أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - يعقوب ابراهامي - الديالكتيك المستباح (أخيرة) : ما للماركسية ولنشأة الكون؟















المزيد.....

الديالكتيك المستباح (أخيرة) : ما للماركسية ولنشأة الكون؟


يعقوب ابراهامي

الحوار المتمدن-العدد: 2746 - 2009 / 8 / 22 - 09:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


"وهذه التجربة سواء نجحت ام فشلت تنفي نظرية الخلق ونظرية وجود قوة خارج الكون قامت بخلق الكون وتستطيع ان تنهيه بنفس طريقة خلقه." (حسقيل قوجمان)
ليس المهم هنا عن أية تجربة يتحدث قوجمان. ذكرنا في مقال سابق إنه يتحدث عن تجربة خيالية لم تحدث، ولم يكن في الأمكان أن تحدث.
كما لا نريد أن نبحث الآن إذا كانت الماركسية (و"قوانين" الديالكتيك) تسلح المرء بالأدوات اللازمة والكافية للخوض في أمور تتعلق بنشأة الكون و"نظرية الخلق". سنبحث في هذا بعد قليل.
كما لا نريد أن نتحدث عن "نظرية الخلق" نفسها وعن معنى كلمة "خلق". عن هذا أيضاً سنتحدث فيما بعد.

نريد الآن أن نفحص العلاقة بين النظرية والتطبيق التي تكشفها هذه الجملة المذهلة ل"مفكر ماركسي" ستاليني: "هذه التجربة سواء نجحت ام فشلت تنفي نظرية الخلق".
نحن هنا إذن أمام تجربة فريدة من نوعها. هذه التجربة إذا نجحت فإنها تنفي نظرية الخلق. وماذا إذا فشلت؟ إن كل تجربة، كما هو معروف، معدة للفشل والنجاح. هذا بالظبط هو السبب في إجراء التجربة. يقول لنا "مفكرنا الماركسي" : لا تقلقوا. هذه التجربة حتى إذا فشلت تبرهن أيضاً على نفي نظرية الخلق. هو يقول بالحرف الواحد: "هذه التجربة سواء نجحت ام فشلت تنفي نظرية الخلق". لماذا يقومون بالتجربة ، إذن، إذا كانت النتيجة واحدة، سواء نجحت أم فشلت؟

بماذا يذكركم هذا؟ ألا يذكركم بالمقولة الشهيرة : "إن قيام الإتحاد السوفييتي وانهياره يبرهنان كلاهما على صحة النظرية الماركسية "الستالينية"؟
استبدلوا بعض الكلمات بكلمات أخرى وستحصلون، مثلاً، على الجملة المفيدة التالية: إن نجاح تجربة بناء الإشتراكية في الإتحاد السوفييتي ، وفشل هذه التجربة، يبرهنان كلاهما على صحة "القانون" الستاليني حول إمكانية بناء الإشتراكية في قطر واحد.
هكذا يحمي المفكر الستاليني نفسه من "عواقب" مراجعة معتقداته النظرية وفقاً لحقائق الواقع القاسية.

لكي أكون منصفاً أقول إن قوجمان حاول أن يرد على انتقاداتي هذه. ولكني، كي أكون نزيهاً، أقول إني لم أر في رده أي تراجع عن قولته. كل النصوص نشرت في مقال سابق، وهي معروضة لحكم القراء.

