أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سيمون خوري - العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستقبل















المزيد.....

العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستقبل


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 09:10
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    



الجزء الأول :
------------
ثلاث مناطق يتصارع فيها الماضي مع الحاضر ، بهدف إستشراف آفاق المستقبل . العالم العربي – إيران – تركيا – صراع ثنائية الماضي والحاضر ، والغائب الأكبر هو المستقبل المستتر في ضمير الغيب . نخب مثقفة من شتى الإتجاهات تتصارع منذ حقب طويلة ،دون الوصول الى نقاط تقاطع مشتركة أو حتى قواسم الحد الأدنى . لأن احداً لا يملك الجواب المطلق الحاسم على السؤال التاريخي الى أين نسير ؟. ثم من يملك سلطة القرار في تحديد شكل المستقبل ..؟ بعقلية ذكورية حادة أو تقريرية ، إنسجاماً مع عقلية المنطقة ، علماني ، اصولي .. شيوعي .. نسخة معدلة ومنقحة .. او توليفة جديدة ..؟ ثم هل المستقبل هو قرار سياسي يمكن ان تتخذه فئة حاكمة ما ..؟ ثم ما هي معايير تحديد الإختيار ، وهل القضية فقط ، قضية تراث وثقافة ، أم تنمية إقتصادية وإجتماعية متوازنة ، وتحديث كافة البنى الحاملة للمعرفة والثقافة ..؟ ومن هي القوى التي يمكن لها التعامل مع هكذا مشروع نهضوي حديث وديمقراطي وعلماني . أسئلة عديدة تطرحها الحالة التي وصلت اليه المنطقة . البحث عن الجواب ، قد يصيب المرء بنوع من الصداع أو اليأس أو الأحباط والتشاؤم . ومع ذلك نبحث عن بصيص أمل لمواجهة طغيان الهمجية المتعصرنة بعضها في ربطة عنق ، والأخر في جلابية باكستانية .
العلمانية أولاً ،كنظام معرفي ومجتمعي ، تقصي الدين من على مسرح الحياة اليومية وتنمع تدخلة بصياغة المستقبل . لكنها تحترمه من حيث كونه يدخل في سجل حقوق الفرد الشخصية . وكل الأمور خاضعة للنقد ، والنقد المضاد . فلا قدسية سوى للإنسان وحقه في حياة حرة وكريمة . والديمقراطية ،هي مناخ وممارسة وليست شعاراً أو مؤسسة ، بل قيم حضارية . فيما النظام الديني لايمكن له الإقرار بحق القوى الأخرى بالتعايش الى جانبه . وإن كان يمكن للبعض الإدعاء نظرياً بذلك ، فإن الواقع وما فيه من شواهد خير دليل على أن الدين لايمكن له أن يتزوج العلمانية إلا على أساس زواج متعة مؤقت ، وهو في كلا الحالات زواج بالحرام وليس بالحلال . وبما أن أبغض الحلال لله هو الطلاق ، فبمجرد أن يصل النموذج الديني الى الحكم يعلن طلاقه بالثلاثة من الديمقراطية والعلمانية ، وطلاق بائن لا رجعة عنه .
