أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جواد البشيتي - المقرحي أُفْرِج عنه.. و-الحقيقة- ظلَّت سجينة!














المزيد.....

المقرحي أُفْرِج عنه.. و-الحقيقة- ظلَّت سجينة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2748 - 2009 / 8 / 24 - 07:09
المحور: حقوق الانسان
    


إنَّ أحداً في عصرنا لا يَقْدِر أن يَخْدَع أحداً؛ أمَّا السبب، على ما بثُّوه في روعنا، أو على ما أقنعتنا به التجربة، فهو أنَّ "الحقائق"، و"الحقائق العارية"، غدت، على كثرتها وغزارتها وتنوُّعها، في متناولنا أبصارنا وبصائرنا جميعاً، فالباحث عن "الحقيقة"، في أيِّ أمر أو شأن، يكفي أن يُنْفِق قليلاً من الجهد والوقت حتى يتوصَّل إليها.

ربَّما كان هذا الذي قُلْت، أو قيل، هو النصف، أو الجزء، الممتلئ من الكأس؛ ولكنَّ "الحقيقة" لا تُدْرَك إذا لم نرَ، في الوقت نفسه، النصف، أو الجزء، الآخر، أي الفارغ (من الكأس نفسها).

إذا ما رأيناه فسوف نرى أنَّ عصرنا لا يضاهيه عصر لجهة قدرته على حجب وطمس وإخفاء.. وقتل واغتيال "الحقائق"، التي للأقوياء في عالمنا مصلحة في جعلها بمنأى عن الأبصار والبصائر.

إنَّه لزعم باطل أن يزعم أحدنا أنَّه يعرف "الحقيقة" في أمور وقضايا في منتهى الأهمية كـ "11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة"، و"غزو العراق"، و"انفجار وول ستريت"، و"موت عرفات"، و"اغتيال الحريري"؛ وأخيراً، "الإفراج عن المقرحي".

ولو تسنَّت لنا معرفة "الحقيقة"، أو "الحقائق"، في تلك الأمور والقضايا، وفي غيرها، على كثرتها، لآمنَّا بأنَّ بعضاً من الحقائق يفوق الخيال غرابةً.

لماذا أُفْرِج عن المقرحي؟ ولماذا أُفْرِج عنه الآن؟ بل، لماذا حُوكِم وعُوقِب وسُجِن؟

إنَّ "السبب الإنساني"، وهو أنَّه يوشك أن يموت (سيموت بعد ثلاثة أشهر على ما قال وقيل) بسبب مرضه الفتَّاك، هو ما يمكن أن يُصدِّقه إنسان من ذوي النفوس الكبيرة، والعقول الصغيرة، فـ "التعليل الإنساني والأخلاقي.."، في العالم الواقعي للسياسة التي فسدت كثيراً، لا معنى له إلاَّ معنى "تعليل النفس بالأوهام".

-إذا كان الإرهاب، قتلاً (أو قتلاً متعمَّداً) لمدنيين أبرياء عُزَّل، ولأطفال ونساء وشيوخ على وجه الخصوص، فيمكن أن نقول، ولو من حيث المبدأ، أنَّ الولايات المتحدة وليبيا قد تبادلتا شيئاً من هذا الإرهاب، إذ قتلت الولايات المتحدة بغارتها الجوية الشهيرة مدنيين ليبيين، وإذ "انتقمت" ليبيا بتفجيرها طائرة مدنية (تطير بمدنيين أبرياء عُزَّل) تابعة للولايات المتحدة، فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية في بريطانيا.

يُفْتَرَض أنَّ الأمر قد سُوُّي وانتهى، بحسب شريعة حمورابي، فالعين كانت بالعين، والسن كانت بالسن؛ ولكنَّ ليبيا أُرْغِمَت على تسويته وإنهائه بما يُخالِف تلك الشريعة، فاعترفت، في اتفاق بينها وبين بريطانيا والولايات المتحدة، بمسؤوليتها عن تفجير الطائرة، متعهدةً بالتعويض المالي لكل عائلة من عائلات الضحايا (270 عائلة، نالت جميعاً تعويضاً مالياً مقداره 2.7 بليون دولار).

وإلى هذا التعويض المالي السخي أضيف "الجاني"، فليبيا المعترفة بمسؤوليتها عن التفجير أرسلت المقرحي ليُحاكَم ويُعاقَب ويُسْجَن، ولْيُفْرَج عنه "قبل ثلاثة أشهر من موته المتوقَّع أو المحتَّم".

