أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - صلاح بدرالدين - مدرسة آرام ديكران














المزيد.....

مدرسة آرام ديكران


صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2733 - 2009 / 8 / 9 - 08:18
المحور: سيرة ذاتية
    


شاهدت الفنان الأرمني الكبير الراحل – آرام ديكران – للمرة الأولى في ستينات القرن الماضي لدى حضور حفل زفاف أحد أصدقائي في مدينة القامشلي وقد لفت نظري وكذلك أنظار الجموع الحاضرة ليس شجاعة الفنان العظيم في تقديم أغاني كردية وهي في خانة الممنوعات والخطرة على " الأمن القومي " بحسب عقلية أنظمة الاستبداد واختراقه جدار الخوف واستعداده لمواجهة المجهول أقله المساءلة الأمنية والاعتقال والتعذيب كما حصل لأقرانه الفنانين الكرد من قبله فحسب بل لابداعه في تقديم نمط جديد من الأغاني الكردية نصوصا وأداء موسيقى فكانت تقديماته الغنائية الفولكلورية – البشيرية – الأصيلة ( نسبة الى منطقة بشيري التابعة لولاية باطمان في كردستان تركيا المعروفة بجمال الطبيعة والتي تحتضن عبر التاريخ خليطا تعدديا قوميا ودينيا من كرد وأرمن ومسلمين وأزيديي خالتا والتي تقع على مقربة من دجلة المسماة هناك بنهر بشيرية وأنجبت المئات من مشاهير الطرب والغناء ) وكذلك باقة من قصائد الشعراء الكرد الكبار وبعضا من كلمات وألحان والده ومعلمه الأول ومن أشهرها بنظري الأغنية الذائعة الصيت " شف جو " و " جافي ته ي رشو بله ك " والتي تناسقت مع مقاماتها الجميل رقصات وحركات ايقاعية ومن أبدعها الحكاية الغنائية " خروفتي المدللة " التي يربيها الشاب بكل اهتمام لأنها بعد أن تكبرسيرهن بثمنها مهر حبيبته تلك التي تقاسمها فريقان متقابلان تبادلا الأداء بالغناء والضرب بالأكف أداها جمع من الرجال والنساء من الأرمن والكرد عبرت بحركاتها المتناسقة اضافة الى مشاعر حب الحياة وجمال المرأة معاني معبرة عن مآسي الابادة التي مارسها العنصرييون الطورانييون ضد الشعبين الأرمني والكردي .
في احدى زياراتي للاتحاد السوفييتي السابق انتقلنا من موسكو الى – يريفان – عاصمة جمهورية أرمينيا السوفييتية وطلبت من الجهة المضيفة زيارة منزل آرام ديكران وتوجهنا برفقة المثقف الكردي الأرميني السوفييتي دكتور جليلي جليل الى مدينة – آبوفيان – حيث يقيم ووصلنا المنزل وللأسف كان مسافرا واجتمعنا مع أفراد عائلته الذين استقبلونا بكل حفاوة وتشاء الصدف أن تكون زوجة الراحل من مواليد قريتي جمعاية التي سكنتها لأعوام عائلات أرمنية من نفس منطقة عائلتنا – بشيري – قادتها الأقدار للتلاقي مجددا في – بني ختي – ( ماوراء خط الترين ) هربا من بطش العدو المشترك ومن بين أبناء تلك العائلات من توجه الى لبنان وانخرط في الأحزاب الأرمنية ليقوموا بعد ذلك بأدوار ايجابية في اعادة اللحمة الى العلاقات الأرمنية الكردية ومنهم من استقبل كبير عائلتنا – خليلي سمي – الذي أنقذ الأرمن في منطقة نفوذه – ببلاد البشيرية ومضارب آل ديبو - من الابادة التركية بعد هروبه من منفاه الأناضولي واصلا – جمعاية – منهكا مريضا بالسل ونقله الى مشفى – المحنث – الخاص بالأمراض الصدرية في لبنان على نفقة حزب – الطاشناق – حيث وافته المنية هناك ووري الثرى في مقابر الأرمن ببرج حمود بناء على فتوى خاص من البطريرك الأرمني .
دشن الفنان المطرب الموسيقار آرام ديكران مدرسة جديدة في الغناء الكردي جمعت بين الأصالة والحداثة ودمجت الموسيقى واللحن والغزل والجمال بالالتزام بقضايا الشعب والوطن وهو من عبر خير تعبير عبر صوته وآلته الموسيقية عن معاناة الأرمن والكرد ووحدة نضالهما ومصيرهما لم يتوقف أبدا عن ابداعه وعطائه رغم كل المعوقات واجتاز كل الحواجز القومية والدينية ليغني بالنهاية للانسان المعذب المحروم من الحرية وحق الحياة كرديا كان أم أرمنيا شركسيا أم شيشانيا ومن باب الوفاء للرجل فان كل فناني الغناء والطرب من الكرد الذين جاؤوا من بعده مدينون لمدرسته الحديثة وعليهم الحفاظ عليها وتطويرها واغنائها .
لقد وضع اللبنة الأولى في صرح هذه المدرسة الأصيلة – الحديثة والده عندما كان في القامشلي وأصبح التلميذ النجيب المبدع من بعده بل حمل أولاده ذلك الارث اللذين شاركوه في نشاطاته الفنية , واستمر العطاء بعد انتقاله الى – هايستان – أرض الآباء والأجداد في أرمينيا حيث فتحت أمامه آفاقا أكثر تلاؤما ليغرد كطائر حر عاشق للحياة الجديدة في راديو يريفان وليواصل ابداعه الفني في بيئته القومية وبعد ذلك في الدول الأوروبية دون أن يتخلى لحظة عن الغناء بالكردية حيث أتقنها اسوة بمواطنه الراحل المطرب العظيم – كربيت خاجو – الذي له فضل كبير على الغناء الكردي حيث قام بدور أساسي في دعم الأديب الراحل – جاسمي جليل – في افتتاح قسم كردي للمرة الأولى في راديو يريفان في كنف نظام ثورة أكتوبر وقدم نفسه كفنان كردي بعد تغيير اللكنة الأرمنية في اسمه عند تقديم الطلب للجهات الرسمية حيث لم يكن حينذاك في أرمينيا أي فنان كردي وهي شهادة موثقة سمعتها من الراحل العم – جاسم – لدى اللقاء به بمنزله بحضور أبنائه وبناته وآخرين .
آرام ديكران مدرسة فنية متجددة تركت بصماتها في الفن الكردي من موسيقى وغناء ولحن وخلفت أثرا لايمكن امحاؤه في كل بيت كردي اغنياته على كل شفة ولسان واسمه محفور في الوجدان الكردي في كل مكان وفي الوقت ذاته ظاهرة سياسية انبثقت من أعماق التاريخ لتزاوج الحاضر وتؤسس للمستقبل مستقبل شعوبنا في التحرر والتعايش السلمي والتآلف والعيش المشترك والتمازج الثقافي لقد كتب على هذا العبقري أن يحمل هموم المعذبين ويجسد مأساة الملايين من الأرمن والكرد فقد كانت طفولته ثمرة هروب عائلته المشردة من بطش الطغاة لينتهي بها المآل في القامشلي ليعود قي شبابه الى الوطن الأم ثم يغادره الى ديار الغربة الأوروبية وينتهي به المطاف في اليونان حيث توقف قلبه الكبير الحزين .
سيبقى آرام ديكران في سجل الخالدين





