أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حامد حمودي عباس - بين أضرحة وفقراء .. وحناجر تهتف للسماء .. ألعراق يعيش ألأمل بالخلاص .















المزيد.....

بين أضرحة وفقراء .. وحناجر تهتف للسماء .. ألعراق يعيش ألأمل بالخلاص .


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2732 - 2009 / 8 / 8 - 09:01
المحور: المجتمع المدني
    


يوم أمس ، احتفل ملايين العراقيين بمناسبة ميلاد المهدي المنتظر، ونقلت شاشات التلفزيون العراقية والعربيه ، مشاهد حيه لتلكم الجموع الغفيره من فقراء العراق ومساكينه وهم يقطعون مئات الكيلومترات مشيا على الاقدام ، لأداء مناسك ذلك الاحتفال المهيب في مدينة كربلاء .
البعض من المشاة كان قد خرج من محافظة البصره في أقصى جنوب البلاد وهو ينوء بثقل جسده تحت أشعة شمس لا ترحم ، وآخرون لم يثنهم كسب الثواب من حمل اطفالهم على اكتافهم غير آبهين باحتمال أن يقرر العابثون تفجير أجسادهم المنهكه بما يعتقدونه دفاعا عن المذهب والعقيده .. الملاحظ هو ان تنظيما رسميا رفيع المستوى كان قد جرى لاحياء تلك المناسبه ، وأن كافة الدوائر الخدمية وغير الخدميه قد هرعت بكامل طاقاتها لتسهيل مهمة الزائرين وعلى غير عادتها في أداء مهامها في الايام الاعتياديه ... الملايين الزاحفه من فقراء الشعب ومعدميه كانت تسير أفواجا الى حيث يهيأ لها بث شكواها الى ربها بواسطة الاولياء الصالحين ، ولم تكل الحناجر طيلة زمن الاستعراض البشري الهائل وكالعادة في مثل هذه المناسبات ، من ترديد صرخات الاستغاثة وطلب الرحمة وغفران الذنوب واصلاح الحال ... جميع الناس القادمين من أقاصي البلاد هم من الفقراء والمعوزين ، فالاثرياء وميسوري الحال لهم زمنهم المقرر في اداء المناسك وقد يكون مثلا في منتصف الليل ، حيث تترى مواكبهم تباعا وبسياراتهم ليؤدوا مع اسرهم فروض الزيارة لساعتين او اكثر بقليل ليعودوا ادراجهم الى مدنهم في نفس الليله .. لربما السبب في ذلك هو ان هؤلاء لا يحتاجون ذات الدرجة من التضرع الى الباري عزوجل في منحهم أكثر مما لديهم من مال وجاه .. واحيانا سلطة ..
الضجيج .. ضجيج الفقراء والمعدمين لا ينقطع حتى بزوغ فجر اليوم التالي ، وما يميز هذه المناسبة بالذات هو أنها مناسبة للفرح وليس للحزن ، كونها تأتي للاحتفال بميلاد مخلصنا الأممي الاعظم من عذاباتنا وكاشف الغمة عن هذه الامه .. ولو أن البعض من المحتفلين يؤدون مراسيم احتفالهم بضرب الصدور بتأثير سيران العادة في مناسبات متفرقة من هذا النوع .
هتافات جماهيرية هادره تختلط فيها الاصوات والدعوات ، توحدها وحدة الهدف والقصد المرتجى ، الرزق.. والصحة.. وحسن العاقبه ، الجميع يريد رزقا وصحة وعاقبة حسنه ، وهذا لا يمنع من وجود هتافات متفرقة من نوع آخرهنا وهناك تبثها الانفس بالانتقام من ضرة أو كنة أو شريك في عمل.
المئات من الاجساد المتلاصقه تتدافع حين يظهر ما يشير الى حضور أحد العلماء الاعلام في زاوية ما ، عل أحدهم يحضى بتقبيل أياديه الطاهرة ، فيكون الاجر حينها مضاعفا عدة مرات .
الاصوات تتعالى وهي تكبر وتصلي على النبي وآله للتفريج عن الاعناق المخنوقة بفعل تراكم الانفاس وحرارة الطقس .. وحين يهوي أحد على الارض لسبب ما ، فمصيره اما الموت دهسا وهذا قمة البركه ، أو يفلح الشباب من القوم برفعه ونقله الى مكان آمن ، ليكون ذلك سببا في تردده عن الحضور حينما تحل المناسبة في العام القادم .
السكان الأصليون من أهالي المدينة لا يجدون حرجا من تصرفاتهم العامه ، لأنهم اعتادوا على التماس مع الاضرحة الدينية دون ان تتسبب لهم بضرر في يوم ما ، على العكس من اولئك الوافدين من البعيد والذين اعتادوا على سماع روايات مخيفه تحاك حول اعمال خارقه ، ينتقم فيها الأئمة الاطهار من البشر حين يسرق أحدهم دجاجة من جاره ، أو يقطف تمرا من نخلة قريبه دون اذن ..
