أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسن الناصر - تضخم كمّي وغباء نوعي















المزيد.....

تضخم كمّي وغباء نوعي


حسن الناصر

الحوار المتمدن-العدد: 2746 - 2009 / 8 / 22 - 09:09
المحور: كتابات ساخرة
    


سبق وان تناولنا موضوع فشل الأجهزة الاستخبارية العراقية مهنياً , وان كان من العبث توصيفها بالاستخبارية , اذ إننا أمام مسميات فقط مع أداء أعرج وإنتاج عقيم لا يتضاهى حتى مع ابسط تقرير صحفي منشور , لذا من السهولة بمكان تنفيذ خرق امني في بغداد مثل ما حدث مؤخراً والذي سيتكرر بالتأكيد في العاجل او الآجل ليضيف الى فقراء العراق بؤساً آخر فيما تتبجح أبواق السلطة بتحجيم الكارثة واختزال أعداد الضحايا وكأنهم حشرات ضارة وليس كائنات بشرية تُفجع ذويها بصدمة الفقدان , ولا جرم اذ المعزّي ليس كالثاكل .

ولتقريب هذا الطرح نستحضر على سبيل المثال تجربة إسرائيل الاستخبارية بعيداً عن أي تنظير سياسي او مشروعية او عدم مشروعية وجودها كدولة , ونأخذ محور الأمن القومي لها نجد بأنها قد خاضت ديمومة عسيرة وسط بحر من الجوار المعادي قد يتشابه مع التجربة العراقية الحالية من ناحية الاستعداء الإقليمي من جهة والتنوع الثقافي واللغوي وتباين الرؤى والأهداف لسكان الداخل من جهة أخرى , لكن إسرائيل نجحت في إيجاد ركيزة لأجهزة استخبارية جبّارة حققت لها امن قومي متماسك أمام تهديد يتفوق عليها عددياً ومعنوياً واقتصادياً , حتى أصبح جهاز الموساد من أقوى الأجهزة الاستخبارية عالمياً من ناحية اختراق الأهداف الحيوية والحصانة وأمنية الوثائق والمنشآت ومكافحة التجسس والتجنيد والتنبؤ ألاستخباري وزرع المصادر في أعلى مراكز القرار السياسي للدولة الهدف الى درجة جعل من أجهزة مخابرات سوريا ومصر اللذان يتصارعان معه استخبارياً أجهزة متقدمة أيضاً بالاستفادة من الخبرة المتراكمة لهما في الصراع مع هذا الجهاز العتيّ .

وقبل الخوض في موضوع أجهزتنا الاستخبارية انوه الى ان حجم الدعم اللوجستي العسكري والاستخباري الذي تلقاه العراق يوازي ان لم يفوق ما تلقته إسرائيل منذ ظهورها وحتى الآن , الى درجة تصل ان يحضر الرئيس الأميركي شخصياً ليلتقي في محافظة الانبار الساخنة بشيوخ عشائر لدعم العملية السياسية وتقويض الإرهاب .

وعودة الى أجهزتنا الاستخبارية الكسيحة نقول بأنها مازالت مصابة بالتخمة العددية بالتزامن مع قيادات غبية وفاشلة وغير نزيهة تأتمر بأجندة حزبية وفئوية إضافة الى التأثير الاقليمي المخابراتي عليها . اما الكادر الوسطي فهو غير متخصص ولا يمتلك أي ارث مهني في هذا المجال حيث يتصدى للعمل الاستخباري حالياً ضباط جيش من صنوف المدفعية والدروع والهندسة العسكرية والمشاة وبرتب متقدمة ولا يفقهون شيئاً في علم الاستخبارات وليس لديهم أي قدرة او إمكانية للتحليل والاستقراء السياسي , وقد جيّشوا هذه المؤسسات وعمّموا النمط العسكري المنغلق عليها وهي حسب طبيعة عملها ذات نزعة مرنة وتتعامل مع الفكر أكثر من تعاملها مع الجسد الذي هو ساحة عمل العسكر.

