أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - التطبيع مقابل التجميد !!















المزيد.....

التطبيع مقابل التجميد !!


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 2735 - 2009 / 8 / 11 - 03:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


طالبت الإدارة الأمريكية الكيان الصهيوني بتجميد الاستيطان لمدة عام من أجل استثمار هذا التجميد في دفع الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية ، وهي خطوة تهدف واشنطن من خلالها الضغط على الدول العربية المستهدفة بالتطبيع من أجل التقدم خطوات باتجاه تل الربيع على طريق إقامة علاقات طبيعية معها ، ومن ثم اعتبارها جزءا من نسيج المنطقة ، كل ذلك مقابل التوقف مؤقتا عن إقامة البؤر الاستيطانية أو مستوطنات جديدة في مناطق الضفة الغربية بما فيها القدس .

هذه المقاربة الأمريكية تستهدف من ثنائية الاستيطان والتطبيع إيجاد مدخل لتجاوز ما يقول به النظام الرسمي العربي ، من أنه مستعد للتعامل مع الكيان الصهيوني وقبوله كجزء من دول المنطقة ، إذا ما جرى حل الصراع مع الدول العربية المعنية وقيام الدولة الفلسطينية ، وهو من ثم يمكّن الإدارة الأمريكية التي تحظى بالقبول الرسمي العربي ارتباطا بوجود إدارة أمريكية جديدة تختلف لغتها وطريقة إملاءاتها السياسية عن كل الإدارات السابقة .

وهي بذلك تختزل مفردات الصراع إلى مفردة واحدة هي الاستيطان الذي يمثل في حد ذاته عدونا سافرا ، إضافة إلى أنه غير مشروع وغير قانوني بمعايير القانون الدولي وما يسمى بالشرعية الدولية والتي كان آخرها الحكم الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول جدار الضم العنصري .

ولعل السؤال هنا هو ؛ كيف يمكن مقايضة تصرفات غير مشروعة والبناء عليها للحصول على تصرفات وإجراءات مشروعة ؟ فالاستيطان من حيث المبدأ هو غير مشروع على الأقل من وجهة نظر القانون الدولي ؛ في حين أن الوجود الصهيوني في فلسطين ؛هو في حد ذاته غير مشروع ، ومن ثم لا يمكن قراءة ما تطالب به الإدارة الأمريكية من وقف مؤقت للاستيطان ومقايضة ذلك بالتطبيع مع الدول العربية إلا في إطار الافتئات على الحقوق العربية ، وتشريع وجود الكيان الصهيوني في المنطقة ، وتجاهل أنه كيان غاصب للحقوق العربية .

وهذا الموقف الأمريكي الذي تطالب به وزيرة الخارجية من شأنه أن يخفف من تسويق حملة التفاؤل لدى بعض العرب الذين خدعوا بالتغيير الذي تم في البيت الأبيض ، وأرادوا أن يصدقوا أن هناك تغييرا جوهريا حصل في واشنطن دون أن يدركوا طبيعة العلاقة العضوية بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية .

ومن الواضح أنه لا يهم وزيرة الخارجية الأمريكية الممارسات النازية التي تقوم بها سلطة الاحتلال في الضفة الغربية من هدم ومصادرة للمنازل ؛ وطرد أهلها منها ؛ واستمرار التضييق وحملة الاعتقالات واستكمال بناء الجدار ، وأيضا مواصلة حصار القطاع برا وبحرا وجوا مع قيام الجيش الصهيوني بالتوغلات بين وقت وآخر ، وللأسف فإن تلك التصرفات لا ترقي في نظر وزيرة الخارجية الأمريكية إلى مستوى التنديد والإدانة ، بل وممارسة الضغوط الجدية المسؤولة من الإدارة الأمريكية ؛ لو كانت هناك حقا إدارة نزيهة وذات مصداقية فيما يتعلق بالصراع العربي ـ الصهيوني .

ولذلك لم يكن مستغربا لمن يقرأ السياسة الأمريكية في كليتها بعيدا عن القراءة التي تقتطع منها ما يوافق مقاربتها الذاتية ، للممارسات الأمريكية وتوظيفها بشكل خاطئ في ترويج وهم ؛ أن هناك إدارة أمريكية ذات سياسة تدرك أن ما يسمى بالسلام ، يفرض على الكيان الصهيوني استحقاقات يجب أن يوفي بها ؛ كونه أولا وأخيرا يمثل كيانا محتلا ؛ وهو هنا الكيان المعتدى على الآخرين .

