أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحمن دارا سليمان - التعصب الديني والعلماني وجهان لعملة واحدة



التعصب الديني والعلماني وجهان لعملة واحدة


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2732 - 2009 / 8 / 8 - 09:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المتعصبون للفكر العلماني، لا يدركون حقيقة وجوهر هذا المفهوم وما ينطوي عليه من تنظيم وعقلانية ومسؤولية وممارسة وتجربة عملية نشطة ، تهدف أساسا وعلى المدى البعيد ، إلى تغيير الأسس التي تقوم عليها السياسة والدولة والمجتمعات وجميع مظاهر الحياة المختلفة، بما فيها النظرة إلى الدين والمقدسات، والى الإنسان ذاته، كمركز جوهري في عملية التغيير برمتها، باعتباره المقر الأسمى والأهم في التفكير من أجل تحسين شروط حياته المعيشية، وإمكانية تحقيق ذلك في العالم الدنيا .

فالعلمانية التي نعول عليها جميعا ، في حسم مشكلة الاختلاط بين الدين والسياسة ، وبين الفرد والجماعة ، وبين الدنيوي والسماوي ، لا يمكن لها إطلاقا أن تتحول إلى مذهب وعقيدة تسمح بالتعصب لها والتطرف في الدعوة إليها، والنيل من الآخرين وشتم معتقداتهم، مهما بدت خاطئة أو صحيحة . إذ هكذا تتحول إلى دين جديد والى استبداد من نوع آخر، وتتحول معها الحلول المقترحة إلى مشاكل إضافية، وتبقى مشروعيتها قائمة على قوة القهر والعنف والإقصاء والنفي للآخرين .

العلمانية هي تفتح وتفكير وإبداع في العثور على الحلول المناسبة، انطلاقا من واقع اجتماعي معطى، كما هو بخيره وشره ، بنخبه المثقفة والمتنورة، وبجمهوره العام المغلوب على أمره . بمن أستطاع منهم أن ينفذ بجلده من الجحيم ، وبمن لا حول ولا قوة ولا مال ولا نصيب ولا نصير له . بمن أحتفظ بضميره حيا على البعد ، وبمن تنكر لسيرته وتاريخه ولأهله وذويه من المنكودين المحاصرين بين دجل السياسة وخناجر الدين .

والعلمانية، ليست دعوة للاقتتال والهجوم وشحن الأحقاد والضغائن والمزيد من التعصب والانغلاق وزيادة التوترات السياسية والاجتماعية وإدامتها والنفخ في نيرانها أكثر فأكثر، ومن ثم التمسك برؤية متطرفة ومتشددة، لا تتجاوز معطيات الواقع وإحكام العقل فحسب ، وإنما تلبي حاجة القائمين والمشبوهين والمتحكمين بخيوط هذه لعبة قذرة باتت معروفة أكثر فأكثر في أهدافها ونواياها، التي تدفع المتخاصمين ، ظاهريا، إلى تحقيق الرغبة العميقة في الانتقام للذات ورد العدوان بالعدوان، وباطنيا، إلى استمرار الصراعات الداخلية والنزاعات الأهلية حتى داخل الخندق الواحد .

إن تطور شكلين ونموذجين للتعامل مع الدين والعلمانية معا وبهذه الصورة التي تجري اليوم، لا يعكسان فقط إلى إشاعة وتعميم سوء الفهم، ويهدفان إلى التشويش والتخبط الفكري والروحي ، ولكن يجعلان إمكانية التواصل وفهم الواقع الاجتماعي بقواه المختلفة والمتنافسة، أمرا مستحيلا وعصيا على الإدراك .

لقد سالت من هذه الأمة المنكودة دماءا بما يكفي جراء الحروب والمآسي والويلات والنكبات المتتالية ، كي يرتفع أبنائها في مستوى تفكيرهم إلى مستوى المسؤولية عن هذا الواقع الذي تسعى العلمانية أو يفترض أنها تسعى إلى مواجهته ، ومحاولة تفكيكه وإدراكه والكشف عن قوانين حركته واقتراح الحلول المناسبة للسيطرة عليه معا .

ولا شك أن منظومات القيم الاجتماعية، الدينية منها والمدنية، والمتحكمة بتفكيرنا الفردي والجمعي ، غالبا ما لا تتيح للكثيرين من رؤية حقيقة ما يجري داخل مجتمعاتنا، وما يعتمل فيها من إرهاصات وتناقضات يصعب السيطرة على مساراتها وحركتها المستمرة التي تنزع بطبيعتها نحو الانفلات ، أكثر ما تنزع نحو التنظيم والتعاون ، وهو شأن كل المجتمعات البشرية حين تفقد بوصلتها وتتفتت نواة ثقافتها الإنسانية المشتركة، وبالتالي تدفع بها، يوما فيوما، نحو التشظي والانقسام والانكفاء على الذات والعودة إلى عصور القبائل والطوائف والعشائر والتجمعات العصبوية القديمة، كي يسهل التهامها في عالم التكتلات الإقليمية والدولية التي بات يشهدها النظام العالمي الحالي . إلا أن السؤال المتعلق حول تحديد الأسس الأخلاقية الجديدة والبديلة والمفترض فيها، أنها الأحسن والأفضل والأكثر إنسانية ونفعا لهذه المجتمعات وتضع حدا لأزماتها الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية عموما ، سيبقى قائما وبقوة مادامت البدائل المطروحة حاليا لا تستطيع تجاوز السباب والشتائم حول نبيكم ونبينا ونبينهم القابع في رسم المخططات الجديدة .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانيون القدامى والمتعلمنين الجدد
- علمانيون ضد العلمانية
- العراق الجديد الى أين ؟
- العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث
- محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة
- ماالمطلوب بالضبط من التحالف الكردستاني ؟
- مصير العراق الجديد يتوقف على الانتخابات المقبلة
- نحو جبهة مدنية واسعة لخوض الانتخابات التشريعية
- العراق الجديد : هل الدولة فضاء للسياسة أم فضاء للغنيمة ؟
- هل ينحسر الاسلام السياسي أم ينكشف على حقيقته ؟
- العراق الجديد : مصالحة وطنية أم تصالح مع الذات ؟
- العراق الجديد : معوقات بناء الدولة الوطنية
- جثث بلا قبور: مابين عمو بابا ووزير التجارة الفاسد
- العراق الجديد:في التحول الديمقراطي واعادة الاعتبار للسياسة
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية؟-الجز ...
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية ؟
- عن الانتخابات العراقية وثوب الديموقراطية اواسع
- الخلفيات الاجتماعية والسياسية لاعادة تأسيس حركة الانصار1979/ ...


المزيد.....






المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحمن دارا سليمان - التعصب الديني والعلماني وجهان لعملة واحدة