أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كاظم الحسن - بذور العنف من الطفولة الى المجتمع















المزيد.....

بذور العنف من الطفولة الى المجتمع


كاظم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 2745 - 2009 / 8 / 21 - 08:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعتبر مرحلة الطفولة من اهم المراحل في حياة الانسان فمن خلالها تتبلور شخصية الفرد، وتأخذ ابعادها الاجتماعية والنفسية، لتلقي بظلالها على المراحل اللاحقة للانسان.ولذلك حرصت الشعوب والامم على الاهتمام بالطفولة لا سيما بعد (الحرب العالمية الثانية) اذ وجدت هذه الشعوب ان اغلب الزعماء الدمويين والطغاة قد عاشوا طفولة معذبة وشقية، وتم اسقاطها فيما بعد على المجتمع. لذا اعتمدت مسودة الدستور العراقي في المادة (29) على الكثير من الفقرات التي تهتم بالاسرة وتحافظ عليها منها
اولا:
أ. الاسرة اساس المجتمع، وتحافظ الدولة على كيانها وقيمتها الدينية والاخلاقية والوطنية.
ب. تكفل الدولة حماية الامومة والطفولة والشيخوخة وترعى النشء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
ثانيا: للاولاد حق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم وللوالدين حق على اولادهم في الاحترام والرعاية لا سيما في حالة العوز والعجز والشيخوخة.
ثالثا: يحظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال قطعيا وتتخذ الدولة الاجراءات الكفيلة بحمايتهم.
رابعا: تمنع اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع.
يقول الدكتور كاظم حبيب في كتابه (الاستبداد والقسوة في العراق) ان التربية الذكورية على مدى قرون كانت وما تزال تسير على نمط واحد في البيوت والمدارس والاسواق والجوامع والكنائس والصوامع والمجتمع وفي العلاقة بين الانسان والدولة ثم عمقت ونقلت ثقافة الاستبداد والعنف والقسوة من جيل الى جيل.
ويورد الكاتب كاظم حبيب بعض الامثلة عن أم تحاول تنويم طفلها فتسمعه ما يلي:
دلللول…دلللول
يا الولد يا ابني
عدوك عليل وساكن الجول
دلللول… دلللول
نام… يا الولد يا ابني!.
الام هنا لا تغني له ولا تتحدث عن الاصدقاء والأحبة الذين يحيطون به او الحياة الجميلة التي تنتظره بل عن عدو يتربص به.
بل ان بعض الامهات تدندن في اذن طفلها وتقول: (هسه يجي بابا البطل متخيل الدبابة) هذه هي هدية الاطفال، يأتي الاب على ظهر الدبابة وماذا تحمل الدبابة غير الخراب والدمار والاحزان والموت)؟!.
فالناس لم تسمع سوى اناشيد الموت طوال اعمارهم، فاصبحت جزءا من اللاشعور، بحيث ان امرأة تحاول تهدئة طفلها، تغني له مارشا عسكريا، وكانت الاعياد والمناسبات تصدح اجواؤها بمثل هذه الاغاني المملة والمقرفة.
يقول الكاتب خالد الخزرجي، عن اغنية وضعها علماء النفس لاطفال المرحلة الابتدائية.
والاغنية تقول ما يلي:
عندي ديج ها الكبره
كام ينكر عالطبلة
جبت الموس وذبحته
قدمته لماما وبابا
بابا انطاني هدية
رشاشة وبندقية
حتى اصير، جندي كبير
ادخل في جيش التحرير
جيش التحرير علمنا
كيف نخدم وطننا
تيتي تا- تي تي تا!.
(لاحظ هنا الاقتران الشرطي بين الهدية وذبح الديك بالشفرة، بحيث ان رضا الوالدين يكون متلازما مع الدم، والرشاشة والبندقية اللتين تصبحان مكافأة للولد)!.
بدلا من ان يقدم الاب لابنه هدية جميلة تعبر عن الحب والعاطفة الأبوية والزهور والرياحين او كتاب جيد للأطفال ليقرأ به ويتعلم منه لصالح بلده.
هذا العنف سوف يجد مسالك في مختلف شؤون الحياة ولذلك عندما يسمع المرء مقولات من نوع (ما تصير لنا جارة) او ان ثمة غضباً الهياً علينا، او نحن مسؤولون عما اصاب او لحق السلف منا من ظلم وتعسف في غابر الايام او نحن (موخوش أوادم) او ثمة لعنة على هذه الارض ازلية لاسبيل للخلاص منها تاخذ الانسان الدهشة والحيرة ازاء ما يحدث من متواليات العنف التي تغطي ارض السواد او الذهب الاسود.
