أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - مشارف الحسم الفلسطيني















المزيد.....

مشارف الحسم الفلسطيني


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2749 - 2009 / 8 / 25 - 02:38
المحور: القضية الفلسطينية
    


يضع المشهد السياسي الفلسطيني قدما على ارضية تحولات ، قد تكون دراماتيكية ، الى حد نهاية سباق عمليتي الهدم واعادة البناء ، بين قطاع غزة و الضفة الغربية ، بهويتيهما السياسيتين المتنافرتين ، لدرجة استحالة اللقاء دون معجزة ، توفق بين مشروعين ينتميان لعالمين مختلفين .

والنهايات الممكن ان يقود اليها فشل جهود الوساطة المصرية بين فصيلي الوطنية الفلسطينية والاسلام السياسي لا تخضع لارادتيهما وحدهما بقدر ما هي نتاج لتطورات دولية واقليمية ، مما يبقي احتمالاتها مفتوحة على المجهول .

فالحالة الفلسطينية ليست معزولة عن عالم اسئلة العصرنة ، والحداثة ، والاصولية ، ومحاولات الوصول الى حلول وسط ، تتيح التعايش مع معادلات معقدة ، تصطدم بعقبات ـ حتى في المجتمعات الصناعية ـ التي قطعت اشواطا واسعة ، في الاجابة على اسئلة الهوية .

ورغم ما عرفته هذه الحالة من حضور عربي واقليمي ودولي في ادق تفاصيلها ، على مدى العقود الماضية لم تصل صراعاتها الداخلية ، وتداعيات هذه الصراعات الى بلورة مشاريع متضاربة كما يحدث الأن .

كما تمنح التطورات اليومية في قطاع غزة والضفة الغربية ما يكفي من المؤشرات لاستشراف المقبل من تطورات الوضع الفلسطيني ، رغم التعقيدات التي تعترض محاولات تأطير المشهد ، توطئة لوضع التصورات .

فالانتقادات التي تناولت انقضاض حماس بحكومتها المؤقتة وذراعها المسلحة وقوتها التنفيذية على الجماعات السلفية في قطاع غزة ، وما تضمنته هذه الانتقادات من تفاصيل وتعدد زوايا الرؤية ، بقيت قاصرة عن الاحاطة بمختلف جوانب الصورة المغرقة في قتامتها .

ولعل ابرز ما فات اصحاب هذه الانتقادات الجهد الحمساوي المركز على هدم تقاليد التعددية السياسية الفلسطينية .

فقد كانت الاغتيالات ، وهدم البنايات على رؤوس ساكنيها ، والاساليب الدموية في اقصاء الشريك قبل ظهور حماس في المعادلة حالات شاذة ، وعابرة ، تتجاوزها الذاكرة الفلسطينية ، بمجرد العودة الى نمطية العلاقات الداخلية بين مكونات المشهد .

لكن المسالة باتت مختلفة بعد حروب عبثية متتالية اظهرت شهية حركة حماس المفتوحة للقتل بمجرد ظهور ما يهدد امارتها في قطاع غزة .

وفي مثل هذه الحروب تتساوى حركة فتح بتاريخها العلماني مع الحركات السلفية المناهضة للعلمنة والبنى العشائرية .

فهي تلتقي " حسب الفهم الحمساوي " عند العمالة لاجهزة امنية اجنبية اسرائيلية حينا وامريكية في بعض الاحيان دون اعطاء أي اعتبار لتاريخ هذه القوى ورؤيتها للذات والعالم .

ولا يخلو الامر من قواسم مشتركة اخرى ، تجمع هؤلاء الخصوم، تتمثل في المحرك المزعوم للمؤامرات والمخططات " محمد دحلان " الذي لم يتوقف اعلام حركة حماس عن " شيطنته" و تستحضره منهجية التفكير الحمساوي كلما اصطدمت حركة الاسلام السياسي الفلسطيني الاولى بعقبة تظهر عدم اهليتها لادارة الحياة اليومية بجوانبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في قطاع غزة .

