أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - الاسلام والحرية1















المزيد.....

الاسلام والحرية1


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2746 - 2009 / 8 / 22 - 09:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن لإسلام كدين سماوي لا يراعي الفرد وحقوق الإنسان وإنما يراعي حقوقه التشريعية حتى وإن تعارضت مع حقوق الإنسان والحريات الفردية ومبدأ احترام الإعلام العالمي لحقوق الإنسان فعلاً وممارسة.


وكافة التشريعات في العالم لا تراعي الفرد ولا تكترث بحل مشاكله وأهوائه بقدر اهتمامها بمحاولة ارضاخ الفرد إلى القانون وسحبه نحن مواده وعقوباته وتحدد عقوبة المخالف للنظام وللقانون على حسب ما ينص القانون وحديثاً تم الأخذ بالأسباب المخففة ولكن حتى اليوم لا يؤخذ بالأسباب الفردية والنزعات والميولات النفسية.
هنالك مقولة يشرحها الفلاسفة وهي أن الإنسان يولد إمّا أفلاطونياً مثالياً وإمّا أرسطو طاليسياً مادياً , وبمقابل ذلك يشرح أهل القانون نظرية أو مقولة أخرى وهي أن الدولة إما أثينية تحترم روح الفرد وأهواءه وإما رومانية تحترم القانون والمؤسسات ولا تولي الفرد أي أهمية , فالقانون هو الأساس وكل المشكلات الفلسفية منذ نشأت الكون وحتى اليوم تنحصر في موضوعين هامين وهما : النزعة الفردية والالتزام بالسلوك الفردي من خلال احترام أهواء الفرد وملذاته بغض النظر عن تجاوب المؤسسات الرسمية والدينية معه أم لا فالفرد هو الأساس ويجب أن يُفصّلْ كل شيء على مقاسه تماما ً كسرير (بركست) الذي كان يقطع أرجل ضحاياه على حجم طول سريره , والنقطة الثانية والأبرز هي : احترام النظام والقانون دون تدخل نزعات فردية والإعلاء من سلطة الدولة والقانون والمؤسسات وتوثيق الروابط الأسرية باعتبارها صورة مصغرة عن شكل الدولة والنظام والقانون وأي خلل في شكل العلاقات الأسرية يعتبر تهديداً لشكل العلاقة السياسية والتنظيمية بين الفرد المواطن والدولة .

تتجمد كل حركات الإصلاح والتطوير حين يصبح النظام الديني قانوناً عاماً صالحا لكل زمان ومكان ٍ وحين ينكر الدين الإسلامي أنه حركة تطورية للفكر المسيحي كان المقصود منها تخليص الديانة المسيحية من اعتقادات الأقانيم الثلاثة , إلا أن الإسلام جعل من نفسه ديناً رسميا ً وقانوناً عاما ًيتحكم ُ بنظام الحكومة والفرد والأسرة ويفرض على الحريات الفكرية شروط عقيمة تمنع الإبداع والاستنتاج ويقهر في الفرد روحه المعنوية .

الفكر الديني علاقة فردية بين الإنسان وربه أو معتقده مهما كان ذاك المعتقد ولا يصلح الدين بأن يكون قانوناً مدنياً أو سياسياً .

أخذ الإسلام عن السريان دينه وعن الحثيين الآراميين لغته وأصبح خطنا العربي نفسه الخط السرياني مع أكثر استقامة للألف وللحروف الأخرى وأقل اعوجاجاً للراء حتى الحركات الإعرابية وضعها السريان وليس العرب وعلى فكرة نحن هم السريان وأنا كاتب هذه السطور انتمي للبقعة الجغرافية التي أتحدثُ عنها وذهبتْ عاداتنا وتقاليدنا وحلت محلها عاداتُ وتقاليد البدو ونسينا تراثنا وأصبح لنا تراث البدو ندافع عنه ونذود عنه بالسلاح واهمين أنه تراثنا وأصبح الدين قانونا يحكم ويرسم شكل العلاقات الأخوية والأسرية والجنسية والطائفية ودخل الدين في كل شيء في أسلوب أكلنا وشربنا ونومنا وطعامنا ومشينا حتى بدخولنا الحمام وبخروجنا منه , وعلى فكره ...لم يخرج القرآن خارج الإنجيل أو التوراة لأن القرآن لم يروي لنا قصة غريبة عن التوراة أو الإنجيل ولم يتحدث عن نبي أو رسول لم يتحدث عنه الإنجيل أو التوراة فكل قصصه مقروءة في التوراة وفي الإنجيل ومعروفة للرهبان وللأحبار ولم يخطر ببال مفسر للكتب السماوية هذا ألسؤال :لماذا لم يذكر القرآن على الأقل نبياً واحداً لم يذكره العهد القديم ؟ كل المذكورة أسماؤهم في القرآن مذكورة أيضاً في العهد القديم ! فلماذا مثلاً لم يذكر القرآن اسم َ نبي ِ جديد غير موجود اسمه على صفحات العهد القديم؟

