أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم يونس الزريعي - غزة : نحوالإمارة















المزيد.....

غزة : نحوالإمارة


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 2733 - 2009 / 8 / 9 - 08:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما كنا نقرأ بعض المؤشرات التي يمكن أن يؤول إليها الحال في قطاع غزة ؛بدءا من ميثاق حماس ونصوصه قطعية الدلالة في سياق ممارساتها على الأرض ، وربطها بتلك المؤشرات التي يعبر عنها قادتها ومروجي أطروحاتها الفكرية وصولا إلى الإنقلاب على سلطة كانت هي الحجر الأساس فيها ، بهدف البحث عن نموذج يمثل إطروحة حركة الإخوان المسلمين في نظرية الحكم ، كان البعض يقول بأن ذلك نوع من التحامل الفكري على حركة ترفع لواء المقاومة .

وهو قول يلامس الشكل دون أن يبحث في مضمون هذه الممارسات ذات الاتجاه الإجباري ، معروف النهايات لمن يريد أن يستخدم عقله في قراءة نزيهة ؛ تأخذ بمفردة الفكر النصي في علاقتها بالجوانب السياسية والاجتماعية والكفاحية دون عزل أيا منهما عن الأخرى ، والتعامل معها كأنها حالة قائمة بذاتها ؛ وليست في علاقة جدلية باعتبارها هي السياسات النهائية في كل المجالات .

ولذلك لم يكن مفاجئا لي على الأقل بدء تداول وسائل الإعلام والمحلليين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني الحديث حول اتجاه حركة حماس بخطوات تدريجية ومنهجية نحو " أسلمة " قطاع غزة ؛ مع أن سلطة حماس تنفي ذلك إعلاميا حتى الآن ؛ وكأنه " تهمة " ؛ غير أن الوقائع على الأرض وممارسات أجهزة حماس التي أقامتها بعد سيطرتها على غزة ، تقول بغير ذلك ، حتى بدا الكشف عن بعض الممارسات التي تقوم بها أجهزة حماس الأمنية ؛ والتي كان الحديث عنها في وقت سابق بمثابة نوع من "الافتراء " ؛ على المقاومة التي هي حماس ، حتى جاء قرار رئيس مجلس العدل الأعلى ؛ الذي أقامته حماس في قطاع غزة ؛ موازيا للجهات القضائية الشرعية بفرض الحجاب على المحاميات داخل قاعاة المحكمة ؛ ليظهِّر تلك السياسة ؛ ويسلط الضوء على جملة ممارسات حماس ؛ حيث لم يعد بإمكانها أن تغطي ذلك .

وبهذه الخطوة العلنية ؛ وربط ذلك بجملة الممارسات التي تقوم بها حماس ؛ دون أن تعلن ذلك ، وتنفيه بشدة ، بل وتنكر أنها بصدد فرض رؤيتها الفكرية على سكان القطاع ؛ بجملة الممارسات التي تقوم بها دون أن تعلن ذلك ؛ رغم أن المواطنين يعيشون هذا الواقع بالملموس يوميا ؛ وفي وقت تتحاشى فيه القوى السياسية ناهيك عن الأفراد مجرد الحديث عن ذلك ؛ لاعتبارات تتعلق بأن الهم الأساسي هو في مواجهة الانقسام ، وليس الحديث في تجاوزات حماس للقانون الأساسي ، على قاعدة أن الانقلاب الذي قامت به ، هو في الجوهر نسف لمفهوم القانون الأساسي وكل القيم التي تربي عليها الشعب الفلسطيني .

لذلك لم يكن مستغربا أو مستفزا أن يجري الحديث عن بدء حماس بتحويل القطاع إلى " إمارة حمساوية " بعد أن بات من الصعب استمرار تنفيذ هذا التوجه عبر خطوات سرية ، وقيام بعض متحدثيها بالنفي الدائم لتلك الخطوات مع أنها تمارس ذلك فعلا وعلى الأرض ؛ عبر خطة متدرجة يكتوي بها أهل غزة ، وإذا كانت إجراءات سلطة حماس نحو " أسلمة " قطاع غزة تلقى التأييد الكبير من أوساط حماس وأنصارها ؛ وبعض الجماعات الأصولية التي تم تفريخها خلال الأعوام القليلة الماضية ؛ إلا أن تلك الإجراءات لا تحظى بالقبول من قبل فئات وشرائح واسعة من الشعب الفلسطيني في غزة .

