أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حامد حمودي عباس - لقيطة .. وقضيه .














المزيد.....

لقيطة .. وقضيه .


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2747 - 2009 / 8 / 23 - 05:52
المحور: المجتمع المدني
    


في احدى ليالي العراق ، وبينما كانت سماء المدينة تنذر بهطول المطر ، والندى المنبعث من أجواء المدينة الغافية على ضفاف نهر الفرات ، يترك أثره في اكساب الارض والجدران لمعانا تعكسه أضوية السيارات المسرعة الى بيوتها ، كانت أم حسن تحث الخطى مع ابنتها الكبرى سناء الى دارها ، بعد أن أتمت للتو قيامها بواجب عيادة ابنة احدى قريباتها المصابة بداء ( الحصبه) .. الطريق كانت مظلمة تحيطها أشجار المتنزه الوحيد في المدينة ، مكونة سياج يحجب حافتها اليمنى عن مساحات خالية ، طالما أوعدت دار البلدية بانها ستقوم بتوزيعها على المواطنين الفقراء .. سارت أم حسن بخطى متسارعة لتسبق هطول الامطار ، فهي ليست لديها غير هذه العباءة ، ومنذ زمن بعيد لم يتمكن ابو حسن من شراء واحدة اخرى لها رغم الحاحها المستمر ، وكان عذره باستمرار هو أنها عليها ان تصبر الى رمضان القادم ، ولم تكن تعرف لماذا رمضان بالتحديد ، ولم يفي ابو حسن بوعده رغم مرور رمضانين على ذلك الوعد ..

ابنتها الكبرى سناء والتي كانت تسير بمعيتها هي الاخرى تعاني من التهاب حاد في المراره ، ادخلها المستشفى الحكومي عدة مرات لتخرج بدون نتيجه ، وكثير ما الحت على زوجها العاطل عن العمل أن يدخلها مستشفى في بغداد ، لأنهم يقولون ان مستشفيات بغداد فيها شفاء أكيد لمرضها ، لكنه وفي كل مره ، يطرق برأسه الى حيث يوحي لها .. بالعين البصيره واليد القصيره .

حينما بلغتا زاوية حادة من الطريق ، وكان عليهما الالتواء معها باتجاه الدار التي اصبحت قريبه ، سمعت سناء صوت هو أشبه بعواء حيوان صغير ، خمنت في بداية الامر بانها قطة أو كلب مولود حديثا يقبع ليس بعيدا عنهما ، سارت الام مسرعة غير آبهة بنداء ابنتها والتي صاحت بها ان تناولها علبة الكبريت التي معها ، ودار بينهما حوار سريع –
- امي .. ناوليني علبة الكبريت .
- ماذا تفعلين بها في هذا الوقت ، اسرعي فالدنيا ظلام والطريق خاليه .
- ناوليني العلبه ، لأرى مصدر هذا الصوت ، فانا أشك بانه صوت لطفل او طفله .

تراجعت الام مرغمة الى حيث ابنتها ، وناولتها الكبريت لتضيء المكان ، وقفزت الى الخلف فزعة لما رأته أمامها ، انه مولود لم يبلغ من عمره حسب تخمينها الا يوم واحد لا غير، كان عاريا تماما ، وجسده يرتجف بعنف بين لحظة واخرى ، رأسه يتحرك يمينا وشمالا وقد اندس بكامله تحت خصلة من نبات الحلفاء الخشن ، تحركت الام لتكمل سيرها وبخطى اسرع من السابق ، بينما توقفت سناء لتتفحص المولود وترفعه من مكانه ، صرخت بامها ان تعينها في انارة المكان لترى ما بين يديها بوضوح ، لم تستطع الام الا ان تلبي الطلب رغم تكرار دعوتها لابنتها بترك المكان وعدم التورط بهكذا ورطة .. لقد كانت انثى ، وقد اكتسى جسدها بافواج من النمل الاسود ينهش جسدها الغض وخاصة عند منطقة الرقبه ، وكان التراب يلطخ وجنتيها ويتجمع عند منطقة الحنك ، ومن حسن الحظ فان العينين كانتا مغمضتين كالعادة في مثل هذا العمر ، حيث خمنت سناء بان ضررا لم يصبهما .. احتضنت الطفله تحت عبائتها وتلفتت من حولها لتسبق امها بالمسير، متجاهلة سيل السباب الآتي من والدتها وهي تامرها بالقاء الطفله والابتعاد عن شر محدق ، سارتا حتى وصلتا الدار لتدخلا معا ، والطفلة لا زالت تصدر اصواتا خافتة متقطعه .. تخلصت سناء من عبائتها مرة واحده بحركة من رأسها لترى الطفلة على ضوء الفانوس ، حيث كانت الكهرباء مقطوعة كعادتها في اوقات كهذه ، وحينما رأت بقايا للنمل على جسدها ، هرعت الى الحمام لتشطف الطفله على عجل وبماء كانت تهيؤه يوميا في قدر معدني كبير تحسبا لانقطاع ماء الأسالة الحكوميه .