#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع - الحركة الوطنية الكردية في سوريا -
- حقبة - الفدرالية الثانية - في كردستان ) 2 (
- حقبة - الفدرالية الثانية - في كردستان
- انهم يضرسون - حصرم - حلب
- ملامح - مشروطية - دستورية في كردستان
- المنظومة الأمنية السورية تعيد بناء هياكلها
- الصين أمام تحديات المسألة القومية
- هل من منظمة سرية وراء مقتل المجندين الكرد ؟
- الاستبداد الشرقي في مشهده الجديد
- ولكن ماذا عن حركات شعوب ايران
- وانتصر عليهم أدونيس في حلبجة
- الظاهر والمخفي في الأزمة الايرانية
- أوباما : الابن الأسود البار للمؤسسة
- هزيمة - الممانعة - في لبنان
- نفط كردستان في خدمة العراق الفدرالي الجديد
- نحن و- الشوفينييون الجدد - مراجعة نقدية لمشروع متعثر ( 10 )
- بديل” التوافقية “ في نموذج العراق
- اخوان سوريا من - العثمنة - الى - البعثنة - مراجعة نقدية لمشر ...
- الأولوية لمواجهة الاستبداد
- مراجعة نقدية لمشروع متعثر ( ثلاثة أعوام عجاف في جبهة الخلاص ...


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - صلاح بدرالدين - مدرسة آرام ديكران