أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد أيوب - غزة إلى أين؟ د . محمد أيوب















المزيد.....

غزة إلى أين؟ د . محمد أيوب


محمد أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 2734 - 2009 / 8 / 10 - 07:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


يعيش أهل قطاع غزة ظروفا لا يحسدون عليها، انهيار شبه تام في منظومة القيم والأخلاق، حيث تطرد العملة الزائفة العملة الجيدة في كل المجالات، وخصوصا في مواقع المسئولية التي كان الولاء الحزبي وما زال هو المعيار الوحيد لشغل مواقع المسئولية في مؤسسات المجتمع المختلفة وخصوصا في مجال التعليم والصحة والقضاء، فقد أصبحت مواقع المسئولية حكرا على الموالين لهذا الحزب أو ذاك، دون أدنى اعتبار لمعيار الكفاءة مما أدى إلى وقوع مآس كان من الممكن تجنبها بقليل من الحكمة.
تتسع رقعة الخراب والفساد في غزة والحركتان الكبيرتان سادرتان في صراعهما دون أدنى اعتبار لمصالح الشعب في غزة، ففي مجال التعليم اتخذت نقابة الموظفين العموميين قرارها بالإضراب المفتوح دون دراسة ناضجة للقرار، ودون استخلاص العبر من تجربة الإضراب المفتوح التي جرت في الجامعة الإسلامية في غزة سنة 1983م، فقد نصحت أصدقائي في نقابة العاملين ألا يبدءوا إضرابا مفتوحا لأن مثل هذا القرار يشل قدرتهم على التصعيد في كفاحهم النقابي، كما نصحتهم بأن يكون الإضراب متدحرجا؛ يبدأ بالتوقف عن العمل لمدة ساعة وليوم واحد في الأسبوع لمدة شهر أو شهرين ثم يتم تصعيد الإضراب ليصبح ساعتين وهكذا وبالتدريج يتحول الإضراب إلى يوم كامل، ثم إلى يومين إلى يصلوا إلى الإضراب المفتوح، ولما كانت عقليتنا تنسجم مع المثل الشعبي القائل: تخرب برأيي ولا تعمر برأي غيري" تأزمت الأمور في الجامعة الإسلامية وقام المجمع الإسلامي بملء الشواغر التي تركها المضربون الذين خسروا الجامعة الإسلامية بشكل مطلق ونهائي، وحتى لا تصل الأمور إلى ما وصلت إليه همست في أذن الصديق محمد أبو عمارة في ذلك الوقت أن عليهم التوصل إلى مصالحة تقينا شر انقسام اجتماعي خطير، وذهبنا إلى غزة، كنا ثلاثة ، وقد وجدنا أن المهتمين بالإضراب يجتمعون في منزل السيد فتحي صبح، دعاني أبو صالح إلى الدخول معه لإقناع المجتمعين بضرورة إنهاء الإضراب، ولكنني رفضت الدخول لأنني لا علاقة لي بلجنة العاملين، ولكني شجعته على العمل من أجل المصالحة فاتهمه الحضور بالتخاذل، وأخيرا تمت المصالحة وتوقف نزيف الدم بين الأخوة.
والآن وبعد ما جرى في غزة في عام 2007م، لا تهمنى المسميات هنا سواء أكان الذي جرى انقلابا أو حسما عسكريا أو غير ذلك، المهم أن ما جرى دمر النسيج الاجتماعي في غزة وحوله إلى فسيفساء بغيضة من الكراهية والحقد الأعمي والاستئثار بكل شيء واستبعاد الآخر المغاير، تدهورت الأمور بشكل بشع، ودعا السيد زكارنة الموظفين الحكوميين إلى إضراب مفتوح، كان القرار مرتجلا غير مدروس، لأنه بقليل من التفكير السليم نجد أنه من الخطأ ترك ساحة التعليم للاعب واحد مهما كانت كفاءة هذا اللاعب، وتصرفت حماس بالطريقة نفسها التي اتبعت في الجامعة الإسلامية بغض النظر عن الكفاءة أو القدرة المهنية.
الحقيقة أن التعليم يشكل رأس الزاوية في مثلث المؤسسات الأساسية التي ينهض عليها بناء المجتمع والتي إذا انهارت انهار المجتمع، هذه المؤسسات هي التعليم والصحة والعدل، أي صحة العقول وصحة الأبدان وصحة المجتمع التي لا تقوم إلا على العدل.
سأبدأ بالتعليم، فقد سادت في مجال التعليم أوضاع انعكست بطريقة سلبية على كل من الطالب والمعلم، لأن المعلم غير الكفي يفقد احترام الطالب خصوصا إذا كان هذا الطالب من أسرة تهتم بالعلم وتحترمه، فقد تدنى مستوى التعليم بسبب تدني مستوى المعلمين حتى أن طلاب الثانوية يصلون الجامعة دون أن يعرفوا أساسيات لغتهم التي يتعلمون بها على الرغم من الدروس الخصوصية التي يدفعون ثمنا لها من قوت أسرتهم.