ولذلك كان بعيدا عن المصداقية أن تحاول حماس التغطية على ذلك ؛ بأن تنفي على لسان المتحدث باسمها ؛" اتخاذ أي قرار جديد مخالف لما هو موجود من قوانين أو تعليمات جديدة غير موجودة ، في القانون ؛ في هذا المجال " في حين أن إسماعيل هنية رئيس سلطة حماس في القطاع أكد في خطبة الجمعة 24/7 " أن المجلس التشريعي ( الذي يقتصر على أعضاء حماس في القطاع ) قد أقر قوانين جديدة للحفاظ على الصورة الجمالية لشعبنا وحماية الآداب العامة والقيم والأخلاق وعدم الخروج عن قواعد السلوك السوي " بل ودعا "سكان غزة الالتزام بهذه القوانين ؛ ومن أن حكومة حماس ملتزمة حماية الناس وستلتزم تطبيق القوانين الصادرة عن المجلس التشريعي " .

وفي إطار تكريس واقع جديد في غزة وفق رؤية حماس الفكرية ؛ أقرت سلطة حماس في 9/6 أيضا ؛ " لائحة الآداب العامة " ؛ وهي لائحة لم تنشر ولا يعرف عنها أهل غزة شيئا ؛ فهي ملك من يطبقها فقط ، وبهدف البدء في تطبيق اللائحة عقدت ورشة عمل شاركت فيها أجهزة حماس المكلفة بالأوقاف والداخلية والنيابة العسكرية والمدنية وجهاز القضاء والشرطة للبحث في آليات التطبيق ، بهدف المحافظة على النظام العام والآداب في المجتمع ؛ ونشر ثقافة الفضيلة وتقوية الجبهة الداخلية للمجتمع الفلسطيني .

ومع أن حماس واصلت إنكارها السعي ل "أسلمة " المجتمع الغزي ؛ إلا أن خطواتها في هذا الاتجاه وهي غير معلنة ؛ كشفها قرار فرض غطاء الرأس والجلباب على المحاميات لدى ترافعهن أمام محاكم حماس ؛ الأمر الذي عدته نقابة المحامين مسا بالحرية ، عندها لم يكن أمام حماس أن تنكر إصدار هذا القانون وفرض تطبيقه بدءا من 1/9 ، حيث بررت سلطة حماس القرار بأنه " جاء لتنظيم العمل في السلطة القضائية وإظهار المحامين بمظهر لائق في المحاكم "

وإذا كان فرض الحجاب على المحاميات قد صدر في قرار رسمي مكتوب ومعلن ، لم يكن بقدرة حماس أن تنكر صدوره ؛ ومن ثم نيتها العمل على تنفيذه فإن هناك توجها آخر غير معلن ؛ ينحُ باتجاه فرضه ( بالحث الشفوي ) على موظفات القطاع العام ؛ وطالبات المرحلة الثانوية ، حيث قالت طالبات في المرحلة الثانوية أن مشرفين ومفتشين تابعين لحماس لمحوا إلى احتمال فرض الزي الشرعي ( الجلباب والحجاب ) عليهم بدءا من الموسم الدراسي الجديد بدلا من الزي التقليدي .

ويأتي ذلك في سلسلة الممارسات التي تقوم بها حماس في قطاع غزة منذ سيطرتها عليه منتصف 2007 ؛ وذلك في سعي حثيث منها لفرض نموذجها الاجتماعي على أهل غزة ؛ تحت عنوان " نعم للفضيلة " التي أطلقتها سلطة الأوقاف والشؤون الدينية التابعة لحماس ؛ والتي بررها مدير الإدارة العامة للوعظ والإرشاد لدى سلطة حماس يوسف رزق " بوجود بعض مظاهر الفساد في المرافق العامة والسهرات الليلية المختلطة ، وانتشار ظاهرة الكوفي شوب المغلق ؛ والإنترنت غير المراقب ، والاختلاط في الجامعات ؛ ووجود بعض مظاهر الانحلال الأخلاقي في بعض المواقع ؛ واللباس الفاضح في الأماكن العامة وشواطئ البحر " ومن يسمع هذه الذرائع يعتقد أن غزة لم تكن تعرف الفضيلة والأخلاق ، وفي ذلك إساءة بالغة لأهل غزة المكافحة الصامدة الصابرة .

غير أن جوهر الأمر أن حماس تريد ان تقيم مجتمعا وفقا لتفكيرها هي ، وهو تفكير ينطلق من رؤية اجتماعية ليس لها علاقة بالواقع القائم وبحاجات الناس ، ومصالحها وفيه تعد واضح على حريات الناس وتفسير إرادوي لمعنى الفضيلة والآداب العامة على مقاس فكر حماس .

