أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - محمد منير مجاهد - الأثرياء الجدد واستلاب البرنامج النووي المصري















المزيد.....

الأثرياء الجدد واستلاب البرنامج النووي المصري


محمد منير مجاهد

الحوار المتمدن-العدد: 2746 - 2009 / 8 / 22 - 09:01
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


مع تقدم العمل في تنفيذ البرنامج النووي المصري، يتزايد هجوم رجال الأعمال الراغبين في الاستثمار السياحي لموقع المحطة النووية الأولى بالضبعة، وفي هذا السياق تصاعد هجوم الدكتور إبراهيم كامل على البرنامج النووي في حديثين نشرا في نفس الأسبوع في مجلتين أولهما الأهرام الاقتصادي (10 أغسطس 2009) وثانيهما المصور (12 أغسطس 2009).

عكس تناول رجل الأعمال للبرنامج النووي المصري عامة ومشروع المحطة النووية في الضبعة خاصة قدر كبير من الجرأة والقوة، لكنها جرأة الاجتراء على الحق، فسيادته وإن كان رجل أعمال من الطراز الأول في مجالات السياحة والتنمية العقارية، إلا أنه لا يملك المؤهلات العلمية ولا الخبرة العملية التي تمكنه أن يتناول مثل هذا الموضوع بالجدية الواجبة فهو حاصل على بكالوريوس تجارة وخبرته كلها في السياحة والعقارات، لهذا فإن ما جاء بحديثه المذكور هو كلام مضلل يدخل في باب تزييف وعي الجمهور ومن ثم نجد من واجبنا تجاه الرأي العام توضيح الحقائق التالية:

أولا: يقول الدكتور "المشروع لا يتعدى توليد شوية كهربة" ولا يعني أننا "حنفرتك الدنيا نوويا"، وهو قول ليس غريب على الأثرياء الجدد في نظرتهم لكل إنجازاتنا العلمية المادية والحضارية، فالسد العالي أيضا لا يتعدى "شوية ميه وشوية كهربة"، وقناة السويس "مجرد ترعة تصل البحرين الأحمر والأبيض"، وحديقة الحيوان "شوية حيوانات وشجر ويجب نقلها لاستثمار موقعها عقاريا"، وهكذا... فالحقيقة أن برنامج المحطات النووية المصري لا تقتصر أهميته على توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر - (وهو ما سنحتاج إليه بشدة وعلى نطاق واسع خلال العقود القادمة)- ولكن تكمن وتتعاظم أهميته الإستراتيجية والاقتصادية والفنية والعلمية فيما يلي:

