|
الانتهازية صفة يكتسبها الفرد في المجتمعات المضطربة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2740 - 2009 / 8 / 16 - 10:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ان كان المجتمع غير مستقرا او يتصف بالتخلف و التناقضات و انعدام القانون، و المواطن غير مطمئن على حياته و معيشته و متسقبل اولاده ، او على الاقل على قوته و رزقه و صحته و ما يؤول اليه الوضع الذي يعيشه ، فهذه هي اهم الصفات العامة للشعوب التي تمرر الايام في ظل الانظمة القلقة غير المستقرة و لا تتسم باي شيء يقربها من المساواة و العدالة الاجتماعية و الاطمئنان و لم تضمن الحرية و هي تُحكم في جو بعيد عن الديموقراطية الحقيقية و العلمانية و الحداثة ،و لم تتوائم الحياة فيه مع المستجدات التي تفرضها المتغيرات العالمية مرحلة بعد اخرى . في ظل حكم و نظام لم يُعرف بعد اهم مبادئه الاساسية و خطوطه العامة و نوعه و ابعاده و اهتماماته و اعمدته الرئيسية ، و في واقع متقلب بين لحظة و اخرى و وضع اقتصادي غير امن او ضامن لمستقبل الفرد ، و في ظل البطالة المقنعة المنتشرة ، و انخفاض دخل الفرد و عدم التكافؤ مع التضخم المستمر الحاصل في الوضع الاقتصادي ، و في وقت تاتي فرص متنوعة و ان استغلت ستنقلب حياة الفرد راسا على العقب نحو الاحسن او في حالة فشله نحو الاسوء او الحضيض ، و في جو لم يعلم بعد المعالم الرئيسية للنظام السياسي الاقتصادي و الفلسفة او السياسية الاقتصادية المتبعة بعد ، و في حالة يمكن ان نصفها بالفوضى و العشوائية في تمرير الحكم دون الاستناد على القوانين . هذا من جانب الظروف الموضوعية و ما فيه المجتمع من المستوى الثقافي ، اما الجانب الذاتي و ما يتميز به الفرد من الصفات و الاخلاقيات و ما يؤمن من المباديء و العقائد و الفلسفات و مدى التزامه بالعادات و التقاليد و ما يتسم به المجتمع من المستوى الثاقفي العام و وضعه الاقتصادي و انتمائاته الفئوية و الطبقية و الشريحة و الاسرة التي ينتمي اليها و ترعرع في كنفها ، كل ذلك من الظروف الذاتية التي تخلق الشخصية غير المستقرة للفرد و لم يستتب وضعه في اتباع مسيرة حياته بشكل مستقيم. و هناك من الصفات الوراثية المتنقلة من مرحلة لاخرى حسبما اثبتها العلم و التقدم ، و لكن المكتسبة هي الاكثر تاثيرا في الاوضاع الحالية على حياة الفرد وفق ضرورة احتياجاته المصيرية التي لا يمكن المساومة عليها مهما زهد في معيشته و تعامله مع الحياة و متطلباتها . وبين الفرص السانحة لانحراف الفرد من جميع النواحي و الضوابط المتعددة الاخلاقية و الادبية و الثقافية و الاجتماعية سيضطر لاختيار نوعية المعيشة التي توفر له ما يعتقد ، و يختار ما بين المباديء و القيم و التزاماته حتى الرمق الاخير او يفلت منها في لحظة و يعيش خاليا من الضوابط ، و ان كانت الظروف العامة هي الاكثر ملائمة للفلتان مما للالتزام بالمثاليات ، فان الانتهازية تنتشر كآفة بين افراد المجتمع بالاخص في المجتمع الذي غاب عنه فرض القوانين و انعدمت الطرق السالكة للمساواة و العدالة و عاش تحت ثقل الترسبات الدكتاتورية طيل هذه الفترة و ما امتاز به من الفوضى و العشوائية و الاضطراب لحد اليوم . اذن الانتهازية و الانقلاب على الذات ستصبح من صفات الفرد و المصلحة هي الداعمة والمشجعة لذلك المرض المعدي . اي انتهاز الفرص يبعد الانسان عن الفكر و المباديء و المصالح العامة ، و كل ما يبحث عنه الفرد في هذه الحالة هو ضمان مصالحه الخاصة و العمل من اجل ازدياد نفوذه