أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - نضال نعيسة - زوال الدولة الوطنية العربية















المزيد.....

زوال الدولة الوطنية العربية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2739 - 2009 / 8 / 15 - 07:34
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


يعتقد وعلى نطاق واسع أن المنظومة الرسمية العربية التقليدية بشكلها السايكس بيكوي القديم الذي صنعته بريطانيا وفرنسا، وحافظت عليه نظم ما يسمى ما بعد مراحل الاستقلال الوطني في طريقها إلى الزوال والاضمحلال، وتحول معظمها، إن لم يكن جلها إلى دول فاشلة عاجزة عن الحفاظ على أمنها، وحدودها، ووجودها ومهددة بالانقسام والتحول والزوال، بالتوازي مع ظهور تيارات وجماعات وتكتلات ومنظمات لا وطنية، وقبلية، ودينية، وعقائدية وإيديولوجية أخرى ترفض الانضواء تحت المسمى الوطني التقليدي، ولها مشروعها الخاص، ورؤاها السلطوية. وبعد فشل المنظومات الرسمية العربية في النهوض في مشاريع بناء الدولة الحديثة وانهيار التنمية، وتمركز الثروات والإمكانيات والقرار الوطني بنخب فردانية معزولة جداً عن الشعوب، صار، وهذه الحال، من الصعوبة بمكان إقناع شرائح واسعة بالانتماء الوطني الذي تلاشى إلى حدوده الدنيا، وظهرت تبعاً لذلك، الولاءات القبائلية، والعشائرية، والشخصية، والطائفية.

وآخر ما حرر، ويحرر في هذا الصدد، هو اندلاع الحروب الأهلية، بمختلف الأشكال في المنظومة السايكس بيكوية، ولعل المثال اليمني هو الأبرز هذه الأيام. فها هي الحرب الشرسة الضروس تندلع مجدداً بين جماعة الحوثيين المتمردة على النظام المركزي، وقوات نظام الرئيس علي عبد اله الصالح، الذي كان قد أعلن ذات مرة عن رغبته بالتنحي، إحياء وتكريساً لتقاليد ديمقراطية مفقودة، حسب تصريحاته في حينه، غير أنه عدل عن "فعلته" الديمقراطية، تلك نزولاً عند "رغبة" شعبية عارمة. هذه المواجهات الدموية تنذر بالمزيد من الخسائر المادية وبالأرواح، وتفتح جرحاً وطنياً جديداً، إضافة إلى الجرح المزمن الذي فتحه اجتياح واحتلال الشطر الشمالي من اليمن لشطره الجنوبي واعتباره ذلك مغنم ومكسب حرب، لممارسة شتى أنواع العنصرية، والإقصاء والاستغلال ضد أبناء الجنوب الذين تحولوا إلى غرباء في وطنهم جراء الغزو الشمالي الشامل اليمن الجنوبي. وفي ظل هذا الظروف هناك مخاطر جدية اليوم من انشطار اليوم، إلى ثلاثة دول، وعلى الأقل وفق ما هو منظور، شمالية، وجنوبية، وحوثية.

وتعتبر هذه المواجهات الأحدث شرخاً كبيراً في الجدار الوطني اليمني، وتمثل عجزاً فاضحاً عن إيجاد أية أرضية للحوار والتفاهم، وقطع مع كل إمكانيات التعايش بين المكونات الوطنية نظراً لانعدام الأهداف الوطنية المشتركة، أو لنقل وغيابها، وتقديم وتفضيل المصالح والأهواء والخيارات اللاوطنية العائلية وحتى الشخصية التي تدفع في كل مرة الأمور نحو هذه الانفجارات المؤسفة والدامية.

