لمواجهة موجات الغضب العمالى فى كل المواقع : مخبرون سريون فى الشركات والمصانع المصرية

عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 09:11
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

كان تدخل الأجهزة الامنية فى قمع المظاهرات العمالية والتفاوض بإسم الحكومة أحيانا محل إنتقاد من منظمة العمل الدولية ، فما هى الحكاية ؟
بداية هذا الأسبوع تلقيت مذكرة شديدة اللهجة من على أحمد على بخيت رئيس اللجنة النقابية بإدارة محطات وطلمات كوم امبو بمحافظة أسوان ، أرسلها إلى المسئوليين ، هدد خلالها بتقديم إستقالته من الحزب الوطنى فى حالة عدم إيجاد حل حقيقى لمشاكل 800 عامل بالمحطات(30 محطة)، وتنفيذ مطالبهم فى صرف المكافاة السنوية وتثبيت العمالة طبقا للقانون ورفع الاجور ووقف كل أشكال الفساد والتعسف داخل المحطات والتى تقوم برفع مياه نهر النيل لرى ما يقرب من 300000 الف فدان . وهدد ريس النقابة بتنظيم إضراب عن العمل فى حالة الإستمرار فى تجاهل مطالب العامليين ، وعدم توقف عدد من المسئولبين فى مصلحة الميكانيا والكهرباء بالتباهى بانهم على علاقة قوية بأجهزة الأمن التى ستحميهم من قيام أى غضبة عمالية هناك .
واللافت للنظر فى هذه المذكرة انها تفجر العامل المشترك لإحتجاجات العمال -والتى وصلت فى شهر يوليو الماضى فقط إلى 150 إحتجاجا فى القطاعيين العام والخاص –وهو التعامل الأمنى مع مطالب العمال عن طريق الحصار والإعتقال وليس الحوار والموضوعية فى المواجهة، ولعل السؤال الذى طرحة عامل من شركة طرة الاسمنت كانت دليل قاطع على هذه الحالة فقد تسأل : ماذا تفعل الأجهزة الأمنية فى مصر؟ ، ومناسبة هذا السؤال أن ضابط أمنى كبير إتصل بقياداته فى الجهاز التابع له – وذلك أثناء مظاهرة نظمها عمال الأسمنت مطالبين باجور عادلة – قال الضابط لقياداته عبر التليفون أن النقابة العامة للصناعات المعدنية والهندسية أرسلت خطابا إلى المتظاهريين طالبتهم فيها بتحديد مطالبهم . والغريب هنا والذى لفت إنتباه هذا العامل الذى إستمع الى المكالمة كاملة هو أن قطاع الأسمنت تابع للنقابة العامة للبناء والأخشاب وليس العامة للصناعات المعدنية والهندسية ، وهو مؤشر خطير لتعامل القيادة السياسية مع معلومات خاطئة تؤثر بالفعل فى إتخاذ القرار المناسب لإحتواء غضب ملايين العمال الذين يطالبون فقط بإجور عادلة تتناسب مع إرتفاع الأسعار ومع إستقرار حقيقى فى العمل.
فشل
وقد يتوقع البعض أن إضراب عمال طنطا للكتان والزيون والذى بدأ منذ 80 يوما قد نجح بل فشل بالثلث ، وهو إلان رسمى بفضل الحكومة والنقابة العامة للغزل والنسيج التى نظمت الإضراب فى مواجهة المستثمر السعودى الذى إشترى الشركة بتراب الفلوس منذ عام 2005 وقام بفصل النقابيين وتخفيض الأجور . وعندما طلبت الحكومة الفاشلة والنقابة العامة من العمال وقف الإضراب على أساس تنظيم حوار مع المستمر رفض العمال وذهبوا إلى مجلس الوزراء فى الاسبوع الماضى وإعتصموا معلنيين فشل الحكومة فى مواجهة المستثمر المتفرعن ، وإذا كانت الحكومة قد فشلت فماذا فعل الأمن لمواجهة حالة الغليان فى هذه الشركة الكبير . حدث مصادمات بين الامن والعمال بعد قطعهم للطريق السريع بالغربية بين مدينتى طنطا وزفتى وعلى الفور انتقلت سيارات الامن المركزي واجهزة الامن بالغربية الى مكان المصادمات، حيث تم عمل كردون أمني حول مبنى الشركة بعد أن ورفض العمال العرض الذى تقدمت به النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج والخاص بفض الإضراب الذى حضره حوالى 1000 عامل وعاملة مقابل عدة وعود بحل المشكلة وهدد العمال بتصعيد احتجاجهم إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم قريبا بعد أن ظلوا أكثر من شهرين في إضرابهم ولم يستجب مالك الشركة وعمال الشركة بدأوا إضرابهم فى 31 مايو بموافقة النقابة العامة للغزل والنسيج، مطالبين بصرف الحوافز على أساسي مرتب 2008 بدلاً من 2003، وصرف الأرباح المتراكمة التى لم تصرف منذ بيع الشركة للمستثمر السعودي، وزيادة بدل الوجبة الغذائية من 32 جنيه إلى 90 جنيه أسوة بجميع شركات الغزل والنسيج، وصرف العلاوة الدورية بنسبة 7 % من الأجر الأساسي التي لم يتم صرفها منذ عام 2003، وإعادة زملائهم المفصولين الذين تم فصلهم عقب إضراب العمال فى شهر يوليو 2008 ومنهم اثنين من أعضاء مجلس إدارة اللجنة النقابية بالشركة.
