أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - الارض السمراء














المزيد.....

الارض السمراء


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 2743 - 2009 / 8 / 19 - 07:49
المحور: الادب والفن
    


تستيقظ على صوت الصحراء يئن من الوجع في وجه الألغام المزروعة كفى..كفى.وتجنح بها الذاكرة عبر صدى الصوت الجريح،بعيدا صوب قبره المسجى وحيدا في فضاء موحش، فضاء ضم رفاة إنسان رضع عشق الأرض السمراء ولم يرض عنها بديلا.يتبدد حزنها عندما تتذكر ولعه بقسمات وجه الأرض السمراء،وجه استغاث به من وراء جدران باردة،من وراء أبواب موصدة،وجه رافقه حلما ويقظة.يوم أخبر صديق دربه عن حلم الصحراء الجميل..فرد عليه ساخرا:
- ستجعلك الهواجس على حافة الجنون يوما يا صديقي
الصحراء تراودك حلما..كيف..؟ مهووس بالحلم كعادتك.
يصمت ويغرق في الصمت البعيد…يعي في أعماقه أن الصحراء راودته و راودها،وتواعدا على اللقاء الجميل..بسخرية مولودة من رحم المعاناة يرد صديقه:
-إلى متى ستظل تحلم.. ؟ أنسيت انك ستتعفن هنا طويلا، و لن ترى غير سراب الصحراء،سراب من شدة عطشك تحسبه ماءا، فهل يروي السراب العطش..؟ أيها المهووس بالحلم البعيد كفاك حلما، يلتفت إليه ويرد بهدوء:
-أنت تجهل سر الصحراء..تعلّم ياصديقي كيف تعشق وجه الأرض السمراء،ارض تعلمك عدم الانحناء،تعلمك أن تموت واقفا كالأشجار.لوعشت يوما واحدا بين مرابع خيام البدو الجميلة،وافترشت الرمال الدافئة،وتدثرت بمصابيح السماء وضوء القمر.لعرفت سر ارتباطي بها…يقاطعه بالمرارة ذاتها:
-كفاك حلما..أنسيت انك مرمي في جب غياهب مظلمة، منسية.وأنك وراء أبواب مقفلة وحراس قساة،لاتحلم كثيرا.قد تدفن تحت إسفلت هذا القبو في غفلة النسيان..لن يذكرك احد،وتداس كحشرة تحت أقدام قذرة..حتى الأحبة قد لا يتذكروك في غفلة الغياب الطويل..
يغضبه كلام صديقه اليائس الغاضب..فيرد:
-دعك من هذا الكلام.” تفاءل بالخير تجده”..يقاطعه قائلا:
-الخير..أي خير تنتظر..؟ طال الغياب وابتلعنا النسيان وأنت غارق في الأحلام.يشعر بوجع الكلمات،ودمعة حارقة تنسكب على خده دون استئذان، يواري الدمع، يولي وجهه صوب الحائط المتعفن..عله يخفي دموعه.أو عله يتحرر من كلمات رفيق المعاناة ومن رؤية جدار بارد رمادي اللون لم يعرف البياض طريقه إليه يوما.حائط شاهد على معاناة مرت من هنا،دون لمسة حنان أو دمعة مواساة… يهرب بذاكرته من الهواجس،هاجس الموت وحيدا يؤرقه.. يغمض جفنيه عل الصحراء تزوره في المنام كي يطمئن قلبه..ويحلم بصوتها آلات من بعيد،هامسا له..لاتنكسر.
ينام على حلم جميل..تمر الأيام و السنين، لم يفقد الأمل يوما،رغم الم الفقدان…قاوم حرقة الغياب طويلا في انتظار أمل اطل متأخرا صبيحة يوم قائظ.أمل عاد به لأرض الحلم الجميل…يفرح بلقاء الأحبة،يبحث هنا وهناك عن كلمات تائهة في وجوه غابت عنه فجر ضبابي القسمات،يشعر بغربته بين الأحبة،و يرحل بحثا عن ارض الحلم.عن حضن دافئ..بعيدا عن حلكة الأيام الماضية.
تتذكر كلماته الصارخة بوجع الرحيل،تتذكر بوحه ذاك المساء الحزين قائلا:
..أريد أن اصرخ بأعلى صوتي وأسمع صدى الصوت دون خوف من جدران لها أذان..أريد أن افتح صدري العاري لهذا الفضاء..بحثا عن هواء نقي، بعيدا عن رائحة حارس كريه،بعيدا عن إسفلت بارد،وباب موصد.أريد أن أرى الطيور تحلق بعيدا حرة طليقة.واسمع رغاء الإبل في مرابع البدو الرحبة.
فهل يمكنك مرافقتي..؟
تتبدد أحلامها وتنكسر أمالها برحيله.
يرحل،بعيدا،يتيه لأيام وسنين في مناكب الأرض السمراء. بحثا عن وجه لم ير ملامحه إلا حلما،يرحل بعيدا،بعد أن روى دمه المنسكب الأرض التي عشقها دوما،صارخا في وجه الألغام المزروعة بأرض بكر..كفى..كفى..؟






#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منفضة سجائر
- رائحة ضفائر أمي
- جزء من حكاية الوجع
- ايام معتمة
- رائحة الوطن
- صمت المدن
- سر الحكاية
- الكوخو
- السبحة
- ذكرى
- حكاية امراة
- اوتار
- برودة المنافي
- الجمعة الحزين
- علبة بريد
- مساء احد منسي
- الحلم الجميل
- الثامن عشر من ايار
- محطة القطار
- الطيور المهاجرة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - الارض السمراء