هذه النزاعات والخلافات المستمرة، وبشكلها الدموي، وتعذر نجاح أية احتمالية أو نوع من الحوار تحول هذا البلد العربي إلى بلد آخر فاشل في منظومة الفشل التي باتت تضم حتى اليوم فقط، كلاً من لبنان، والعراق، والسودان، والصومال، وما يسمى بالسلطة الفلسطينية التي انشطرت، حتى اليوم، إلى دويلتين، واحدة، في المقاطعة، وأخرى، في إمارة غزة-ستان المستقلة والمغردة خارج السرب الكوني كله حيث يمارس شيوخ السلفية الإخوانية ساديتهم الفاشية الدينية بحق شعب جائع ومحاصر، وكذلك غير هذه المرشحة للانضمام للائحة الفشل، على غرار ما يسمى بمملكة آل سعود التي تضطهد، علناً، سكانها من الشيعة وتحرمهم من كافة حقوق المواطنة، وتتركهم نهباً للقطعان الأصولية الوهابية الهائجة وفتاويها التكفيرية العلنية ضدهم، ناهيك عن الممارسات العنصرية العلنية ضد المقيمين والأقليات الأخرى، والمرأة، ما يهدد بانفجارات مجتمعية حادة مقبلة وحتمية، وتزداد المطالب الشعبية في الإحساء والقطيف لإقامة كيان كونفدرالي أو كيان منفصل عن السعودية بعد تنام قمع الأجهزة الامنية وعناصر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر للمواطنين الشيعة, منذ إطلاق العلامة الشيخ نمر النمر هذه الدعوة بشكل علني مؤخرا، وتتشابه معظم منظومة مجلس "التهاون" في هذا الأمر ما يجعلها في ذات الشرط الانشطاري والتفتيتي، إضافة إلى طبقات البدون ومجردي الجنسية وقبائل الـ"Second Hand"، التي لا تتمتع بأية اعتبارات وامتيازات وحقوق وطنية ما يراكم كله وينذر بانفجاريات مجتمعية تهدد ما كان يسمى بالكيانات الوطنية، القائمة على التمييز والعنصرية والاستئثار المطلق بالسلطة والثروات. أما مصر التي تضطهد سكانها الأقباط، وتفسح بالمجال للقطعان الإخوانية باستباحة البلد، وتهديد أمنه وسلامه المجتمعي، واستقلاله الوطني، وتضطهد الأقليات الأخرى أيضاً وتتبنى وترعى نمطاً وهابياً سلفياً لن يؤدي إلى إلا انفجارات ومواجهات أهلية بين مختلف تلك القوى التي بدلت ولاءاتها وانتماءاتها. (بالمناسبة تعتبر مملكة آل سعودية أصدق دول هذه المنظومة في تعاطيها مع الشأن الوطني، ونظرتها لإدارة تلك الجغرافيا، حين أعلنت أن تلك البلاد هي ملك لقبيلة آل سعود وسمت البلاد باسم هذه العائلة، ولعمري فإن هذا واحداً من أصدق الممارسات السلطوية في عموم المنظومة الشرق أوسطية).

كل هذه الشروط غير الطبيعية ترشح هذه الدول، الجاثمة على براكين ورمادات التناقضات، للانضمام، وبامتياز لمنظومة الدول الفاشلة والمنهارة التي تتكاثر وتترسخ يوماً بعد آخر، وصولاً إلى الحلم الصهيوني والبوشي الكبير في استمخاض الشرق الأوسط الكبير المنتظر، والقادم لا محالة، وشيوع الفوضى الخلاقة في أرجائه، وظهور حكم دول الطوائف، والعشائر والقبائل، إثر تراجع وتهاوي الخيارات والمشاريع الوطنية أمام النزعات السلطوية الفردانية الاستئثارية الاستبدادية وصعود الما بعد الديكتاتوريات الشمولية المطلقة وترسخ منظومة السلالات والعائلات القدرية الحاكمة، التي أطاحت وإلى الأبد بالمشاريع الوطنية وحلت محلها، وقضت على أي حلم وطني.

وبهذا، لم يعد السؤال، البتة، حول تحقيق أي نوع من النهوض أو أي إنجاز وطني، آخر، في عموم ما يسمى بالمنظومة العربية، بل، الهدف الأسمى، ربما هو الحفاظ على ما تبقى من هذا النظام الرسمي العربي القديم، المرفوض أصلاً، وحتى على "علاته"، وبنمطه الاستعماري الكولونيالي كما خلفه لنا المرحومان سايكس وبيكوي في بداية القرن الماضي، النط الذي سيبقى، شكلاً زاهياً، ورائعاً، وأنموذجياً، أمام ما هو متوقع، ومرصود من انهيار شامل، بنيوي فظيع ومريع، ستنضم بموجبه معظم المنظومة، واحدة إثر أخرى، إلى قافلة الدول الفاشلة، إذا ما استمر هذا التعاطي العبطوي والارتجالي اللامبالي واللجوء للحلول الإقصائية والدموية في كل ما يتعلق الشأن الوطني، وها هو المثال اليمني المفجع والمؤلم يتراءى، ويتفاعل، بقوة أمام الجميع.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المملكة السعودية: اعتقالات بالآلاف من دون محاكمة
- أبناء حكام العرب: شيء يرفع الرأس!!!
- غزة-ستان: بين حصار وحجاب
- خرافة البحبوحات النفطية
- لا لولاية السفيه
- لماذا يطالبون بتحرير فلسطين؟
- سوريا والجيران: أما آن الأوان؟
- ألغت عرسها لأن خطيبها نجم أفلام إباحية
- اغتصاب جماعي ضد نساء دارفور
- الشاي الأبيض للقضاء على البدانة
- امرأة بريطانية على ذمة خمسة رجال في وقت واحد!!!
- إحذروا الكولا!!!
- أسيرة الجنس: الموديل الفاتنة تفر من قصر زوجها الأمير؟
- ما رغريت تاتشر بعد ثلاثين عاماً
- المثلية الجنسية في السعودية
- فضائح ُآل سعود: هل تجلد الأميرة السعودية الزانية؟
- تصحيح التفكير في عقل السوربوني الكبير2
- ابن كاسترو ضحية لعاشقة وهمية على النت
- تصحيح التفكير في عقل السوربوني الكبير (1)
- مروة الشربيني: قصة اغتيال حجاب


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - نضال نعيسة - زوال الدولة الوطنية العربية