أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - الأنبياء بين الدعوة إليه والادعاء عليه سبحانه















المزيد.....

الأنبياء بين الدعوة إليه والادعاء عليه سبحانه


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2734 - 2009 / 8 / 10 - 10:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تلك الشخصيات التي تركت بصماتها على تاريخ الإنسانية عبر أكثر من ألفي عام، الذين قادوا ثورة سماوية على الأرض، أو حاولوا – وبدرجة نجاح متفاوتة – إحداث هكذا ثورة، وجاءوا بعنوان أنهم مكلفون من السماء، مبعوثون إلى أهل الأرض لإصلاح الأرض وأهلها، أي بعنوان أنهم أنبياء الله ورسله، وآمن بهم وما زال يؤمن بهم وبرسالاتهم ودعواتهم اليوم جُلّ أهل الأرض، ويلتزمون بدرجة أو أخرى بلوازم هذا الإيمان، إيمانهم بالدين أو الوحي أو الكتاب المقدس الذين جاءوا به، أو نُسب إلى بعضهم لاحقا، بعقائد وأحكام وأخلاقيات كل من تلك الأديان؛ عندما أقول عن هؤلاء الأنبياء والرسل، أو المنعوتين هكذا، والمعتقد بهم بهذا التوصيف من قبل أتباعهم، عندما أقول فيما يتعلق الأمر بالله خالق الكون، أنهم من جهة دعاة إليه، ومن جهة مُدَّعون عليه، فبمعنى أنهم قد دعَوا حقا إلى الله، وإلى توحيده في العقيدة وعبادته وطاعته، وكذلك إلى تنزيهه من الشرك والوثنية والخرافة، وكل ما لا يليق نسبته إليه، كما ودعَوا إلى إصلاح ما رأوا إصلاحه في مجتمعاتهم، وإلى التخلق بمكارم وفضائل الأخلاق؛ كل ذلك طبعا في ضوء اجتهادهم الشخصي كبشر، اقتبسوا من غيرهم ممن سبقهم إلى دعوات مماثلة، أو من معاصرين لهم، وأضافوا أو حذفوا وشذبوا وصححوا، ما رأوا إضافته أو حذفه وتشذيبه وتصحيحه، وكانوا في كل ذلك دعاة إلى الله بحسب رؤيتهم، لكنهم ادّعوا، أو لعلهم افتروا، بوعي أو بغير وعي، بقصد أو بغير قصد، على الله، إذ نسبوا اجتهادهم الشخصي إليه تعالى، وادّعوا أن دعواتهم إنما هي وحي إلهي، وقوانينهم وتشريعاتهم، إنما هو شريعة الله، فحمّلوه أخطاءهم، وأخطاء اجتهادهم البشري المشتمل على الصواب والخطأ، وادّعوا العصمة لأنفسهم، وإلهية مصدر دعواتهم، بل ادّعى بعضهم، أو ادُّعِي له بُنـُوَّته لله، وبعضهم ادّعى تبادله الخطاب المباشر معه سبحانه بسماع صوته، وهو يتحدث، جل وعلا، إليه. ربما هناك من المبررات ما يدعو إلى أن نُحسن الظن بنواياهم ودوافعهم، أو نوايا ودوافع بعضهم، أو ربما الكثيرين منهم، ولكن حسن الظن لا يبرر عدم تشخيص المردودات السلبية، والكوارث المأساوية للأديان عبر آلاف السنين، فالكثيرون من الراديكاليين، من أصحاب الدعوات الدينية، أو الفكرية، أو السياسية، أو الاجتماعية، وكذلك قادة الثورات وحركات التحرير، الذين يُربكون الواقع أيما إرباك من خلال راديكاليتهم، يكونون غالبا أصحاب نوايا حسنة بحسب فهمهم، أو تختلط عندهم النوايا الحسنة في الإصلاح مع الدوافع الذاتية، والتي تظهر بدرجة أشد في مراحل لاحقة من دعواتهم، وغالبا ليس في بداياتها، إما لأنهم فعلا يكونون في البداية أشد إخلاصا لدعواتهم وقضاياهم التي دعوا إليها، وناضلوا من أجلها، أو إنهم أخفوا بدءً النوازع الذاتية لكسب الأنصار، ثم تجلت بعد أن حققوا النجاح، وأحكموا سلطتهم، وقويت دعواتهم بكثرة الأنصار. فبعض الأنبياء والرسل قد يكونون من هذا النوع من القادة والمصلحين. ولكن ربما لم يدّع بعضهم ما أشرت إليه ادّعاءً وافتراءً منهم على الله، بل كان صادقا، إذ تصور أن الإيحاءات الذاتية، أو لعله حالات الهلوسة المصاب بها، تمثل حقا وحيا إلهيا، كخطاب مباشر من الله، أو خطاب من مَلـَك مُرسَل إليه منه تعالى، وتوهّم أو ادّعى البعض منهم، أن حتى ما يراه في المنام هو وحي إلهي. ولعل كل المتطرفين والمغالين في الدين سياسيا أو عقائديا من علماء، وأحبار، وكهنة، وحاخامات، وقسسة، ومراجع، ومشايخ، وعموم المؤمنين بهذا أو ذاك، يلتقون بدرجة أو أخرى معهم في الدوافع النبيلة والنوازع الذاتية، والخلط ما بين حالات تألق العقل، والوهم والخرافة والهلوسة، وما بين تمثل أسمى درجات الإنسانية، وبكل صدق، والوقوع في الذاتية، من نرجسية وقناعة مطلقة بالذات، ونزعة تسلطية، وحساسية مفرطة تجاه غير المستجيبين لدعواته، الذي تنالهم لعناتهم، كونهم من الكفار الذين استحقوا لعنة الله ولعنة ملائكته ورسله والناس أجمعين، هذا الكم الهائل من اللعنات، التي تنصب على غير المؤمنين بهم، من خلال الأزمة النفسية التي تعتمل في دواخلهم، فيلبسونها هالة من القداسة، وينسبونها إلى الله سبحانه، ويُشرّعون للعداوة والبغضاء، فيُنظّرون ويُشرّعون للعداء (المقدس) والكره (المقدس).