تاريخياً عاشت المنطقة العربية حالة صراع ما بين التجديد والقديم . الإسلام في حينه كان حديثاً ثم تحول الى حالة قديمة . أي ثورة في التاريخ أو نظام ما إذا لم يجدد نفسه ويطور مفاهيمة خلال فترة قد لا تصل الى ثلاثة عقود من الزمن يحكم عليه بالهبوط والتراجع . وأي رئيس حاكم لأكثر من ثمان سنوات يتحول الى مستحاثة حجرية متكلسة . حسب كافة قوانين التطور الطبيعي .دائماً كنا في صراع ما بين الماضي الغائب ، والحاضر الصعب ، والمستقبل المجهول . في ظل غياب وضوح الهوية الذاتية ، هوية الإنتماء . هل نحن أمة عربية واحدة أم أمم وشعوب ؟ هل نحن ذي ثقافة واحدانية أم مجتمعات متعددة الثقافات والعقائد . الإشكالية هنا بالضبط تدور في رحى مطحنة الثنائية الإقصائية . إما هذا النظام أو نقيضة . وفي هذا المستوى يبرز على السطح كم الخلاف الهائل في تفسير المصطلحات بعيداً عن الواقع . وهو للحقيقية ليس مجرد خلاف تفسيري بقدر ما هو أحياناً التعامي عن رؤية الواقع بشكل مجرد دون رتوش ومواد تجميلية . إنها أزمة هوية المنطقة التي لم تتشكل أو تتبلور بعد ، أزمة ثقافة ماضوية ، والعجز المركب علي تجاوز الأزمة ، وأزمة نخبة في تعاملها مع ذاتها ومع المختلف معها . وأزمة نظام سياسي عربي يفترض أن تتم مقاضاته دولياً ،أمام محكمة العدل الدولية ، بسبب مسؤوليته عما آلت الية المجتمعات العربية . الواقع القائم ربما يكفي للبرهنة وكشاهد إثبات على مستوى التراجع التي آلت اليه قضايا حقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية والتسامح الديني في ظل هكذا أنظمة ديكتاتورية بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
تبنت هذه الأنظمة قوانين وضعية متجاورة بذات الوقت مع النصوص الدينية التي تنتمي الى عالم ماضي في أحكامها . لاسيما قوانين الأحوال الشخصية . ووأدت نصف المجتمع في قبر الماضي . ماذا كانت النتائج ..؟ نظام سياسي يرتدي عباءة المفتي . هل بإمكان النظام السياسي العربي إتخاذ قرار بمنع إغتصاب القاصرات من قبل الثري العربي المسلح بالنص الشرعي ..؟
واقعياً ، نعم ، نحن نعاني من أزمة بنيوية شاملة من القدم وحتى نخاع السلطة .؟ هناك على ما يبدو - شيزوفرينا - تعيشها مجتمعات هذه المناطق الثلاث . - تماما مثل عقلية الرجل الشرقي المستبد قبل الزواج المرأة هي الحبيبة والقمر ..الخ وبعد الزواج ما تبقى من القمر تحول الى وعاء للطبخ وجهاز تفريخ - سببها الرئيسي أن المنطقة العربية التي لم تتوحد في تاريخها تحت سيادة واحدة ، ولاسيما الحديث لم تستطع التطور بشكل هادئ وديمقراطي قطري ومتدرج بما يتناسب مع ثقل تاريخها المتخم سلباً و إيجاباً بكم هائل من التراكمات من أنقاض الماضي . ولم تستفيد من تجربة الآخرين في تحديث أنفسهم واللحاق بعصر التطور العلمي . المنطقة العربية ، لم تمنح فرصة التفكير في مستقبلها . ففي أعقاب ما إعتبر إستقلالاً وطنياً ،إحتلت أنظمة عسكرية بواجهة مدنية النظام السياسي . وتبنت شعارات أجهضت من خلالها فرصة التغيير الحقيقي . الذي كان من الممكن ان تصل اليه المنطقه العربية بطريقة غير إنقلابية. وضاعت فرصة إزاحة الماضي عن موقعة المتكلس . بل جرى وما زالت عملية إلباس مؤمياء الماضي بثياب عصرية ؟، بيد أن المحتوى ، لا يعدو أكثر من مؤمياء محنط . وهنا السؤال الجوهري الذي يطرحه المواطن العادي لماذا لم نصل الى ما وصل اليه الآخرون ..؟ لم نحقق تنمية بشرية ولا إقتصادية ، ولا سيادة وطنية ، ولم نحرر فلسطين ..؟ هل نحن فقط أمة وشعوب حضارة اللفظ..؟ لانتقن سوى تفسير التفسير ، وعلوم سيبوية الكلاسيكية وقيوده النحوية . ربما خلال فترة قريبة قد تصدر فتوى بتكفير من لا يتخاطب بلغة القرآن مع الغير ..؟ ومع كل هذا العفن الذي وصلنا اليه ، تتطالب العلمانية بتقديم التنازل للماضي ، على حساب المستقبل ..؟ بدل مطالبة الدين بالتنازل عن الماضي لصالح المستقبل من موقع الحرص على بقاء الدين في صدارة المتحف ، وليس في خزانات أمينه .
