|
مجرمين في نعيم ومجرمين في الجحيم
رمضان عبد الرحمن علي
الحوار المتمدن-العدد: 2741 - 2009 / 8 / 17 - 08:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في عصور ما قبل الميلاد كان الظلم أو انتهاك حقوق الضعفاء من الناس على شكل الرق وما شابه ذلك، في ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، دون أسباب لتلك الأفعال الإجرامية، وهذا يعني ان النفس البشرية تميل إلى فعل الشر والظلم أكثر من فعل الخير، وقد أشار القرآن عن هذه الحقبة من الزمن فقال تعالى: ((مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) سورة الإسراء آية 15.
ونلاحظ هنا من هذه الآية الكريمة أن الله الرحمن الرحيم الغفور سوف يتجاوز عن ذنوب هؤلاء الذين أجرموا وظلموا غيرهم من البشر دون أي ذنب، لأن هؤلاء لم يأتي إليهم رسل أو ربما لتباعد فترات الزمن بين الأنبياء فكانوا يتحولون إلى مجرمين في حق الآخرين، وخاصة الضعفاء من الناس، وما كنا ندري عن هذه الأمم شيئاً لولا أن أخبرنا الله عن ذلك في القرآن، يقول تعالى: ((لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) سورة يوسف 111.
والذي يعتبر من قصص القرآن عن الأمم السابقة حتى لا يظلم غيره، فيصبح من الظالمين والمجرمين، ولكن هناك فرق شاسع بين الذين كفروا وظلموا غيرهم من الناس، في وقت لم يكن فيه أنبياء أو رسل، وبين الذين كفروا وظلموا في زمن الرسل، وربما لم يدرك الكثير من الناس هذا الأمر، ونفهم من ذلك أن من يظلم ويجرم في حق غيره من الناس المصير معروف، جهنم وبئس المصير، لسبب بسيط جداً، وهو أن الله أرسل الرسول بالقرآن وتعهد المولى عز وجل أن يحفظ هذا الكتاب العظيم ليكون حجة على الناس إلى يوم الدين، طالما أن بين أيديهم كتاب ينص على عدم الظلم والإجرام في حق الآخرين، وكما تعلمون أن كل ديانة ترى الأخرى أنها على خطأ في عصرنا هذا، وفي الحقيقة لو نظرنا بنظرة شمولية إلى أفعال الناس في جميع الأديان وقارنا بين الظلم والإجرام في عصور ما قبل الميلاد أو عموم العصور التي لم تحظى بالرسل، سوف نجدها أنها أقل ظلماً وبطشاً، بدليل أنه لم يكتشف في أي مكان في العالم عن مقبرة جماعية لم تكتشف أمم أبيدت بأكملها على يد بشر مثلما يحدث الآن، أو منذ أن عرف الإنسان التقدم في الصناعة، يقتل الملايين بسبب قرارات أحد المجانين في جميع الأديان، وقد حذر الله عن قتل أي نفس بغير حق، يقول تعالى: ((مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)) سورة المائدة آية 32.
فهذا عن قتل نفس واحدة، فما بالك حين يتسبب فرد بقتل الملايين من الناس، والجميع يعلمون ذلك مسلمين مسيحيين يهود وغيرهم، يحرمون القتال ولكن يبدو أن التحريم عن تلك الأفعال كلام فقط، وما يحدث في جميع أنحاء العالم من ظلم وقتال فهذا يعني أن الناس هي التي أساءت إلى الأديان، وأن الأديان لم تذهب لتقاتل بعضها البعض، وإنما من يفعل ذلك الناس باسم الأديان، فباعتقادي أن تقدم العالم في العلم لم يقلل من الذين يقتلوا بدون أي ذنب أيضاً، وهذا يعني أن العالم تقدم في طريقة القتال والظلم وليس في العلم.
خلاصة الكلام، من المفترض أن هذا العلم الذي وصل إليه الإنسان أن يفيد البشر، وليس القضاء عليهم بطريقة أو بأخرى.
رمضان عبد الرحمن علي
#رمضان_عبد_الرحمن_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في زمن فرعون الكافر
-
كانوا أكثر وطنية وانتماء لمصر
-
الدفاع عن الفقراء لا يحتاج إلى تخصص
-
لا بديل عن محاربة النظام المصري
-
الكيل بمكيالين حتى في الدفاع عن القتلى
-
بين الند الفكري والند المادي
-
الكفر بالباطل من صفات المؤمن
-
رسالة مجانية للولايات المتحدة الأمريكية
-
مصر ليست عربية ولن تكون
-
فويل للمصلين
-
الأرض المباركة وقتل الأنبياء
-
جهاد النفس قبل أي شيء
-
مشرك من يتخذ غير الله ولي
-
على أي ديانة يتحاربون
-
وجعلوا أعزة أهلها أذلة
-
تحالف مصر وإيران
-
شرع القرآن وشرع طالبان
-
((عالم الحيوان)) أقل ظلما وعدوانية من عالم الانسان ..!!!
-
ثوابت في الدين لا يجب الاقتراب منها
-
وهم عن قول الحق صامتون
المزيد.....
-
وزير إسرائيلي: ردنا على الهجوم الإيراني يجب أن يكون -قاسيا و
...
-
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحذر من خطر الحرائق بسبب صواريخ
...
-
الصين تدعو إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة فورا
-
لواء طيار سابق في الجيش المصري: صورة إسرائيل اهتزت بعد الهجو
...
-
واشنطن: مستعدون لاتخاذ إجراءات إضافية ضد الشركات الصينية الت
...
-
أولمرت يوجه رسالة للحكومة الإسرائيلية حول الرد على الهجوم ال
...
-
-حزب الله- ينشر مقطع فيديو لقصف مقر الجيش الإسرائيلي في عرب
...
-
الدفاع الروسية تعلن تدمير 14 قذيفة صاروخية فوق مقاطعة بيلغور
...
-
محلل سابق في الاستخبارات الأمريكية: تزايد عدد الدول التي تخت
...
-
ناغورني قره باغ تحت سيطرة أذربيجان بالكامل وقوات حفظ السلام
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|