أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - أهل النوبة ولفظة برابرة














المزيد.....

أهل النوبة ولفظة برابرة


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 07:48
المحور: حقوق الانسان
    


شهدت محافظة أسوان بمصر أزمة حين تلفظ موظف حكومى "وكيل مديرية" بلفظة مهينة لشاب نوبى لجأ إليه لإقامة ندوة فى مركز شباب القرية التى ينتمى إليها والكلمة التى كررها المسئول الحكومى عدة مرات هى كلمة "برابرة". لاحظ صيغة الجمع مما يبين أنه لم يوجه الإهانة إلى الشخص الماثل أمامه فحسب بل لكل أبناء النوبة. الغريب أن الأزمة التى بدأت داخل جدران مكتب الموظف العام انتشرت كالنار فى الهشيم لتتلقفها وسائل الإعلام كبرنامج 90 دقيقة والعاشرة مساءً والصحف الخاصة ومن الواضح أن القانون الذى يحمى الموظف بحيث يقدم للمحاكمة كل من يتعدى عليه أثناء أداء العمل لا يحمى المواطن من بطش الموظف ولا يوفر له الحماية من الاعتداء البدنى واللفظى. وفى الواقع فإننى لم أكن ارغب فى الكتابة عن الأزمة بغية إتاحة الفرصة لجهات التحقيق فى أن تصل إلى الحقيقة وترد اعتبار الجماعة قبل الفرد. والسؤال: لماذا أحدثت هذه اللفظة الأزمة التى مازالت أصداؤها تسمع فى أرجاء المعمورة؟ ولماذا يتعمد فرد بالغ توجيه الإهانة لمجموعة من الناس من دون أن يدرك جيدا كل معانى الكلمة التى ينطق بها؟

لقد استخدم الإغريق هذه اللفظة "برابرة" للإشارة إلى الحضارات والثقافات الأجنبية التى التقوا بها ومنها الحضارة المصرية والفارسية والسلتية والألمانية والفينيقية ويقال إن أصل الكلمة نابع من سخرية الإغريق من ناطقى اللغات الأخرى غير الإغريقية أو ناطقى اللغة الإغريقية بطريقة خاطئة وكانت تستخدم للإشارة إلى شخص غريب أو قبيلة أجنبية والتى لا يتحدث أفرادها اللغة الإغريقية وكانت تطلق أيضا على الإغريق الذين لا يجيدون اللغة. ومن القبائل التى أطلقوا عليها هذه اللفظة الفايكنج والقوطيين. أما الرومان فكانوا يطلقون لفظة البرابرة على جيرانهم من القبائل الجرمانية فى الشمال وتحديدا فى جيرمانيا (ألمانيا)، واستخدمها أيضا النورمانديون حين غزوا انجلترا والقوطيون حين تمردوا ووضعوا نهاية للامبرطورية الرومانية فى عام 470 بعد الميلاد. وكان الفرس يستخدمون نفس الكلمة حين يتحدثون عن الإغريق والرومان والعرب وكان البيزنطيون يستخدمونها للإشارة إلى البدو (قبائل البيشنج والكيتشاك الذين يقطنون شمال البحر الأسود) والهنود للإشارة إلى الثقافات الغريبة واعتبر الصينيون الثقافات الأخرى كالمغول والتتار والأتراك واليابانيين والكوريين والفيتناميين والأوربيين برابرة. فعند وصول الأوربيين إلى اليابان أطلقوا عليهم برابرة الجنوب وكذلك فعلت قبائل الأنكا فى أمريكا الجنوبية للإشارة إلى كل الشعوب التى تعيش خارج إمبراطوريتهم. أما فى العصر الحالى فإن لفظة البربر تطلق على المواطنين الأصليين الذين يعيشون فى شمال إفريقيا. وهؤلاء القوم الذين يطلق عليهم أيضا الأمازيغ ينتشرون من سواحل المحيط الاطلنطى إلى واحة سيوة ومن سواحل البحر المتوسط حتى نهر النيجر. وكذلك تعرف لغاتهم باللغات البربرية التى تنقسم إلى عدة لغات تشكل العائلة اللغوية المعروفة بالافرواسيوية ويعيش معظم البربر فى الجزائر والمغرب. ويعتبر الرومان هم أول من أطلقوا عليهم هذه اللفظة التى تبناها العرب فيما بعد عند الإشارة لهؤلاء القوم.

من الملاحظ أن لفظة "برابرة" كانت تطلق على الشعوب الاخرى فى العصور القديمة غير أن بعض الناس مازالوا يعيشون فى الكهوف. لقد اعتاد بعض المصريين الإشارة إلى النوبيين بلفظة "برابرة". فمحافظ أسوان الأسبق قدرى عثمان ( 19 مارس 1984 إلى 3 أغسطس 1991) نطق بها مما تسبب فى أزمة لم تهدأ عواصفها إلا بعد أن تدخل رئيس الوزراء حينذاك، الدكتور عاطف صدقى. ومن المؤكد أن مسئول مديرية الشباب الذى أشعل الأزمة يدرك أن هذه الكلمة "برابرة" تشير إلى فرد أو جماعة أثنية غير متحضرة وتفتقد إلى المكانة الاجتماعية. تقول اليزابيث سميث فى كتابها "كايرو كوزموبوليتان" إن هذه اللفظة تعبير عن الازدراء والسخرية وتدل على النظرة المتعالية. لا شك أن إنسانا محترما يتمتع بقواه العقلية وتربى فى كنف أسرة وعائلة طيبة لا يمكن أن يوجه إهانة لفئة من الناس. لا نبالغ إذا قلنا إن هذه اللفظة تنتشر فى محيط الطبقات الدنيا التى يعيش معظم أفرادها تحت خط الفقر أو يتخذون من المقابر مسكنا لهم وبالتالى فأنهم مصابون بما يعرف بكراهية الذات غير أن الإنسان يسعى مرارا للخروج من هذه النظرة المتدنية للنفس من خلال البحث عن أفراد يعتبرهم اقل منه مكانة وشأنا معتقدا بأنه قد أدى خدمة جليلة لذاته المهزومة ونفسيته الخربة. وهذا السلوك المنهزم يكسو الجسد الهزيل الجائع الذى لا يعبأ بما يسببه لسانه العفن من ألم نفسى وغضب لفرد أو أفراد لم يسيئوا إليه. روز اليوسف، عدد 1261، 24 أغسطس 2009م، ص 9.




#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجال الأعمال وانتخابات الأندية الرياضية
- سياسة إسرائيل الإعلامية
- قضايا التعليم بين الطلاب والمعلمين فى مصر
- وقوع العقوبة والإفلات منها
- أين مشاعر المودة بين أفراد الشعب الواحد؟
- جنوب أفريقيا: من العنصرية إلى العالمية
- المنتخب المصرى وتجربة كأس القارات
- الإعلام ورجال السياسة فى بلاد العم سام
- شعار أوباما: نعم نستطيع ... أن نتحاور
- انتبهوا أيها السادة...
- من هم العبيد ومن هم الأسياد فى مصر؟
- حزب الله أم حزب إيران؟
- هل يمكن التخلص من السرقات الفكرية؟
- الصحافة وروز اليوسف وملف النوبة
- أزمة القيادة فى النوبة
- هل من سبيل للقضاء على الشكاوى الكيدية؟
- أهالى النوبة ومنطقة كركر
- فرحة أهل النوبة... هل ستكتمل؟
- الفساد فى ولاية أوباما
- قضية الفرص الضائعة


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - أهل النوبة ولفظة برابرة