خلال الحكم الملكي في مصر ، كانت بريطانيا العظمى مديونة للخزانة المصرية . والعديد من الشركات الصناعية الالمانية كانت قد قررت إفتتاح فروع لها في مصرلإنتاج السيارات . وتحديث الإقتصاد المصري الذي حال الاستعمار البريطاني دون تحديثه ايام الوالي محمد علي باشا . وربط مصر بزراعة النسيج خدمة لمصانع يورك شاير . أي الابقاء على مصر دولة زراعية متخلفة . ثم جاءت قرارات التأميم وأممت معها حتى حقوق القوى الأخرى . في سوريا ، ولفترة قصيرة من الزمن قبيل ( الوحدة مع مصر ) شهد المجتمع السوري للمرة الاولى إنفتاحاً ديمقراطياً كان يمكن له أن يساهم بالتطور الديمقراطي نحو مجتمع العدالة والمواطنة الحقيقية . يكفي أن الصحافة السورية إحتلت موقعها الى جانب موقع القضاء كسلطة للشعب على الآداء الحكومي . لكن رحم الله المواطن الأول شكري القوتلي . في تونس والسودان وفي العراق كانت بدايات جدية بدات تتبلور على سطح المجتمع . منها الدور الهام الذي لعبة الشيوعيون في العراق في مواجهة عنف النظام ودفع مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، حياته ثمناً لدفاعه عن حق شعبه بكافة طوائفه بالعيش بكرامة وحريه . لم يتنازل ولم يهادن ولم يتحول الى مفتياً لخطايا النظام .
هنا يكمن الفرق الجوهري بين قوى حملت راية الدفاع عن مصالح شعبها وقوت يومه ومستقبله ، وبين قوى حملت راية النظام في الدفاع عنه وعن الماضي . الدين عبر كافة العصور شكل إتجاهاً محافظاً . حتى الفاطميين عندما وصلوا الى السلطة في مصر تحولوا الى سنة محافظة .
عملياً لم تكن الأصولية مطروحة كما هي الأن ، بهذا الكم من العنف والهمجية والضحالة الفكرية . بل هي مصطلحات طارئة إستقدمت من بلدان السيد مؤودي المحترم. وحتى الخلافات سواء أكانت دينية أم معارضة شيوعية وتقدمية لم تكن مطروحة على صعيد الشارع بمستوى الحدة العنيفة التي هي عليه الأن . كافة التيارات كانت تتصارع دون أن تصل حدة الصراع الى مستوى التكفير والتصفية الجسدية . في مسجد جامعة دمشق كان يلتقي الاخوان المسلمين أسبوعياً في صلاة الجمعة . وعلى مقربة منهم في الكفتيريا تلتقي كافة الوان الطيف السياسي آنذاك بحرية ودون تدخل الأمن . في لبنان رغم طائفية النظام ، الا ان بيروت كانت رئة الثقافة العربية وعنوان الديمقراطية في الشرق . ومصر كانت عنوان الفن ، والفن لا يمكن أن يتطور في غياب الحد الأدني من الديمقراطية . من المسؤول عما وصلت اليه الحال الأن ..؟ اعتقد هنا أن على النخبة في البلدان العربية رفع دعوى قضائية ضد كل تلك الرموز التي حكمت المنطقة سواء تحت شعارات ديماغوجية كالإشتراكية أو القومية أو دينية . وهم الطرف الذي حال دون تطور المنطقة العربية بشكل طبيعي ، نحو تجديد ذاتها ، بدل إجترار ماضيها ، وتسويقه للمستقبل . هدرت كافة الإمكانيات والثروات ونهبت عائليا ً. وتحت شعار القومية العربية ، قمعت القوميات الأخرى ، وتحت شعار الدين تم التضييق على الأخرين في حقهم بممارسة شعائرهم الدينية بحرية . وتحت شعار الإشتراكية صودرت الملكية الفردية . وشوهت أفكار الأشتراكية الحقيقية . هل كانت مجرد محاولة لإستنساخ التجربة الشيوعية في بلدانها ..؟ ، بالتأكيد الموضوع كان مختلفاً فقد جرى نقل عيوب التطبيق في الإتحاد السوفياتي الى البلدان العربية وليس النظرية ، من حيث كونها أيديولوجية . والهدف هو الحيلولة دون وصول القوى الشيوعية والتقدمية الى الحكم عن طريق المعارضة الديمقراطية . عبر عملية التشويه المسبقة .التي مارسها النظام العربي في إعلامه وعبر أدواته الدينية أيضاً . لخلق الإنسان المستسلم الذي لا يعرف إلا ما يراد له أن يعرف. ومعها أصبحنا في مواجهة قطيع يتظاهر عندما يطلب منه التظاهر فقط ومن قبل المؤسسة الرسمية للنظام .لا بأس أن يتظاهر ضد الزبدة الدانمركية ، لكن ليس مسموح له بالتظاهر من أجل التعددية السياسية ، وإحترام حقوق الإنسان ، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، الذين إهترأت عظامهم من الرطوبة ، وشردت عائلاتهم بأثر رجعي .أو السؤال في أي صالة قمار تتبخر عائدات النفط ..؟ وما هي القوى السياسية والرموز الفضائية التي تحظى بعطايا السلطان...؟
هنا دعونا أن نتساءل ، ما هي القوى التي كان بإمكانها التصدي لمشروع النظام العربي في تحويل البلدان العربية الى مزارع خاصة ، وبقالية الحاج عبده وأولاده وعسسه ..؟وأحزابه الوهميه التي بواسطتها ترتكب كل الخطايا .
قمعت كافة قوى المعارضة الديمقراطية والتقدمية. لكن في الوقت الذي لم تجد فيه القوى الديمقراطية ملجأ لها ، كان الغرب يفتح ذراعية للقوى الدينية . التي إستخدمها الغرب في مواجهة ما اسماه بالخطر الآحمر الشيوعي ؟ كما إستخدم النظام العربي ذات الدين كمصيدة لعقل المواطن وتدجينة . وقمع التوجه الديمقراطي في بلدان العالم العربي . بل وطمس الصراعات الطبقية بحجة مواجهة العدو الأسرائيلي ودفاعا عن القضية الفلسطينية . وفي الوقت التي وجدت فيه الحركة الإسلامية ملاذاً آمناً لها في حضن الغرب ، لم تجد القوى الديمقراطية والعلمانية ذات الملجأ الآمن من بطش النظام العربي لها ..؟ وفي الأصل لم تتصدى الحركة الدينية لأنظمة الوكيل العربي للإستعمار ، بل هادنته على الدوام ، وإختفت في المساجد . رب قائل هنا أن سيد قطب دفع حياته ثمنا لأهدافه ..؟ والجميع يعلم أن الناصرية نشات من رحم الأخوانية . هل يحتاج السادات الى شهادة حسن سلوك في دعمة للجهاد في أفغانستان ؟ . كل زعيم أوحد صبغ عصره على لونه ووفق مزاجة. حتى صدام إستنجد بالعصبية الدينية القومية والشوفينية سواء في إحتلالة للكويت أو في حربه الفاشلة ضد إيران أو في مواجهة حقوق الشعب الكوردي . وفي كلا الحالات كان ينفذ مخططاً دقيقاً رسمته له واشنطن عبر سفيرتها في بغداد التي طلب منها الصمت والى الأبد .