والمشكلة لا تنحصر هنا وحسب بل أنها في كيفية دمج الدين في المؤسسات القانونية , فديننا الإسلامي أخذناه عن الإنجيل والتوراة والتوراة انبثقت من أدبيات شفوية(شفهية) معروفة ولم يكن الدين مؤسسة قانونية فحين يصبح الدين مؤسسة قانونية تتجمد معه كل حركات الإصلاح لأنه يثبت على نظام معين ويخضع الفرد والأُسرة إلى أنظمته فيمنع حرية الرأي والتعبير والحريات الفكرية والثقافية والسياسية , وحين دخل الدين المسيحي خزانة القوانين الرومانية وقف الرهبان والبطارقة ردحاً طويلاً من الزمن يضيقون على الناس حريتهم الفردية والجماعية ويحرقون كل تثبت عليه تهمة الهرطقة ويقيمون محاكم التفتيش والشمس التي أمرها يوشع بأن تتوقف ما زالة واقفة بأمره وكوبرنيكوس وجاليليو مهرطقون وأخضع الرهبان والبطارقة نظام الأسرة إلى نظام الدولة والقانون والمؤسسات ولم تنهض أوروبا إلا بعد أن تخلصت على العموم من فصل الدين عن الحياة النظامية القانونية وجعلت الدولة قانونا يقبل الطرح والمسائلة وكانت من قبل لا تخضع للمسائلة وألزمت القانون للمناقشة والتعديلات في كافة فقراته , أما نحن فما زال القانون هو الدين والدين هو القانون لذلك نحن متجمدون نظام الأسرة عندنا يخنق الفرد ويعذبه والحريات الشخصية مكبوتة ولا يوجد تمييز بين هذا ولا ذاك ونحن ضائعون (والحمد لله).

والتوراة كانت أدباً شعبياً يتناقله الحثييون الآرامييون متوارث عن السومريين وعن البابليين فكل قصص التوراة لها جذور في الأدب البابلي وأنا قرأت معظمها ومن الممكن أن أحيل القاري (ألقاريْ) إلى اللوح رقم (11) اللوح الحادي عشر من ملحمة جلجامش ليقرأ قصة الطوفان ونوح الذي عاش عمرا طويلاً ففي المصادر البابلية معروف بإسم (انبو شتايم) وهو طويل العمر وهو نوح التوراتي ونوح القرآني الذي عاش 950سنة من عمره.

لذلك معظم فلسفاتنا عن الوجود والعدم والسرمد تنطلق ُمن مفاهيم توراتية و وإنجيلية وأستغربُ هذا الصراع العنيف بين الأديان السماوية رغم أن قصصهم واحدة وأبطالهم واحدة والمسرح الإلهي لا يمكن أن نعتبره كوميديا إلهية تنطق فيه مخيلة (دانتي) أو رسالة الغفران أو إخوان الصفا وخلان الوفا(الوفاء) , إنها تشع كما قال النجاشي من مشكاة واحدة .

الأردن وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين ينتمون إلى مصادر ثقافية واحدة متداخلة ببعضها البعض وسطى البدو الحجازيون على تراثنا وهضموه وادعوه لأنفسهم بدون مقابل ثم قالوا هذا من عند الله وجروا خيولهم وفرسانهم إلينا لكي نؤمن بثقافتنا التي صنعها تراتثنا ومخيلاتنا(مخيلتنا ) الشعبية .

