أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - هل تخالف -الشرعية الدولية- القانون الدولي؟















المزيد.....

هل تخالف -الشرعية الدولية- القانون الدولي؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2734 - 2009 / 8 / 10 - 07:56
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


أثار العدوان على غزة أواخر عام 2008 ومطلع عام 2009 من جديد موضوع تعارض أو تناقض “الشرعية الدولية” مع قواعد القانون الدولي أحياناً، لا سيما في ما يتعلق باختصاصات وسلوك مجلس الأمن الدولي.

فماذا لو خرج مجلس الأمن الدولي على قواعد القانون الدولي؟ وما هي الجهة الدولية (صاحبة الاختصاص) التي ستحدد ذلك؟ وهل هناك دور للعلماء والأكاديميين القانونيين، أو لمرجعية دولية لفضّ مثل هذا الاشتباك لو حصل؟ وفي مراقبة مدى انطباق مبادئ الشرعية الدولية مع قواعد القانون الدولي؟

ولعل نكوص مجلس الأمن الدولي في إدانة العدوان على غزة وحماية السلم والأمن الدوليين ومنع انتهاك قواعد القانون الدولي، كان وراء سؤال كبير بحاجة الى تدقيق جديد عن علاقة “الشرعية الدولية” بالقانون الدولي.

الشرعية الدولية، كمصطلح، ما زال غير محدد، فهل تعني توافق أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين أو ارادة ما يسمى المجتمع الدولي؟ أم توافق إجراءات مجلس الأمن الدولي مع قواعد القانون الدولي؟ وماذا لو حصل الافتراق؟ الأمر الذي بحاجة الى معالجة جدية هو ابتعاد ما نطلق عليه “الشرعية الدولية” أحياناً، عن مبادئ العدالة وقواعد القانون الدولي، لا سيما وظيفة حماية السلم والأمن الدوليين، التي هي هدف سام للمنتظم الدولي، فكيف يمكن التصرف والحالة هذه عندما تتعارض الشرعية الدولية مع قواعد العدالة القانونية الدولية أو قواعد القانون الدولي الانساني أو المعاصر، لا سيما المعتمدة منها؟

إذا كان مبدأ السيادة هو أحد أهم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة الأساسية، فإن الاخلال بها، من جانب القوى المتنفذة، وبخاصة الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، يعد المؤشر الأول لسوء استخدام ما يسمى الشرعية الدولية لأغراض قد تتعارض مع أهداف ومبادئ المنظمة الدولية، ولعل بعض القوى الدولية تضع نفسها خارج نطاق القانون الدولي، لاسيما عندما يتعلق الأمر بمصالحها، وهو ما تحاول أن تضغط فيه على مجلس الأمن، لكي يستجيب “لطموحاتها” لا سيما تهديدها باستخدام حقها في الفيتو.

ولعل هذا ما يفسر وقوف بعض قرارات مجلس الأمن في مخالفة صريحة للقانون الدولي، حتى وإن حملت اسم “الشرعية الدولية”، وهو أمر يثير القلق لدى الدول الصغيرة، التي لا تشعر بالمساواة والاطمئنان إزاء سلوك الدول المتسيّدة في العلاقات الدولية، بحكم هيمنة الأخيرة على القرار الدولي، وثانياً بحكم الصلاحيات الممنوحة لها بموجب ميثاق الأمم المتحدة.

ان التعارض الفعلي الحاصل بين القانون الدولي والشرعية الدولية لم يحظ أحياناً باهتمام فقهي ونظري، لذلك ترى البعض لا يفرّق بين الشرعية الدولية، التي هي قرارات وتوافقات صدرت عن مجلس الأمن في ظل توازنات سياسية للقوى الدولية محكومة بزمانها وبناءً على اعتبارات ومصالح خاصة، وبين قواعد القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة التي هي مبادئ تعاقدية وعرفية استقر عليها المجتمع الدولي، باعتبارها قواعد ملزمة.

وإذا كانت وظيفة مجلس الأمن هي حفظ السلم والأمن الدوليين مثلما أناط به الميثاق، وكانت سبباً في اختيار 5 دول كبرى لاحتلال عضويته الدائمة، فإن المصدر الاساسي لشرعية قرارات المجلس هو توافقها مع مبادئ القانون الدولي وليس مخالفتها، لاسيما في حالة العدوان وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وغيرها.

لقد تطور القانون الدولي الانساني كثيراً، خصوصاً بإلزام المتحاربين بقواعد وضوابط للحد من مآسي الحروب. ولعبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ تأسيسها عام 1864 دوراً مهماً في تقديم المساعدات الانسانية للضحايا، لا سيما بتطور الموقف من شن الحرب أو شرعيتها أو استخدام أنواع الأسلحة فيها أو سلوك المتحاربين وقواعد القتال أو غير ذلك، وشهد هذا التطور تعزيز القواعد القانونية المنظمة لعلاقات الدول بالدرجة الاساسية، وقت السلم ووقت الحرب في ما يتعلق بالأسرى والجرحى والغرقى والمفقودين والمدنيين وغير ذلك.

