أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمان حلاّوي - العمّ الأكبر والمجتمع اللامنطقي















المزيد.....

العمّ الأكبر والمجتمع اللامنطقي


جمان حلاّوي

الحوار المتمدن-العدد: 2741 - 2009 / 8 / 17 - 08:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم يزل مجتمعنا ينوء تحت ضغط الوهم القبلي والعشائرية البدائية في سطوة الأب رأس القبيلة على العائلة , الرمز البدائي الذي تعلو سلطته وسطوته على الرموز العائلية ، فالعائلة هي الشرخ الثوري داخل القبيلة حين ظهور الصناعة الريفية من منتج الأرض من الأعناب والفواكه وحبوب عباد الشمس لتعصر وتخمر وبذا اقتطع كل ابن من أبناء رأس القبيلة من ارض القبيلة نفسها لتكون مسكنا ومصنعا له جاعلا من نفسه عائلة مستقلة وندا" للعوائل الأخرى من إخوته لتتحارب ثم لتتحاور فيما بينها للتنسيق في أمور التجارة والحماية فتتحول إلى مدن تضع لها دستورا وقوانين تحمي الصناعة وتطورها وتعطي مالك المصنع وسيد المدينة صلاحيات مطلقة في تسخير طاقات العاملين لمصلحته ويبقى الأب الكبير الغائب/ الميت / المقتول / المرمّز قابعا كطوطم للسلطة الخفية, وكان هناك وريثة (ألأخ) وهو في نفس الوقت العم الذي يتكلم بأسم الغائب ويكون وكيله على الأبناء المتمردين والذين سيلجأون في النهاية حين يصيبهم مصاب جلل إلى العم اللسان المتكلم عن الرمز الابوي الرادع في الريف البدائي ، لذا فأن العشيرة هي نتاج الحقبة الزراعية وظهور الإقطاع,
أما العائلة فهي نتاج ظهور الصناعة والخروج الثوري على العشيرة ، لكن الفعل البدائي لم يزل ماثلا" حين يقول احدهم بالدارجة العراقية " أنا ذاهب إلى عمامي " أو حين يقترف جريمة ما فيهرب ليختفي بين أعمامه الذين هم في مكان ما وكأنهم طواطم قابعين ساكنين في غياهب الريف ويكون وجودهم (هو فقط ) ملاذا" للشخص الهارب والذي ينتمي إليهم عن طريق الأب , والسؤال يطرح نفسه أن لماذا لا يختفي عند الأب متخفيا مثلا"، لماذا " عند أعمامي !! " بالذات ؟ نرجع إلى حديثنا السابق أن سطوة الأب اضمحلت نتيجة هزيمة الريف والإقطاع أمام المدنيّة والصناعة وتحول الأب الرمز إلى وثن أو اله يعبد يحدد قدراته وتسلطه من بقي من القبيلة الممزقة بسبب انتشار الصناعة والبيوت العائلية فالأخ لاينتمي إلى أخيه بل يصارعه ويقاتله لبسط السلطة له ولعائلته المكونة من الزوجة والأبناء فقط أو يهادنه بمعاهدة تضمن حدوده وسلامة العائلة وعدم المساس بالمنتج الصناعي ، وبذا لم يبق من الريف سوى بقايا القبيلة كما أسلفت متمثلة بكبار السن من إخوة الأب الكبير وتكون كنيتهم هي أعمام الأبناء الذين الغوا وجود الريف وسكنوا المدينة بكل تفاصيلها الصناعية مبدلين النهج الإقطاعي الأبوي والالتزامات القبلية التي كانت يوما ما تحكم وتفعل إلى بيوت تسمى بأسماء ساكنيها من متنفذي المدينة وعلى سبيل المثال (بيت باشا عيان) في البصرة مثلا وألغيت مصطلحات عشيرة الفلانيين مثلا" وتحول الأب إلى رب واله يعبد أو إمام معصوم يزار وهم بالتأكيد من الموتى إذ لم يعد الشخص المدني يطيع الأب الحاضر العائش بل الأب / الإله/ الإمام المعصوم الميت الذي لا يفعل شيئا ماديا محسوسا" سوى تأثيره التخيلي في تحقيق الأمنيات , ولو كان حيا لقتله الابن مرة أخرى لأنه من الماضي الذي لا يقبل جرأة الابن هذا في الانسلاخ عنه وتكوين أسرة تكون ندا" لقوانينه وندا للأخوة المتنافسين !!