الماركسية ونشأة الكون:
السؤال الآخر هو : لماذا يصر "مفكر ماركسي" على نفي نظرية "الخلق" رغم أن هذا ليس من اختصاصه على الإطلاق وليست لديه الأدوات اللازمة لذلك؟

هل جاءت الماركسية لتفسر لنا كيف نشأ الكون، أم جاءت لترينا كيف نبني مستقبلاً أفضل؟
هل كتب كارل ماركس في "الرأسمال" عن نشوء الكون ونظرية "الخلق" ، أم عن نشوء الرأسمالية ونظرية "القيمة الزائدة" (عفواً: قانون "القيمة الزائدة") ؟
هل الحكم في نظرية "الخلق" ، سلباً أو إيجاباً، هو من شأن الماركسية (والديالكتيك) ، أم هو من شأن العلوم المتخصصة بذلك؟ وماذا يعرف "مفكر ماركسي" عن آخر اكتشافات الفيزياء الحديثة لكي يدلي برأيه الفصل في نظرية "الخلق"؟

أجل. أنا أعرف إن "مفكرنا الماركسي" قرأ كتاب ستالين في "المادية الديالكتيكية والتاريخية". أنا أيضاً قرأت هذا الكتاب وأعرف ما ينقله ستالين عن هرقليتس. ولكن هرقليتس هذا عاش قبل آلاف السنين، وهو لم يسمع بالتأكبد عن "انفجار عظيم" حدث في نقطة متفردة (Singular Point) انعدم فيها الزمان والمكان وإنهارت فيها قوانين الفيزياء ثم "نشأ" عنها كون يختلف كل الإختلاف عن العالم الذي عرفه هرقليتس والذي يصفه بالكلمات التالية: "إن العالم، الكل في واحد، لم يخلقه اي اله أو اي انسان، بل انه كائن وسيبقى كائنا إلى الابد، يندلع اندلاعا منتظما ويخبو بانتظام".

أريد أن اؤكد: ليس في ما قلته أعلاه دفاع عن نظرية "الخلق" أو نفي لها. إنما أنا أعجب ل"الجرأة" الفكرية التي تدفع الإنسان إلى الخوض في أمور هي من صميم الفيزياء الحديثة رغم أن كل سلاحه هو كتاب ضحل في "المادية الديالكتيكية والتاريخية" و"إيمان" عميق بأن الديالكتيك هو "علم العلوم".

ماذا يقول "المفكر الماركسي" الستاليني عندما تصطدم وجهة نظره الفلسفية باكتشافات العلم الحديثة:
يقول "المفكر الماركسي" الستاليني : "المادية لا تؤمن بأن الصدمة الكبرى كانت خلق الكون من لا شيء".
إنتبهوا إلى كلمة "الأيمان" التي ظهرت فجأة في بحث علمي فلسفي. المفكر الستاليني لا "يؤمن" بنظرية الخلق ، لا لأن العلم أثبت خطأ نظرية "الخلق" ، بل لأن الفلسفة المادية (كما يفهمها هو) لا "تؤمن" بذلك. هو لا "يؤمن" بنظرية الخلق لأن الفلسفة المادية (كما يفهمها هو) لا "تؤمن" بأن الكون خلق من لا شيء.
وماذا سيقول "مفكرنا الماركسي" الستاليني إذا أثبت العلم إن الكون "خلق" من "لا شيء" ؟ (هذا ليس غريباً جدا ً و"لا يقبله العقل" كما قد يبدو للوهلة الأولى. عندما يبرهن العلم إن "الجزيئة الكوانتية" الواحدة تستطيع أن توجد ً في مكانين مختلفين في آن واحد، وعندما تظهر التجارب في المختبر إن الألكترون الواحد يمر من شقين مختلفين في آن واحد ، فإن ال"لا شيء" هو أيضاً لا "لا شيء" بل "شيء" آخر . نظرية الكوانتوم تقول إن داخل ال"لا شيء" تحصل تذبذبات (Fluctuations) للطاقة (لا تسألوني ما معنى هذا). وعالم الفيزياء جون بولكينغهورن (John Polkinghorne) يقول في كتابه عن نظرية الكوانتوم : "إن السؤال الذي يسأله رجل العلم، عندما تطرح أمامه فرضية جديدة، هو ليس : هل هذا معقول أم لا؟ بل: كيف تثبت ذلك". أما "المفكر الماركسي" الستاليني فالسؤال الذي يطرحه هو : هل هذا يتفق مع "قوانين" الديالكتيك أم لا؟ ).