لقد كان القانون الدولي التقليدي يجيز باسم “الشرعية الدولية” السائدة آنذاك الحق للدول في شن الحرب، أو الحق في الفتح، طبقاً لمصالحها القومية أو مآربها السياسية، وهو ما كان أقرب لدعاوى الحرب الاستباقية أو الوقائية، أو ما سمّي “بالمجالات الحيوية” لاحقاً. لكن القانون الدولي المعاصر تطور كثيراً منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى فلم يعد اللجوء الى الحرب مشروعاً ومباحاً بعد أن تم تقييده، لا سيما في عهد عصبة الأمم، بل إن المجتمع الدولي حرّم الحرب العدوانية في ميثاق بريان كيلوك (ميثاق باريس عام 1928)، وكان ميثاق الأمم المتحدة الأكثر جذرية حين حرّم استخدام القوة أو اللجوء اليها في العلاقات الدولية، باستثناء الدفاع عن النفس طبقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة أو لأغراض التحرر الوطني وحق تقرير المصير باستعادة السيادة والاستقلال، مؤكداً على الحل السلمي للمنازعات الدولية.

ولم يجز الميثاق الحصول على مكاسب سياسية جراء الحرب أو الاحتفاظ بالاراضي داعياً الى وحدة الاراضي والحفاظ على الاستقلال السياسي في إطار حق تقرير المصير واحترام السيادة والمساواة في الحقوق وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، فضلاً عن هدف حماية السلم والأمن الدوليين، وبإضافة احترام حقوق الانسان الذي أصبح قاعدة آمرة ملزمة في القانون الدولي منذ مؤتمر هلسنكي للأمن والتعاون الأوروبي عام ،1975 فإن هذه القواعد تعد أساساً في قانونية وشرعية أي إجراء يتخذه مجلس الأمن الدولي أو أية هيئة من هيئات الأمم المتحدة.

بمعنى أن قرارات مجلس الأمن إنْ انسجمت وتوافقت مع هذه القواعد، يمكن أن نطلق عليها اسم “الشرعية الدولية”، أما إذا تعارضت أو لم تتوافق فإنها ستكون بعيدة عن الشرعية الدولية “القانونية” حتى وإن صدرت بتوافق القوى الكبرى في مجلس الأمن، أي أن اكتساب الشرعية لا يتم من خلال التوافق، بقدر توافقه مع القواعد الشرعية القانونية الدولية، باعتبارها قواعد آمرة واجبة الأداء في الحال وفي المستقبل، أي أنها قواعد ملزمة Jus Cogens.

ولعل الفظائع التي ارتكبت خلال الحربين العالميتين هي التي دفعت لتطوير نظام الأمن الجماعي الدولي، القائم على تحريم القوة، ووقفت خلف هدف إقامة محاكم دولية خاصة لمحاكمة المرتكبين مثل نورنمبرغ وطوكيو، وظل هاجس البشرية في البحث عن العدالة لتأكيد انسجام القانون الدولي الانساني معها لانتاج ما نسمّيه “الشرعية الدولية” التي تستند الى أساسين هما: قواعد القانون الدولي من جهة وقواعد العدالة من جهة أخرى.

ولعل هذا هو الذي دفع الى انشاء محاكم خاصة أخرى في يوغسلافيا ورواندا وسيراليون، لكن الأهم من كل ذلك هو انشاء المحكمة الجنائية الدولية في روما عام 1998 ودخولها حيّز التنفيذ عام ،2002 ووضع نظامها ليلعب فيه مجلس الأمن بحكم وظيفته دوراً مهماً في توجيه التهمة الى المرتكبين والسعي لتطبيق مبادئ العدالة الدولية، ولكن للأسف تم تسييس أو توظيف هذه المسألة باسم “الشرعية الدولية” لتخدم القوى المتنفذة، بتفليت مرتكبين من أن تنالهم يد العدالة، كما هي حالة غزة، حين ظلّ المرتكبون “الاسرائيليون” بعيداً عن الادانة وتوجيه الاتهام، ناهيكم عن مقاضاتهم.

وإذا كان مجلس الأمن لديه صلاحيات استخدام القوة لإعادة الحق الى نصابه أو اتخاذ اجراءات وتدابير رادعة، فإنه من الطبيعي أن يكون له الحق في إنفاذ العدالة وردع من يقوم بالاخلال بالسلم والأمن الدوليين، طبقاً للقانون الدولي الذي ينبغي أن تكون الشرعية الدولية فيه منسجمة مع قواعده لا في تعارض معها.




#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخوم ولاية الفقيه!
- إرهاصات الدولة والمجتمع المدني في العراق
- الجدار الديموغرافي.. الأبارتيد الجديد
- بين الإسلامفوبيا والإسلاملوجيا
- لائحة اتهام وحلم العدالة الممكن والمستحيل!
- دارفور.. العدالة الممكنة.. العدالة المستحيلة
- الغرب والصورة النمطية للإسلام
- في فلسفة الدولة والمجتمع المدني
- في شجون القضاء الوطني والدولي
- الجدار الديمغرافي
- الحكمة يمنية والوحدة يمنية
- وحدانية الدولة وتعددية المجتمع!
- جدار برلين!
- مفارقة السيادة والتدخل الإنساني!
- نفط العراق.. وجوهر الخلاف
- النفط والاقتصاد الريعي
- الابرتهايد..
- يوم السيادة -العراقي- وشيء من المصارحة
- هل هي هموم «شيوعية» أم وطنية؟!
- استعصاء الديمقراطية؟


المزيد.....




- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - هل تخالف -الشرعية الدولية- القانون الدولي؟