1. الحفاظ على موارد الطاقة البترولية (الزيت والغاز الطبيعي) وهي موارد ناضبة وغير متجددة ولذا يجب التعامل معها بحرص وحكمة حتى لا نحرم الأجيال القادمة من مصادر هامة للتنمية المستدامة والمستقلة، خاصة مع محدودية مصادر الطاقة البترولية في مصر، وعدم وجود مصادر يعتد بها من الفحم واستغلال معظم الطاقة المائية المتاحة، ورغم وجود إمكانيات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح فإن هذه الطاقات المتجددة لا زالت غير اقتصادية لتوليد الكهرباء بالقدرات الكبيرة التي تتيحها المحطات التقليدية أو النووية، وذلك بسبب عدم انتظامها وانخفاض كفاءتها، وبالنسبة للطاقة الشمسية يضاف إلى ذلك الحاجة إلى منظومات تحكم معقدة وباهظة التكلفة لتتبع حركة الشمس، ومنظومات لتخزين الطاقة الشمسية لاستخدامها ليلا.
2. استخدام زيت البترول والغاز الطبيعي كمادة خام لا بديل لها في الصناعات البتروكيميائية وصناعة الأسمدة بدلا من حرقها لتوليد الكهرباء، وبالتالي تعظيم القيمة المضافة.
3. تخفيض معدلات استيراد المنتجات البترولية لكافة الاستخدامات التي تتزايد عاما بعد عام رغم التوسع في استخدام الغاز الطبيعي، والتي أصبحت مصر مستورد صاف لها في السنوات الأخيرة.
4. رغم أن مصر ليست دولة منتجة لليورانيوم وأنها سوف تضطر لاستيراده إلا أن أسعاره منخفضة وتتميز بالثبات النسبي ومن ناحية أخرى فإنه بسبب صغر حجم الوقود المطلوب فإنه يمكن استيراد وتخزين الوقود المطلوب لعدة سنوات وهو ما لا يمكن حدوثه بالنسبة للمحطات التي تعمل بالوقود الأحفوري (البترول والغاز الطبيعي والفحم)، فالمحطة قدرة 1000 ميجاوات تحتاج سنويا إلى 25 طن يورانيوم، في مقابل 1.5 مليون طن بترول، أو 2.5 مليون طن فحم.
5. في حالة اضطرار مصر لاستيراد فحم لتشغيل محطات بخارية تدار بالفحم (كبديل للبترول) فإن خطوط النقل ستكون طويلة (جنوب إفريقيا – أستراليا – شمال أوروبا) ولتأمين الإمدادات يجب إنشاء أماكن تخزين بالغة الضخامة، ومن ناحية أخرى فإن الآثار البيئية للفحم بالغة الضرر وكبيرة ولتقليلها يجب استخدام تكنولوجيات مكلفة للغاية.
6. حماية البيئة من التلوث نظرا لأن المحطات النووية لا ينتج عن تشغيلها العادي انبعاث غازات ملوثة للبيئة مثل أكاسيد النيتروجين التي تسبب الأمطار الحمضية أو ثاني أكسيد الكربون الذي يساهم في زيادة تأثير الصوبة الزجاجية (الاحتباس الحراري) ويرفع من درجة الحرارة سواء في المنطقة المحيطة بالمحطة أو على مستوى الكرة الأرضية، وبالطبع لا ينتج عنها رماد أو غيره من الجزئيات العالقة بالهواء.
7. تطوير الصناعة المصرية من خلال برنامج طويل المدى لإنشاء المحطات النووية تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلي طبقا لخطة واضحة وملتزم بها، مما سيحدث نقلة ضخمة في جودة الصناعة المصرية وإمكاناتها ويزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية بسبب المعايير الصارمة للجودة التي تتطلبها صناعة المكونات النووية والتي ستنتقل بالضرورة إلى صناعة المكونات غير النووية التي تنتجها نفس المصانع، مما يحقق هدفين عزيزين على قلب كل مواطن وهما تعميق دور الصناعة في تنمية مصر وزيادة الصادرات المصرية مما يقضي على البطالة ويرفع مستوى معيشة الشعب، وهو ما فعلته دول أخرى كالهند وكوريا الجنوبية.
8. خلق طلبا مجتمعيا على البحث العلمي وهي المشكلة الرئيسية التي يعاني منها البحث العلمي في مصر وفي العديد من البلدان النامية، أي غياب الطلب المجتمعي على البحوث والتطوير في هذه الدول التي تكتفي باستيراد التكنولوجيا من الدول المنتجة لها، حيث يمكن لبرنامج المحطات النووية أن يكون بؤرة للبحث العلمي والتطوير، فالتكنولوجيا النووية ليست فقط الفيزياء النووية ولكنها وثيقة الصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتكنولوجيا المواد الجديدة والهندسة المدنية والميكانيكية والكهربية وبعلوم البيئة وغيرها.
9. تحقيق قدر من التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل من خلال ما يسمى بالردع بالمعرفة، وذلك بتبني برنامج طموح للاستخدامات السلمية للطاقة الذريـة وفي القلب منها إنشاء محطات قوى نووية، ولسنا بحاجة للتدليل على أن هناك دولا متقدمة في التكنولوجيا النووية السلمية ولا تمتلك أسلحة نووية مثل ألمانيا واليابان أقوى بما لا يقاس من دول نووية مثل الهند وباكستان.
10. تنامي الحشد الوطني والقومي الذي يمكن أن تؤدي إليه معركة تنفيذ برنامجنا النووي بجدية، في وجه القوى الخارجية والداخلية المناوئة لانطلاقة مصر وتبوءها لمكانتها اللائقة بها كدولة قوية ناهضة وكوطن حر ومستقل مثلما فعلت معركة إنشاء السد العالي في منتصف القرن الماضي.

ثانيا: يزعم سيادته أنه لو أقيمت هذه المحطة في الساحل الشمالي (لاحظ "الساحل الشمالي" وليس في الضبعة فقط) وحدث تسرب أو أي حوادث فإن هذا سيقضي على مصر بالكامل، وذلك حسب قول سيادته لأن اتجاه الرياح في مصر هو الشمالي الغربي، وإذا مددنا قوله على استقامته وطبقا لما يحكيه فإنه إذا حدثت حادثة في جنوب فرنسا مثلا فإن الرياح الشمالية الغربية ستندفع حاملة الإشعاع ليصل إلى مصر فيدمرها، وينطلق إلى اليمن فيدمرها، ويلف الكرة الأرضية ليعود إلى شمال فرنسا فيدمرها، ويرجع إلينا مرة أخرى وهكذا إلى مالا نهاية، ولكن للعلم ولقوانين الطبيعة قول آخر يختلف عن هذا الحكي، فمن ناحية احتمالات حدوث حادثة كبيرة كحادثة تشيرنوبيل تكاد تصل إلى الصفر ليس فقط لأن المفاعلات المتاحة للتصدير من الدول النووية لا يدخل فيها مفاعلات من نوع مفاعل تشيرنوبيل، وسجل الأمان النووي لها على مدى الخمسين عاما الماضيين يشهد على هذا، ولكن أيضا بسبب التحسينات المستمرة في مستوى الأمان النووي بهذه المفاعلات وهو أمر سيستمر كما هو الحال بالنسبة لبقية التكنولوجيات إلى ما شاء الله، ومن ناحية أخرى فإنه لو حدثت مثل هذه الحادثة - لا قدر الله - فإن انتشار الملوثات سواء في الماء أو الهواء تخضع لقانون الانتشار الذي يوضح أن تركيز المادة الملوثة (المشعة في حالتنا) يقل كلما بعدنا عن مصدر الإشعاع، وفي حالة حادثة تشيرنوبل فقد تم إجلاء السكان (وليس إصابة السكان) من دائرة نصف قطرها 30 كيلومتر فقط، وفي تشيرنوبيل فقد ظلت الثلاث محطات الأخرى التي لم تتعرض للحادث تعمل حتى عام 2000.