وفي سوريا عندما تم ضرب مدينة حماه ، هل كان الهدف الحقيقي للعملية هو فقط تصفية معاقل الأخوان ..؟
الجواب هو في سجلات الأمن السوري ، وربما ما هو حاصل الأن في محاولة عودة الروح الى الجسد الميت ، يتضمن جزء من جواب على سؤال لا زال يرتدي طاقية الإخفاء . عندما رحلت رموز الحركة الدينية الى الغرب لم تتحالف مع علمانية الغرب ، بل من موقع الضرورات تبيح المحظورات ، تعاملت الحركة الدينية مع الغرب العلماني مستفيدة من مساحة التسامح الديني والديمقراطية الي توفرها الأنظمة العلمانية الغربية . لكنها بذات الوقت خضعت لأجندته ، وخاضت معه أول هجوم جهادي في أفغانستان ضد حكومتها الشيوعية . وبالتالي حكمت الحركة الدينية على نفسها بنفسها - صنع في الولايات المتحدة الأمريكية - . وبمساعدة النظام العربي . وهكذا مطلوب من شعوب هذه المنطقة الخروج من عباءة النظام الديكتاتوري للإلتحاف بعباءة النقاب .
بعض البلدان التي تعتبر نفسها ( ديمقراطية وعلمانية ) كالنظام المصري عندما تتعارض قوانينه الدستوريه مع ما تفرضه الشريعة من أحكام ، فإنه يغلب النص الشرعي . في إيران قوانين السوق الراسمالية شئ ونظام الاحوال الشخصية شئ آخر . تركيا ، إستيقظت على صدمة الفزع الاوربي من إحتمالية عودة السلطان مرتدياً رباطة عنق . فهل يكفي إرتداء الثياب العصرية ، وإحتساء الكوكا كولا بدل الشاي لكي يحكم عليك بالعصرية ..؟ العصرية والعلمانية شروطها، إحترام حقوق الإنسان ، والعدالة الإجتماعية ، والتسامح الديني ، وفصل الدين عن الدولة . العالم العربي ، يعيش حالة النقطة الحرجة قبل الإنشطار الى أمصار وجزر قطرية خاصة مسيجة بالمصالح الخاصة لكل قطر . بعد أن تبين عقم الشعارات القديمة ، التي ساهمت بتجذير الإحباطات الجماهيرية الناتجة عن عدم القدرة في تحويل الشعارات الفارغة الكبيرة الى فعل . وإنتقلت الجماهير التي كانت تخرج بالالاف بتظاهرات مطلبية ، الى جماهير مدجنة تلاحق أخبار جمعيات الفراخ والزيت والقهوة والارز . فيما بعض النخب ( المثقفة ) تحولت الى نخب حاكمة ، وإستمرت في ممارسة دور الأستاذ على الجماهير ، او دور العمدة . الفارق بيننا وبين الغرب ، ان الغرب في الوقت الذي كان يبحث فيه عن مستقبله ، كنا نحن قد بدأنا مرحلة البحث عن لقمة العيش التي صادرتها أنظمتنا الوطنية . بواسطة سيف القمع لكافة القوى وهو الذي أنتج وفرخ هذه الأصولية بشقها المتطرف في مواجهة الآخر المختلف . وعملياً خدمت هذه الأصولية النظام السائد ، وقدمت له كل الذرائع التبريريه لبقاءه قيد الحياة . ( قوانين الطوارئ _ المحاكم العسكرية _ اللجان الثورية ) في الوقت الذي تجاوز فيه العالم موضوع النقاش حول من في السماء الى موضوع من في الارض . كما تجاوز الزمن حضارات أخرى كانت أكثر شأناً واهمية في التاريخ القديم ، من حضارات أخرى ، تستعد لدخول متحف التاريخ .
في مصر صعدت الناصرية حاملة شعارات الوحدة البراقة ، وفي الداخل حجرت على كافة القوى حق مزاولة العمل السياسي ، وتحول أعضاء الإتحاد الاشتراكي الى عناصر أمن إضافي لجيش العاطلين عن العمل في الأجهزة الآمنية . وفي سوريا والعراق حكم حزب البعث ، وحمل معه بدوره تلك الشعارات المغرية للمواطن العربي . وحدة وحرية وإشتراكية .فلا تحققت الوحدة ، وخنقت الحرية في مهدها ، ولم تتحقق الأشتراكية . وفي ليبيا ، فإن من تحزب خان هذا هو ملخص التجربة الجماهيرية الخضراء . وعلى الأطراف لم تكن الحال بأفضل مما هو عليه الوضع في القلب .