بل إن سلطة حماس ، ترى في الملابس المعروضة على ( المانيكان ) في واجهات المحلات التجارية؛ وفي صور العارضات على "عبوات" الملابس مظاهر فاضحة تسعى للقضاء عليها ، هذه الشكلانية في التعاطي مع مفهوم الفضيلة والأخلاق ؛ يتجاهل أن الفضيلة والآداب العامة لها علاقة بثقافة الناس ووعيهم الاجتماعي وسلوكهم ، وهي ولا شك مترسخة في وعي ووجدان أبناء غزة ، وهم ليسوا في حاجة إلى هذا الفهم الشكلي والتعسفي لمعنى الفضيلة وتجلياتها ؛ فكم من " ثمرة " فاسدة رغم شكلها الخارجي الجذاب ؛ لأن البحث عن الشكل مهما كان الجوهر ، هو ما تسعى وراءه حملة " أسلمة " غزة ؛ وكأن غزة ليست مسلمة ولا محافظة ، أي المجتمع الإسلامي غير الأيديولوجي .

وقد كشف قانون رداء المحاميات عن جملة من الممارسات التي لم يكن يتم الحديث عنها ؛ والتي طالت فيما طالت خدمة الإنترنت ، عبر ما يسمى ب " الفلترة " التي فرضتها سلطة حماس ، بدعوى أنها حجبت المواقع الإباحية في حين أن هذا التدخل ساهم في بطء خدمات الإنترنت ، ناهيك عن الرقابة السياسية على الاتصالات لمنع التواصل بين الناس خاصة بين الضفة القطاع والخارج ، كما طالت الحملة مرتادي الشواطئ في قطاع مكتظ بالسكان ؛ حيث يشكل السكان أعلى كثافة سكانية في العالم ، بأن فرضت على الشباب تغطية الجزء الأعلى من أجسامهم وعدم إظهارها تحت دعوى " الفضيلة والآداب العامة ".

ووصل الأمر حد قيام سلطة حماس ودعاتها وخطباء مساجدها والصحافيون المحسوبون عليها شن هجوم على المخيمات الصيفية التي تنظمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ) سنويا لعشرات الآلاف من الطلاب في مدارسها على مستوى القطاع ، تحت زعم أنها تنفذ مخططا يهدف إلى إفساد الجيل الناشئ ، ويبدو هنا سوء النية وانعدم النزاهة ؛ ذلك أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين دأبت ومنذ عقود على إقامة المعسكرات الصيفية لطلاب غزة من اللاجئين ، وهي تلك الأجيال التي فجرت أكثر من انتفاضة هنا تنعدم المصداقية حيث يظهر البعد الإيديولجي في تصرفات حماس ليحجب الحقيقة .

وإنه لمن المحزن أن يقع شعب غزة ضحية هذا التفكير الذي يتعامل معهم وكأن الأخلاق والفضيلة تنقصهم ، ومن ثم فإن عليهم أن يقبلوا ب" الإصلاحية " التي تقيمها حماس من أجل إعادة تأهيلهم أخلاقيا ، ليليقوا بالإمارة الحمساوية التي تجتهد حماس في إقامتها في غزة .

وكان الله في عون أهل غزة الذين وقعوا بين سندان الحصار ومطرقة ممارسات حماس.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاومة : تباين المفاهيم
- مقاربات في نتائج المحرقة
- اختيار أوباما تغيير تاريخي .. ولكن
- حماس تختزل المشروع الوطني في إمارة غزة
- حماس: إنتاج التضليل
- يسار امريكااللاتينية : نافذة للحلم والأمل
- سوريا : صلابة القلعة من الداخل هي كلمة السر
- العرّاب خدام : تغيير المواقع
- الفوضى والفلتان : فتح تعاقب فتح
- فتح وحماس : - الذات - بين الخوف والتضخيم
- فتح وحماس : -الذات - بين الخوف والتضخيم
- حماس : بين مصداقية الفعل والقول
- دموع شارون والقطعان : وحملة العلاقات العامة
- الخروج من الجغرافيا : على طريق الخروج من التاريخ
- الإرهاب الصهيوني : يوحد المشهد الفلسطيني
- ما أروعكم ياأطفال وطني
- خطاب الجماعات الإسلامية : بين الواقع والمتخيل
- الانكفاء من غزة : والفرح المؤجل ..
- القوى الديمقراطية : ودور يبحث عمن يقوم به
- حماس : والكلمة الأعلى


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم يونس الزريعي - غزة : نحوالإمارة