مزقت خرقا لا على التعيين لتلف الجسد العاري الصغير، وهي تنادي زوجها الممدد في الغرفة المجاوره يدخن الشيشه مع والدها ، وهم يندبون حظهم العاثر في الحصول على الرزق الوفير أسوة بآخرين توفرت لهم ظروف السفر الى عمان والعمل هناك في قطاع البناء .
- محمد .. تعال الى هنا وانظر ما لدي .
جاء الزوج ليحدق بعد ان رفع الفانوس الى الاعلى ليمعن النظر الى حيث اشارت له زوجته .
- ما هذا .. من اين لك تلك المصيبه .
- محمد .. لقد عثرت عليها قبل قليل في المتنزه بين الاشجار ، ويبدو بان احدا قد القى بها خشية الفضيحه ، وقد قررت تربيتها مع اولادنا الثلاثه ، فماذا تقول ؟ .
نظر الرجل الى وجه زوجته ، وهو يشعر بعلامات التوسل تقطر منها بغية الحصول على موافقته ، ولكن من أين له ان يتحمل ثقل بشر رابع الى جانب ابنائه ، والذين طالما تندر مع اصحابه حيث يقول لهم .. عندي آفات بشرية تسحن الحديد هم ابنائي الثلاثه .
- ماذا علي ان افعل الآن ؟ .. قالها وبصوت يبدو عليه الارهاق .
- لا احتاج الا لعلبة حليب مجفف ، حاول الحصول عليها من أي محل لك مع صاحبه مودة .. اسرع فالطفله جائعه .

منذ تلك اللحظات ، وكريمه ، البنت ذات التسلسل الرابع من بين أبناء محمد وسناء ، تعيش كما وأنها ولدت في ذلك البيت ، وحينما يتحدث أحد في حضرتها عن جانب من قصتها ، تثور ثائرة والدتها سناء وهي تحاول الحيلولة دون التسبب بخدش مشاعرها بأي حديث له صلة بقصتها القديمه..
ترى .. أين يمكن أن تكون صاحبة الفعلة التي أنجبت كريمه ؟؟ .. وأين هو والدها الحقيقي ؟ .. أتراهما يعلمان بمصيرها ؟ ..

ما هو أكيد بنظري ، فان الأم هي التي قد تكون حامت حول المكان بعد حين ، للتأكد من وجود طفلتها من عدمه ، أما الأب فأنا متيقن بأنه لم يعبث بوقته ومشاعره لفعل ذلك ، انه يفتقد لعاملين يتوفران في الام وليس لديه منهما شيء ، ألأول هو الحنان الانثوي العظيم والذي تتمتع به الام مهما كانت صلتها بما تنجب ، والثاني هو شعورها بمسئولية ما فعلت ، ولذا فهي مرتبطة بنتاج ذلك الفعل .. ويبقى الطرف الآخر ، الرجل ، الفحل الأعلى مقاما بشروط الدين والعرف والتقاليد ، أبعد من أن يفقد وقتا يزيد عن وقت اكتسابه لذة اللقاء ، يوم تسبب في انجاب طفلة التقطها المارة عن طريق الصدفه .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف لأمة أن تحيا وفيها من يحكم على المرأة بالفجور، لو كشفت ع ...
- ألشعب العراقي بين رحمة جامع ( براثا ) وفلسفة الرضوخ للعقل
- لنعمل معا من أجل وحدة الصف العلماني التقدمي بكافة أطيافه وتو ...
- بين أضرحة وفقراء .. وحناجر تهتف للسماء .. ألعراق يعيش ألأمل ...
- لا زلنا نتصدر قائمة ألأمية في العالم
- ليتوقف فورا تنفيذ حكم الاعدام بالنساء العراقيات في سجون بغدا ...
- علمانيون ومتعلمنين .. ظاهرة جديده تستحق الانتباه !
- أطفالنا يهددهم مستقبلهم المشحون بالوباء .. أين الحل ؟؟
- لماذا الدين الاسلامي دون الاديان الأخرى ؟؟
- لتتوحد كافة الجهود العلمية من أجل إيقاف ظاهرة التصحر في العر ...
- نعم لمبادرة الدكتوره وفاء سلطان والدكتور سيد القمني في إحياء ...
- منشور خطير كاد يطيح بنظام الحكم في العراق
- أفكار حول إشكالية الهجرة من الريف الى المدينة في العراق .. م ...
- من مظاهر إنحسار الرقي العربي والاسلامي في بلدان اللجوء
- واحة من ذكريات عن مدينة كان يزهو العيش فيها .. وغدت خرابا تن ...
- بين واقع مزري لأمة يقتلها ( محرروها ) .. وبين المشاعر الكاذب ...
- سيد القمني .. مصر قالتها فيك قولة حق .. فالف مبروك .
- ألاستاذ شامل عبد العزيز .. وجهده المتميز لبيان تأثير التيارا ...
- في محافظة ديالى .. كانت لي هذه الحكايه .
- بين تمرد مشوب بالقلق .. ومصير مجهول .. هل من قرار ؟؟


المزيد.....




- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حامد حمودي عباس - لقيطة .. وقضيه .