مخبرون سريون
ولعل المعلومات التى ترددت مؤخرا حول نشر عدد من المخبريين السريين داخل عدد من المواقع العمالية فى الغزل والنسيج والحديد والصلب والمدن الجديدة خير دليل على التعامل الأمنى المنظم والقمع فى التعامل مع ملف العمال وجعل عدد من المسئوليين وخاصة عائشة عبدالهادى وزيرة القوى العاملة تقول أكثر من مرة : لسنا قلقيين من إضرابات العمال . وإذا كان المعنى فى بطن الوزيرة فإن الحقيقة التى لا تغيب على أى عامل هو ذلك الحصار المفروض عليه حتى فى مقر عملة وهو الأمر الذى دفع عمال هيئة النقل العام تحريك دعوى قضائية ضد رئيس اللجنة النقابية سيد محمود وشهرته (شماعة)، حيث اتهمه العمال بتهديدهم امام ديوان محافظة القاهرة فى الأسبوع الماضى بإبلاغ الجهات الأمنية عنهم واتهامهم بالتحريض على الإضراب الذى شهدته هيئة النقل العام منذ أيام بسبب مطالبة السائقين والمحصلين بزيادة الحوافز، وإلغاء المخالفات المرورية المحررة ضدهم بشكل تعسفى من الشرطة!!
وبمناسبة عمال النقل فقد فجر حسين مجاور رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال مصر مفاجأة من العيار الثقيل عندما قال : إن اللجنة الدائمة التي أقرها الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء‏,‏ يجب عليها الأخذ بزمام المبادرة عند بحث مطالب العمال بالنقل العام ‏,‏ بما يضمن التعامل مع الحدث قبل وقوعه‏،وطالب بإعادة النظر في لوائح تنظيم العمل داخل هيئة النقل العام،‏ نظرا لعدم إدخال أي تعديلات عليها منذ أكثر من‏25‏ عاما،وشدد علي ضرورة مراعاة جانبين عند تعديل اللائحة‏,‏ الأول هو التنمية البشرية، حيث تضم الهيئة نحو‏40‏ ألف عامل‏، والثاني صيانة المركبات‏.‏
إستدعاء أمنى !
وإذا كان "شماعة" قد هدد عمال النقل العام بعلاقاته الأمنية لتخويف العمال فإن الحدث نفسه وقع فى عدد من الشركات الأخرى والتى تشهد غضب مستمر وحتى الان فقد إستدعى جهاز أمن الدولة عمالا من شركة الميكنة الزراعية بالنوبارية ومطالبتهم بعد الإضراب أو تنفيذ تهديدهم بقطع الطريق الصحراوى الذى تقع أمامه الشركة ، ومشكلة هؤلاء العمال أن المستثمر السعودى الذى اشترى الشركة من الحكومة مؤخرا قام بغلقها وحرمان العمال من اجورهم منذ 20 شهرا وقامت وزارة القوى العاملة برفع دعوى قضائية ضده وحصلت على احكام وقرارات للنائب العام بإعادة تشغيل الشركة وصرف حقوق العمال إلا ان المستثمر يرفض تنفيذ القانون ! والمشكلة نفسها قائمة مع عمال شركة مصر الحجاز بالعاشر من رمضان والمتخصصة فى صناعة البلاستيك حيث قام الامن ايضا بإستدعاء بعض العمال وتهديدهم بالإعتقال فى حالة إثارة البلبلة ، وكانت مطالبهم تنحصر وقف توحش صاحب العمال الذى قرر زيادة ساعات العمل إلي 12 ساعة يوميا مقابل زيادة 25% فقط من الأساسي، وذلك بهدف التحايل علي قرار رئيس الجمهورية، الخاص بعلاوة الـ 30% العام الماضي عن طريق رفع ساعات العمل وصرف 25% علي أساس أنها علاوة، وبذلك تكون ساعات العمل الاضافية بلا مقابل . والأمر نفسه حدث مع عمال المصابيح الكهربائية بالعاشر من رمضان أيضا عندما قام صاحب العمل وهو رجل الاعمال الهارب باموال البنوك رامى لكح بإصدر تعليمات بعدم صرف علاوة الـ10% فنظم العمال وقفة إحتجاجية حاصرتها قوات الامن وإعتقلت البعض منهم !!!!