هنا تصبح مطالبة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ؛ الدول العربية بأن تبادر "الآن" باتخاذ إجراءات ملموسة باتجاه تطبيع علاقاتها مع "اسرائيل"؛ رغم كل المواقف العدوانية الصهيونية القائمة ، بل وأن على الدول العربية "إعداد الرأي العام لديها لتقبل السلام ( كما تريده وتراه الدولة العبرية ) وتقبل مكانة "اسرائيل" في المنطقة" نوع من مكافأة المعتدي على استمرار عدوانه.

وفي إطار إيهام العرب بأن ما ستقدم عليه الدولة العبرية ، هو تنازل مؤلم ، في حين أن الكيان الصهيوني لا زال يساوم إذا جاز قول ذلك ؛ في حصته فيما يسمى بالأرباح ؛ وهي هنا الأراضي المحتلة الذي يعتبر وجوده فيها وفق قرارات الشرعية ؛ هو وجود غير مشروع ، ومع ذلك فإن كلينتون تقول "أننا نتوقع أعمالا من جانب اسرائيل لكننا نقر بأن هذه القرارات صعبة سياسيا". أي أن الكيان الصهيوني قدم تضحيات كبيرة يجب أن تقابلها الدول العربية بما يستحق هذه التضحية .

وفي الوقت نفسه قال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط السيناتور جورج ميتشل أنه سيحث " الزعماء العرب بالمنطقة على اتخاذ خطوات حقيقية من أجل التطبيع"، موضحا "أننا لا نطلب من أحد أن يقوم بالتطبيع الكامل في هذه المرحلة على أن يأتي ذلك من خلال عملية السلام".

وحتى يتحقق ذلك السلام الذي يتحدث عنه جورج ميتشل ، فإنه أعرب عن اعتقاده بأنه "ينبغي على كل طرف مسؤولية أن يوضح مشاركته ومساندته لعملية تحقيق السلام الشامل، ممّا يعنى أن اتخاذ خطوات ذات مغزى الآن " وذات مغزى يفهم منها ؛ أن تقوم الدول العربية التي لديها الاستعداد للتطبيع مع الكيان الصهيوني ـ بإبداء حسن النية تجاه هذا العدو ؛ كي تشجعه على ما يسمى بالسلام ، ولذلك لا بأس في إطار تعزيز هذه الثقة من إزالة مخاوف الكيان الصهيوني المعتدي ؛ والذي يعتبر أقوى دول المنطقة حسب معايير القوة المادية والعلمية من " قيام دول المنطقة بعملية التطبيع الذي يمثل جزءا مهما من العملية السلمية التي نضطلع بها".

وفي مقابل التطبيع فإن كل تلك التضحيات التي تطالب بها الإدارة الأمريكية الكيان الصهيوني ؛ التي كشفت عنها صحيفة هآرتس الإسرائيلية والمبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل ؛ لم تتعد الطلب من رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير الحرب إيهود باراك خلال زيارته الأخيرة للدولة العبرية ؛ ضمانات تؤكد التزام تل الربيع بتجميد البناء في المستوطنات لمدة عام.

لأن هذا الالتزام من قبل الكيان الصهيوني من شأنه أن يعطي جورج ميتشل الفرصة لتسويق الأفكار الصهيونية ـ الأمريكية المشتركة من موضوع الحل السياسي ، والذي يمثل عنوان التطبيع أحد أبرز أولوياته ، وفي هذا الإطار أوضحت صحيفة هآرتس أن ميتشل أعرب عن اعتقاده بأنه يستطيع من خلال هذه الضمانات تحقيق انطلاقة في عملية السلام وتغيير موقف الدول العربية المعارض للتطبيع مع إسرائيل.


وهذه المناورة التي جرى طرحها من قبل المسؤولين الأمريكيين بهدف إيهام العرب أن مجرد قبول الكيان الصهيوني ، بوقف الاستيطان الذي هو غير مشروع أولا وأخيرا ؛ يمثل إنجازا يستحق المكافأة عليه ، وفي إطار الترويج المشترك لهذه الخدعة ، ومن ثم تبيان ما تعتبره واشنطن وتل الربيع تضحية من قبل الدولة العبرية الصهيونية ؛ أكدت مصادر سياسية صهيونية أن الدولة العبرية لم ترفض هذا الطلب ولكنها مازالت تختلف مع الإدارة الأمريكية حول عدة مواضيع من بينها:
- ميتشل طلب تجميد البناء لمدة عام ولكن إسرائيل وافقت على ستة شهور فقط.
- تريد الدولة العبرية أن تعرف مصير البناء في المستوطنات بعد انتهاء المدة المتفق عليها.
- كما أن الكيان الصهيوني يريد كما تقول الصحيفة معرفة مصير 2500 وحدة سكنية موجودة حاليا في طور البناء, حيث أن إسرائيل معنية باستمرار البناء فيها إلا أن الولايات المتحدة تطالبها بالإيقاف المؤقت للبناء .