كل عام في العراق ، يظهر للناس ولي صالح يقصده الفقراء من الاقاصي البعيدة لمداوات جروحهم النفسية والاقتصادية ومنحهم بركات السماء ، ففي أحد الاعوام ظهر ولي صالح من اقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم ، انتشرت صوره في المطاعم والخانات وداخل سيارات الاجره ، وبلغ التجمهر حول مسكنه آلافا من الزائرين ، غير أن أحدا منهم لم يحضى برؤيته شخصيا ، وانما كانت الطلبات تقدم بالواسطه ، لقد تحول منزل قريب الرسول ذاك الى وزارة بعينها بما تحويه من حمايات وأقسام لتنظيم المراجعات وتسجيل الادوار واستلام المبالغ دون وصولات طبعا ، وهناك متطوعين في اماكن متفرقه يفاجئون الجمهور الهائج بين فترة واخرى بصيحات التكبير وهم يقتادون شابا أو شابه مدعين بانه أعمى وعاد له بصره للتو ببركة السيد حفظه الله ، ويهرع بقية الناس الى المعني يمزقون ما عليه من ثياب ويمسحون بجسده يايديهم طلبا للفرج المفقود .. وفي احدى المرات قررت الجهات المعنية في منزل السيد والذي اصبح قصرا بعد حين ، ولكثرة الحاضرين وعدم التمكن من النظر بقضاياهم بسهوله ، أن يقوم أحد العاملين في القصر برش الماء على الجموع بين فترة واخرى ، ومن تمسه قطرة من الماء فقد حصل على الشفاء أو الرزق أو نيل المحبوبة أو كشف الضر فيما يتمناه . .. ولكن ما حدث بعدها من مشكلة كبرى هي أن السيد صاحب البركات قد ظهر بكونه في النهايه واحد ممن له علاقة بالسلطة الحاكمه ، وفر من بيته مختفيا حين اصبح مطلوبا لها جراء خلاف حدث بين الطرفين .
حينها اختفى القصر والعاملين به ، وازيحت الصور من الاسواق والسيارات ومحلات الحلاقه ، واختفت معها جمل حلف اليمين باسم السيد من أفواه الناس .
الزيارة الشعبانية كما يسمونها في بلاد الرافدين ، هي من أضخم المناسبات الدينية على الاطلاق بعد زيارة أربعينية الحسين ابن علي ، ففيها يتبرك المؤمنون بميلاد واحد من ذرية الرسول الاعظم لم يقدر له ان يظهر للناس الا بضعة من سنين عمره الشريف ، ليختفي نهائيا عن الانظار في غيبة طويلة لم يحدد لها حين من الزمن ، وسيظهر ليملأ الدنيا قسطا وعدلا في يوم غير معلوم .
لا أدري سببا منطقيا في أن يكون العراق دون غيره من بلدان الدنيا الواسعه ، موقعا متميزا بكثرة قبور الاولياء ، ولماذا بالضبط أمه الصالحون من ابناء النبي قادمين من الحجاز بلهم الاصلي ، ليتعرضوا جميعا للقتل والسبي وتعليق الرؤوس على الرماح ، ففي كل نواحي البلاد تجد ضريحا لأمام طيب الذكر تحكي سيرته بأنه قد فر من طالبيه ليلاقي حتفه في بستان او ترعة أو ربوة معزوله ، وفي بعض الاحيان يسوق سدنة اضرحة هؤلاء الاولياء لعامة الناس بان الامر لا يعدو غير كرامة مضافة لأبناء هذا البلد ، أن جعل بينهم قبور الاطهار واصحاب الكرامات . . كيف لا وهي ليست قبور بالمعنى المعروف لدى البشر ، انها مواقع تشع منها ملامح الشفاء للمرضى من امراضهم المستعصيه ، سرطان كانت أم خبل عقلي أو غيرذلك من الامراض .. اضافة لكونها مراكز لبث الشكوى وأداء القسم عند الاختلاف .
حينما تتجول في العراق ، سترى أعلاما خضراء تنتشر فوق سطوح المنازل وباعداد كبيرة جدا ، انها رموز معروفة لسلالة الرسول صلى الله عليه وسلم .. لن تجد أعلاما ترمز للوطن ، فعلم العراق الرسمي ينزاح صاغرا أمام ألاعلام الخضراء وباستسلام واضح .. بل ان الفقراء في العراق لا يعرفون لونا لعلمهم الوطني بقدر معرفتهم اللون الاخضر المقدس ، انه لون يمنح الحياة ويسهل الارزاق حين تشح ، في حين لا يمنح العلم الوطني الرسمي غير الخدمة العسكرية والاذلال في حضرة المسؤول ..
والى حين الخلاص بظهور المنقذ الاعظم ، ستضل مراقد الاولياء في العراق ، مهدا للخلاص المؤقت ، وراحة للانفس المتعبه .








