أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - صرخة تذكير باغتصاب الوطن الذي أودى الى اغتصاب البشر















المزيد.....

صرخة تذكير باغتصاب الوطن الذي أودى الى اغتصاب البشر


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 831 - 2004 / 5 / 11 - 07:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تأنف كل الشرائع والقيم الإنسانية المتحضرة من الممارسات التعسفية وانتهاكات حقوق الإنسان التي تعرض لها السجناء والأسرى في سجن أبو غريب، وبقية سجون قوات الاحتلال، وهي لا تخرج عن إطار كونها نموذج صارخ لامتهان كرامة الإنسان الأعزل في ظل ظرف استثنائي يحتمل الكثير من الشطط، جراء عنت وإخفاقات وتخبطات المحتلين، وكان يمكن لهذه الممارسات أن تمر وتكون عابرة مثل غيرها تلك الأهوال التي طُمِرَتْ في تسارع أحداث الحرب واحتلال العراق، لولا التمرد الذي بدر من الأعلام الأمريكي بعدم الانصياع لما طلبه البنتاغون لإرجاء نشر الصور الدوامغ، وذلك لأسباب معروفة وغير خافية، تبرز في الوقت الحاضر بالذات كمقدمات لأرضية صراع الديوك، والتسابق المحموم كالعادة للظفر بافتراش البيت الأبيض كل أربع سنوات.
تحول لهاث الإدارة الأمريكية وكأنه الفزع بعينهِ من جراء أصداء نشرها، فراحت مهمومة بثقل ما سينم عن ذلك، تشحذ كل الطاقات والإمكانيات لاستيعاب صدمتها على المستوى الداخلي والخارجي كحالة أخلاقية، وما ينجم جراء فتح ملفاتها أمام الهيئات واللجان الأمريكية من أثار سلبية ستنسحب من دون شك على الانتخابات الرئاسية القادمة، التي يمتزج فيها الاستعداد والتهيؤ مع عقدة الرئيس الأمريكي الحالي المستفحلة منذ أمَدِ وصوله الى دكة الحكم، بادراك ما لم يستطع بوش الأب تحقيقه في تجديد فترة رئاسته مرة ثانية.
لقد لاقت تلك الأعمال المخزية صدى واسع في مختلف وسائل الأعلام الأمريكية، وقد تلمسنا الموقف الأمريكي الرسمي عبر شاشات التلفزيون، بالإضافة الى ما نقل عن اجتماعات لجان المسائلة في مجلس الشيوخ والكونغرس، حيث يتضح بشكل جلي عمق هاجس المرارة والهلع الذي راع المسؤولين بسبب ما مارسته قلة قليلة من منتسبي قواتهم العسكرية، وجاءت مشاعر الاستهجان والاستنكار كلها مقرونة بعبارات تعكس هول صدمة الجميع، وما أصابهم من اشمئزاز لتلك الأعمال البشعة، إلا أن معالجتها بقيت مبتسرة، لا تخرج عن نطاق هدفها الرئيسي (الانتخابات القادمة)، وإن امتدت فهي تبقى تدور في فلك المصالح الأمريكية، تهدف بمجملها السعي الى تدارك الآثار السلبية داخل حدود الساحة الأمريكية أولا، ومن ثم العمل على درء المخاطر الناجمة عن ذلك الفعل اللاأخلاقي وما سيلحقه بسمعة العم سام، بعيداً عن كونه هم إنساني، طال البشرية قبل الضحايا والعراقيين، يستفز المشاعر، و يؤرق الإنسانية جمعاء.
جاءت الاعتذارت العديدة، والتبريرات باعتبار ما حدث كان فعل فردياً، وليس منهج قوات التحالف، المشفوعة بوعود تقديم التعويضات الى الضحايا الذين طالهم الانتهاك والتعذيب والاغتصاب، وإحالة المعنيين بتلك الممارسات المشينة الى لجان التحقيق والمحاكم العسكرية، حلول ترضية لا ترتقي لوحدها الى الحل الجذري، ما لم تقترن مع بعض الإجراءات والسياسات التي يجب تنفيذها لاحقاً على الساحة العراقية في هذا الشأن، مادام الاحتلال باقياً يجثم على رقاب العراقيين، بحيث تضمن تأمين حياة كريمة للبشر باعتماد آليات ذات شفافية معلنة تتشارك مع الدوائر العراقية المختصة في الإدارة والتنفيذ، وتعطي أولوية لإشراف المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وفسح المجال الكامل لأداء دورها الإنساني في هذا المجال.
لم تقترب مناقشات المؤسسات الأمريكية الرسمية من السبب الرئيسي للمعضلة، الصلف الأمريكي بالركون الى خيار الحرب، ذلك الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان والشرعية الدولية، الذي أجازته يوما ما، وما كان ليحصل لولا مباركتها، ولا حتى الى الإخفاقات العديدة التي أتسمت بها مرحلة ما بعد سقوط النظام، وكل التخبط والتجريب الذي عكس قصور الخطط والسياسات في إدارة العراق، وما سببته من أوضاع مؤلمة، وحياة بائسة طالت العراقيين على مدار السنة الماضية، ولا زالت الأيام القوادم تحمل وإياها شتى أنواع الهموم المثقلة، التي تَوَحَدَ على تفريخها الى جانب قوات الاحتلال بعض المصدومين بانهيار النظام الديكتاتوري، والمأزومين بحرب العالم المتحضر الذين وجدوا الظرف السانح في العراق مناسباً لإشاعة العنف والإرهاب الذي توّج أخيراً بحملات الذهب التحريضية على أعمال القتل التي تستهدف مستقبل العراق أولاً وأخيراً، لا الشخصيات المعنية أصلاً بالقتل.
أنْ تتصاعد أصداء الاهتمامات بذلك الفعل المخجل، في ظل تغاضي محسوس عن دعوة التحريض بنثار الذهب على القتل، وبذر شرور حرب أهلية بين العراقيين، فذلك ما يدعو فعلاً الى السخرية، تقوم الدنيا كلها ولا تقعد عند هضم بعضاً من حقوق الإنسان، لكن تقتيل البشر وإراقة الدماء، عبر المفخخات والاغتيالات، وتدمير كل ما يمس حياته من حاجات خدمية وإنسانية ضرورية، مسألة خلافية، تحتمل الأخذ والرد، وربما تلاقي عند بث صورها من قبل رعاة الخراب والموت والعنف والإرهاب، ابتهاجاً لا مثيل له، وفرحة ما بعدها فرح عند المأزومين بالمتغيرات الحاصلة في العراق.
شاهت العيون، ولعلعت الأصوات، وانبرت الأقلام، عند تفرس ما عرضه الأعلام الأمريكي من صور وأفلام كاشفاً فيها الغطاء عن انتهاكات حقوق الإنسان التي طالت شريحة من العراقيين، وكأن هذا السياق الجرمي غير مألوف من قبل، ولا متعارف عليه حتى عند أكثر الحكومات التصاقاً بالشرف الديمقراطي، أنزلته الأيادي الأمريكية للتو من السماء على الأرض العراقية، ولا كون هذه الصفحة سوى واحدة من الصفحات المأساوية التي تزايدت بسود الأفعال، تلك الصفحات التي طفحت بأنين الضحايا المتهدج من حاضر العراق على مدار زمني تجاوز أكثر من سنة، وما زال هادر وشاخصاً في العيون الساكنة، يحمل لوعة المظلومين والمنكوبين، والناطرين لموعد حتفهم المُشْرِعِ على محراب الوطن، أضحية على أبواب أنفاق الظلاميين، وطقوس عهر النضال والجهاد.
في ظل زيف توأمة خطوة الحرب مع تحرير العراق، قُبِلَتْ صور وأفلام الدمار والمعاناة، بدون صخب أو ضجة، ولم يركب الأعلام الأمريكي الديمقراطي الى حد العظم، الموجة كما حال اليوم بل تماشى معها بسياق التغاضي عن تلك الأهوال الى حد تزيين ما جرى عندما استبيحت حرمة وطن، وطعنت إرادة شعب، بل على العكس، كان فاعلا في ممارسة التمويه لمجريات ما حصل في أتون عنف التحرير المزعوم، الذي طَحَنَ في دولابه البلد والبشر، ولم تكن كرامة الإنسان حينها ذات أهمية، تستحق كشف خباياه، سحقاً لرياء المنافقين، الساكتين عن جريمة اغتصاب وطن، ودماره أمام عيون الناظرين.

أحمد الناجي
العراق



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر سعدي يوسف بين ذاكرة العراقيين وطقوس النضال الجديد
- هوامش في يوم العمال العالمي
- العلم العراقي بين وشاح للأموات وكرامة للأحياء
- الإرادة العراقية بين الأسود والأخضر ومجلس الحكم
- ضبابية المواقف... من زمن الولاء المطلق الى زمن الولاء المبطن
- المقاومة... حاجة أم إسقاط فرض
- زيف محاولات المزاوجة ما بين المشروع الأمريكي في الاحتلال وال ...
- إرهاصات... لحظة الخروج من الزمن المهدور
- إنَّ مَنْ يأخذ دوره في البناء وسط الخراب.. ذلك هو الذي قلبه ...
- تأملات في الذكرى السبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي... صار ...
- قمة تونس تنفض قبل إنعقادها، يشهر العرب فيها سلاح الانبطاح
- قمة تونس تنوء بثقل احباطات الماضي وجسامة الحاضر
- التاسع من نيسان يوم أمريكي محض وقدرنا أنه حدث في العراق
- صدام محطة مريرة لفظها العراقيون من ذاكرتهم ودفعوا ثمنها غالي ...
- بغداد .. أي ذاكرة هذه التي تتوقد بعد كل هذه السنين
- الدم ينتصر على السيف


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - صرخة تذكير باغتصاب الوطن الذي أودى الى اغتصاب البشر