نعود إلى سؤالنا : ماذا سيفعل "مفكرنا الماركسي" الستاليني إذا أثبت العلم إن الكون "خلق" من "لا شيء" ؟ لا شك إنه سيحاول أيجاد "تجربة" خيالية "تنفي نظرية الخلق سواء نجحت أم فشلت" ، وهكذا يوفر على نفسه عناء إعادة النظر في معتقداته الفلسفية.

يضرب لنا نيجيل كولدار(Nigel Calder) في كتابه "الكون في نظر آينشتاين" (Einstein s Universe) مثالاً للعواقب التي تنجم عن أولوية "المادية الديالكتيكية" على العلم. فهو يقول : "إن التأييد العلني لأفكار آينشتاين في الإتحاد السوفييتي لم يعلن عنه إلا بعد وفاة ستالين. ففي الأنسكلوبيديا السوفييتية لسنة 1925 ، مثلاً، كتب إن نظرية النسبية غير معقولة لأنها تخالف المادية الديالكتيكية."

وماذا يقول "المفكر الماركسي" الحقيقي عندما تصطدم وجهة نظره الفلسفية مع اكتشافات العلم الحديثة:
يقول المفكر الماركسي الحقيقي: "على الفلسفة المادية أن تغير صورتها مع كل اكتشاف كبير في حقل العلوم الطبيعية."
أو بعبارة أخرى: إذا حدث تناقض بين العلم والفلسفة المادية، فعلى الأخيرة أن تغير نفسها بحيث تلائم آخر الإكتشافات العلمية.
بقى أن نكشف إن "المفكر الماركسي" الحقيقي الذي اقتبسناه أعلاه هو فريدريك أنجلس لا غير.

كيف "خلق" الكون إذن؟
كل الدلائل تشير إلى أن العقل البشري لن يتوصل إلى الإجابة على هذا السؤال. نحن نعيش في كون هو ولادة "الإنفجار العظيم". العلم يعرف الكثير عما حدث بعد الجزء البليون من الترليون من الثانية بعد "الإنفجار". أما ما حدث في نقطة الصفر فالعلم لا يعلم شيئاً ولا سبيل إلى أن يعلم شيئاً على الإطلاق. العقل البشري لا يستطيع أن يفكر في "حوادث" وقعت في زمان "صفر" أو في زمان "سلبي" ، أي تحت الصفر . ولا تنفع هنا كل "قوانين" الديالكتيك. لا معنى للسؤال عما حدث في ساعة الصفر أو "قبل" ساعة الصفر.
يقول حائز جائزة نوبل في الفيزياء ليون ليدرمان : "أما ما حدث في نقطة البداية فلا يعلم ذلك إلا الله ". سوى إن الله هنا هو ليس "خالق السموات والأرض" الذي شق البحر لبني إسرائيل ، "عرف" مريم العذراء وأسرى بعبده ليلاً ، بل هو "الرجل العجوز" (THE OLD MAN) الذي قضى آينشتاين كل حياته في البحث عن "المعادلة" السرية التي كتبها ولم يجدها.



#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديالكتيك المستباح (4) : الأنفجار العظيم
- (الديالكتيك المستباح (3
- الديالكتيك المستباح (2)
- الديالكتيك المستباح (1)
- حسقيل قوجمان -يؤمن- بماركسية بلا كارل ماركس (أخيرة)
- حسقيل قوجمان -يؤمن- بماركسية بلا كارل ماركس (3)
- حسقيل قوجمان -يؤمن- بماركسية بلا كارل ماركس (2)
- حسقيل قوجمان -يؤمن- بماركسية بلا كارل ماركس (1)


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - يعقوب ابراهامي - الديالكتيك المستباح (أخيرة) : ما للماركسية ولنشأة الكون؟