أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - ولد خرباني















المزيد.....

ولد خرباني


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2732 - 2009 / 8 / 8 - 09:01
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


مش معقول أنني ما زلت طفلا صغيرا يحب اللعب بالأشياء الصغيرة , ولكن من المعقول جداً أن إسلوب اللعب الصغير قد تطور , فأصبحت اللعبة كبيرة وبحاجة إلى تكتيك ومهندس يرسم الخطط للهجوم وللدفاع وللهروب من الموقف حين يصبح أزمة بين أدوات التعليم والمناهج التربوية لأطفالنا .

والمشهد في ساحة اللعب قد تحول من كوميدي مفرح إلى تراجيدي محزن جداًومبكي , فأنا اليوم ألعب مع التاريخ والكتب والمفكرين والنقاد وأثور على النصوص وأأسس لشكل علاقة جديدة بين الكاتب المبدع والمتلقي للنص.

الحديث اليوم عن ولد (خرباني) إسمه جهاد العلاونه , يلعب ويعبث بالأشياء الثمينة ولا تهمه العواقب , طبعاً كان هذا الحكي وأنا طفل صغير , ولكن من شب على شيء شاب عليه , ها أنا إلى اليوم الشاب الذي لا يستحق أي منصب سياسي أو حكومي أو دعم , لأنني أعبث تاريخياً بأشياء كان أجدادنا قد سكتوا عنها , ولكن لعبثي هذا علاقة بالطفولة , ولم أكن لأحب أن أكشف عنه لولا أن السيدة الفاضلة الدكتورة وفاء سلطان قد حفرت بداخلي ثلاث أسئلة ...إلخ.

إن أساليبنا التربوية الخاطئة هي أن الولد الذي يعبث بكل شيء لا يستحق أن يعطى أي شيء , فقد كان أهلي يمنعونني من إقتناء الأشياء الثمينة نظراً لأنني لا أجيدُ المحافظة عليها , فالحفاظ على اللعبة بيد الطفل هي كالحفاظ على الطفل من أن يُدهَس تحت عجلات السيارات , وكان أهلنا وما زالوا إلى اليوم يطلقون تحذيراتهم لنا من اللعب أو الركض أو إثارة أشياء ساكنة , وإذا جاءنا ضيوف فإنهم يبدأون قبل يوم ويومين من موعد حضورهم يطلقون حملات تحذير : لا حدى يلعب قدامهم , ولا حدى يركض, وممنوع نسمع صوتكم , علماً أن الطفل تنطق به تلك البواعث حين يرى ضيفاً أو جسماً غريباً في العائلة, فصراخ الطفل ودموعه وإنفعالاته وضحكاته ولعبه أمام الآخرين طريقة ذكية للتعبير عما في داخله.

وأول شيء أتذكره من الطفولة هو أنني كنتُ طفلاً شقياً الكل يقول عني شقي جداً في الوقت الذي لم أكن أعرف به ما هي الشقاوة حتى كبرت وبدأت أشعر بمعاني كلمات جدتي , طفل شقي ولد شقي .

كل الذكريات مع أبي تؤلمني بالرغم من أن أبي كان عاطفياً وحنونا ومحباً لأمي غير أن أصواتهم كانت تتعالى أحياناً لأسباب لا تتعلق بأسرتنا بل لأسباب خارجية , وتذكرتُ هذه الذكريات أو أتذكرها كلما إعتلى صوتي مع زوجتي والتي تشبه زوجة (زوج) سقراط , فأستحي من نفسي ومن أولادي وأقول بيني وبين نفسي سيصابون في المستقبل بالإنتكاس العاطفي إذا هم شاهدوا واسمعوا أصوات تتعالى في بيتهم , الأطفال حسب خبرتي كطفل قديم جداً يتضايقون من الأصوات العالية وتؤلمهم تلك الذكريات وخصوصاً تلك المتعلقة بالمشاكل بين الأب والأم .

وفي كل مرة كنت أسمع بها صراخ أبي وأمي كنت أنام نوماً قلقاً وكنت دائماً ما أشاهد الحلم التالي :
حلم دائماً يأتيني وهو أنني أحاول أن أهرب من شيء مخيف ومرعب ولكن تعترضني ريح شديدة فلا أستطيع الركض والهرولة فأصحو خائفاً فزعا.

والذكرى التي تسعدني لا أذكرها.

