أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - روان غازي - حوار بين الفضيلة والرذيلة .. في غزة














المزيد.....

حوار بين الفضيلة والرذيلة .. في غزة


روان غازي

الحوار المتمدن-العدد: 2735 - 2009 / 8 / 11 - 04:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مررت على الفضيلة وهي تبكي . فقلت علامَ تنتحبُ الفتاة ....
فقالت : كيف لا أبكي وأهلي جميعا دون خلق الله ماتوا ؟!

جاءت هذه الكلمات ، مصداقا لما يحدث لنا اليوم في الساحة الفلسطينية ؛ فقد كان من حق الفضيلة أن تنزف دما تجاه التطورات التي اعترت الشارع الغزي ؛ فعندما يتم تلخيصها ببعض المظاهر الشكلية ، لتفقد قدسيتها المعنوية وطهرها وطابعها القيمي ، حري بها أن تبكي ، وعندما يئول إليها الحال لتضحى ممثلا لمجموعة قوانين شكلية جامدة تهدر طهرها القيمي وتحولها إلى أداة تنفر الناس لا تستقطبهم نحو قيمها الحقة ؛ فمن حقها أن تنتحب، وتعلن تمردها على أدعياء الفضيلة .
في ظل هذا الوضع ، وقفت الفضيلة حزينة ورجعت بذاكرتها إلى الوراء ، لتقول : كم جميلة هي فضيلة أبائنا وأجدادنا ، تلك الفضيلة الطبيعية العفوية ، التي تعكس خُلق الفلسطيني صاحب الحضارة والرقي منذ آلاف السنين ، وكم طاهر وعذري ذاك التدين العفوي لشارعنا الغزي بطبقاته البسيطة ، بوعيها البكر دون رتوش أو مستحضرات تجميلية ، وقالت متنهدة : كم هو قاس مقابل ذلك ،أن يصبغ مجتمعنا بفضيلة مصطنعة .. وبالإكراه !!!
وهنا نجدها تذرف دمعة حارقة تكوي وجنتيها ، فلم تجد أمامها سوى البكاء كطريق للتعبير عن حزنها على واقعها المرير ، و لكنها فجأة تقوم بمسح دموعها بمعطفها الأبيض الشفاف ، وتنهض كي تتساءل ، بحضور نقيضتها الرذيلة :
هل أتحقق أنا كفضيلة ، فقط بقمع حريات الأفراد في الرأي والتعبير ؟! وبفرضي شكل قسري للباس على إناثه ؟! وهل أفقد قيمتي بالمقابل إن لم أعكر صفو المتنزهين على شواطىء البحر ؟! وهل تبطل فعاليتي إن لم أحول المجتمع إلى نسخ كربونية في الشكل والتفكير والمعتقد ؟! .
وهنا قاطعتها الرذيلة متهكمة : هكذا أرادوكي ، وإن اعترضت ِ فبالسلاسل سيكبلونك ، وسيلصقون لكِ تهمة الخروج عن الآداب العامة ، لذا فأنا أنصحكِ ، بأن تصمتي وتقبلي بالأمر الواقع ، وبأن تبدلي جلدكِ تماشيا مع الفضيلة المستحدثة ،كي تدرئي خطر جَلدكِ ، لأنكِ إن أصررتِ على نبذك لفضيلتهم وتمسكتِ بفضيلتك الأصيلة ستجلدين مائة جلدة ، وليس ببعيد أن يصلبوكي .
وهنا ردت الفضيلة ، رافعة رأسها مرتشفة أحزانها ، ومفعمة بروح الثورة والإرادة ، لتقول :
أنا من سيعلمهم بأنني حرة ، وبأن من امتلك الحرية لا تستطيع أي قوة أن تثنيه عن حريته ، لأن أولئك لا يخيفهم سوى الأحرار ، أما من سلَموا للأمر الواقع وتعاملوا مع الفضيلة المستحدثة ، فأنا بريئة منهم ، فأنا فقط سأقف داعمة لحرية الرأي والفكر، المقترن بالفعل الحر الملتزم بضوابط الحرية الايجابية التي تحفظ للجميع حقهم بالعيش بكرامة دون إيذاء أحدهم للآخر ، وأوردت ما جاء لجبران خليل جبران في حديثه عن الحرية " إنكم تصيرون أحراراً بالحقيقة إذا لم تكن أيامكم بلا عمل تعملونه و لياليكم بلا حاجة تفكرون بها أو كآبة تتألمون ذكراها ،بل تكونون أحراراً عندما تنطق هموم الحياة و أعمالها أحقاءكم بمنطقة الجاد و العمل و تثقل كاهلكم بالمصاعب و المصائب و لكنكم تنهضون من تحت أثقالها غزاة طليقين " . ثم أردفت قائلة :
وسنمارس عليهم فضيلتنا ، الطاهرة . الواعية . المعنوية لا الشكلية ، فضيلتنا التي تدفعنا إلى الأمور العظام لا إلى التوافه ، تلك الفضيلة التي تقر قيمة الإنسان كأعلى قيمة وتسمو به فوق أي اعتبار ، الفضيلة التي تلفتنا نحو عدونا وسبل دحره عن وطننا فلسطين ، قبل التفاتنا إلى تكبيل حريات بعضنا البعض .



#روان_غازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - روان غازي - حوار بين الفضيلة والرذيلة .. في غزة