بعد انتخابات عام 2006م وتشكيل الحكومة الجديد أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي عن وجود شاغر في إحدى الكليات التقنية في قطاع غزة، فقد أعلنت الوزارة عن حاجتها لشغل منصب عميد هذه الكلية، واشترطت الوزارة أن يكون المتقدم حاصلا على درجة الدكتوراه في الهندسة أو العلوم وأن يكون من موظفي وزارة التعليم العالي، وقد تقدم اثنان فقط لملء هذا الشاغر، أحدهما يحمل الدكتوراه في الهندسة من جامعة أجنبية والآخر يحمل درجة الدكتوراه في الكيمياء ويعمل في جامعة الأقصى، والعجيب أن الأخوة في حماس يتحدثون عن أخطاء حركة فتح بينما هم يمارسون الأخطاء نفسها بطريقة ربما كانت أكثر سوءا، فقد كان عميد الكلية قبل الانتخابات يحمل درجة البكالوريوس في الهندسة علما بأنه يوجد في الكلية من يحملون درجة الدكتوراه والماجستير في الهندسة، وقد فوجئ المتقدمان لشغل هذه الوظيفة بقرار الوزارة بتأجيل البت في الموضوع إلى أول يناير 2007م، وبقدرة قادر تم تعيين شخص يحمل درجة الدكتوراه في تخصص لا علاقة له بالهندسة أو التكنولوجيا مع أنه كان خارج الوطن في وقت الإعلان عن الوظيفة ولم يتقدم بطلب لشغل هذه الوظيفة، وقد قام هذا الشخص بتعيين نائب أكاديمي له يحمل درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية ولما نوقش مدير مكتب الوزير ناصر الشاعر في الأمر، ادعى هذا المدير أن مدير عام الوزارة قد نشر الإعلان دون علم السيد وكيل الوزارة، وتناسى أن أبسط الأعراف الأكاديمية تقتضي إصدار إعلان جديد بالشروط السابقة نفسها أو بعد تعديلها لتناسب الزبون المطلوب، والأنكى من ذلك أن أحد العاملين في الكلية استطاع توفير تمويل لمشروع تطوير الكلية، ولكن السيد عميد الكلية أصر على استبعاد اسمه من المشروع وتشكيل لجنة من صغار المهندسين الذين لا علاقة لهم بالمشروع من قريب أو بعيد لمتابعة تنفيذ هذا المشروع.
وفي أول يوليو من العام الحالي فوجئ طلاب مادة فيزياء الكم في جامعة حكومية في غزة أن امتحان المادة يتكون من أحد عشر سؤالا وأن الوقت المحدد هو ثلاث ساعات، وأن الأسئلة كانت في منتهى الصعوبة، وقد سبق أن تقدم الطلبة بشكوى قبل عامين ضد أستاذ المادة دون أن يتم اتخاذ أي إجراء لإنصاف الطلاب، ترى ، هل يستطيع متخصص في فيزياء الكم أن يحل أحد عشر سؤالا في ثلاث ساعات، وهل يعرف هذا الأستاذ شروط الامتحان الجيد، وهل يدرك أنه من الضروري أن تكون الأسئلة مناسبة للوقت المحدد ومناسبة لمستويات الطلاب بحيث تكون هناك أسئلة تناسب المتفوقين وأخرى للمتوسطين وثالثة لمن هم دون المتوسط، وهل يجوز أن يتم تمديد الوقت لتصل مدة الامتحان إلى سبع ساعات متوالية وأن يتم تبديل الملاحظين أكثر من مرة دون أن يستريح الطلاب أو يلتقطوا أنفاسهم، وبعد أكثر من أسبوعين اتصل أستاذ المادة ببعض الطلاب وأعطاهم واجبا بيتيا ليقوم برفع معدلاتهم المتدنية، وهذا أمر نادر وغير منطقي، ولئن كان الأستاذ قد شعر بخطئه، فقد كان من واجبه أن يقوم بإعادة الامتحان لكل الطلاب دون استثناء، ثم اتصل بعد ذلك بطالبة أخرى وطلب منها أن تحل الواجب البيتي وأن توصله إليه ففي غزة، كما اتصل بطالبة أخرى وطلب منها الأمر نفسه، ولما ناقشته في الأمر قال لها: أنت الوحيدة التي رسبت بجدارة!!! ما هذا؟! هل وصل أمر التعليم إلى هذه الدرجة؟! في بداية العام الدراسي 2008 – 2009م، حاولت تصديق شهادة الثانوية العامة الخاصة بي فتوجهت إلى وزارة التربية والتعليم، ولما سألت عن مكان التصديق أرشدوني إلى مكتب يجلس عليه شخص قيل لي إنه المسئول، ولما قدمت له الشهادة طالبا تصديقها، نظر إليها بدهشة وقال: ما هذا ؟ قلت: شهادة الثانوية العامة. قال: ومن أين حصلت عليها؟ قلت : من غزة أيام الحكم المصري!! قال لا أستطيع تصديقها !استفزني الرجل ولكني ضبطت أعصابي وقلت: توجد لديكم سجلات يمكن مطابقة الشهادة معها، والشهادة لا يوجد بها كشط واحد! قال: لا أعلم بوجود مثل هذه السجلات! قلت بغضب: ولماذا تجلس هنا؟ من الأفضل أن تجلس في بيتك، وتناولت الشهادة منه بعد أن قررت عدم تصديقها.
أما في مجال الصحة فحدث ولا حرج، أطباء يتولون مسئوليات وهم لا يمتلكون الحد الأدنى من الكفاءة المطلوبة لشغل مناصبهم، فقد قام أحد الجراحين بتخييط مكان إصابة تعرض لها طفل دون أن يتأكد ما إذا كانت هناك أوعية دموية مقطوعة أم لا، وقد مات الطفل بعد بضع ساعات من خروجه من المستشفى، وقد احتجت شخصيا إلى تحويل إلى الخارج لعمل قسطرة للشرايين التاجية ولكنهم أصروا على رفض طلبي علما بأنني أريد عمل القسطرة على حسابي الشخصي، وقد حدد لي أحد الأصدقاء موعدا لإجراء القسطرة في قسم القسطرة في مستشفى رام الله في يوم 9 فبراير من العام الحالي، ولكن وزارة الشئون المدنية في غزة رفضت عمل تنسيق لي بحجة عدم حصولي على نموذج رقم (1) وموافقة على العلاج في الخارج من غزة.
وهناك مريض يعاني من السكر وانسداد في الشرايين التي تغذي القدم اليمنى، وقد أدى ذلك إلى موت ثلاثة أصابع في قدمه وتحول لونها إلى اللون الأسود، وقد حصل على تحويلة بعد أن استولت حماس على مؤسسة العلاج في الخارج، ولكنه لم يستطع السفر إلى مصر، وبعد ذلك حصل على تحويلة من رام الله وتوجه إلى معهد ناصر، وهناك وضعوا دعامات في الشرايين ولم يفعلوا أي شيء للأصابع الميتة بحجة أن التحويلة لا تشملها، وقد عاد إلى غزة ليعاني من نزيف في أصابع قدميه، ولكنه لم يستطع الحصول على موافقة للعلاج في الخارج مرة أخرى وظل يعاني من انتشار الالتهاب في قدمه وساقه وهو مهدد بقطع ساقه من أسفل الركبة وربما تكون قد تم قطعها الآن، ومن حق كل إنسان أن يتساءل هل بات قد الفلسطيني أن يعاني من أبنائه أكثر من معاناته من الاحتلال الذي كان يقاومه بكل كبرياء وشموخ.
المشاكل كثيرة والهموم كبيرة أكبر من أن يغطيها مقال في بضع صفحات، وما علينا إلا الصبر لعل الله يوجد لهذا الشعب في غزة مخرجا من الضائقة التي يحياها والسجن الذي فرض عليه فباتت غزة معتقلا لحوالي مليون ونصف مليون إنسان، فهل هناك من يسمع أنين الشعب أم أن الدفاع عن المصالح الفئوية أصبح الهم الوحيد الذي يشغل بال مناضلي هذا الزمن الصعب؟



#محمد_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في التلخيص السياسي الصادر عن اللجنة المركزية لحزب الشع ...
- بين عصا بوش وجزرة أوباما - د . محمد أيوب
- المقاومة الفلسطينية إلى أين ؟
- قمة - بمن حضر- بين النجاح والفشل
- الدم الفلسطيني في المزاد العلني للانتخابات الإسرائيلية والمه ...
- جين يصبح الحذاء سلاحا من أسلحة المقاومة
- الحوار الفلسطيني وجدل بيزنطة
- الأزمة المالية العالمية - رؤية شخصية
- أربعات تشكيل
- قصص قصيرة جدا - تابع
- قراءة في كتاب الإمبريالية الجديدة 4 / 5
- قراءة في كتاب الإمبريالية الجديدة
- الخروج من عنق الزجاجة
- قصص قصيرة جدا 2
- قصص قصيرة جدا - د . محمد أيوب
- لجبهة الشعبية في الذكرى الأربعين لانطلاقتها - د . محمد أيوب
- في ذكرى الأربعين - د . حيدر عبد الشافي - مسيرة عطاء متواصل
- نفحات شعرية
- غزة تحت خط القهر
- في ذكرى حرب حزيران


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد أيوب - غزة إلى أين؟ د . محمد أيوب