ثالثا: يزعم سيادته أن الذين درسوا هذا الموضوع لا يفكرون بشكل منطقي (الأهرام الاقتصادي)، ونقول له من تواضع لله رفعه، والثراء لا يعطي للأثرياء الحق في أن يتحدثوا فيما لا يعرفون أو الاجتراء على أقدار المتخصصين الذين درسوا هذا الموضوع وجدواه الفنية والاقتصادية، ودرسوا الموقع وخصائصه لسنوات طويلة، وعمل معهم في هذا شركات عالمية متخصصة وراجعت أعمالهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخبرائها المتخصصين، وقد كنا نتوقع من شخص حصل على الدكتوراه من جامعة راقية كجامعة "ميتشجان" أن يعرف نسبية العلم وأن لكل منا مجاله الذي يمكن بالطبع أن يصيب فيه أو أن يخطئ، ولكن من يراجعه ويصححه يجب أن يكون من نفس المجال والتخصص والخبرة.

رابعا: يحدثنا الدكتور إبراهيم كامل حديث "الخبير" عن الطاقة الشمسية وأنها البديل الأمثل للطاقة النووية لأنها تشرق في مصر على مدار 300 يوم في العام، يعني "حاجة ببلاش كدة"، ويظن المستمع أن كل ما عليه أن يفعله هو أن يخرج سلكا من شباك بيته كي يحصل على احتياجاته من الطاقة الكهربية، وهذا محض خيالات فحقيقة الأمر أن الكهرباء المولدة بواسطة الطاقة الشمسية أغلى بما لا يقاس من تلك المولدة بالوسائل التقليدية - الملوثة للبيئة - أو بالطاقة النووية، ولهذا فهي ليست مستخدمة في أي مكان في العالم إلا على المستوى التجريبي أو في المناطق البعيدة عن الشبكة الكهربية، وما دام سيادته متحمسا لهذا النوع فلماذا لا يستخدمه في منتجعاته واستثماراته العقارية، لا ليريحنا فقط من استخداماتها الكثيفة للطاقة الكهربية المدعومة له ولغيره من المستثمرين ولكن أيضا كي يعطي المثل لما يجب أن يكون عليه رجل الأعمال من ريادة وإقدام.

في الختام نقول للدكتور إبراهيم كامل ولزملائه من رجال الأعمال والأثرياء الجدد، إن الشعب المصري لن يسمح بسلبه أحلامه في التقدم وفي أن تأخذ مصر مكانها الذي تستحقه بين الأمم، كي يزداد ثراء الأثرياء ويزيد فقر الفقراء، وكما قال شاعر فلسطين محمود درويش "أنا لا أكره الناس .. ولا أسطو على أحد.. ولكني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي .. فحذار من جوعي ومن غضبي".



#محمد_منير_مجاهد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستيلاء على الضبعة يعني نهاية الحلم النووي
- التمييز الديني في التعليم بين الواقع والإنكار
- مستقبل الديمقراطية في مصر
- نحو إستراتيجية للتحرر الوطني الفلسطيني
- رد على مجدي خليل: جوهر القضية
- ملاحظات على محاضرة الأنبا توماس
- كرسي في كلوب الوطن
- ندوة على الهواء: تطوير للتعليم العالي أم تكريس للفساد والتمي ...
- بل نعم للعرب ونعم للعروبة
- مؤتمر شيكاغو خطوة صحيحة على الطريق
- الحلقة النقاشية مصريون في وطن واحد: التمييز الديني وكيف نقاو ...
- ندوة تخيلية عن القوانين والإجراءات الطائفية: شهادة غير المسل ...
- في ضيافة أبونا إبراهيم
- عن حرية الاعتقاد أتحدث
- مصريون ضد التمييز الديني وليسوا ضد الإجماع الوطني
- بل سنقاوم التمييز وندافع عن الإسلام


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - محمد منير مجاهد - الأثرياء الجدد واستلاب البرنامج النووي المصري