أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمان محمد - أجور الخياطة















المزيد.....

أجور الخياطة


سلمان محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2736 - 2009 / 8 / 12 - 04:28
المحور: الادب والفن
    


حدثني عثمان بن محمد فقال عندما كنت مستأجرا ًعلى طريق المشفى الوطني طرق بابي أحد زوار الليل يحمل تبليغا لي يقضي بضرورة مراجعة الأمن العسكري يوم السبت الساعة الثامنة صباحاً وكان ذلك مساء الخميس وعشت يومين من التفكير ترى ما هي التهمة الموجهة لي وأنا لست عسكرياً بل معلما قضيت من عمري لتاريخه ست وعشرون عاماً مخلصاً بعملي محباً لمهنتي محبوباً من قبل طلابي وذويهم... شيوعياً ملتزماً بميثاق الجبهة الوطنية وأتحمل انتقادات الأصدقاء حين نتحدث عن بعض السلبيات يقولون أنتم شركاء بمفاسد السلطة لأنكم قبلت بالتبعية لها وأدافع عن موقفنا بترديد ما قاله الأمين العام لحزبنا الرفيق خالد بكداش (( لو انطلقنا من الوضع الداخلي لكنا بالمعارضة)) لكن سوريا تتعرض لهجمة امبريالية شرسة وعلينا توحيد الصف الوطني مع تنوع آراءه لنستطيع الصمود وبقرارة نفسي تراكمت الأفكار والتخيلات وغالبت ضعفي وسيطرت على خوفي حين تذكرت قصيدة الرفيق الشاعر البطل أيمن أبو شعر الذي يقول فيه( أباحوا دمي وسدوا بوجهي باب الحياة وسدوا فمي ومدوا الشباك لكي ارتمي وقالوا تموت هتفت سأحيا بكل البيوت زادي جوعي وسيفي شعاع وتلك سمات الشيوعي) وتخيلت المحقق يصرخ ويقول : تقرير الأمن يفيد بأنك ضد عروبة هذه الأرض وتعمل من أجل الإنسان أياً كان ما قولك بهذه التهمة وقررت أن أردد قول شعرنا أيمن
لو أن العالم ولد حضارياً منذ البدء لم تكن سوى لغة واحدة عشقيه أتميز بسمة عربي أو هندي فوق المبسم
قدر الشفتين تتسع لكي تتبسم وصراخ الإنسان ذات الصوت فيه حناجر تتألم
ومضت ليلتان حرمت فيهما لذيذ النوم وصباح السبت اتصلت بمدير مدرستي ,أعلمته الواقعة وتوجهت إلى فرع الأمن العسكري وقدمت الورقة على الباب وقادني عنصراً إلى القبو وأوصد الباب بوجهي وهنا زادت حيرتي ترى ما هي الجريمة التي اقترفتها ولا أدري بها وكيف تحاك التهم للبشر ليصبح مصيرهم هذا القبو القذر الموحش وخانني التفكير لأول مرة في حياتي ولم يقدم لي الجواب الشافي ... وجلت النظر حولي لأجد مكاناً أستريح فيه بعد طول الانتظار دون جدوى ولفت نظري تلك الثقوب التي تتحرك منها الفئران حين شاهدتها تخرج شاخصة النظر نحوي وكأنه مشفقة علي ... وقلت في هذه الكائنات رأفة وحنان أكثر من مسؤولي هذا الفرع وبعد قليل بدأت أسمع صرخات التعذيب وأصوات المعذبين وكرباج الجلاد يلاحقهم وقلت لنفسي هل أخطأت قيادتنا حين تحالفت مع سلطة فيه أمثال هؤلاء؟!...أم أن في الأمر لبس لا أدركه وقطع تفكيري فتح الباب في الساعة الواحدة والنصف ليقودني الحارس لمكتب العقيد رياض نائب رئيس الفرع وبعد أن دخلت صرخ بي لماذا لا تدفعوا أجور الخياطة أم وعد ... وهنا هدأ روعي وتبسمت أية أجور تقصد سيادتك؟!...لا أدري ما تقول وهنا عدل من لهجته وقال أليس صهرك زوج ابنتك هو ناصر؟... قلت بلى ... قال أخاط فستاناً لزوجته عند الخياطة أم وعد وأخذ الفستان عنوة ولم يدفع أجرته فهل البلد سايبي؟ ... ليس لي علم بهذه القضية وما دخلي أنا ؟!... وحتى لو كنت صاحب العلاقة تقدم دعوى بي في المحكمة ... فهل ألغيت المحاكم وكلفتم بها ؟!... وانتفض صارخاً اخرس جاوب على قد السؤال... جوابي لا علم لي بالموضوع ... تجهم وجهه وسحب من درج مكتبة ورقة وقال مادمت لا تعرف الموضوع سأعطيك مهلة ثلاث أيام لتناقش صهرك وتضغط عليه لدفع المطلوب منه أو تدفعها أنت ... وإلا ندبر لك تهمة سياسية وحملت الورقة التي تتضمن استدعائي بعد ثلاثة أيام للتحقيق وأسرعت لفرع حزب البعث قائد الدولة والمجتمع وقصدت مكتب أمين الفرع الرفيق سلام وقيل لي أن لديه اجتماع لأطراف الجبهة فقلت هو المطلوب وهاجمت الباب ودخلت عنوة وشرحت للمجتمعين قصتي وحين أنهيتها قال أمين الفرع بكل برود ... هل ترى من المناسب أن تقطع اجتماعنا المهم هذا وتريدني أن أتدخل من أجل قضية سخيفة كهذه؟! ... أجور خياطة!!!...