إذن فان تحلل القبيلة نتيجة للانسلاخ الثوري للصناعة من الريف مستغلا منتجه الزراعي خلق بنية فوقية تشريعية اجتماعيا" تتلاءم مع الأسس والمفاهيم الاقتصادية الجديدة للبنية التحتية والركيزة الأساسية للمجتمع الجديد ، واوجد في نفس الوقت نهج أخلاقي يسدّ حاجة المجتمع الجديد نفسيا" فتحول الأب الميت الغائب إلى رب واله لا يرى ولا يحده شيء وليس له التأثير التغيري المباشر المحسوس ,أو إمام معصوم ميت ، وهي وسيلة طمأنة لسد فراغ نفسي ، وتحول الجذر القبلي الباهت للأله المفترض والوكيل المادي إلى مركز مختفي لا تأثير له إلا في الملمّات والكوارث التي تصيب الابن ليلتجئ إليه كما نسمعه دوما" في الدارجة العراقية " سأختفي عند عمامي لفترة من الزمن ومن ثم أعود حين تنسى قضيتي !!" ,وهم موجودون فعلا أو احدهم أو من ينوب عنه من الأبناء كبار السن وهو ابن العم أو ابن عم الأب الأكبر, لكن حين يتم التطرق لهذا الموضوع يصفهم وكأنهم كائنات خرافية ( أو أشبه بتلك اللوحة التخيلية الفجـّة للأئمة ألاثني عشر المتربعين يتقدمهم الإمام الأكبر , وهم متشابهي المعالم واللباس)
ويكون الفعل مستقبليا" فالإله المنقذ ؛ اله لا يقوم بالفعل الآني الملموس بل انه ( يمهل ولا يهمل !!)أو المعصوم المبهم المنتظر المختبئ في ذلك الملجأ السري الخفي ينتظر منه أن يفعل شيئا" ليسود العدل ويقضي على الفساد وتكون أفعال هذه الشخصيات مستقبلية تتسم بالوعد مبهم الزمان ولا يمكن أن تقوم بها آنيا" بفعل محسوس كون وجودها لا منطقي أصلا" فالفعل المادي هو فعل منطقي مادي.
والحقيقة أن البنية الأساسية التحتية للمجتمع متمثلة بالاقتصاد الإنتاجي تدخل ضمن الفعل المادي كونه مرتبط بحاجة المجتمع من المنتج المادي لبقاء وديمومة الحياة , أما البنى الفوقية للمجتمع المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية وما يرافقها من تحولات نفسية تكون عرضة بل ومهيأ لها أن تدخل في مجال اللامنطق , فالمنطق كمفهوم متوازن خاضع للتأثيرات المادية يحدّ من خيال الإنسان الذي يمتلك قدرة الخلق الذهني خارج موضوع المادة كتشكيل مجسمات تخيلية ذات مواصفات خارجة عن المألوف كأله خارج المواصفات المتعارف عليها أو إمام معصوم يمتلك قدرات فوق انسانية لا يمكن تشكيلها ماديا" كونها غير متوازنة ماديا" ، وتدخل في الزمن المستقبلي المفترض دوما" ؛ زمن الانتظار أن متى ينتهي الإمهال أو متى يخرج الإمام الصالح ليقضي على الفساد ويسود العدل ..الخ؟!!
أن حركة المجتمع المدني تحمل معالم المرونة ( لا كما المجتمع الريفي المتزمت بتقاليده ) فالحركات الثورية المادية تتعايش مع السواد الأعظم من المجتمع البسيط الذي يدين للأب / الرب / الإمام المقتول أو الغائب/ المسيح والخضر الذين سيخرجون ملآى بالنور الإلهي ليعلنوا الحق ّ!