#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا زلنا نتصدر قائمة ألأمية في العالم
- ليتوقف فورا تنفيذ حكم الاعدام بالنساء العراقيات في سجون بغدا ...
- علمانيون ومتعلمنين .. ظاهرة جديده تستحق الانتباه !
- أطفالنا يهددهم مستقبلهم المشحون بالوباء .. أين الحل ؟؟
- لماذا الدين الاسلامي دون الاديان الأخرى ؟؟
- لتتوحد كافة الجهود العلمية من أجل إيقاف ظاهرة التصحر في العر ...
- نعم لمبادرة الدكتوره وفاء سلطان والدكتور سيد القمني في إحياء ...
- منشور خطير كاد يطيح بنظام الحكم في العراق
- أفكار حول إشكالية الهجرة من الريف الى المدينة في العراق .. م ...
- من مظاهر إنحسار الرقي العربي والاسلامي في بلدان اللجوء
- واحة من ذكريات عن مدينة كان يزهو العيش فيها .. وغدت خرابا تن ...
- بين واقع مزري لأمة يقتلها ( محرروها ) .. وبين المشاعر الكاذب ...
- سيد القمني .. مصر قالتها فيك قولة حق .. فالف مبروك .
- ألاستاذ شامل عبد العزيز .. وجهده المتميز لبيان تأثير التيارا ...
- في محافظة ديالى .. كانت لي هذه الحكايه .
- بين تمرد مشوب بالقلق .. ومصير مجهول .. هل من قرار ؟؟
- مجتمعاتنا لم تمر بما يسمونه مرحلة الطفوله ، وأطفالنا هم مشار ...
- ألرشوة حلال .. والمرتشي له ثواب القبول .
- ألعار سيبقى هو المصير المحتوم لجبهة الفكر الرجعي المقيت .
- لمسات لشعار .. فليسقط الوطن ولتحيا المواطنه .


المزيد.....




- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حامد حمودي عباس - بين أضرحة وفقراء .. وحناجر تهتف للسماء .. ألعراق يعيش ألأمل بالخلاص .