وأدركت أنني أخطأت الهدف وخاصة بعد جلت النظر بمن حولي فوجدت الصمت يسيطر عليهم ولكني لم أترك الأمر يمر بسلام فقلت : هل هدر الكرامة قضية سخيفة ؟!... فأنا مدرس لي في التعليم أكثر من ربع قرن أرمى بين القاذورات وأتهدد قضية سخيفة ؟!... وغياب القانون قضية سخيفة ؟!... وتسلط رجال الأمن قضية سخيفة ؟!... الحق ليس عليك بل عليّ أنا لأنني أخطأت في التوجه إليكم وخرجت مسرعاً متوجهاً للرفيق غازي عضو مجلس الشعب النائب في البرلمان سينصفني قلت لنفسي هو صديق قديم لي وصديق لحزبنا وزميل دراسي بالتأكيد لن يسكت عن هذه التجاوزات وحين عرضت قضيتي عليه جمد في مكانه وقال أعذرني لا أستطيع التدخل وخرجت مكسور الخاطر أجر أذيال الخيبة ووقفت برهة بالشارع أفكر وتذكرت المهندس رشراش عضو مجلس الشعب وأمين فرع حزب البعث السابق وهو صديق لي ومعروف عنه النزاهة والإخلاص لمجتمعه ... وحين شرحت له ما جرى معي قال لا تعجب فالصلاحيات مسحوبة منا ونحن وجدنا في البرلمان كأحجار الشطرنج ومع هذا فأنت غال ٍعلي وأدار قرص الهاتف متصلاً برئيس فرع الأمن العسكري وقال لدي مدرس معروف بالسويداء بنزاهته وإخلاصه للعمل وإبداعاته التربوية ولديه مشكلة ... وبعد أن شرحا وسمع الجواب أطرق رأسه وقال أعذرني يا صديقي أناس لا يفهمون ... شكرته وخرجت تائهاً ... أسير ببطء شارد الفكر لا أدري ماذا أصنع وفي الطريق صادفت العم أبو الياس وهو والد صديقي وبعد السلام والسؤال عن أحوال الجميع سألني أراك مهموما ً ما بك؟! ... شرحت قصتي وقلت يبدوا أن ثقافتي عاجزة عن تزويدي بشعلة نور تضيء دربي وتهدي عقلي لحل هذه المشكلة وتبسم وقال بلهجة الواثق الذي عركته الأيام
محتار بأمرو بو الياس ليش الناس اجناس اجناس .... في ناس بتركب عا جحاش وفي جحاش بتركب عالناس
واليوم ... المسؤولين جحاش راكبين علينا ... بنا نسايرهم على هوى عقلاتهم ادفع أجرة الخياطة وبيرزقك الله ... شكرته وقلت الحق معك وتابعت الطريق لبيت صهري ناصر الذي عهدته شهما ًكريما ًلا يأكل حق أحد لأفهم أبعاد الموضوع وكم كانت دهشتي حين روى القصة بقوله قصدت الخياطة أم وعد ترافقني زوجتي وعرضنا القماش واخترنا الموديل وسألنا عن تكاليف الأجرة فقالت 1500ل.س وفي الموعد المحدد ذهبت لأخذ الفستان فقالت أجرته 2000 ل.س قلت لها طلبتي بالبداية 1500 ولا أدفع غيرها وأخذت الفستان ورميت المبلغ المتفق عليه وخرجت ... وفي المساء جاء اثنان من الأمن العسكري يريدون أخذي فاتصلت بقريب لي له نفوذ لدى السلطة فقام باتصالاته وأنهى الموضوع ويبدو إنهم لا يريدون صداماً مع قريبي هذا وأنا بعثي لا يريدون خلق مشكلة داخل حزب البعث. فوجدوا فيك الحلقة الأضعف للضغط علي ونجحوا في ذلك ... لن أحوجك لدفع المبلغ فخمس مائة ليرة لن تفقرني وركب سيارته وقصد بيت الخياطة ورمي بالمبلغ المطلوب فقالت له هكذا أحسن بتدفع ورجلك فوق رأسك ... وحين روى لي ما حدث أضاف... أشتم أنا أهون ألف مرة من إهانتك ... وتذكرت قصة قديمة رويتها لصهري مفادها أن ذئبا مرَّ من جانب بناية عالية يقف على سطحها كلب وحين شاهده بدأ ذلك الكلب بالشتائم للذئب ورد علية لست أنت من يشتمني بل المكان الذي أنت فيه.!... وهكذا تأيدت العدالة



#سلمان_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمان محمد - أجور الخياطة