ما يمكن أن يستخلص هنا أن الفترة أو المرحلة التي كان من الممكن أن تؤدي الى تطور حقيقي في العالم العربي جرى إجهاضها . فلم تتعرف المنطقة العربية على معنى العلمانية كنظام سياسي – إقتصادي - معرفي . بل حكمت بواسطة ديكتاتوريات رفعت شعارات براقة تنسجم مع المزاج الشعبي العام . تخدم مصالحعا ومصالح الغرب المدافع عن وجود هذه الأنظمة . فهل حقاً أن أنظمتنا هي ضد الإمبريالية والإستعمار ..الخ ، الجواب هو في تعامل الغرب ذاته مع قضايا حقوق الإنسان في المنطقة العربي . ذالك التعامل الإنتقائي الذي لا يتعارض مع مصالحه الإستراتيجية . النظام العربي في مجموعة كان ولازال خادماً مطيعاً للغرب . وبالتالي لم تتعرف المنطقة العربية على نموذج واحد لنظام علماني متحرر بإستثناء اليمن الديمقراطية كانت هناك تجربة وليدة ، بيد أنها وئدت على مذبح شعار الوحدة .هل كان جوهر الخلاف بين جناحي الحزب الإشتراكي اليمني عقائدياً ؟ ام تدخلاً أمريكياً مشبع بنكهة القات . بدل نكهة مارلبورو..
تعرفت شعوب المنطقة على أنظمة ثيوقراطية ، وأنظمة عسكرية ترتدي لباس الحزب المدني . وفي هذه الحالة يصبح منطقياً للمواطن العربي معاداة العلمانية ، اولاً بسبب جهله ، وثانياً بسبب الكم الهائل من الدعاية التحريضية ضد العلمانية على انها الشر الأكبر ..؟ وفي هذه الحالة ، لا أحد لديه الأستعداد بالتخلى عن تراثة وتاريخة بالطريقة التي تم بواسطتها تعريف أو تسويق العلمانية . وعلى رأي ( ريجيس دوبريه ) فإن الدين هو بالنسبة لهذه الشعوب ليس أفيوناً بل فيتاميناً للفقراء . في الوقت الذي تدرك فيه العلمانية أن الله يحب الأغنياء وأن الفقراء يحبون الله . لكن كل يهوى مايشاء . دون تدخل أو وصاية او حجرعلى قلب المحب .



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعاً للسلاح ..وأهلاً ياجنيف..؟
- الى العلمانيين والمؤمنيين والديمقراطيين والليبراليين/ لنتضام ...
- لم يولد الإنسان لكي يبقى طفلاً ..؟
- دعوة الى فض الإشتباك اللفظي/ والعودة الى الحوارالمتمدن الديم ...
- صورة الزعيم حتى في غرف النوم / بإستثناء مكان واحد فقط..؟
- دور أجهزة الأمن في ترهل النظام السياسي العربي
- أزمة المواطنة في العالم العربي. مواطن درجة أولى ..ومواطن درج ...
- تراجيديا الترهل . هل نحن أمة واحدة ...ذات رسالة خالدة ..؟
- اليمن - ليبيا - مصر / الآب والأبن بدون روح القدس
- شهادة الصحافي اليوناني الذي إعتقلته السلطات الإيرانية أمام ا ...
- وجهة نظر يونانية حول قضية القدومي
- نكاح حلال.. وثقافة النفاق مع الذات والرمز
- شاطئ النقاب الذهبي الحلال
- حوار مع الأستاذ إبراهيم علاء الدين .. المهم بناء وطن وليس كن ...
- لمصلحة أية أجندات سياسية توظف منظمات التطرف الآصوليةالإسلامي ...
- لماذا لا تجلد فرنسا المنقبات
- لماذا لم يعلن الجهاد المقدس ضد الصين ؟
- لا.. لحملات الإعدام في إيران نعم ..لحق المواطن في المعارضة
- على هامش قمة الثمانية بين خيام المنكوبين وخيمة العقيد ومدن ا ...
- سوريا .. والعودة المتدرجةالى مثلث القرار العربي


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سيمون خوري - العالم العربي - إيران - تركيا / أزمة البحث عن الهوية والمستقبل