و سلطته و مكانته دون الالتفات لاية مباديء و قيم و عقائد ، و الغاية لديه هي التي تبرر الوسيلة و هي الصفة الانتهازية بكل ما فيها من معنى الكلمة ، و من المعلوم ان ادعائه الظاهري بالالتزام بكل القيم و العقائد المثالية و خطاباته و دفاعاته عن المصالح العامة نظريا و هو يضحي بكل غالي و نفيس من اجل الذاتية و الشخصية فقط عمليا . في هذا العصر الذي تسيطر عليه المصالح الاقتصادية لما موجود فيه من الدوافع و ما تفرضه الاحتياجات و الضرورات و سعة مساحة الملذات ، و ازدياد الاعتماد على الماديات كاحد افرازات العولمة و النظام العالمي الجديد ، فان الواقع يفرض العديد من الضغوطات على الفرد و هذا ما يدفع اية شخصية الى المناورات الضرورية و اللعب المتموج من اجل الحصول على الوسائل و ان كان معتمدا على المساومة عن المباديء الاساسية و المعتقداتن التي يؤمن به ، و كما نرى من هذه الصفات ملصقة بالقادة اليوم اكثر من الافرادفي ظل الوضع المتوتر في هذه المنطقة ، و به نشاهد يوميا التناقضات و الانقلابات على الذات و التقلبات الفكرية المتعاقبة و تغيير المواقع و الانتماءات، و الاتيان بمثل ما نهي عنه من الخلق و الادعاء و الاساليب دون اي اعتبار لاي عار او خزي يعود عليه ، و يتجه الانسان نحو الآلة في زمن العولمة و ما فيها من المؤثرات و المستجدات .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التنافس السلمي عامل لتقدم المجتمع
-
اسباب ضعف دور المثقف في الحياة العامة لاقليم كوردستان
-
الاوضاع السياسية في ايران الى اين؟
-
ما مصير مجاهدي خلق في العراق
-
هل نعترف بولادة الديموقراطية في كوردستان
-
لماذا وصلت الحال لحد احراق الكتب
-
مَن وراء استمداد العنف و الارهاب في العراق
-
كان الخلل في التطبيق و التفسير و التاويل و ليس النظرية بكامل
...
-
افاق زيارة المالكي و ذوبان ثلج حاجز العلاقات بين الاقليم و ا
...
-
كيف كان دور المثقفين في الانتخابات البرلمانية الكوردستانية
-
احتمال اشعال امريكا للضوء الاخضر لحل المواضيع العالقة عند زي
...
-
الديموقراطية و الطبقة الكادحة
-
الخطوات المطلوبة لما بعد الانتخابات البرلمانية في اقليم كورد
...
-
النتائج الاولية للانتخابات تشير الى تغيير الخارطة السياسية ف
...
-
كيفية العمل على عدم تسليم مستقبل البلاد للقوى العابدة للغيبي
...
-
مهام هيئات و مؤسسات الاستفتاء و الاستبيان الرئيسية و مصداقيت
...
-
الوضع الاجتماعي السائد بحاجة الى التنافس الحر الامن
-
تجسيد اليسارية الحقيقية بحاجة الى الديموقراطية الراسخة
-
اين مصالح الطبقة الكادحة في ظل ما يجري على الساحة العراقية ؟
-
هل يصح رفض ما هو المنجزمن اجل اهداف سياسية بحتة ؟
المزيد.....
-
بايدن يستغل نكسات خصمه ترامب لكسب التأييد خلال مهرجان انتخاب
...
-
قطر ترد على تصريحات -مسيئة- لنائب أمريكي حول وساطتها في مفاو
...
-
-أين المفر؟-.. 1.4 مليون فلسطيني في مدينة رفح يتساءلون عن سب
...
-
مئات من مربي الماشية في غزة يتلقون أعلافا حيوانية من منظمة ا
...
-
100 يوم على انطلاق أولمبياد باريس - ترقب ومخاوف
-
هل غير الهجوم الإيراني معادلة المواجهة مع إسرائيل وواشنطن؟
-
إسرائيل تستعرض صاروخا بالستيا إيرانيا
-
RT ترافق فرق الدفاع المدني في خان يونس
-
دبلوماسيون غربيون يبلغون إسرائيل بأن صد هجوم إيران القادم بن
...
-
البحرية الأمريكية: أنفقنا نحو مليار دولار على التصدي لصواريخ
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|