اساليب التصفية التي تتبعها حركة حماس وجه اخر لاحادية وشمولية التفكير السياسي ، فهي تعبير عن وهم نهاية الفكرة بقتل صاحبها ، وعدم استعداد قبول الشركاء ، وان اختلفت طرق القتل ، بين القاء الخصوم من الابراج ، واقتحام احيائهم ، وتفجير بيوتهم فوق رؤوسهم .

ولبؤس هذا النموذج تداعياته التي لا تقف عند حدود الوضع الداخلي الفلسطيني المرشح لمزيد من التفاقم في ظل استمرار حالة الانقسام والاحتلال والحصار والتدخلات الخارجية وقلة الخيارات .

ابرز تداعيات بؤس تجربة نظام حماس السياسي نقله الحالة الطالبانية الى الاراضي الفلسطينية .

فالرسالة المتأخرة التي حاولت حماس ارسالها للغرب على امل الظهور بصورة الاسلام المعتدل لا تجدي نفعا في ظل محاولات الجمع بين تجربتي اردوغان في تركيا والملا عمر في افغانستان .

ولهذا الفشل مفاعيله في المساس بعصب رؤية المجتمع الدولي ـ القلق من الاصوليات ـ للحركة السياسية الفلسطينية ، الى حد التردد في التعامل معها ، باعتبارها حالة ناضجة للحكم ، وادارة المجتمع ، والوفاء بالالتزامات الدولية ، ذات الشروط الموغلة في التعقيد ، مما يستدعي ـ فلسطينيا ـ بلورة رؤية مغايرة ، تتيح ايجاد ادوات تفكير وفهم ، مختلفة عن اليات ادارة حماس لامارة غزة .

ويزيد تحول حماس من حالة معيقة لانهاء الانقسام الى عقبة تضاف لعقبات اخرى ، تعترض تطور الكيانية السياسية الفلسطينية وقيام الدولة ، من الحاح تكريس الرؤية الاخرى ، باعتبارها خيار الفلسطينيين المحسوم ، مما يضع حالة الحراك السياسي التي تشهدهاالضفة الغربية في سياقات اعادة ترتيب البيت الفلسطيني .

ففي موازاة تحول قطاع غزة الى دفيئة للتطرف ، تحاكي ظواهر طفت على السطح في عصور مضت ، تتجه عقارب الساعة في الضفة الغربية نحو زمن مختلف ، تستطيع فيه السلطة الوطنية الفلسطينية القيام بدور الشريك القادر على كسب ثقة المجتمع الدولي ، واحراج حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل ، واجراء مفاوضات سلام حقيقية تفضي الى دولة .

والمؤتمر العام السادس لحركة فتح الذي القت حماس بكل ثقلها لوضع العصي في دواليبه احد تجليات هذا التوجه وان لم يكن اولها .

فقد سبق انعقاد المؤتمر الذي اعاد الروح لحركة الوطنية الفلسطينية ، وقدم برنامجا سياسيا واقعيا ، وضخ دماء جديدة في مؤسسات صناعة القرار ، ولم يسجل عليه تقديم تنازلات ، مقدمات اخرى تستدعي الاهتمام .

ابرز هذه المقدمات الشوط الواسع الذي قطعته حكومة تصريف الاعمال في بناء مؤسسات دولة حقيقية في الضفة الغربية ، وتمكنها من ضبط الامن ، ووضع حد للانفلات ، وتنشيط حركة الاستثمارات .

ومع الاستمرار في مراكمة شروط الاستقرار والمحاولات الدؤوبة لفتح افق للعملية السلمية تنحو الضفة الغربية باتجاه التحول الى منطقة تغري ابناءها بالبقاء فيها ، بعكس بيئة قطاع غزة الطاردة للسكان .

هذه النتيجة تقود الذين يمتلكون بعض الذاكرة الى الجدل الذي شهدته الساحة الفلسطينية غداة ازالة المستوطنات من قطاع غزة .

فالحديث الذي جرى في ذلك الوقت كان يتركز حول جلب الاستثمارات الى القطاع وانعاشه اقتصاديا واحداث نقلة نوعية في حياة ابنائه .

