أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد الستار نورعلي - الدكتور عبد الخالق حسين ومعجزة القرن العشرين















المزيد.....

الدكتور عبد الخالق حسين ومعجزة القرن العشرين


عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)


الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 08:14
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


أنا من القراء المواضبين على متابعة ما يكتبه الباحث والمحلل السياسي العراقي المقيم في بريطانيا د. عبد الخالق حسين، وذلك لما يمتاز به من حرص شديد على موضوعية ما يكتبه بدقة الباحث الحريص المعتمد على الوثائق والمراجع لدعم رأيه واسناد تحليلاته، واقفاً على أرضية فكرية ليبرالية بخلفية المفكر المتضامن مع شعبه ووطنه والشعوب المقهورة في آسيا وافريقيا، وبالخصوص ما تعانيه وتتعرض له الأمتان العربية والاسلامية اللتان ينتسب اليهما بالعرق والدين لا بالايديولوجية والايمان المطلق الموصل الى التعصب والعنصرية والشوفينية. ومقالاته التي تمثل مواقفه الفكرية وآراءه السياسية خير شاهد لمن أراد أن يتعرف عن قرب عليها.

والرجل من المعادين العنيدين للدكتاتورية والشوفينية القومية والتعصب الديني وبالضرورة فهو من ألد أعداء ومحاربي الارهاب الديني والسياسي الذي يفتك بالبشرية كلها دون تمييز وبما يملكه من سلاح الكلمة. ولذا أوقف قلمه على محاربة الارهاب في العراق بعد الاحتلال، وبالمناسبة هو من القائلين والمؤمنين بأن الغزو الأمريكي هو (تحرير) لا (احتلال). اضافة الى وقوفه ضد المحاصصة الطائفية والقومية التي صبغت سياسة الحكم بعد الغزو ولحد اليوم. كما أنه من المدافعين بصلابة عن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في حكم العراق مع استثناءات انتقادية هنا وهناك مما يعتبرها أخطاء آذت العراق والعراقيين. لكنه في المجمل يظهر مبرراً للكثير من سياسات امريكا وخطواتها فيما ترسمه لمستقبل العملية السياسية الجارية في العراق، وكذلك لسياستها في منطقة الشرق الأوسط تجاه ايران وسوريا وادعائها بالعمل على نشر الديمقراطية في المنطقة بدءاً من العراق.

وأقرب مثال هي مقالته حول الاتصالات والحوارات الأمريكية مع قيادات بعثية عراقية في تركيا (حول لقاء الأمريكان بالمسلحين البعثيين) على مواقع الانترنيت بتاريخ 27 تموز 2009 ، وهي الاتصالات التي توجس ويتوجس الكثيرون في العراق أن تكون مقدمة لعودة البعث لحكم العراق وبقطار أمريكي جديد. فقد جهد الدكتور حسين على تبرير هذه الاتصالات قافزاً على المصالح الأمريكية الكامنة وراءها في التفكير والتخطيط لمدى انتفاع أمريكا من المسلحين البعثيين في خدمة استراتيجيتها في العراق والمنطقة عموماً. ونحن على ثقة أنها لو رأت أن مصلحتها تقتضي عودة البعث الى السلطة لعملت دون تلكؤ أو تردد وخططت لهذه العودة حتى في رداء الديمقراطية وقطارها المتعثر في العراق.

يرى د. عبد الخالق حسين أن ماحدث في العراق تحرير لا احتلال آملاً بمستقبل ديمقراطي زاهر للعراق وعيش رغيد لشعبه كغيره من المتفائلين والمؤيدين لما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في غزوها، مستشهدين بتجربة كل من اليابان والمانيا متناسيين أن هناك فروقاً كبيرة بين البلدان والشعوب من خلال تاريخها وثقافاتها وانتماءاتها العرقية والدينية وتربيتها التاريخية وسيكولوجياتها ومواقعها الجغرافية وتجاربها الحياتية وارثها النفسي خلال العصور، فهي الحكم الفصل للمقارنة بينها وفي اسقاط تجربة شعب على شعب آخر. والفرق واضح وجلي وشاسع بين العراق وشعبه وهذين البلدين.

في رأي الدكتور حسين أن مصالح الشعب العراقي التقت بمصالح الولايات المتحدة في التخلص من أشرس نظام دكتاتوري عرفته الشعوب. وهو ما يعطي المبرر له ولمن يذهب مذهبه في الدفاع عنها وعن سياساتها في العراق والدعوة الى تحالف استراتيجي معها يجلب الخير للعراق ضاربين أمثلة من الدول العربية وغيرها.

لكن السؤال الملح الدائم الذي يفرض نفسه: ماهو الثمن الذي دفعه الشعب العراقي والمنطقة والعالم باسره في عملية (التحرير) هذه؟

وأظن أنّي لا أحتاج الى الاجابة بعد هذه السنين من الغزو فالثمن معروف كم كان باهضاً ومكلفاً، لا يزال الشعب العراقي يدفعه دون توقف من دمائه وثرواته وبناه التحتية.

وأخيراً ظهر علينا د. عبد الخالق حسين على شاشة الفيحاء قبل أيام ليقول بأنّ ما حدث في العراق ، ويقصد اسقاط نظام صدام حسين، هو معجزة القرن العشرين!

المعجزة هي عمل خارق فوق الطبيعة المألوفة لا يستطيع إتيانها بشر، وتلتصق عادة بالأنبياء والرسل، إذ أنّ لكل نبي ورسول معجزة عُرف بها. فهل أمريكا نبية ظهرت في هذا الزمان تحمل هموم الشعوب المقهورة المظلومة المحكومة بأنظمة لا تتزحزح تحتاج شعوبها الى معجزة أمريكية كي تحررها وتنقذها؟ وأمريكا هي التي كان لها اليد الطولى في وصولها الى سدة الحكم وتسلطها على رقاب شعوبها وبقائها معمِّرة، لتنكلَ بشعوبها، وتغرقهم في الفقر والجوع والمرض والتخلف والموت. أنظمة لا يزال بعضها في سدة الحكم باقية طالما أمريكا راضية عنها، لأنها تؤمِّن لها مصالحها وتخدم استراتيجياتها وتأتمر بأوامرها واملاءاتها؟

القول بأن ما قامت به معجزة يعني شيئين:
أولاً ـ يعني أنّ الشعب العراقي كان عاجزاً تماماً عن اسقاط النظام، وربما في هذا صحة. لكن أسأل الدكتور حسين عن المحاولات التي جرت داخل النظام العراقي السابق لاسقاطه ومن قيادات عسكرية وسياسية من صُلبه، ومَنْ كان وراء كشفها وافشالها في المهد؟
ألم تكن للمخابرات المركزية الأمريكية يد في ذلك؟

مَنْ دعم النظام العراقي السابق في حربه مع ايران ثماني سنوات، وكان يمده بالمعلومات المخابراتية والتحركات العسكرية الايرانية ؟
وقد اعترف عدنان خير الله وزير الدفاع حينها ورجل النظام القوي في احدى مؤتمراته الصحفية في العراق بعد انتهاء الحرب عن التعاون مع الولايات المتحدة استخبارياً واعتبرها أمراً في مصلحة العراق.

كما أن المعارضة حينها كانت تجهد داخلياً وخارجياً من أجل الاطاحة بالنظام. وقد كانت تدعي وتجهر بأن النظام ضعيف وآيل للسقوط ولم يبق من عمره الكثير. وقد جاء الدليل على ذلك وهو سقوطه السريع أمام زحف قوى الاحتلال دون مقاومة تذكر أو حتى مواجهة تُحسب له وتسجّل في تاريخه. إذن استعجلت امريكا في اسقاطه قبل أن تقوم قوة أخرى عراقية باسقاطه، وذلك لمصلحتها حتى لا يتسلم الشعب العراقي زمام أمره في الضد من المصالح الأمريكية.

ثانياًـ يعني هذا اظهار الولايات المتحدة بمظهر خالقة المعجزات في تحرير الشعوب من الظلم والجور والعمل على نشر الديمقراطية وحقوق الانسان بالقضاء على الدول الدكتاتورية والشمولية. فإن كانت بهذه القدرة الاعجازية الخيرية فلماذا لا تحرّر شعوباً أخرى ترزح تحت نير الاضطهاد والعبودية والقتل؟!

ولماذا اسرعت في اقامة علاقات متينة مع ليبيا؟ ولماذا خفّفت الحصار عن سوريا وأخذ مسؤولوها الكبار يقومون بزيارات مكوكية اليها والالتقاء بقادتها؟ ولماذا توجهت للحوار مع ايران بدل رفع العصا الغليظة؟ ولماذا يتوجه مسؤولوها الى السودان أيضاً ويلتقون بمسؤوليها وقادة الحكم فيها؟

ولماذا تحاول اقامة جسور مع حزب الله وحماس، ومن خلال البوابة البريطانية والأوربية؟
أليست مصالحها تقتضي ذلك؟ أم أن هذه الدول والقوى قد تحولت بقدرة قادر الى دول ديمقراطية مدنية محافظة على حقوق الانسان معادية للارهاب، وهي التي صدّعت رؤوسنا بأنّ هذه الدول والقوى داعمة للارهاب وارهابية، فدعت الى مقاطعتها وعزلها وفرض العقوبات عليها؟

وأسئلتي الأخيرة الى الدكتور الفاضل:
هل من الاعجاز انتشار الفساد واللصوصية والمحاصصة والارهاب حتى من القوى الداخلة في العملية السياسية؟
مَن الذي شجّع أولاً على الفساد وسرقة المال العام؟ أليس هو بول بريمر الذي اختلس المليارات من الدولارات قبل مغادرته؟
مَن الذي هرّب أيهم السامرائي وزير الكهرباء السابق والمتهم بالاختلاس؟
أين حازم الشعلان، ومشعان الجبوري،وغيرهم ؟
أين راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة الأول؟
هل هؤلاء والآلاف غيرهم هم الثمار اليانعة الطيبة لزمن معجزة القرن العشرين؟
مَنْ جلبَ معه شركات وهمية امريكية وغير امريكية لتنهب المليارات؟
مَنْ جاء بشركات الأمن الغربية ورجالها المرتزقة والقتلة المحترفين ليصطادوا الأبرياء في الشوارع العامة لنزوة مرضية؟
هل هؤلاء ضمن معجزة القرن العشرين؟

كلنا نأمل خيراً في أن يصل العراق وشعبه الى بر الأمان حيث ينعم بالحرية الحقيقية والاستقلال التام والديمقراطية الأصيلة وامتلاكه لزمام امره لا أمر القوة العظمى المحتلة التي تخطط وتفرض رؤاها وسياساتها وفق استراتيجيتها ومصالحها.

وأظن أن من حق الاستاذ الفاضل الدكتور عبد الخالق حسين كمحلل سياسي بارع أن يدلي برأية وتصوراته وتحليلاته وتوقعاته للسياسة الأمريكية وتحركاتها، فهذه مهمته وعمله الذي يجهد في أدائه بأجلى صورة ممكنة وأدقها.
لكن أن نصل الى تسمية الاحتلال بالمعجزة فهذا أمر يحتاج الى وقفة!



#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)       Abdulsattar_Noorali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شُغفْتُ بما تقولُ هوىً مُراقا
- لا ثقة في السياسة الأمريكية، الاتصالات مثالاً
- الشاعر جبار عودة الخطاط و قصيدة (اليها)
- قالوا: تدلّلَ!
- الشاعرة نعيمة فنو وتشكيلية الشعر
- الشاعر يحيى السماوي امتداد لفخامة القصيدة الكلاسيكية
- مالك حداد والابداع من أجل الأرض
- من الشعر الليتواني مارسليوس مارتينايتيس
- قراءة في (عالمٌ... هي موجتي) للشاعر علي عصام الربيعي
- لنْ أكتبَ أشعارَ رثاء
- الكرد الفيليون ومثال حلبجة
- ما كنتُ يوماً في السياسيينَ
- لاثقة بأمريكا، أكراد العراق نموذجاً
- من الشعر الليتواني
- الفيليون والبيت بيت أبونه والناس يعاركونه
- في الليل
- هل الشعب العراقي حقاً شعبٌ واحد؟
- من الذاكرة: العلامة الدكتور حسين علي محفوظ
- قصيدة الجواهري المزعومة في صدام حسين (سلْ مضجعيك ....)
- انتخبوا العراقَ، لا الفسادَ والنفاقْ!


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد الستار نورعلي - الدكتور عبد الخالق حسين ومعجزة القرن العشرين