وقد حاولت القيادات السياسية ـ التي لا تستطيع التمييز بين مفهوم الأمن عن مفهوم الاستخبارات ـ استحداث أجهزة استخبارية بالاستعانة بضباط المؤسسة العسكرية وكأنهم بذلك قد أوعزوا الى طبيب أسنان لإجراء عملية زرع قلب لمريض , فالتخصص معدوم والكفاءة متدنية , إضافة الى وقوف الأعم الأغلب من هذا الكادر كحجر عثرة أمام أي قدرات استخبارية ناشئة خشية الوثوب على مناصبهم التي يتفيؤون بها من سيارات حديثة وأجهزة نقّال مفتوحة ورواتب وامتيازات ضخمة ودورات استجمامية الى الخارج دون عطاء يذكر او رجاء في استيلاد قدرات مهنية مضافة . ويروي لي صديق من العاملين في احد هذه الأجهزة ان ضابط برتبة عميد لا يستطيع كتابة مطالعة بسيطة او التهميش برأي استخباري ابتدائي فكيف بمعيته وأمثالهم إنتاج استخبارات متقدمة قياساً وحجم الخطر الإقليمي الذي يداهم البلد ويحاول تقويض العملية السياسية ؟.

وقد نجد مفارقة في الموضوع كون اغلب أجهزتنا الراهنة لا تمتلك أرشيف لعملها الاستخباري حيث أصبح العمل فيها يدور بشكل تواصلي بدلاً ان يكون تراكمي كأي جهاز استخباري من أجهزة الدول الأخرى , فأحيانا ترد معلومة تعقبها أخرى عن نفس الهدف دون تدارك الضابط المتابع لها لانعدام الأرشفة الورقية او الالكترونية للمتابعات السابقة مما يتسبب بضياع الجهد والزمن , في حين كانت مديرية الأمن العام سابقاً تمتلك أكثر من 45 مليون قيد واضبارة أمنية طيلة عملها منذ الحقبة الملكية وحتى سقوط النظام البعثي , حيث تبعثر هذا السفر الكبير ولا نعلم من الجهة التي استولت عليه كونه أرشيف عراقي غاية في الأهمية والخطورة وبالإمكان الاستفادة منه وخزنه وتبويبه الكترونياً كونه ملك للدولة العراقية ولا يجوز التصرف به من أي جهة كانت , رغم اعتقادي بان الغباء السياسي والنظرة الضيقة لأحزاب السلطة الحالية يحول دون ذلك , وأود الإشارة الى ان الأحزاب الكردية قد وضعت يدها بعد سقوط النظام السابق على الأرشيف الأمني الخاص بمناطقهم وأحزابهم ونقلوه من بغداد الى إقليم كردستان .

واستعراضاً لقيادات هذه الأجهزة دون المرور بالقرقوز موفق الربيعي الذي لا يستحق حتى التعليق على نشاطه كمستشار للأمن القومي فنعرج الى وكالة المعلومات والتحقيقات الوطنية التي هي بمثابة جهاز لاستخبارات وزارة الداخلية ويديرها شخص من المقربين لمسعود البارزاني ومن حزبه ايضاً هو حسين كمال الذي منح رتبة لواء دفعة واحدة ولا يمتلك أي ارث مهني في هذا الحقل , وقد حقن هذه المؤسسة بعناصر موبوءة وضعيفة وجشعة تجاه المال العام والامتيازات الخاصة دون إنتاج مثمر , وامتازت هذه المؤسسة رغم الدعم الكبير لها بالفشل الذريع والتخبط الإداري وعدم وجود خطط او برامج عمل للتحرك استخبارياً تجاه أهداف مرسومة او محتملة .

اما المديرية العامة للاستخبارات والأمن فيديرها اللواء كمال من جماعة الاتحاد الوطني ومن المحسوبين على جلال الطالباني وخلفيته المهنية (شرطي) في السليمانية , وقد تحولت هذه المؤسسة الى واجهة للبيشمركة , وهناك مؤسسة أخرى تعمل ضمن نطاق الجيش ايضاً هي مديرية الاستخبارات العسكرية ولا نعلم ساحات العمل وأسس التخصص الميداني مابين هاتين المؤسستين .