لذا كان هناك الاستماع للرأي الفانتازي الذي يقول انتم تريدون العيش ضمن المنطق ونحن نريد أن نحيا في اللامنطق ؛ نحن متعلقون بالمعصومين الذين لهم هداية لامنطقية في الأفعال حتى ولو لم تطابق الواقع ؛ أي أن كان إخفاء المهدي قبل ألف عام وقبول بقاءه حيا ليخرج , نحن نقبل ذلك ونؤمن به ونتوقع حصول المعجزة اللامنطقية ، اجعلونا نعيش القناعة الزائفة بدل المعاناة والارهاص المنطقي فالحياة هي الخليط بين اللامنطق المخدر المهديء والمنطق المربك القلق غير المستقر : أن تعيش قانعا مطمئنا بأكذوبة حياة أخرى مقابل حياة متراطمة صاخبة لا تقبل الخيال فيها القلق والجدل والتجربة الدائمة والتحقق المستديم , وفي النهاية هو الفناء لكلا الطرفين !!
لكن أيمكن أن نعيش وسط أوهام الإله وإلغاء حقيقة الأشياء ونشوءها للوصول إلى حقيقة وجودنا ليمدنا ذلك بمعرفة كيفية تطويرها لا الارتكاز على خيالات لا تقودنا نحو اكتشاف الحقيقة والتعامل معها بجدية لمعرفة ما يدور حولنا وما سبقنا من تراث نضال شعوب لا بطولات رموز أو أنبياء وأولياء مفترضين , ومعرفة ما سيأتي كنتاج لما نفعله ألان وعلى جميع الصعد التجريبية المنطقية , إذ لولا العلم التجريبي لما استطعنا سبر غور الفضاء ومعرفة أن الأرض ليست مركز الكون وان الشمس والقمر ليستا لعبتين بيد النبي المفترض وان النجوم ليست فوانيس معلقة وإنما هي شموس لا تعد منتشرة في الكون , ومجرات لا تحصى جاعلة الأرض ذرة رمل في صحراء لا متناهية , وان الشهب هي ليست رجوما" للشياطين , ولولا العلم التجريبي لما توصلنا إلى العلاج الصحيح للأمراض بل لبقينا نقرأ التعاويذ ونضرب رأس المصاب بداء السحايا بالنعل ليخرج الجن !!! ولولا العلم المنطقي التجريبي لبقينا نسوق الإبل بدل سيارات المرسيدس ونتقبل خراء البغال !!
فالمنهج المادي الثوري يخلق مجتمعا عارفا عالما منتجا صحيا" ذكيا معطيا" حقوق المرأة ، وما عدا ذلك فالفكر الغائي الفانتازي يعيدنا إلى الجحور والكهوف .
أميركا
Email/ [email protected]





#جمان_حلاّوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة والصرح الثقافي ، وعاصمة الثقافة !
- دروس في العلمانية 3 : (التحليل المادي للفكر الديني )
- دروس في العلمانية 2 (الايدولوجيا الدينية والصراع الطبقي)
- دروس في العلمانية
- البصرة وغزّة
- الدين الإلهي أم العلمانية هي النور المبين والحصن المتين
- في ذكرى سقوط الهمجية وولادة الحوار المتمدن
- تأبين روزخون
- ماهيّة ( الثقافة الإسلامية )
- فتوى اللحيدان
- ثلاثي الانحطاط البشري
- ممارسة الطقوس .. عبادة , أم مازوخية التراكم القمعي
- مليكة مزان والربّ ( ظاهرة شعرية اسمها مليكة مزان )
- ليس هناك مفهوم حياتي غير الكذب ، والدعارة ( الإمارات والممال ...
- مسرحية ( أغتصاب )
- الفن وصراع الأضداد
- ثنائية التفكير والسلوك البشري ( إبليس أو الشيطان مثالا- )
- سيناريو فلم ( سقوط المختارة - عاصمة الزنج ) / الجزء الثاني ع ...
- سيناريو فلم ( سقوط المختارة- عاصمة الزنج ) / الجزء الحادي عش ...
- ( ألدولة ) في المفهوم الماركسي


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمان حلاّوي - العمّ الأكبر والمجتمع اللامنطقي