وفي سياق الترويج لهذه المناورة باعتبارها تضحية كبيرة قام بها الكيان الصهيوني ، من خلال وقف البناء المؤقت في المستوطنات ؛ التي هي غير مشروعة ابتداء ، الأمر الذي يستوجب أن تقابل هذه التضحية بمكافأة تستحق ذلك ، بأن تقوم الدول العربية بالذهاب نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني ، بذريعة أن هذا الكيان قد قام بوقف الاستيطان الذي يهدد الأرض ، ومن ثم إمكانية قيام الدولة الفلسطينية .

وفي إطار استكمال السناريو الصهيوني ـ الأمريكي ، من أجل القول أن ما تم إنجازة استغرق جهدا من الولايات المتحدة ، يستوجب الثقة في النوايا الأمريكية ، باعتبارها حكما نزيها ، وكي يتم إخراج هذا المشهد بالشكل المطلوب ستستمر المحادثات بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني كما ذكرت بعض الصحف حول موضوع التعهدات بشأن وقف البناء المؤقت ؛ ولذلك سيجتمع نتنياهو وميتشل في لندن في السادس والعشرين من هذا الشهر , حيث من المتوقع أن يصل الطرفان إلى قاسم مشترك في نهاية الأمر. حسب نفس المصادر .

ومن ثم فإن الحديث عن التطبيع على الأقل قبل قبول الكيان الصهيوني بالمبادرة العربية سيئة السمعة ؛ ناهيك عن قبوله الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة ، يعني دفع الثمن مرتين ومقدما ، وهو هنا الثمن الذي لا يقابلة ضمان الحصول على أي شيء ؛ وكأني بالإدارة الأمريكية تريد من العرب أن يتجاهلوا الاحتلال الصهيوني ، ورزمة القرارات الدولية التي تطالب الكيان الصهيوني بالانسحاب من الأرضي العربية المحتلة ، وأيضا قرار حق العودة رقم 194 .

ومن بعد ؛ هل يمكن للعقل السياسي أن يتخيل قيام العرب بمكافأة الكيان الصهيوني على احتلاله وقبوله بنتائج ذلك الاحتلال ، بأن تتم إقامة علاقات طبيعية معه ، فيما هو لا زال يرفض الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة ، ويرفض عودة القدس وأيضا حق العودة الذي يمثل جوهر القضية الفلسطينية والذي بدون تطبيقه يصبح الحديث عن تسوية سياسية وسلام عادل وشامل هو حرث في البحر بامتياز ؛ على الأقل بالنسبة للشعب الفلسطيني .

على ضوء كل ذلك ، لا يمكن القول إلا أن كل تلك المساعي الأمريكية ، إن هي إلا نوع من التحايل السياسي على القضية والشعب ، بهدف إحداث اختراق استراتيجي بالنسبة لقبول الكيان الصهيوني كحقيقة قانونية وتاريخية وواقعية ، مستغلة وجود الرئيس أوباما ، وهو التحايل الذي جوهره الأساس خدمة المشروع الصهيوني على حساب الحقوق العربية ، كون ذلك يمثل ثابتا من ثوابت السياسة الأمريكية ؛ أيا كان ساكن البيت الأبيض ، فمتى تدرك السلطة الفلسطينية والرسميون العرب أنهم يضعون ثقتهم في غير محلها ؟ الأمر الذي يتطلب أن يثقوا في ذاتهم أولا ، وهنا يكمن الحل .




#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة : نحوالإمارة
- المقاومة : تباين المفاهيم
- مقاربات في نتائج المحرقة
- اختيار أوباما تغيير تاريخي .. ولكن
- حماس تختزل المشروع الوطني في إمارة غزة
- حماس: إنتاج التضليل
- يسار امريكااللاتينية : نافذة للحلم والأمل
- سوريا : صلابة القلعة من الداخل هي كلمة السر
- العرّاب خدام : تغيير المواقع
- الفوضى والفلتان : فتح تعاقب فتح
- فتح وحماس : - الذات - بين الخوف والتضخيم
- فتح وحماس : -الذات - بين الخوف والتضخيم
- حماس : بين مصداقية الفعل والقول
- دموع شارون والقطعان : وحملة العلاقات العامة
- الخروج من الجغرافيا : على طريق الخروج من التاريخ
- الإرهاب الصهيوني : يوحد المشهد الفلسطيني
- ما أروعكم ياأطفال وطني
- خطاب الجماعات الإسلامية : بين الواقع والمتخيل
- الانكفاء من غزة : والفرح المؤجل ..
- القوى الديمقراطية : ودور يبحث عمن يقوم به


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - التطبيع مقابل التجميد !!