وبخصوص جهاز المخابرات فيديره كما هو معلوم اللواء محمد الشهواني وهو رجل عسكري ويفتقر الى الذائقة الاستخبارية ويقضي جل وقته في مكتبه الشخصي في ممارسة لعبة (البلي ستيشن) وبالمحصلة لا توجد استخبارات فعالة لهذا الجهاز سوى ما تنتجه بعض العناصر القديمة من المخابرات السابقة التي اغتيل الكثير منها على أيدي الميليشيات فيما التزم البعض الآخر منها جانب الصمت المهني إمعاناً في إفشال العمل الاستخباري الداعم للعملية السياسية الحالية كونهم ينطلقون من اعتبارات طائفية قذرة تأسست في سلوكياتهم كعرف متجذّر, أما المتبقي من عناصر هذا الجهاز فهم ثيران تدور في ساقية .

وأخيراً نتساءل هل تمتلك أجهزة الاستخبارات العراقية معلومات عن تحركات القوى التكفيرية وقيادات البعث في الدول العربية ؟ وهل هناك خطط شهرية وفصلية وسنوية للمتابعة والاختراق لهذه التنظيمات وتقييم النتائج ؟ وأين نشاط الاستخبارات المضادة في تحييد وتحجيم النشاط المعادي ؟ وهل تمتلك هذه الأجهزة المبادرة في الهجوم ام إنها تقتصر على الجانب الدفاعي فقط والذي لم تتقنه لحد الآن ؟ وهل تدخل المعلومات المستحصلة من المصادر المختلفة بدورة الاستخبارات المتمثلة بالجمع والتنظيم والتبويب والتحليل والإنتاج والتخزين والتوزيع ام إنها ترفع على علّاتها ؟ وما هو مستوى الأهداف الخاضعة لعمليات التجنيد في الداخل والخارج ؟ ووفق أي أساس تم التجنيد؟ وهل هناك بحوث أمنية عن التنظيمات الإرهابية الناشطة على الساحة العراقية وتحديد أيديولوجياتها وطرق تحركها في الكسب التنظيمي واهم العناصر القيادية لها ؟ وهل هناك دورات تثقيفية لرفع المستوى الفني والحرفي لمنتسبي الأجهزة الاستخبارية ؟ هل هناك خطط مستقبلية او مرحلية لاستهداف قيادات البعث كالدوري ومحمد يونس الأحمد بالاعتقال او التصفية ؟ ام الاكتفاء فقط بنذر النذور والدعاء بصلاة (الغفيّلة) لغرض قصم عمر هؤلاء الذين لا يطيب لهم خاطر والعراق ينأى بعيداً بمركبه عن سواحلهم الإجرامية.

كل ما ذكر لم ولن يتحقق مادام السياسيون وأرباب السلطة يفكرون بعقلية معارضة وليس بنهج حكومي ويطمحون بالأحلام فقط في تحقيق الأمن المفتقد حاملين شعار (دار السيد مامونة) .



#حسن_الناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحظ ولعبة القدر مع المالكي
- استقراء في القضة الكردية 5 / أزمة الاتحاد الوطني الكردستاني
- همسات في غسق
- انطق ايها الحجر
- الانعطاف الاميركي
- استقراء في القضة الكردية 4
- السفيه وذو الغفلة
- استقراء في الفضية الكردية 3
- استقراء في القضية الكردية 2
- استقراء في الفضية الكردية
- تقوى ... ورع ... لصوصية
- محنة المثقف المعترب
- مملكة الشر وجارة السوء 3
- مملكة الشر وجارة السوء 2
- مملكة الشر وجارة السوء1
- مملكة الشر وجارة السوء
- رسالة عزة الدوري
- وقفة مع وطبان ابراهيم الحسن
- التكريتي والموسوي
- خارطة الطريق للأمن في العراق


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسن الناصر - تضخم كمّي وغباء نوعي