تتم فيه الإنتخابات بصورة عشائرية ويمنعون إقامة الأنشطة الفكرية والثقافية الهادفة , ويستهترون بالمثقفين ويستبعدونهم من قائمة النشاطات وكل هذا من المحتمل أنه يلقى تأييداً من وزارة الداخلية الأردنية .
وتستقبل وزارة الداخلية الأردنية رؤساء ووجهاء العشائر بالشاي وبالقهوة في كافة دوائرها المنتشرة مثل (النواحي , الأقضية , الألوية , المحافظات) بدل أن تقوم بمحاكمتهم على الجرائم التي يرتكبونها بحق المجتمع المدني .
إنني أطالب بتقديم كل من تسول له نفسه إطلاق الرصاص على التجمعات السكنية بمحاكمة عادلة وأطالب بعدم استقبال وجهاء العشائر حين يتدخلون لإخراج المساجين من سجونهم الذين تلقي الأجهزة الأمنية القبض عليهم بتهمة إثارة الشغب والنعرات العشائرية والعنصرية في الأردن الواحد من شتى الأصول والمنابت .
إن العالم اليوم ينظر للأمام والأردنيون يتطلعون للخلف.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