الا ان التوتر الذي لعبت حركة حماس بعض الدور في اثارته ابقى ذلك الجدل مجرد تعبير عن امنيات حبيسة الصدور .

بعض جوانب اختلاف تجليات سياستي حركة الوطنية الفلسطينية وحركة الاسلام السياسي يعود الى منهجية التفكير والتدبير لدى الحركتين .

فقد ظهرت حركة حماس بصورة الطرف غير القادر على تحديد اولوياته ، بمحاولتها الجمع بين مقاومة مع وقف التنفيذ وسلطة حكم غير معترف بها الا من قبل الباحثين عن بؤر ملتهبة لتصدير ازماتهم مع المجتمع الدولي .

وفي المقابل تجاوزت فتح الضجيج الاعلامي ،الذي اثير حول مؤتمرها العام السادس ، واحتفظت بكامل خياراتها وهويتها السياسية ، وابقت الباب مفتوحا امام المناورة .

بهذه النجاحات استطاعت حركة الوطنية الفلسطينية ايجاد المناخات الملائمة لقطع خطوات اوسع ، يتمثل بعضها في انعقاد المجلس الوطني وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير ، والتخلص من حالة الترهل التي صاحبت العمل الوطني الفلسطيني خلال الاعوام الماضية ، ومن ثم بلورة صورة جديدة للشريك القادر على التوجه الى طاولة المفاوضات بقدرة اكبر على التمثيل والالتزام بما يتم التوصل اليه .

وبالتالي يجد المجتمع الدولي نفسه امام رسالتين فلسطينيتين ، احداهما لظاهرة اصولية استولت على الحكم بانقلاب ، ولا تتوانى عن استخدام العنف في تصفية الخصوم السياسيين ، والاخرى لحالة وطنية حددت سقفها السياسي منذ عقود ، ووطنت مشروعها الوطني بين جمهورها ، وتطمح لعصرنة المجتمع الفلسطيني وتكريس التعددية فيه ولا ينقصها دعم فصائل وقوى تاريخية ، الامر الذي يعني وصول حركة حماس الى طريق مسدود .

ففي حال مفاضلة المجتمع الدولي ـ الذي يترقب بحذر مبادرة الرئيس الاميركي باراك اوباما ـ بين الرسالتين ينحاز الى الطرف الاكثر مصداقية واقناعا وقدرة على تمثيل الطيف السياسي والتطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني لتنحسر خيارات الطرف الاخر وحظوظه.

ومع اقتراب المنعطف من الوصول الى نهاياته يجدر بحركة حماس اجراء مراجعات حقيقية في تفكيرها وسياساتها ومواقفها وتمسكها بأول امارة للاخوان المسلمين على حساب مصالح الشعب الفلسطيني ، وبات عليها ان تدرك ان الزمن لا يعمل لصالحها ، وان خلاصها يكمن في قبول الشركاء والبحث عن مقعد في قطار منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية قبل فوات الاوان .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاتيح جديدة لقراءة المرحلة المقبلة
- فتح تستعيد زمام المبادرة
- سلام الخريف !!
- تغريبة القدومي تعري الاعلام العربي
- قلق التسوية
- فوبيا سحب الجنسية
- الارتدادات العربية للمأزق الايراني
- متاهة الوطن البديل
- سباق شرق اوسطي في المتاهة الاميركية !!
- اوباما في دائرة الشك العربي
- معادلات جديدة ... لمرحلة مختلفة
- موسم الهجرة الى واشنطن
- قمة -العوالم- العربية
- مصالحات الوقت الضائع
- بوابة السلام الاقتصادي
- تسونامي الغموض الاميركي
- قبل اطلاق رصاصة الرحمة على خيار الدولتين
- سلام مشوه ... وازمات برسم التصدير
- ايران تخطف القطار الفلسطيني
- ازمة الخيارات الفلسطينية مع تلاشي حل الدولتين


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - مشارف الحسم الفلسطيني