كان للفرد الحثي الآرامي السرياني قيمة في أسلوب التفكير كما هي قيمة الفرد في الفلسفات اللاتينية الأثينية ففي الفلسفة الأثينية هنالك إعلاء من قيمة الفرد لدرجة أن الفرد في المجتمع هو الأساس قبل الأُسرة ويجب على العالم وعلى الناس أن تحترم الفرد ونزعاته مما أدى بالنهاية إلى ولادة أول مفكر شبه شيوعي وهو أفلاطون , وفي الفلسفة البابيلة والقصص السومرية هنالك إعلاء من قيمة الفرد , وفي القصص البابلية هنالك انحطاط شبه تام من قيمة الفرد ووضع مكانه دولة القانون والمؤسسات التي ظهرت في قوانين (ليليت عشتار ) كما أن هذه النزعة قد وجدت في الفلسفة الرومانية التي حطت من قيمة الفرد ووضعتة مكان قيمة الأسرة والنظام والقانون وحاولت أن تخضع الإنسان إلى مؤسسات الحكم , واليوم أوروبا نهضت على أنقاض الفلسفة الأثينية الفردية والمتمثلة بالحرية وحقوق الإنسان إلى درجة الإباحية حتى بزواج المثليين الجنسيين , وأيضاً تأخذ أوروبا من الفلسفة الرومانية دعامة مؤسساتها فتحد بقوانينها من قيمة الفرد والحريات العامة وتهنض بالإنسان من خلال مؤسسات قانونية مدنية ترعى حقوق الفرد والجماعة وعن هذين المبدأين أخذت أوروبا نهضتها .


أما نحن فقد وضعنا في الحضيض قيمة الفرد والجماعة والأسرة لأننا وضعنا الدين في نظام شبه روماني أي أننا جعلنا الدين قانوناً ثابتاً نمشي عليه لذلك نحن جامدون في كل شيء لأن القانون الديني من الصعب أن يقبل مزاحمة الحرية الشخصية معه , من هنا حقوق الإنسان مهضومة وجوانحه مختلة وعواطف الفرد منشلة ومخيلة الإنسان مهشمة , إن الحرية وحقوق الإنسان لا يمكن أن ترعاها مؤسسة دينية ترى أن الفرد الإنسان لا قيمة له عبداً خانعاً ذليلاً لله والمرأة زوجة خنيعة ذليلة للزوج والأولاد أذلاء على آباءهم وأمهاتهم , فهذه الأنظمة لا يمكن أن تتماشى مع التعددية الحزبية والفكرية والثقافية وحقوق الإنسان .

ولطالما أخذ الإسلام من الإنجيل والتوراة مادته الأدبية الدينية فلماذا لا يحسن اليوم الفصل بين ما تفكرُ به(فيه) الدولة وما يريده الدين وما يريده منا القانون وما يطمح إليه الفرد من حرية دينية وفكرية وتعبيرية , لماذا لا نخضع لقانون مدني مؤسساتي يدمج بين روح الفرد الليبرالية وبين احترام القانون والمؤسسات .
الإنسان على العموم تلده أمه عادياً بدون مؤثرات إلا من بعض الجينات الثقافية والبيولوجية ولكن الإنسان على العموم ينشأ بحياته إما أرسطوطاليسياً مادياً وإما أفلاطونياً مثالياً فانتازياً مفصوما فكريا , وبلغة عصرية إما أن يمتثل للدين وحده دون أن يكون الدين قانونا فلا تضيع شخصيته وإما أن يمتثل للقانون وللمؤسسات الحكم المدنية ونظام الأسرة والدولة وبذلك يحد القانون من قيمة الفرد ومن رغبته بالإنعتاق من هراوة الاستبداد .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة العامة في الأردن 3
- الحياة العامة في الأردن2
- هل العائلة ضورورية ؟الأب الاجتماعي والأم الدادا
- هل العائلة ضرورية في المجتمع؟1
- الحياة العامة في الأردن 1
- تحرير المرأة
- مؤسسة الحب والزواج
- التقليد من أجل السعادة
- ولدي علي
- تحرير النساء1
- لحم الخنزير وحرية المرأة
- ولد خرباني
- -حب أحلى من حب-
- المساواة بين الجنسين
- غرائب الحب1
- امرأة في البرلمان
- شيوعية النساء؟ أم شيوعية الرجال؟
- حب للأبد
- الازدواج في الزواج
- هل الحبْ ضعفٌ في الشخصية


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - الاسلام والحرية1