وعاد المقرحي إلى بلده وعائلته، واسْتُقْبِل استقبال الأبطال..

أمَّا ما أدهشني فهو قوله إنَّه سيتوفَّر في الأشهر الثلاثة المقبلة، والمتبقية من حياته، على الإتيان بأدلة تُثْبِت براءته، أو شيئاً منها!

ليبيا "تنتقم"، عملاً بمبدأ "العين بالعين"؛ ثمَّ تعتصم بحبل الصمت؛ ثم تعترف بمسؤوليتها؛ ثمَّ تعوِّض ذوي الضحايا تعويضاً مالياً سخياً؛ مرسِلةً المقرحي إلى السجن في اسكتلندا؛ ثمَّ "تشتري" هذا الإفراج عنه بـ "الذهب الأسود"؛ ثمَّ تستقبله استقبال الأبطال؛ فافْهَم إذا ما استطعت إلى الفهم سبيلا!

"المرتشون نفطياً"، قبل ومن أجل قبولهم الإفراج عن "الجاني" المقرحي، أنكروا واستنكروا، ولبسوا لبوس "فضيلة" أسيء فهمها، واستذرعوا بـ "حسِّهم الإنساني المرهف"!

أمَّا ليبيا فعادت إلى "شريعة حمورابي" في الاستذراع والتبرير، قائلةً إنَّ الرئيس البلغاري كان على رأس مستقبلي "مجرمين" قتلوا 400 طفل ليبي بريء.. لقد أفرجت عنهم ليبيا، فاستقبلوا استقبال الأبطال في بلغاريا!

كان على ليبيا أن تقول ذلك حتى "لا يُساء فهم" الاستقبال الحار الذي حظي به "الجاني" المقرحي لدى عودته إلى وطنه وعائلته.

أدهشني المقرحي إذ قال إنَّه سيبذل قصارى جهده للإتيان بدليل براءته؛ ولكنَّ سيِّد البيت الأبيض باراك أوباما أدهشني أكثر إذ وصف استقبال المقرحي بأنَّه "مشين ومقزِّز"، ضارباً صفحاً عن تلك الحقيقة "المشينة والمقزِّزة"، والتي، لا ريب، في أنَّه يعلمها، ويعلم أهمية وضرورة الاعتصام عن النطق بها.

إنَّ "المشين والمقزِّز" حقَّاً هو "السبب الحقيقي" الذي حَمَل "السجَّان" على الإفراج عن "السجين"، فبئس عالَمٍ تَسيَّس فيه الفساد هذا التسيُّس، وفسدت فيه السياسة هذا الفساد!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الأوتوقراطية التجارية-.. في رمضان!
- جمهوريات -العائلة المقدَّسة-!
- نساؤنا في عهدهن -السيداوي-!
- رمضان على الأبواب.. فَلْتُشْعِلوا نار الغلاء!
- فلسطين لن تكون -إمارة رفح- ولا -إمارة أندورا-!
- الأمير الشهيد الشيخ عبد اللطيف موسى!
- إنَّه قانون شهريار وسايكس وبيكو!
- نماذج نووية جديدة أربعة
- في -الأجندة الخاصة- وأصحابها!
- سنة على موت -هوميروس فلسطين-!
- العبوس.. عربياً!
- موت -الخبر-.. في الجريدة اليومية!
- هكذا يُحارَب -التوطين-!
- إذا لم يكن من -التطبيع- بُدٌّ..
- إذا سلَّمْنا ب -نظام القضاء والقدر-.. فهل إرادتنا جزء منه؟!
- أوَّل غيث -التطبيع الجديد-.. -مقالة-!
- ماركس إذ بُعِثَ حيَّاً!
- -الشيخ جرَّاح- هو -رودوس- التي تتحدَّى أوباما!
- لِيُعْقَد في -بيت لحم- ولكن ليس في -بيت العنكبوت-!
- من -أزمة الحل المرفوض- إلى حل -الحل المفروض-!


المزيد.....




- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...
- الفيتو الأمريكي.. ورقة إسرائيل ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحد ...
- -فيتو-أمريكي ضد الطلب الفلسطيني للحصول على عضوية كاملة بالأم ...
- فيتو أمريكي يفشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأ ...
- فشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ...
- فيتو أمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- الرئاسة الفلسطينية تدين استخدام واشنطن -الفيتو- لمنع حصول فل ...
- فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جواد البشيتي - المقرحي أُفْرِج عنه.. و-الحقيقة- ظلَّت سجينة!