علاقتي بوالدي كانت متزنة وحنونة فأبي أصلاً حنون جداً أكثر من النساء وقد ورث حنانه عن جدتي ونحن عائلة مشهورة ببلدتنا برومنسيتها وعاطفتها وحنيتها الكبيرة ولا أريد أن أقول أن حنان أبي أقل من حنان أمي لأنني ذقت حنان الأم أكثر من حنان الأب , فأبي مات وأنا في مقتبل العمر 16 ستة عشر سنة من عمري وأمي هي التي عملت واشتغلت وأنفقت على البيت والمنزل لذلك أنا أكن للمرأة الحب الكبير ومساند لقضايا المرأة والحرية , وحين مات أبي كانت أمي بسن ال29 سنة وقد وقعت أمي تحت وصاية الجميع , تحت وصاية الكبير والصغير والحقير , وعانت أمي الأمرين في حياتها فقد كنت ُ أسمعها تبكي وتقول : ول يا الله أي هو أنا الأرمله والمره والأم والأب والموظف إللي بشتغل حتى ينفق على البيت , من هنا نشأت في نفسي قاعدة كره المدرسة والذهاب إليها , إذ كيف أمي تعمل وأنا رجل لا يعمل؟ , لقد أحسستُ أنني كبرت ُ قبل أواني أو قبل أن تسمح لي طبيعتي البيولوجية رغم أنني لم أكن أتغيب عن مقاعد الدراسة غير أنني هربت مرتين وفي المرة الثانية رفضت العودة حتى اليوم ,وكنت أثناء الدراسة لا أحسن الإستماع إلى الدروس المدرسية وكنت ُ دوما متعلقاً بأمي فقد كنت ُ على طول الخط أحمل همها وهم تفكيرها وخصوصاً أنني كنت ُ أعرف مشاكلها النفسية لأن أمي المسكينة كانت تفكر بصوت عالي , وهذا خطأ تربوي كبير جداً فمن الخطأ أن تفكر الأم أو االأب بمشاكلهم بصوت عالي يسمعونها لأبنائهم , فالأبناء يسمعون ويستحون ويخجلون من عجزهم عن تقديم المساعدات , فالمشاكل حجمها كبير وولد صغير ومفعوص مثل جهاد العلاونه لا يستطيع أن يقدم حلاً لمشاكل تعجز الحكومة عن معالجتها .

لم أكن طفلاً مشاكساً بل كنت فضولياً جداً بحيث أن الجميع كان يتفق على أنني ولد خرباني (ولد خرباني)كل شيء يقع تحت يدي أو عيني كنت أخرّبه لأهلي , التلفزيون مثلاً كنت أحضر مفكاً وأفتحه فيصيبه خلل فني أو ألعب بمحول الكهرباء والراديو والمسجل , وكان عمي يعمل بالسعودية في مدينة الرياض فكان يحضر لنا الهدايا ساعات رقمية وبواريد وسيارات وكنتُ دوماً أقوم بفكفكة الألعاب وتخريبها.

وكانوا أهلي يجمعون هم وأفراد العائلة والأسرة من أنني لا أستحق الهدايا لأنني لا أتعامل مع الألعاب بإحترام فأنا بنظرهم لا أحافظ على ألعابه , وكانوا في بعض الأحيان يحرمونني من اللعب فيأخذون ألعابي لمن هم أصغر مني أو أكبر مني ومحافظون عليها من التلف , وكنتُ أقول بيني وبين نفسي : هي الألعاب مش على شان نلعب فيها ؟ طيب ليش هذول الأولاد ما بلعبوش فيها ؟ لو كانوا أصلاً بلعبوا فيها كان الألعاب خربت ؟! .

وكانت أمي وجدتي يقولان لي : لولاد أحسن منك هيهم بلعبوا في ألعابهم وما بخربوهاش , وكنت أناقش جدتي الحنونة عليها رحمة الله وأقول لها : لا مش صحيح لو كانوا بلعبوا فيهن كان الألعاب تاعاتهم خربت من اللعب , ولم يكن أحد يستمع لوجهة نظري , وحتى اليوم أنا مصر على مقولتي , أنا مش ولد خرباني , أنا بدي ألعب وبدي أعيش طفولتي بس أهلي ما كانوا ينتبهوا إنه الألعاب مش مصنوعه صناعه أصليه لأبسط وأتفه الأسباب إبتخرب وبتتعطل , وأما أبناء الجيران فكانوا يحتفظون بألعابهم دون أن يفتحوها أو قل دون أن يلعبوا بها , وما زال في حارتنا رجل بمقتبل الأربعين من عمره ما زال يحتفظ بالألعاب التي كان يحضرها له والده وكنت وما زلتُ أتسائل ؟ كيف كان يصبر على اللعبة دون أن يفتحها ؟ وكنتُ أجد الجواب في سيارته التي تقف أمام المنزل موديل 1981م ورثها عن أبيه ما زالت حتى اليوم في صحة جيدة حتى أن عجل السبير لم ينزل من مكانه , والسيارة حتى اليوم لم تمشي إلا 36 الف كيلو متر, وفهؤلاء الناس لم يدخلوا دنيا لم يلعبوا بألعابهم ولم يخربوها ولم يفكفكوها , أما أنا فقد لعبت وشبعتُ لعباً وخربت مئات الساعات اليابانية والكورية وشطبت لأهلي تلفزيونات متعددة وفيديوهات ومسجلات كست وهلما جرا , وما زلت إلى اليوم أيتها المفكرة الدكتورة وفاء , نعم ما زلت إلى اليوم ولد خرباني ألعب بأشياء فكرية خطيرة أخرب ُ في التاريخ وفي المرأة وفي العلمانية وفي اليسار , وأعبث بكل شيء.
.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حب أحلى من حب-
- المساواة بين الجنسين
- غرائب الحب1
- امرأة في البرلمان
- شيوعية النساء؟ أم شيوعية الرجال؟
- حب للأبد
- الازدواج في الزواج
- هل الحبْ ضعفٌ في الشخصية
- خاتم قُدسي على حفة كُرسي
- الاعجاز العلمي في القرآن
- المرأة وقسوة البداوة والقوانين
- ماذا لو كان شكسبير فعلاً عربيا؟!
- مشاكل الناشطات النسويات
- 90% من المسؤولين العرب جواسيس
- ماذا تعرف عن الشيوعية1
- نفاق إجتماعي 1
- زوج مطيع لزوجته
- رسالة حب ليست للنشر
- المرأة متميزة عن الرجل بالعاطفة والحب الكبيرين
- قاطعوا الدول الإسلامية


المزيد.....




- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون
- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - ولد خرباني