اذن نحن امام مشكلة خطيرة تتعلق بثقافتنا ونظرتنا للحياة التي تنطلق من فلسفة الموت او جلد الذات (احنا نستاهل الي يصير بينا) و (يا نار الكلب زيدي كل اللي جرى من ايدي) وهذا ينطلب منا ان نواجه بشجاعة تلك الثقافة التي تزرع فينا اليأس والخنوع والاستسلام وغير مأسوف على تلك الثوابت التي يحاول البعض ابقاءها فينا الى حد الهلاك!
يتشبث البعض بالمقولة المحفورة في الذاكرة حد العظم التي يرددها الكتاتيب ايام زمان (اخذه لحم واريده عظم) اي ان تبقيه حياً ليس الاحد المعلمين ذكر بتفاخر انه كان يستخدم العنف والقسوة من اجل مصلحة التلاميذ. وعندما تساءلت كيف تجتمع المصلحة مع العنف؟
اجاب قائلاً ان العنف الذي استعملته قد ادى الى نجاح الطالب ووصوله الى مراحل متقدمة في الدراسة وانقذته من الحرب العراقية الايرانية.
تصور السياسي الذي يدعي حماية الامة والوطن والعرض بالحروب والمعلم الذي يمسك السوط في المدرسة.
هذه الثنائية المازوخية ماذا انتجت لنا اب يقوم ليقتل ابنه لانه لم يلتحق بالجيش هذا النموذج السيئ جعل من العنف مبرراً وله دوافع ايجابية السياسي يصبح بطلاً المعلم كاد ان يكون رسولا والاب مثالاً للوطنية والتضحية تخيلوا ماذا يكون الحصاد في وطن كهذا!
احد القصاصين اجاد الوصف في قصصه القصيرة (حين يتزوج ابو غريب من ام قصر ماذا ينتج القادسية او ام المعارك او الحواسم!!ويحضرني في هذا المجال ابيات شعر رائعة تتصدر رواية ضياع في حفر الباطن للروائي عبد الكريم العبيدي نقلاً عن قصاصة عثر عليها المؤلف في جيب جندي مجهول (الهوية). (دفعتني البنادق، نحو البنادق، لاخيار، ما بين نار ونار، فاندفعت مستهزئاً، بالهزيمة والانتصار).
يقول نتشه: اذا حاربت الوحش احذر ان تكون مثله.
تصل من خلال ذلك الى ان العنف يجعلنا ما بين نارين وليس نهرين لان عدوى العنف سوف تنتقل الينا من خلال القتال والحروب وتصبح جزءاً من حياتنا. وفي سبيل ادامة زخم الحروب وايجاد مشروعية لها لابد من تأسيس مشروعية لها من خلال المدارس ومراكز التعليم والتربية وهكذا تصبح المدرسة، الجامعة ميادين للقتال وليس التعليم والبناء والسلام.
ماذا وجدت اوروبا نفسها بعد دزينة من الحروب ان مناهج التعليم تحضّ على العنف وان الاسرة تمارس العنف ويصبح السياسي تلقائياً مغذى باليات التدمير والقسوة لان الحواضّ الاربعة تعده لهذا الدور، المدرسة، الشارع، الاسرة، الدولة والمثل العربي الشهير يقول: من شابه اباه فما ظلم فكيف اذا شابه محطاته الاربع!
هذا ينقلنا الى الثورات التي تأكل ابناءها وهي دعوة الى العنف والتغيير بالقوة لماذا لان عقد الاضطهاد سوف تنتقل من الجلاد الى الضحية، ونبقى في دوامة العنف على شكل حلقة مفرغة؟
ماذا حدث بعد التغيير في 2003/4/9 في المدارس والجامعات ودور العلم اصبح الطالب اوالتلميذ يهدد المعلم والاستاذ ويطلب منه خرق او تجاوز القانون اي ان عقدة الاضطهاد انتقلت من خلال استخدام العنف التربوي الى الضحية ليعيد الكرة هذه المرة وكذلك حدث نفس الشيء بالنسبة للمواطن الذي اخذ ينظر الى ممتلكات وكيان الدولة على انها غنيمة والسياسي انتقل من المظلومية ودور الضحية الى نفس الحال وما زلنا ندور في المربع الاول لان عقدة العنف هي التي تحكم حياتنا الى الحد الذي يقول احد السياسيين الذي يمثل احد المكونات السياسية، ان ما يحدث الان في البلاد هو وقف اطلاق النار وليــس السلام الدائم!



#كاظم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرد مابين الديمقراطية والاستبداد
- الوطنية السياسية والفكرية
- لماذا الخوف من المعرفة؟
- حرية الإعلام مكفولة دستورياً.. ولا عودة لنظام الوصاية على ال ...
- الذات العارفة ونفي الاخر
- العنف اللفظي
- خديعة مشايخ الارهاب
- ثقافة جلد الذات
- وللتراب ملف ايضا ؟
- السلطة والمال العام
- تصدعات الهوية
- الثقة السياسية من اولويات بناء الدولة
- الاستبداد الفكري
- أزمات و كوارث طبيعية
- الي شبكنا يخلصنا
- دوامة الفساد
- الثقافة الفاشية في ذاكرة المكان
- اوهام مابعد انسحاب اميركا من العراق
- جمعيات الارهاب
- المجتمع المدني بين القانون والفوضى


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كاظم الحسن - بذور العنف من الطفولة الى المجتمع