أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - حشو عصب














المزيد.....

حشو عصب


فاتن واصل

الحوار المتمدن-العدد: 2747 - 2009 / 8 / 23 - 08:05
المحور: الادب والفن
    


دخلت تسبقه ووجهها يبدو كما لو كانت خارجة لتوها من معركة جلسا فى البدء متجاورين ثم التقط كل منهما مجلة ملونة ذات أوراق لامعة بالغة التفاهة ثم استغرقا فورا وبكل جدية كل فى مجلته .. تبدو على وجهها علامات السنين ترتدى طرحة على طريقة حجاب هذه الأيام بيضاء ونظارة بإطار معدنى ذهبى رفيع يضفى عليها وقار , ملامح غادرتها الجاذبية تماما ولكن المؤكد أنه ليس بسبب الزمن ترتدى بلوزة من قماش حرير صناعى يغلب عليه إحساس بلاستيكى من نوعية " إغسل وإلبس " ذات نقوش صغيرة باهتة وجونلة سوداء اللون طويلة تعفرت عند الأطراف من تراب الشارع و" سابو " عريض ذو كعب قصير يزيد من فلطحة قدميها اللتين تشابكتا فى إهمال غير أنثوى بالمرة مباعدة بين ركبتيها وفخذيها الذين يلتقيا فى نهايتيهما ببطن مدلى فى سماجة وبرود على الفخذين ملتحفا بالبلوزة باهتة الألوان ..
تحرك الرجل الذى دخل يتبعها بعيدا ليجلس على كنبة جلدية تتيح له صقيع هواء المكيف بدرجة أكبر من وضعه السابق بجوارها.. مصرَان على حالة التباعد والانفصال التى دخلا بها .. هو أفضل حظا منها فى مظهره ..ملامحه لم يصبها الزمن كما فعل معها ولم يتلفها الخواء تماما كما ظهر فى عيونها , يرتدى الجينز وفانلة نبيذية اللون .. معجب بنفسه لدرجة ملحوظة .. بدا ان كل منهما يعيش فى عالمه الخاص ..
رن تليفون محمول ما بنغمات وصوت فيروز " زورونى كل سنة مرة " وبدأ صوته يتعالى لدرجة حطمت هدوء العيادة لدرجة جعلت كل الموجودين يوجهون عيونهم نحو مصدر الصوت بما فى ذلك زوجها لافتا إنتباهها بحركة من رأسه ومحركا يده فى إتجاه الصوت الصادر من حقيبتها فتنبهت بعد برهة أنه تليفونها ففتحت حقيبة يدها ذات الحجم الكبير والذوق المتدنى ببطء شديد لترد " أيوة .. السلام عليكم ..!! " بصوت يفتقر لأى درجة من درجات الدفء أو الاحساس تسأل عن المتحدث ..
إنصرفت عنها بتركيزها فهذه النماذج تقتلها .. وإذا بها تقع فى شرك آخر خلال وقت الانتظار القاتل فى عيادة طبيب الأسنان حيث ضغطت الممرضة الحسناء على جهاز التحكم عن بعد وقامت بتشغيل التليفزيون على المسلسل التليفزيونى اليومى وكأنما بهذا أرادت ان توقف الحديث التليفونى المزعج للسيدة ذات البلوزة الباهتة والكرش المتدلى بإزعاج أكثر تسرية لها .. واستغرقت فى متابعة التليفزيون ..
أخذت تتأمل الملامح الدقيقة للممرضة النوبية السمراء بعيونها المليحة ذات البسمة العفوية والنظرة المنسدلة لأسفل بدلال لا متناهى من الواضح أنها تدربت عليها طويلا .. الممرضة العشرينية العمر محجبة ولكن بما لا يخفى طابع الحسن الذى ينضغط برقة ودلال على نهاية ذقنها .. تتكحل على طريقة بنات النوبة , كحل يضفى عليها جمال ويظهر عشقها لأنوثتها واعتزازها الشديد بنفسها وتعكس الابتسامة المرتسمة على وجهها إعلان خفى أنها تخبىء الكثير الذى تعد به العيون الشغوفة .. هذا شىء تورثه الأمهات لبناتهن دون قصد ..
جاء دورها فتنفست الصعداء ونهضت بسرعة لعلها تتخلص من ضوضاء الانتظار ..اليوم هو يوم حشو العصب أى أنها ستقابل الطبيب الآخر ذو اللحية والابتسامة اللزجة ليعطى إنطباعا مستمرا بالسخرية من أى أنثى تعرف هى هذا النوع من الرجال المتدينين .. بادرته " مساء الخير " فرد .. " وعليكم السلام وحمة الله وبركاته "
كان من خلفية إجتماعية تنتمى لطبقة فوق المتوسطة وظهر هذا جليا من الإطار الأنيق لنظارته ونوعية الملابس التى يرتديها مما أضفى على مظهره غربة وزيف يؤكدان أن اللحية والزبيبة على جبهته ليست إلا شكل بدون مضمون ..كان يغلب على كلامه ثقة عالية بالنفس وبعض التعالى أنه يمتلك ما لا يمتلكه الغير من عقل ومنطق .. و أنه وحده منفرد بالمعرفة وكل من عداه جاهل ... طالما استفزها هذا النموذج لكن ما باليد حيلة هى الآن تحت قبضة يده وعليها أن تستسلم وتسلم انها الطرف الأضعف ... بدأ فى حوار تمنت من كل قلبها ألا يبدأه أبدا ... سألها إن كانت مسلمة فردت بالإيجاب بادرها بسؤال ولماذا لا ترتدين الزى الاسلامى .. ! ردت بابتسامة " قصدك حجاب يعنى والذى منه ..؟ " فرد سريعا قبل أن تنهى سؤالها " نعم " ولكن دون ود ولو مفتعل .. كانت قد لاحظت تسرب نظرته لما وراء فتحة بلوزتها واحتاجت لأن تضع يدها على صدرها حتى لا تسمح بمزيد من التسرب .. قالت بعد تردد " معلوماتى أنه ليس فرض " .. توقف عن العمل داخل فمها المفتوح والذى كان يسمح لها باستخدامه فقط لترد باقتضاب على اسئلته ثم يعود للعمل مرة أخرى وقد قطب جبينه وسحب ابتسامته المرسومة بافتعال وبادرها بصوت مرتفع قليلا " مين قالك الكلام ده ... " وبدأ فى خطبة عصماء وكأنه يعتلى منبر واستطرد فى الوعظ يعلو بصوته تارة وينخفض تارة أخرى ويستغفر ويسرد الآيات والأحاديث .. وهى ترقبه فاغرة عينيها مستسلمة كما لو كانت تجلس على الكرسى الكهربائى إنتظارا لتنفيذ حكم الإعدام .. تلعن اليوم والساعة التى وقعت فيها تحت يده .
إنتهى منها .. فاندفعت الى الشارع بكل ما أوتيت من سرعة هاربة من حفل الضوضاء الصاخب فى العيادة والجنون الذى يحاصرها من كل زاوية .. ارتمت داخل سيارتها لا تلوى على شىء .. تمتلئ مخيلتها بالسيدة زائرة العيادة ذات الكرش المتدلى لا تعرف لماذا تلح صورتها على عيونها وذاكرتها .. ما الذى تحمله هذه السيدة عديمة كل شئ لتشغلها الى هذا الحد ..! إنطلقت مسرعة فى محاولة للإبتعاد بقدر المستطاع ....... و




#فاتن_واصل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطواق
- قبعة
- إنسحاب ..
- أماكن
- كانت قصة قصيرة


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - حشو عصب