وبهذا تكون الأديان قد نفـّرت من الله، وأبعدت عنه، وصدّت عن سبيله، أكثر مما جذبت وقرّبت إليه، ودعت إلى سبيله. ثم الأديان كانت هي سبب وجود هذه الثنائية في واقع المجتمع الإنساني؛ فإما دينيّون، وإما ملحدون، وخسرت الإنسانية بنفي الأديان للخيار الثالث، خيار أن يكون الناس مؤمنين غير دينيين، وذلك باعتماد العقل، بدلا من الجمود على النص الديني، وتقديسه، والتعاطي معه كحقيقة مطلقة نهائية، غير قابلة للمناقشة، مما آل الأمر حتى إلى إلغاء النسبية التي يمكن أن تستوحى من نفس النصوص الدينية، التي تُميّز بين الدين كحقيقة إلهية مطلقة، على فرض أنها كذلك، وبين الفكر الديني كاجتهاد بشري غير معصوم من الخطأ، بل لم يُميّز معظم المتدينين ودعاة الدين بين الثابت والمتغير من مقولات ذلك الدين نفسه، فجعل معظمهم حتى المُتغيّر ثابتا، وجمدوا على شكليات الدين، مهملين جوهره، مما أدّى إلى ظهور ثقافة التكفير، التي لم تقتصر على تكفير المغاير الديني، بل حتى المطابق الديني، ولكن المغاير في فهم نفس الدين، مع الإقرار بصدقه، والالتزام بلوازمه، والدعوة إليه، أو التبشير به، وهذا ما جرى في كل الأديان، لا أقل الأديان الإبراهيمية الثلاثة. هذا ناهيك عما اشتملت دعوات بعض المنعوتين بالأنبياء والرسل، أو ربما دعوات معظمهم، على ما لا يليق نسبته إليه تعالى، رغم أن من الثوابت والقضايا المركزية لدعواتهم من حيث المبدأ كان تنزيهه عما نسبته الوثنيات إليه تعالى. فنجد معظم الأديان تنسب إلى الله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، قسوة العذاب، وشدة الغضب، وكأن الأنبياء والرسل الذين ووجهوا بالتكذيب والسخرية ونسبة السحر أو الجنون إليهم، أرادوا أن يُعبّروا عن تأزمهم وتوترهم النفسي تجاه ردود الفعل هذه، فنسبوا توتراتهم النفسية إلى الله، سبحانه وتنزه عن ذلك تنزها كليا، بل نجد الكثير لاسيما من مقولات العهدين القديم والجديد مما ينتقص من حكمته، أو عدله، أو علمه، أو قدرته. أما القرآن، فإنه إن أفلح في تصحيح الكثير مما نُسب إليه، وما نُسب إلى أنبيائه ورسله، إلا إنه لم يفلح في عملية التصحيح إلى الشوط الأخير. وفي بحوث لاحقة سأورد أمثلة وشواهد لكل ما ذكرته، ما استطعت إلى ذلك سبيلا.



#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بطاقتي الشخصية كإلهي لاديني
- مخالفة الأحكام الشرعية طاعة لله يثاب عليها مرتكبها


المزيد.....




- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - الأنبياء بين الدعوة إليه والادعاء عليه سبحانه