حصار قوص
من جانهم إنهى عمال مصنع سكر قوص التابع لقطاع الاعمال العام إعتصامهم الرمزى الذى بدأ الأسبوع الماضى ضد إستدعاء بعض زملائهم من جانب المقر الرئيسى بالقاهرة للتحقيق معهم بتهمة التحريض على الإضراب وقال مصدر مسئول أن جهاز امن الدولة إستدعى عدد من العمال –سرا- لتهديدهم بعد تكرار الإضراب . وكان 850 عاملا قد نظمة سلسلة من الإضرابات والإعتصامات الرمزية مطالبيين بوقف القرارات التعسفية من جانب مسئوليين فى الإدارة قاموا بتوقيع جزاءات تعسفية على العمال وتخفيض حقوقهم المادية ، وقامت أجهزة الامن بتهريب هؤلاء المسئوليين من الشركة لحمايتهم من غضب العمال !! و مازالت أن قوات الأمن تحاصر المصنع حتى الأن .
تهديد مستمر
قوات الامن المركزى ما زالت تحاصر مصنع صغير يضم 1300 عامل وعاملة فى احدى مصانع ابوالسباع فى المحلة الواقع على الطرق السريع الذى يربط المحلة بمدينة المنصورة والذين نظموا سلسلة من الإضرابات وقطعوا الطريق الذى يربط بين المحلة الكبرى والمنصورة وذلك لمواجهة العنف الذى بادر به الامن بالضرب والتهديد بالإعتقال ردد العمال هتافات كان منها : عايزين نقبض وعايزين فلوسنا ياحرامية. وقام الامن باغلاق بوابات المصنع لمنع خروج باقى العمال لمساندة ومشاركة زملائهم المعتصمين . وكانت الاحتجاجات على المعاملة السيئة التى تعاملهم بها ادارة الشركة بالامتناع عن اعطائهم مرتباتهم المتأخرة التى وصلت عند بعد العمال ثلاثة اشهر متتالية والبعض الاخر مرتبات سبعة اشهر وسنة كاملة غير متتالية واحتجاجا ايضا على قرارات الفصل التعسفية التى تقوم بها الشركة ضد كثير من العمال والتى كانت اخرها فصل اكثر من 150 عاملة خلال الاربعة شهور السابقة لسبب انهم طالبوا فقط بالحصول على مرتباتهم المتأخرة فما كان من ادارة الشركة ال ان تم بفصلهم من المصنع مع عدم اعطائهم اى مستحقات!!
بعض المطالب
وقبل أن نخرج من المحلة الكبرى تلك القلعة الصناعية الكبيرة فقد انهى اكثر من 60 عامل من عمال قسم النسيج فى مصنع ساموتكس (كمال السامولى ) بالمحلة اضرابهم عن العمل وذلك بعد ان استطاعوا اجبار ادارة المصنع على تنفيذ بعض مطالبهم المشروعة بتكوين لجنة تتكون من 10 من القيادات العمالية بالمصنع لتبحث كيفية تنفيذ باقى المطالب ومنها على وجة الخصوص موضوع علاوة ال10 % والتى كان قد حددها رئيس الجمهورية للعمال فى عيدهم وكان عمال قسم النسيج فى مصنع كمال السامولى بالمحلة الكبرى قد بدأو اضرابهم عن العمل داخل المصنع منذ ايام وحاول العمال الخروج من المصنع للاعتصام امامة الا ان ادارة المصنع امرت بغلق الابواب عليهم ومنعت عنهم دخول الاطعمة ومياة الشرب ظنا منها ان هذا سيجبر العمال على انهاء اضرابهم عن العمل ولكن حدث العكس فقد صمم العمال على الاستمرار لحين تلبية كل طلباتهم وبالاضافة الى احتجاز العمال . وكانت مطالب العمال متمثلة فى الاتى : الحصول على علاوة الـ10% كباقى عمال قطاع الاعمال العام ورفع بدل يوم الجمعة من 12 جنية الى 18 جنية والغاء اصدار قرارات الرفد التعسفية ضد العمال وتعديل عقود عمل العمال المؤقتة الى عقود دائمة من تاريخ استلامهم العمل بالمصنع وزيادة اجور العمال دون تحميلهم اعباء عمل اضافية اخرى وتعديل استمارات التأمين الخاصة بالعمال على اساس الاجر الحقيقى. جدير بالذكر أن هؤلاء العمال قد نظموا إعتصاما منذ فترة فقام صاحب العمل بركوب سيارة الامن وإطلاق الرصاص من سلاحة الخاص على العمال بهدف تفريقهم .. ومازال الحصار مستمرا .

#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات